موسى هلال.. زعيم قبيلة المحاميد في إقليم دارفور

Sudanese Janjaweed militia chief Musa Hilal arrives to the Maamoura suburb of the capital Khartoum after his release, on March 11, 2021. - Sudan has released the powerful militia chief Musa Hilal, a UN-sanctioned leader of the once government-backed Janjaweed fighters, accused by rights groups of atrocities in Darfur, an aides said. (Photo by Ebrahim HAMID / AFP) (Photo by EBRAHIM HAMID/AFP via Getty Images)
موسى هلال عقب إطلاق سراحه عام 2021 ووصوله إلى ضاحية المعمورة بالخرطوم (غيتي)

زعيم قبيلة المحاميد في إقليم دارفور غرب السودان، تولى قيادة القبيلة خلفا لوالده الشيخ هلال عبد الله الذي كان منتميا لحزب الأمة بزعامة الصادق المهدي. برز اسمه خلال الحرب في دارفور عام 2003، ويعتبر من مؤسسي قوات الجنجويد، وهي عناصر مسلحة دعمت الحكومة في حربها ضد المتمردين في دارفور.

اتهمت منظمات حقوقية دولية موسى هلال بارتكاب جرائم حرب وأصدر مجلس الأمن عقوبات ضده شملت فرض قيود على السفر وتجميد حساباته. غير أنه نفى هذه الاتهامات كما نفتها الحكومة السودانية.

تحول من داعم للحكومة إلى متمرد على قراراتها بعد رفضه إدماج قواته ضمن قوات الدعم السريع، ورفض تسليم سلاحه ضمن حملة أطلقتها الحكومة السودانية لنزع السلاح في البلاد، وهو ما اعتبره محاولة لتحجيم دوره وتأثيره لصالح قوات الدعم السريع بقيادة منافسه وابن قبيلته الفريق محمد حمدان دقلو، الملقب بـ"حميدتي".

خاض مواجهات عسكرية مع هذه القوات عام 2017 انتهت باعتقاله ومحاكمته في محكمة عسكرية وسجنه لمدة 4 سنوات قبل أن يتم الإفراج عنه بموجب عفو رئاسي مع أبنائه وعدد من قادة حركته.

مع تطور الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أعلن في أبريل/نيسان 2024 وقوفه إلى جانب الجيش ومؤسسات الدولة في حربها ضد قوات حميدتي، ووصف هذه الأخيرة في خطاب أمام أتباعه في منطقة مستريحة مقر زعامته بشمال دارفور بأنها مجرد "مليشيا ومرتزقة".

المولد والنشأة

ولد موسى هلال في قرية دامرة الشيخ على بُعد بضعة كيلومترات غرب مدينة كتم بولاية دارفور عام 1961، وتزوج من 3 نساء وله 13 ولدا.

كان والده هلال عبد الله شيخ فخد المحاميد في قبيلة الرزيقات العربية بإقليم دارفور، التي ينتمي إليها أبرز قيادات وجنود قوات الدعم السريع، وتولى قيادة القبيلة خلفا لوالده الذي كان ينتمي إلى حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي.

عام 2012 زوّج إحدى بناته من الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي، وكان الرئيس السوداني السابق عمر البشير هو وكيل العروس، واعتبرت هذه المصاهرة آنذاك بمثابة زواج سياسي بين النظامين السوداني والتشادي.

التجربة السياسية

سجن مرتين عام 2002 بتهمة قتل جنود سودانيين في حادثتين منفصلتين، وعقب خروجه من السجن، بزغ نجمه إثر مساندته للحكومة في أزمة دارفور عام 2003، وبرر ذلك بالاستجابة لدعوة الحكومة للدفاع الشعبي عن البلاد.

كان من مؤسسي قوات الجنجويد التي قاتلت إلى جانب الجيش السوداني ضد حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة في دارفور، وشكل ما أُطلق عليه هيئة أركان موازية وقيادة ميدانية من القادة القبليين بعد أن حشد قواته للمشاركة في أعمال وصفت بأنها أعمال عنف وتطهير في ولاية دارفور.

