الجامعة الإسلامية.. منارة علمية تحت نيران صواريخ الاحتلال في غزة

مبنى الإدارة بالجامعة الإسلامية المصدر: الجامعة الاسلامية في غزة عبر الفيسبوك
مبنى الإدارة بالجامعة الإسلامية (مواقع التواصل الاجتماعي)

مؤسسة أكاديمية مستقلة تقع في قطاع غزة، تأسست عام 1978، انبثقت عن معهد الأزهر الديني، تعمل بإشراف وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، حصلت على عضوية اتحاد الجامعات العربية والإسلامية.

النشأة والتأسيس

تأسست الجامعة الإسلامية انبثاقا عن معهد الأزهر الديني نتيجة تزايد خريجي الثانوية العامة منه وقلة حصولهم على فرصة لتلقي التعليم العالي داخل القطاع، فقد كان المعهد يستقبل الطلبة من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية.

بعد اكتمال المرحلة الثانوية في معهد الأزهر الديني اتخذت لجنة الإدارة يوم 12 أبريل/نيسان 1977 قرارا بتطويره إلى جامعة إسلامية تضم بصورة أولية كليات الشريعة والقانون وأصول الدين وقسما للغة العربية أصبح لاحقا نواة لكلية الآداب.

كما شُكلت لجان فنية لوضع دراسة شاملة لإقامة كليات علمية مثل كلية الطب وكلية الهندسة وكلية العلوم وكلية الزراعة وكلية التجارة، وبدأ العمل في الجامعة وافتتحت أبوابها للطلبة يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني 1978.

الموقع

تقع الجامعة غرب مدينة غزة في حي الرمال الجنوبي، وتبعد كيلومترا واحدا تقريبا عن شاطئ بحر القطاع.

البداية من الخيمة

بدأت الجامعة مسيرتها بـ25 طالبا وهيئة تدريسية مكونة من 5 محاضرين، أحدهم كان يحمل درجة الدكتوراه و4 يحملون درجات الماجستير، وكانت قاعاتها الدراسية من الخيام، ولكنها تحولت لاحقا إلى قاعات دراسية مؤقتة، وضم مجلس أمنائها عددا من القادة البارزين للمقاومة الفلسطينية، منهم الشيخ أحمد ياسين والمهندس إسماعيل أبو شنب وغيرهما.

بدأ الطلاب يدرسون في كليتي الشريعة واللغة العربية، ثم توالى افتتاح الكليات تباعا، ففي عام 1979 افتُتحت كليتا أصول الدين والتربية، وفي العام التالي كليتا التجارة والعلوم.

قررت الجامعة افتتاح كلية تمريض في 1985، لكنها اضطرت إلى التأجيل بسبب رفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي، لكنها تمكنت من افتتاح الكلية عام 1992، إضافة إلى كلية الهندسة التي افتتحت في العام نفسه، كما افتتحت كلية تكنولوجيا المعلومات عام 2004، ثم كلية الطب عام 2006.

شهدت الجامعة الإسلامية انطلاقة جديدة في مطلع التسعينيات بتوسع مبانيها وحرمها الجامعي، إضافة إلى استعانتها بمحاضرين من الضفة الغربية ضمن هيئتها التدريسية.

وفي مطلع الألفية الثانية شيدت العديد من المباني والمرافق الجامعية، وبدأت باستيعاب آلاف الطلاب والمئات من أعضاء الهيئة الدراسية والموظفين الإداريين، بالإضافة إلى تأسيسها العديد من الهيئات والمرافق التابعة لها، ومنها:

  • عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر.
  • حاضنة الأعمال والتكنولوجيا.
  • مختبرات المواد والتربة.
  • المكتبة المركزية.
  • لجنة الإفتاء.
  • إذاعة القرآن الكريم.
  • فضائية الكتاب.
  • مركز عمارة التراث.
  • مركز التاريخ الشفوي.
  • مركز تحليل الأغذية.
مبنى الإدارة بالجامعة الإسلامية المصدر: الجامعة الاسلامية في غزة عبر الفيسبوك
مبنى كلية العلوم بالجامعة الإسلامية (مواقع التواصل الاجتماعي)

التطور العمراني

واجهت الجامعة الإسلامية في بداية نشأتها منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي إقامة مبانيها الدائمة وحتى المؤقتة التي ظلت حتى عام 1994، وبعد قدوم السلطة الفلسطينية بدأت مرحلة التطور العمراني في الجامعة.

بذلت إدارة الجامعة ومجلس أمنائها جهدا للحصول على الدعم المالي لبناء مبان دائمة، وبالفعل باشرت في إعمار مسجدها ليصبح معلما مميزا لمدينة غزة، إذ جهز بمساحة ألف متر مربع ليتسع لـ700 مصلٍ، وانتهى إعماره عام 1996.

وشهدت الفترة بين 1996 و2008 إنشاء 15 مبنى من المباني الدائمة بالجامعة، وبلغت المساحة الإجمالية 90 ألفا و92 مترا مربعا.

وتوسعت الجامعة الإسلامية إلى محافظات القطاع الأخرى عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، فشيدت حرما جامعيا مركزيا في خان يونس جنوب القطاع، وحرما في النصيرات على الأراضي المحررة، وحرما ثالثا شمال القطاع.

مواجهة الصعوبات

واجهت الجامعة الإسلامية منذ نشأتها عقبات وصعوبات كثيرة كانت أغلبيتها ناتجة عن قيود وممارسات سلطة الاحتلال الإسرائيلي، منها عرقلة البناء والتمويل، ومحاولة الهيمنة على الجامعة كمثيلاتها من الجامعات الفلسطينية، وفرض الضرائب على أموالها، والتحكم بإقامات العاملين، فقد كانت سلطات الاحتلال تشترط على عضو هيئة التدريس من سكان خارج قطاع غزة البقاء لمدة 3 أشهر خارج القطاع بعد مغادرته.

وفي عام 1985 رفض الاحتلال تجديد إقامة 34 عضوا من حملة الدكتوراه، فاضطروا إلى السفر للخارج وبدأت معاناة العجز في هيئة التدريس، مما اضطر الجامعة إلى تجميد بعض الأقسام، منها قسما الرياضيات والجيولوجيا.

تعرضت الجامعة إلى حملات اقتحام وتفتيش إسرائيلية في أوقات عديدة ودون مبررات، منها يوم 27 ديسمبر/كانون الأول 1985 حين اقتحم جنود الاحتلال مكاتب الإدارة والقاعات الدراسية بحجة البحث عن أعلام فلسطينية، وفي اليوم التالي حاصرت القوات الإسرائيلية الجامعة وسدت الطرق المؤدية إليها.

وأعاد الجيش الإسرائيلي يوم 28 مارس/آذار 1986 اقتحام الجامعة بقوة قوامها نحو 250 جنديا، وفي اليوم التالي أُغلقت الطرق المؤدية إلى الجامعة وتم تفتيش الطلبة والعاملين، وجاءت هذه الإجراءات تحسبا للاحتفال بالذكرى السنوية ليوم الأرض التي تصادف 30 مارس/آذار من كل عام، وعلى الرغم من ذلك أحيت الجامعة هذه المناسبة الوطنية.

فترة الانتفاضة

أغلقت سلطات الاحتلال الجامعة مع انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، واستمر الإغلاق حتى 1991 لمدة تزيد على 4 سنوات، ودأبت السلطات الإسرائيلية على اقتحام الجامعة كل شهر تقريبا.

لم ترضخ الجامعة للقرار العسكري الإسرائيلي بإغلاقها، فبحثت الإدارة عن سبل لاستمرار المسيرة التعليمية رغم الإغلاق والانتفاضة وما صاحبها من اعتقالات للطلبة والكادر الأكاديمي، فعملت على توفير أماكن لإلقاء المحاضرات، فاستعانت بالمساجد وبيوت بعض المدرسين، كما خصصت بعض المؤسسات والنقابات عددا من غرف مقراتها قاعات للطلبة.

واستأجرت الجامعة عددا من المنازل والشقق لعقد الامتحانات، بالإضافة إلى تبرع بعض أصحاب المنازل بالأجور لصالح الجامعة، وتمكنت الجامعة من تخريج 633 طالبا وطالبة خلال فترة الإغلاق.

أغلق الجيش الإسرائيلي الطريق بين محافظة خان يونس وغزة عند اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، فتعذر على الطلبة والعاملين الوصول إلى الجامعة، وأجّرت الجامعة بناية في خان يونس وبدأت ترتيبات لفصل دراسي جديد، مما زاد العبء على الكادر الأكاديمي، ثم وضعت خطة للتغلب على هذه الظروف، فأتمت توسعة الخدمة في الجنوب بما تتيحه الظروف المتوفرة لبعض الكليات، مع استثناء الكليات التي لها جانب عملي.

الاعتراف بالجامعة

سعى مجلس أمناء الجامعة منذ إنشائها للحصول على اعتراف سلطة الاحتلال بها، حتى يتمكن خريجوها من الحصول على وظائف حكومية في قطاع غزة، ولكن الاحتلال الإسرائيلي رفض ذلك وظل يتعامل مع الجامعة على أنها معهد الأزهر الديني.

لكن في يوم 3 ديسمبر/كانون الأول 1987 أرسل مستشار الشؤون العربية الكولونيل ديفيد حاخام رسالة موجهة باسم "السيد القائم بأعمال رئيس الجامعة الإسلامية والسادة أعضاء مجلس الأمناء"، فاعتبرت الجامعة أن هذا بمثابة اعتراف ضمني بالجامعة على الرغم من أنها كانت رسالة منع فتح أبوابها.

وحاولت الجامعة منذ بدايتها الحصول على اعتراف مؤسسات علمية عربية وإسلامية وعالمية، فتمكنت من الحصول يوم 7 أبريل/نيسان 1983 على عضوية رابطة الجامعات الإسلامية.

مبنى القدس المصدر: الجامعة الاسلامية في غزة عبر الفيسبوك
مبنى القدس في الجامعة الإسلامية والذي يضم قاعات دراسية للطلاب (مواقع التواصل الاجتماعي)

ولاحقا، حصلت الجامعة على عضوية اتحاد الجامعات العربية واتحاد الجامعات الإسلامية ورابطة جامعات البحر الأبيض المتوسط والاتحاد الدولي للجامعات، وتربطها علاقات تعاون مع الكثير من الجامعات العربية والأجنبية.

تمكنت الجامعة من الحصول على اعتراف من وزير التربية والتعليم العالي الفلسطيني يوم 23 يونيو/حزيران 1994، وذلك بعد قدوم السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة مباشرة.

خريجون بارزون

تخرجت في الجامعة الإسلامية شخصيات كثيرة أصبحت لاحقا روافد مهمة للعمل التنظيمي الفلسطيني، ومن تلك الشخصيات القادة في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد الضيف وإبراهيم المقادمة الذين كانوا أعضاء في مجالس الطلبة المتعاقبة على الجامعة.

كما تضم القائمة القيادي السابق في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) محمد دحلان الذي كان رئيس منظمة الشبيبة الفتحاوية بالجامعة خلال سنوات شبابه.

الجوائز والتكريمات

  • جائزة أفضل جامعة فلسطينية للعام 2013.
  • جائزة أفضل إدارة للعام 2013.
  • جائزة النجمة الدولية للريادة في الجودة عام 2013.
  • حصلت على المرتبة الأولى فلسطينيا والـ29 عربيا وفق تصنيف "يوني رانك" العالمي عام 2018.
  • كما حصلت على المرتبة الأولى في غزة والرابعة في فلسطين والـ27 على مستوى الجامعات الناطقة باللغة العربية للعام 2022، وفقا لتصنيف "يوني رانك" العالمي.
قصف الجامعة الإسلامية في غزة
آثار قصف الجامعة الإسلامية في غزة جراء سلسلة غارات خلال العدوان على القطاع عام 2023 (مواقع التواصل الاجتماعي)

قصف متجدد

شنت الطائرات الحربية يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023 سلسلة غارات عنيفة على المقر الرئيسي للجامعة الإسلامية، مما أدى إلى تدميرها بشكل كامل، وذلك خلال العدوان الذي بدأه الاحتلال على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 عقب عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة في مستوطنات غلاف غزة.

وكانت الجامعة قد تعرضت لقصف جوي إسرائيلي عام 2006 ألحق أضرارا بمبنى مجلس الطلبة، وذلك عقب عملية أسر المقاومة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.

كما استهدفت طائرات الاحتلال مبنى المختبرات العلمية في الجامعة يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 2008 خلال عدوان الرصاص المصبوب على القطاع، مما أدى إلى تدميره وخلف ضررا بليغا في مبان أخرى، إضافة إلى استهداف مجلس الإدارة خلال حرب 2014، والذي أسفر عن أضرار بالغة بالمبنى نفسه والمباني المجاورة له.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

إعلان