وجهت له الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الحقوقية اتهامات بارتكاب جرائم حرب، واعتبرته منظمة هيومن رايتس ووتش العمود الفقري لإستراتيجية الحكومة لتجنيد المليشيات والفاعل الأساسي في العديد من الهجمات ضد المدنيين في شمال دارفور بين عامي 2003 و2004.

أصدر مجلس الأمن الدولي في قرار صادر عام 2006 عقوبات في حقه وفي حق عدد من المطلوبين شملت فرض قيود سفر وتجميد حساباته، كما وضعته محكمة الجنايات الدولية على رأس قائمة المطلوبين لديها. ونفى موسى هلال هذه التهم كما نفتها الحكومة السودانية مرارا.

Sheikh Musa Hilal, a Sudanese chief who heads Darfur's largest Arab tribe, is seen inside a small shop in Mistariha, Sudan, May 23, 2006.
موسى هلال كان من مؤسسي قوات الجنجويد (رويترز)

وقدرت الأمم المتحدة مقتل 300 ألف شخص في الصراع في دارفور وتشريد 2.5 ملايين، فيما رفض السودان هذه التقديرات وقال إنها مبالغ فيها بشكل كبير.

ورغم الانتقادات الدولية بحقه والعقوبات المفروضة ضده، عينه البشير مستشارا لوزير الحكم الاتحادي عبد الباسط سيدرات في يناير/كانون الثاني 2008، ودافع عن تعيينه بوصفه مواطنا سودانيا وشخصية شديدة التأثير في دارفور، وقدمت مساهمة كبيرة في إرساء الاستقرار والأمن في المنطقة.

تحول دور قواته بعد انتهاء الصراع إلى حراسة الحدود السودانية بعد أن تغير اسمها إلى حرس الحدود، غير أن اختيار حميدتي قائدا للدعم السريع أثار نقمته وظهرت عليه بوادر التمرد على الحكومة وقراراتها.

التمرد على الحكومة

تحول موسى هلال من مؤيد للحكومة وداعم لها بالسلاح والرجال إلى ناقم عليها، وأعلن عام 2013 انشقاقه عن المؤتمر الوطني الحاكم وانضمامه إلى حزب "الإصلاح الآن"، وأعلن حينها أن الأفكار التي يتبناها هذا الحزب هي المخرج لقضايا السودان.

وفي العام نفسه تفجرت خلافات بينه وبين الحكومة بعد أن رفض دمج قواته مع قوات الدعم السريع، وهي قوات قبلية ضمت للقوات المسلحة بإشراف رئاسة الجمهورية، وفي عام 2014 أعلن عن تأسيس مجلس الصحوة الثوري، الذي قدمه على أنه الحزب السياسي المُعبر عن جموع السودانيين، والنواة الأولى لعقد المصالحات المجتمعية.

رفض الانخراط في الحملة التي أعلنتها الحكومة لنزع السلاح في البلاد في يوليو/تموز 2016، معتبرا أنها محاولة لتحجيم دوره وتأثيره لصالح قوات الدعم السريع.

في عام 2017 جرت معارك ضارية بين قواته وقوات الدعم السريع بمنطقة مستريحة شمالي إقليم دارفور، انتهت بهزيمة هلال واعتقاله مع عدد من أبنائه وقيادات مجلس الصحوة الثوري، وذلك في 28 نوفمبر/تشرين الثاني.

نقل إلى الخرطوم مكبل اليدين أمام عدسات الكاميرات وخضع لمحاكمة عسكرية سرية بعد أن وجهت له تهم تتعلق بتقويض النظام الدستوري ورفع السلاح في وجه الدولة ومخالفة الأوامر العسكرية.

في 11 مارس/آذار 2021، أطلق سراحه بعد 4 سنوات من الاحتجاز إثر عفو من "مجلس السيادة" وشطبت بموجبه الدعوى الموجهة ضده، ومنع من زيارة إقليم دارفور بأمر من قادة الدعم السريع، وشمل قرار الإفراج الصادر من محكمة عسكرية بالعاصمة الخرطوم، 4 من أبناء موسى هلال، إضافة إلى 7 آخرين من قيادات "مجلس الصحوة الثوري".

وتجمع العشرات من أنصاره أمام منزله شرقي الخرطوم، ونحروا الإبل احتفاء بإطلاق سراحه.

رغم أن اعتقاله وإدانته لم يكن مرتبطا بدوره الرئيسي في الهجمات ضد المدنيين في شمال دارفور، فإن منظمة هيومن رايس ووتش اعتبرت في بيان أصدرته أن العفو عنه "يبعث رسالة خاطئة لعائلات الضحايا الذين ينتظرون العدالة في فظائع دارفور".

ودعت المنظمة الحكومة السودانية إلى اتخاذ خطوات ملموسة نحو إنشاء وتفعيل آليات المساءلة المنصوص عليها -في اتفاق سلام دارفور– التي تشمل التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وإنشاء محكمة خاصة للإقليم.

موسى هلال خلال حفل زفاف ابنته التي تزوجت من الرئيس التشادي إدريس ديبي عام 2012 (رويترز)

من التمرد إلى الدعم

أعلن موسى هلال في فبراير/شباط 2024 رفضه الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع واتهم من أسماهم بالمرتزقة بغزو السودان وارتكاب جرائم ضد المدنيين.

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح برهان وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/ نيسان 2023، وتسببت في مقتل أكثر من 15 ألف شخص و26 ألف مصاب، وتشريد 7.6 ملايين، بينهم 1.5 مليون لجؤوا إلى تشاد ومصر وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

تعرض هلال لمحاولة اغتيال في يناير/كانون الثاني الماضي عندما أطلق مسلح النار عليه خلال اجتماعه مع أعيان منطقة أم سنط بالقرب من بادية مستريحة بولاية شمال دارفور.

ولم يوجه اتهامات لأي جهة بالمسؤولية عن الحادثة، وكشفت الصحف السودانية أنه التقى ممثلين من قبيلة راشد التي ينتمي إليها الجاني، وهي إثنية تدعم قوات الدعم السريع.

وبعد سنوات من التمرد على الدولة، أعلن موسى في أبريل/نيسان 2024 وقوفه إلى جانب القوات المسلحة السودانية ومؤسسات الدولة في حربها ضد قوات الدعم السريع التي وصفها في خطاب أمام مجموعة من أتباعه في منطقة مستريحة مقر زعامته بشمال دارفور أنها مجرد "مليشيا ومرتزقة".

واتهم في خطابه قوات الدعم السريع باستخدام مرتزقة من تشاد وإثيوبيا وليبيا وغيرها من الدول في حربها ضد القوات المسلحة.

وربط محللون انحياز موسى للجيش إلى صراعه مع حميدتي، إذ إن هذا الأخير كان وراء اعتقاله عام 2017 وأدى إلى مقتل عدد من أتباعه وأفراد أسرته، كما ربطوا ذلك بالصراع بين الرجلين على الزعامة المحلية في قبيلتهما الرزيقات وعلى الصراع على موارد الدولة والامتيازات.

بالمقابل، تبرأ بعض أمراء قبيلة المحاميد من تصريحات زعيمها موسى هلال، وقال مسار عبد الرحمن عسيل، أحد أمراء قبيلة المحاميد، في مؤتمر صحفي إن قبيلة المحاميد هي العمود الفقري لقوات الدعم السريع من أجل الحرية والعدالة والمساواة وإنصاف المظلومين، وأفاد بأن أبناء المحاميد أكثر أبناء الشعب السوداني تضررا من ممارسات قوات الجيش.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية