صورة عامة
رائدات

تمام الأكحل.. فلسطين بريشة الفنان ج1

يستضيف البرنامج الفنانة التشكيلية الفلسطينية تمام الأكحل لتروي تفاصيل تهجيرها من مدينتها يافا عام 1948 وسفرها لدراسة الفن في القاهرة عام 1950.

– البدايات وتجربة التهجير
– الهجرة من يافا إلى بيروت
– الدراسة في القاهرة


undefinedروان الضامن: تحتضن عدة عواصم عالمية أعمال الفنانة الفلسطينية تمام الأكحل التي صوَّرت بإبداع ريشتها وعلى مدى أكثر من خمسين عاما تراث الشعب الفلسطيني وواقع معاناته.

البدايات وتجربة التهجير

تمام الأكحل- فنانة فلسطينية: هذا بيتنا هون في هذه المنطقة الشباك هذا منه الألعاب اللي كنت بألعبها بالمنطقة هاي بتاعتي، حتى الحصون الأصيلة هادي بتلعب معانا في الميه هذه الجروم اللي بيسميها اللي كانوا يركبوا فيها البرتقال ويسحبوه لغاية المركب وبعدين بالونش يرفعوه هذا طراز البناء اللي تبع يافا، هذا الفنار تبعها هيك بيقطفوا الشجر هيك بيحطوا البرتقال وبيلفوه بورق وبيحطوه بالصناديق وها دول طراز البناء كله اللي مش قادرة تعمله إسرائيل وهذا بيتنا واحد من ها دول، هلأ الورق اللي كانوا بيلفوا فيه كثير خفيف وشفاف كانت هوايتي أسرقه هذا من دار خالي لما يقعدوا ما فيش ألا أسحب منه عشان أعمل منه الطبق اللي بيطير فوق وأعمله كشاكش والذنب تبعه، أنا واحدة من ست بنات من أربع صبيان بالوسط تقريبا وضعي وأنا صغيرة كنت شقية كثير أغلبهم أعمل مشاكل كثيرة فيهم كنت أحب كثير الرسم وأنا صغيرة وأيش ما أشوفه أشحبره وأرسم عليه..

روان الضامن: يعني كان في ميول فنية منذ بداية الطفولة بالرسم وبالأشغال اليدوية.

تمام الأكحل: وكنت أخذ الأسطوانات تبع زمان وأرسم عليهم بالألوان الشمعية اللي كان بين أيدينا لأنه مطعوجة هذه ومخرمة الشمع يمسك بينتهم. أبوي ماكنش بزعل لما يشوفني أخذه أسطوانة من ها الأسطوانات شو بيعرفني لمين هي فرحان في رسوماتي ينبسط أنه لم يشوفهم مع أنه أبوي وأمي لا يقرءوا ولا يكتبوا.

روان الضامن: ماذا كان يعمل الوالد؟

تمام الأكحل: كانت حرفته ميكانيكي.. رجل ميكانيكي وكان معني في تصليح الأسلحة تبعت الثوار كلها يعني نشأت في البيت أعرف أبوي أيام كثيرة يقضيها في السجون ويكون بره يحب يخليني أقرأ الجريدة بتاعته يجيب جريدة الدفاع وجريدة فلسطين كل يوم يجيب لي إياهم من بين أخواتي كلهم ينده لي أنا أقرأ..

روان الضامن: بسن العاشرة من عمرك تقريبا..

تمام الأكحل: أه بعمر السنين العشرة الأولى تاعوني أمأمأ أتأتأ مش بها الطلاقة لكن كان يصلح لي ويحبني وأنا لم أسمع أقرأ كلمة ما أعرفش يعني معناها أسأله أبوي كان يقعد ينحت من الخشب يعمل بطات ويلونهم ويجيب خشب خفيف بأعرفش أيش هو بس طول ما هو بينحت في ها البطة يعملها إيشي ويعمل يدين الباوريد تاعته بارودة الصيد يشتريها عادية بس يعمل لها (Design) ويحفره يعمل أشياء كثير حلوة يرمي البطة في النهر يلحقوها بقية البطات وهون يتم الصيد فكان عندنا كثير من أنواع البطات اللي أراقب بيشفوهن بيعملهن ومن هون كنت بأحس أنه أبوي أحب فني وشجعني كثير وهو الوحيد اللي في العائلة كان له دور كبير في ملاحقتي فني يعني كنت في مدرسة الزهراء من أجمل ما يمكن أو أن كنت بأحقق نجاح بالرسم أولا بالرياضة كنت كويسة بالرياضة في غناء عندنا موسيقى وغناء صوتيات يقال مش بطالة كنت.

روان الضامن: يعني كان هناك حصص للغناء والموسيقى؟

تمام الأكحل: حصص نعم وللرياضة البدنية مسابقات نعمل في المدرسة والقفز على الحبل والركض والنط وغير التمارين العادية.

فريدة صالح- معلمة في يافا عام 1947: من بين البنات اللي كانت نبيهة دائما وشاطرة قبل ما أكمل السؤال تكون رافعة إصبعها، مرة يوم قاعدة بأشرح لهن على اللوح ما أعرفش كنت أشرح يعني يا تاريخ يا هذا بأشرح وبعدين ديرت حالي التفتت كل البنات قاعدات وبيطلعوا على اللوح كنت عم بأكتب لهن إيشي إلا تمام طامة رأسها على ها الدسك وقاعدة بتشتغل رحت أنا شوي.. شوي أمشيت لعندها بأقول لها تمام شو عم تعملي قالت بأرسم ولك كيف عم بترسمي ما أنا عم بأشرح على اللوح لمين عم بأشرح أنا أطلعت واللي هي راسمة بنت مثل تلميذة يعني هي بتقول وقتها أني شلعت دانها بس أنا ما بأتذكر أني شلعت دانها زعلت عليها بس بالوقت..

تمام الأكحل: داني هاي اللي مسكتيها من فوق هيك أمسكت لي إياها لحديت اليوم أطول من الدان الثانية.

فريدة صالح: وحادثة ثانية اللي خلتني بأعرفش كنت تحبيني أنت من بين ها البنات ولا لأ..

تمام الأكحل: أه والله برغم أنه وداني وجعاني إلى اليوم بس بأحبك والله.

فريدة صالح: تعرفي لما نيجي الصبح المعلمات وندخل يكونوا ها البنات جماعات.. جماعات واقفين هادي تحب فريدة ها دول الجماعة هادي تحب مفيدة هادي تحب شفيقة..

روان الضامن: مجموعات يحبوا مدرسة معينة..

تمام الأكحل: نركض نصبح عليها..

فريدة صالح: يركضوا يصبحوا عاد دخلت أنا بتعرفي حاملة كتب أو أبصر إيش ومستعجلة دخلت وإلا هالتلميذ اللي ورايا التفت واللي هي تمام صباح الخير ست فريدة صباح النور أيش أتطلعت فيا هيك قالت لي بتعرفي قلت لها أيش قلت لي كثير فستانك حلو والألوان هيكي لائقة لبعض..

مشاركة ثانية: شوفي من وهي صغيرة فنانة..

فريدة صالح: قلت لها شكرا تمام كثير فرحتيني لأنه مضبوط عرفت أنه فستاني حلو ماكنتش منتبهة من قبل.

روان الضامن: هل سمعت يعني في عام 1948 بدايته عن فكرة في البيت أحاديث أو بالمدرسة فكرة التهجير أو أن اليهود سيستولون على جزء من فلسطين؟

تمام الأكحل: أتذكر شغلة بس واحد بأعرف هذا اليهودي صاحب لأبوي بس عمره ما دخل بيتنا من جوه أو طلع بره.

روان الضامن: وين كنت تشوفيه؟

تمام الأكحل: كنت بأشوفه في الدكانة تاعت أبوي دكانته في سوق الصلايحي بيافا أو يحكي أبوي عنه مر علي قال لي قلت له شغلة من ها النوع هذا المهم فبيقول لي أعطي هذا لأبوكي، أبوكي وين؟ قلت له مش هون قال لي خذي أعطي له الرسالة هاي، طبعا أخوي الكبير اللي قعد قرأها بيقول له بما معناه عزيزي عارف أوعى تترك البلد مهما حصل هذه البلد بلدكم وخليك فيها. أخوي اللي أصغر مني كنت كثير بتخانق أنا وياه لأنه بعدي على طول وخناقتنا مع سوا كانت اللي أنه بهداك اليوم كان رايح يجيب جريدة الدفاع لأنه كان يوم جمعة لا ما كنش يوم جمعة كان يوم سبت أو أحد هيك إيشي يعني المهم فرايح يجيب الجريدة ويجي على البيت راح وهادي الجريدة لازم يجيبها من الدكان اللي بوش مبنى البريد وقالوا البريد اتنسف والهزة لغاية البيت لعند بانت كل البيت انهار لأنه هذا ثاني ولد في العائلة أول ولد كان الكبير وبعدين إحنا أربع بنات وبعدين هذا جاء ولذلك سموني تمام عشان يوقفوا البنات فالمهم اهتموا كثير فيه وصاروا زعلانين أنا بلا شعور ركضت على الشارع يلحقوني يقولوا لي فين رايحة.. فين رايحة ولا رديت على حد بس عاطفتني دفعتني أنه أروح أبحث عن أخويا فرحت ووصلت إلى هناك وشفت الدخان اللي طالع ودماء وحجارة التهيت في أني أقف أتفرج على هذا المشهد المؤلم بشكل..

روان الضامن: هاي كانت السيارة الملغومة اللي فجروها العصابات الصهيونية في السراي الحكومي أوائل 1948..

تمام الأكحل: فهذه كثير هزتني المنظر لأول مرة بأشوف دمار وبأشوف دماء وشغلة زي هيك وأخوي يطلع من بيناتهم وحاطط الجريدتين تحت إبطه وعبطته وركض على البيت أنا وياه والشتاء ينزل علينا ومش عارفة أيش لقوني لما رجعت على البيت فرحوا فرحة مش معقولة أني جايبه لهم أخوي وجاية هم فرحوا في أخوي أكثر مني يعني بس..

روان الضامن: الأحداث العنيفة اللي شاهدتيها في ظل الانتداب البريطاني؟

تمام الأكحل: اللي شاهدتها أول مشهد بحياتي بأشوفه شايفة كيف هلا صارت المعارك عم تشتد أجانا خبر أنه ابن خالي اتصاوب وموجود في المستشفي الإنجليزي فأنا رايحة أشوفه فين من بين ها الجرحى اللي بيعنوا وشغلة في الممرات واللي على التخوت وصلنا التخت تاعه لقينا كل رأسه ملفلفة كثير.. كثير وحطين له تحت المخدة عم بينز الدم لغاية حاطين له تحت الفرشة إيشي ينقط الدم اللي بينزل من رأسه مش قادرين يوقفوا النزيف فيه جيت بأمسك أيده بأقول له جبنا لك ليمونادة أتطلع فيا هيك وسلم الروح وأيده ارتخت طبعا أول مرة بحياتي بأشوف إنسان بيتوفى بين أيديا إيه كان منظر كثير.. كثير مؤلم ومش ممكن أنساه.

روان الضامن: ماذا حصل في يوم يعني 28 نيسان/أبريل 1948؟

تمام الأكحل: هذا اليوم بالمساء جاء عمي على البيت وقال له لأبويا شوف يا عارف أنا آخر مرة راح أحكيك أنا راح أطلع قاطعين عنا الميه قاطعين عنا الكهرباء وما فيش أكل وأنت شايف الدنيا كيف عاملة أبوي حوش جاز كثير علشان كان بالبابور يولعوا وقتها وهذا وحوش طحين قال له بس كل هذا ما راح ينفعك مادام ما فيش مي ما تقدريش تحوشي المي.

روان الضامن: لأن هي مقطوعة عشرة أيام أسبوعين..

تمام الأكحل: بالضبط عندنا الكلبين اللي هو جاك وستوب كانوا تبعون سلق هدول اللي كانوا في البيت مشان الصيد لعمي ولأبويا هدول قال لنا طلعوهم بره نطلعهم بره يا حرام على منظرهم مادين لسانهم وما فيش ميه ويمشوا ويمشوا في ها الشارع لكن مش راضيين يبعدوا عن باب البيت، لي أخت صغيرة كان عمرها أربع سنين تبكي.. تبكي بدها ميه أمي في أنينه مزاهر أعطتها إياها شربتها بس شافت في الكوباية في إيشي شفاف لونه أبيض شربته بمرار المزهر وما حست انه هي شربانه إيشي غير المي واكتشفت أنه هادا مي إحنا اللي أكبر شوي كنا قادرين نصبر وقادرين نعرف وقادرين نحس قالوا ليلتها أنه خلي بناتك وأولادك لابسين كلساتهن وكنادرهم وأواعيهن وما يلبسوا أواعي النوم ويناموا في أواعيهم زي ما هم عشرة أيش يلم لا يلم وعندنا اثنين شباب يعني كانوا أولاد هيك يعني يساعدونا في البيت ويساعدوا أمي وشغلة زي هيك في شيل السجاد في تنظيف الدرج في شغلات من ها النوع هذا قالوا له خلي موسى وأحمد يضلوا معكم وهدول لابسين التانيين وجاهزين الساعة أربعة وش الصبح كان المداهمة الشديدة بصوت عالي بالبنادق من القفا بره.. بره بيت.. بيت يفوتوا عليه بمجرد ما قربوا علينا إحنا كانوا كلنا مصحينا ويلا بره.. بره على بره شو تأخذي شو تعملي شو ثياب أواعي يدوبك صرة واحدة اللي صرت فيها أمي أواعي غيارات لها الأولاد إن صار ما صار يبقى عندهم غيار مين بده يحملها ركض.. ركض بالطريق وإحنا طالعين بره عمي معاه فلاش وعم بيمشينا عليه وصوت رجلينا طالع بره إحنا حسيت أنه صوت رجلينا وهادي سمعينها لحالنا كأنه إحنا يا أول الناس طالعين يا آخر الناس طالعين أتلفت وراي بألاقي هس الدنيا ما فيش غير صوت اليهود اللي طالعين يخبطوا على الأبواب شايفة فأفتكرت حالي أنه يمكن إحنا أول ناس بدنا نطلع لغاية ما وصلنا لسان الميناء وإذا مئات الألوف من الناس اللي على الميناء هلا صار النهار بلش يطلع إحنا صرنا بالنص والناس وراءنا والناس وراءنا وكذا شغلة زي هيك كلنا تائهين وأمي تصرخ وتقول أمسكوا يدين بعض حتى ما نتوهش عن بعض في هديك اللحظات اللي لسه مستنيين بأعرف أبوي راح لمكتب يقطع تذاكر سفر قالوا في باخرة يونانية اسمها دولارز وإنه اللي بده يقطع على ظهر الباخرة يعني ناس قادرين يدفعوا وقادرين يشتروا وهذا اللي صار أمشوا هون وقفوا هون أوقفوا هون مش عارف إيش ما بلاقي إلا بعض النسوان صارت الزغاريد أنه جاء الجيش الأردني تاريهن عاملين حيلة هدول لابسين لبس الجيش الأردني ولابسين الخوذة اللي على رأسهن اللي بتلمع وإذا وصلوا بيناتنا..

روان الضامن: اللي هي العصابات الصهيونية؟

تمام الأكحل: العصابات الصهيونية وصلوا بيناتنا وبلشوا يضربوا برصاص الدوم دوم على ها الناس منهم واحد ابن جيراننا..

روان الضامن: على رصيف الميناء يعني يطلقوا الرصاص؟

تمام الأكحل: أه على رصيف الميناء اللي اتصوبوا ناس كثير صار اللي خايف ويدب حاله في البحر واللي بيدب حاله في المركب وشغلات زي هيك منهم واحد ابن ناس بنعرفهم اسمه محمد نمر ناصر هذا ما بأنساش منظره التقح على الأرض عمره شي 17 أو 18 سنة كل ظهره بينزل منه دم هيك نقط.. نقط اللي شوفته بينده لي تمام قولي لأهلي أنا أتصوبت.. أنا أتصوبت أنهو أهلك أنا بدي ألحق أهلي.. بدي ألحق أهلي، فشقت عنه وضلينا ماشيين وضلينا نمسك في بعض لغاية ما نزلنا في اسمه الجرم وبأتذكر كثير منيح وإحنا في المركب تحت امرأة فوق عمال هو الأب على المركب معنا والأم عم تعطي له الأطفال عم بيتناولهم منها في فرق بين بتعرفي بالموج لما يبقى عم بيضرب بـ28/4 يعني ما صارش لسه صيف الدنيا تضرب الموجة قوية على الرصيف تاع الميناء بتعرفيش هي مالت المركب ولا ثقلت ولا أجت زاحتها اهتزت المركب نزل الولد بين الرصيف وبين.. وصرخت الأم والأب يصرخ أنه بيعوض علينا الله بس خلصي بده خايف من ضرب الرصاص ثاني فنزلت بقية الأولاد وكانوا معنا أنا شفت ناس لم قلبت المركب هيك شوية في ناس وقعوا في الميه كانوا قاعدين على الطرف أو بيحاولوا يعني يقعدوا على طرف وقعوا في المي فأنا ماسكة في أيدي بالطرف وبشكل وحاطة هيك رأسي عشان حتى لو مالت المركب أكثر ما أوقعش وصلنا على ظهر المركب..

روان الضامن: اللي هي السفينة اليونانية..

تمام الأكحل: السفينة اليونانية لقيت على السفينة ما فيش السفينة رفضت أي حد ينزل في الغرف مهما كان سكرت الغرف وقالت ما فيش إلا الظهر اللي بتأخذ فيه ناس لقيت في كثير هيكيت إيشي خيش مدور كبير.. كبير وسميك ومربوط بالنص الخيش هذا مربوط بالنص في سلك حديد لونه ليلكي أسود إيشي من ها النوع هذا مرابط هادي حديد كانت من زمنات بأعرفش أيش بيسموها فالمهم أنا معايا قلم كوبيا اللي كنا نبل فيه لسانا هيك ونكتب فيه قعدت أحفر.. أحفر أشد هيك إيشي وقلت لك أنا كنت شقية وأنا صغيرة فأنخزق كيس الخيش طلع منه تمرة إيه تمر.. تمر هات وسعت هادي وصرت أعطي لأخواتي الصغار وشافوا الناس التمر نص ساعة الله وكيلك ولقينا الخيش صار على الأرض كله عطشت الناس وصار بدها مي ومافيش مي ما حدش يعطيهم مي المهم أنا في اللحظات هادي أتطلعت على يافا لقيت يافا ما فيش اللي بوم تطلع قنبلة أسمع الصوت أشوف الدخان عم بيطلع يا بي شو أثرت فيا وشو حزنت إيشي مش معقول من شقاوتي من هديك اللحظة لما شفت يافا فيها حريق وعماله بيطلع منها دخان أنقلبت لإنسانة هادئة جدا مفكرة جدا حزينة جدا.

روان الضامن: لم يبق في مدينة يافا من أصل مائة وعشرين ألف من سكانها سوى ثلاثة آلاف عام 1948 هجر أكثر من ثمانمائة ألف فلسطيني من ديارهم.

[فاصل إعلاني]

روان الضامن: لماذا بيروت يعني الذهاب إلى بيروت؟

الهجرة من يافا إلى بيروت

"
الرحيل إلى بيروت كان صعبا جدا خاصة لأن دموع أمي لم تتوقف بسبب سوء الحال الذي وصلنا إليه
"

تمام الأكحل: هي رايحة الباخرة على بيروت اللي بده يطلع بيروت في مراكب الصغيرة راحت على غزة في مراكب راحت على خان يونس في مراكب راحت على بورسعيد حسب الخط تبع هديك المركب أو هديك السير أنت وقدرك عاد إحنا اللي لقيناها هاي بوشنا مش مختارين يعني هي رايحة فينا وبلانا. ولقيناها نازلة على بيروت فقلنا بنحط هناك كانوا البحارة اللي مسؤولين عن نقابة البحر هناك وقتها كانوا من دار السماك وهم عائلة أخوال أبوي فبالفعل نزلونا في بيوتهم ما نزلوناش في الكارنتينا اللي هي لازم يأخذوا تطعيم ويحطوهم لغاية ما يعملوهم لاجئين ويقعدوا في مخيمات والله بيعلم فوصلنا على البيوت تبعت دار السماك وقعدنا عندهم باستضافتهم، اللي كان يؤلمني جدا دموع أمي اللي لم تتوقف طول الوقت في أنها تبكي على حالها وعلى شو أعمل بالأولاد وشغلة وأيديها مربطة، البيت مش بيتها ومش عارف إيش هدولاك كرمونا وأكلونا وشربونا طب يوم اثنين ثلاثة وبعدين شايفة كيف وكلنا انزقينا في غرفة واحدة من النوم وحرامات ما تكفيناش كثار وحمام ضيق صغير مطبخ صغير.. صغير يعني غير ما يكون الواحد مرتاح هنا أبوي قال للشباب هدولا الاثنين قال لهم الله معكم شوفوا طريقة أنكم تعيشوا أنتم وإحنا أنا مش قادر أكمل يعني في الصرف عليكم وشغلة زي هيك هون ابتدينا نحس بالسخن أكثر أبتدى كل واحد فينا يفكر كيف ممكن ينقذ وضع ها العائلة أخوي الكبير بلش يروح هو مخلص مترك بفلسطين وكان بيشتغل مع المفتش مصطفي الدباغ ويعني له مركز لغته الإنجليزية منيحة لكن إشتغل في سينما يقطع تذاكر يشتغل بأربعين ليرة لبناني طب أيش يأكل ها العائلة طيب ابتدأ أخوي الصغير أخواتي الصغار محمد والثاني قال يبيعوا إسكيمو هدولا البوظة اللي كان أصابع هيك لها ولها خشبة ملفوفين بورق يحمل هادي واحد يحمل والثاني على البسكليت يدورا على الشوارع بوظة.. بوظة يبيعوا آخر النهار يعطوهم لكل واحد أديش أنت عشر أخوات لك أه خذ هاي عشر حبات يجيبوا لنا البوظة على الدار ويجيوا أخواتي البنات اللي أكبر مني ولا واحدة قادرة تطيق حالها وتطيق يعني كان الوضع إيشي مزري خالص أنا صحت لي فرصة شفت في إيشي اسمه مشغل ممتاز للتطريز قمت قلت هدول بيطرزوا طب بيطرزوا أيش وشغلة دخلت لحالي لقيت ست البيت اسمها فاطمة ممتاز تطلعت فيا قالت لي نعم قلت لها أنا بتحتاجوا لحد بيرسم قالت لي شو يعني قلت لها أنا بأرسم عاديت طبعا أتطلعت فيا من فوق لتحت شو ها الفصعونة هادي اللي جاية تقول بأرسم..

روان الضامن: يعني عمرك 13 سنة؟

تمام الأكحل: طبعا يعني أنا بالضبط هيك عمري كان وخصوصا طلعت من المدرسة فجاءت تيجي تقول لي أنت بتعرفي ليش ترسمي قلت لها إيه قالت لي شو بترسمي قلت لها انتووا بتشوفوها هادي شف قلت لها طب خليني أنا أعمل قال ولا بتحبي تتعلمي التطريز قلت لها أول بدي ارسم قالت لي خذي شقفة ورق عندها عليها رسمة هيك وحطت لي إياها كز أكز هيك ضبطت وكل شيء اتطلع عليها كز تحت وإلا مضبوطة قالت لي ليش بتتطلعي فيها قلت لها عشان أتأكد من ضغطة القلم مضبوطة ولا لأ حست بحالي أني جدية في الموضوع وبعدين جيت فرجيتها رسمة كانت هي فرجتني إياها بأقول لها من هون هادي بس لو أضفنا لها هيك شو رأيك بتطلعش أحلى حست فيا أني أنا عندي استعداد للرسم ولإضافة الرسومات اللي عندها فأخذتني قالت لي بس أنا أديش بدك بالشهر أنا شو بيعرفني أديش بدي إلا بتقولي أنا بأدفع لك خمسة عشرة ليرة لبناني منيح بالنسبة لي يعني منيح وجبت لأمي ها المصاري أنا اشتغلت في المشغل أخواتي طبعا مش عاجبهن لكن هذا اللي صار وأنا بأرسم بهذا الشكل، بهاديك الأيام في لنا دار السماك اللي سكنا عندهم الست تاعتهم الكبيرة ظلت تقول لي بنت خيي في كلية البنات للمقاصد أحسن كلية هذه وأفضل شغلة وبنت خيي درست قدك يا تمام كل شوية تقول لي قدك بعمرك بس المدرسة ما بيدخلها هادي إلا بنات الذوات أطلع أنا أتغظت صرت بدي أتحدى الزمن اللي أنا موجودة فيه فصرت بدي أثبت وجودي بأي شكل هادي اللي بتحكي لي عن بنت أخوها صرت أنا بدي أبقى أحسن من بنت أخوها وهكذا يوم أمي بعتتني على البلد عشان أشتري لها خضرة عطياني نصف ليرة منهم فرانك نازل في الترومواي وفرانك طالع والأربعين قرش بدي أجيب فيهم أشياء للأكل وأنا نازلة بالترومواي والترومواي بيوقف على محطة الباشورة اللي هي بوشها بالضبط كلية البنات بأقرأ ها الاسم اللي بالعادة أمرق عليه خطر على بالي أنزل عن ها المحطة وأطلع على ها المدرسة طلعت على الدرجات البواب بيسألني هناك وين بأقول له بدي أشوف المدرسة فوق بكل جراءة هيك وطلعت دخلت المدرسة في الساحة هناك قابلتني واحدة اسمها هيفاء مدلل بأعرفش إذا عايشة لحديت اليوم ولا لأ قال نعم شو بتريدي بأقولها جاية بدي أعرف قد أيش القسط تاع المدرسة اللي بده يتسجل فيه الواحد فوصلتني للمديرة بتقول لها قعدت سألتني المديرة عدة أسئلة عن يافا ومش عارف أيش إلى آخره قالت لي أهلا وسهلا فيكي إحنا خلينا رنت الجرس وبعدين قالت لي روحي اتسجلي عند الست إحسان محمصاني سجلت اسمي وعائلتي وكله بس بدي أعرف القسط قد أيش قالت لي بس طولي بالك بس نشوفك الأول تنقبلي بأي صف قالت لها بدنا نمتحنها بالأول ثانوي وبالثاني ثانوي أنا قلت عال يمكن راح أسقط لأنه كان لازم أخلص السادس الابتدائي وما خلصتوش وبدي أطلع للأول ثانوي من السادس للأول ثانوي هادي بتقول لها من الأول ثانوي للثاني ثانوي معناته أنا فالصو رايحة عليا أعطتني حطوني بها الصف أعطتني امتحانين موضوعين أنقيهم واحد منهم اللي بتقول فيه كثيرا من الناس في بطون الأرض أحياء وعلى سطح الأرض أموات هذا شعر أظن يعني بهذا المعنى بس والثاني ليس البطل من حرر أمة بل البطل من حرر نفسه من رغباتها.

روان الضامن: يعني موضوع إنشاء؟

تمام الأكحل: موضوع إنشاء أنا أكتبه كلغة وكإملاء والله وأروح كاتبة هدول وربك يفتحها عليا بالموضوعين فانقبلت بالثاني ثانوي قالوا لي (OK) أنت كويسة كثير وإحنا راح نقبلك وبدون أي شيء حتى المرايل راح نعطيكي إياهم من عندنا مريولين حتى تغسلي واحد وتلبسي واحد والكتب من عندنا أنا ما صدقت حالي من الفرح.

روان الضامن: انقطعت عن الدراسة سنة تقريبا فيعني كانت العودة..

تمام الأكحل: فالعودة برغبة شديدة كل الشتاء أدرس في المدرسة بدون ما أكلف أهلي بمليم لما كنت أشتري الحذاء أحط له حديد من وراء ومن قدام أمشي زي الشرطي طك.. طك هيك بس مقابل ما يدوبش الحذاء ما يدوبش معي بسرعة ألبس الأواعي صاحبتي في المدرسة إذا مش قادرة أروح رحلة ما أكلفش أهلي رحلة بخمس ليرات ست ليرات لبناني برضه بديش أطلب منهم وبديش أصرف من المصاري اللي معي ألاقي صاحباتي يتوشوشوا وكلهم تجيني المدرسة مسؤولة الصف تاعنا الست إحسان نعيمة وتقول لي صاحباتك دعينك كلهم اتفقوا على أنهم يدعوكي تروحي معهم الرحلة هاي أروح بدون ما أبقى حاسة بالخجل واحدة تيجي تقول لي تمام أنا أهلي اشتروا لي الفستان هذا من محل القسطلي إيش رأيك أعطيكي إياه الفستان بدل ما أنت عم تلبسي من السكندهاند وشغلة زي هيك أقول طيب.

روان الضامن: ماذا عن علاقتك بالرسم يعني في المدرسة ببيروت؟

تمام الأكحل: هلا أنا في المدرسة هذه قبلها وفي الوقت اللي كنت بأشتغل في مشغل ممتاز هذا وشغلات زي هيك شفت لي صديقة بالباص رايحة على مدرسة محترمة وأنا مش صاحح لي أروح على مدرسة تمام هيك لقيت اسم المدرسة مارر أديش حزنت على حالي قلت شو هو المستقبل اللي بده يكون لي أنا المهم بدي أروح أدور على واحدة صاحبتي قالوا لي أنها نازلة فلانة الفلانية بأقول لهم أه قالوا لي هذه حكمت موجودة فين في مقبرة الداعوق لقيت على باب مقبرة الداعوق في سيارة وفي قلبها ثلاث رجال معهم براميل تبعون الحليب اللي من زمان وكانوا يحطوا هيك ألاقي أيدهم طلعت بيضاء ويحطوا حليب للأطفال لهيك الناس على أنا وأنا وأنا اللي حامل كيلة واللي حامل طنجرة بلا أيد واللي حامل علبة سمنة كانت إيشي من ها النوع هذا..

روان الضامن: للاجئين الفلسطينيين؟

تمام الأكحل: للاجئين الفلسطينيين ما كنش في لسه فكرة البلاستيك دارجة حتى يأخذوا في بلاستيك إيشي أنا انقهرت قهر على شعبي كيف صار فيه. عاد بعرف قد إيش شعبنا مرتب وأد أيش حلو وأد أيش ومن دارنا للنزهة ومن النزهة للجبلية يصير فيه.. دخلت جوه وأشوف خبص الميه لأنه في سيارة ثانية من بره واقفة تعطي ببربيش ميه للناس وبالبربيش هوررر نازل يصب ميه وها الناس كمان بطناجر أكبر وبوعايا وبجرة ومش عارفة أيش وشغلة زي هيك من ضمنهن إجرين صاحبتي هذه لقيتها حافية وفيهم خبص الميه هيك والميه بتجر أوف على ها المنظر رجعت على الدار طلبت من أمي اللي كانت تصبغ لنا الأواعي وتغير لونهم اللي يأخذوهم من الكويكرز ما كنش الأنروا لسه إنسانية يعني تجمعات إنسانية قلت لها بدي أخذ شوية بودرة من اللي بتغير فيهن الأواعي هاي صباغ وأحط المياه تاعتها ساخنة أدوبهم فيها وأرسم قالت لي خذي فرحت لدار جيراننا في عندهم ورق من ورق الجرائد اللي كانوا بيطبعوا فيه أوقات الأب يظهر بيشتغل طباعجي في هذه بيجيب لهم ورق على البيت هيكيت مقصوص للأولاد يرسموا عليه هيكيت وعليه إيشي فأنا أعروني ثلاث ورقات قصيت من شعري ولفيته على ورقة على قلم وبديت أخذ من ها الألوان الثلاثة الأربعة اللي حصلت عليهم وأحطهم بغطاية الكزوز وأشيل الفلينة وأحطها في كزوز جلول كان وابتدي ارسم رسمت المنظرين هدول ضلوا عندي في البيت لما رحت على المدرسة في حصة رسم عندنا بس ما كنتش لسه أخذه موادها أو إيشي بهاديك المرحلة كان الخريف اسمه معرض الخريف لليونسكو رحت زقيت حالي وأعطيتهم الرسمتين هدول وافقوا عليهم قال بس بروزيهم طب ما معيش أبروزهم قلت لهم ما معيش وعرفوا أنه أنا فلسطينية قال لي طيب إحنا بنبروز لك إياهم فاللجنة اللي هناك بروزت ها اللوحتين التنتين وحطتهم في المعرض أنا عاد شو صرت لما عرفت المدرسة أنه صار لي لوحتين في المعرض وهيك.. هيك احكيت مع ست زاهية وشغلة وأنا اليوم بدي أروح أحضر المعرض فراحوا جابوا لي علبة ألوان مائية شايفة كيف هادي علبة الألوان المائية محترمة إيشي شاف اللوحتين هادولا ناس إنجليز ناس أجانب وبدهم يشتروهم اللوحتين عرفوني عليهم أنا يوم الافتتاح ما عنديش أواعي مليحة أخذت جاكيت مرت عمي كان عندها جاكيت شبه صوف له فرو بس كبير عليا رحت عملت كمه هيك والشقة الثانية هيك بش عشان الدنيا برد وعملت هيك التنتين لما يجيوا يسلموا عليا أمد أيدي هذا يروح طالع الكم قبلي تطلع أيدهم بتسلم على الكم وأرجع أضبه ثاني وطول ما أنا واقفة أضبضب بها الكمام لما حسيت بعقد المهم فقال هادول اللوحتين أجا واحد بيقول لي بتبيعيهم بثلاثين ليرة الواحدة قلت له مين بده يشتريهم قال لي هادولا التنتين ستات قلت له لا قال لي ليش مناح وسعرهم منيح ومش عارف إيه قلت له لا بديشهم أبيعهم ليش بديش أبيعهم قال هيك اتخيلت أنه هدولا بدهم يأخذوهم ويقولوا شوف كيف يتباهوا أنه إحنا عملنا بالفلسطينية خليناهم يكونوا فقراء بطلوا زي زمان أغنياء وشغلة زي هيك هذا كل تفكيري والله وأرفض أني أبيعهم في هذا الأثناء شاف اللوحتين هدول مين واحد اسمه ستيفن لوكوس كان جاي على لبنان يسوق ألماني يسوق لشركة لوكوس اللي هي يمتلكها أبوه فقال لي فين بعد جهد جهيد فهمت منه بيحكي شو.. شو لغتي الإنجليزية كانت يعني يدوبك أبو حرفين ونصف بيقول بيترجم لي هداك الرجال أنه هذا بيسألك أبتطلعي معهم ترسمي سبت وثلاثاء أو سبت وأربعاء هيك إيشي يومين بالأسبوع عنده مجموعة سيدات أجنبيات من نسوان السفراء بيطلعوا على الطبيعة بيرسموا بتروحي بتطلعي معهم ترسمي قلت الصبح أنا عندي مدرسة قال لي عم بيسألك الرجال قلت له بأروح بأسال سألت أبويا قال لي إسألي المديرة تاعتك في المدرسة رحت سألت المديرة وافقت ست زاهية قالت لي بيعلمك الرسم قلت لها أه قالت لي روحي.. روحي مادام لك في المعرض لوحات..

روان الضامن: يعني عجبته اللوحات وشاف أنه في يعني؟

تمام الأكحل: في أمل من هذه البنت إيشي شايفة كيف فالمهم نتعت حالي وصرت أروح كيف بتلزقوا الورقة على الوتر كلر كيف تعملوا أشوفهم إيش عاملين بيلزقوا لهم الورق على خشب قعد يدلني هو جاب لي الورقة وقعد دلني هيك وجيبي لوح خشب وأعملي كله بالإشارة أكثر من الحكي والله وعملت أول لوحة معهم كانت اسمها الفاخورة رحنا نرسم فاخورة وفيها فخار مكسر وفخار بينخبز وشكل الفاخورة شكلها عجيب يعني على طريق عالية كانت اللي هلا حاليا موجودة هادي عند كوستي إنجليز وجاكلين أصحابنا في بيروت يعني اقتنوها هذا أهداني بعدها علبة زيت ما عندي أدني فكرة عن الزيت ولا كيف يستعمل أجيت بقجه لنا من ها البقج اللي التبرعات منها شقفة قماش ها القد بيضاء زي الخام سميكة وما بتنفعش لأي شيء بسأل أمي قالت لي يا شيخة خذيها رحت لكوندرجي هناك عندهم ألواح كرتون لونها أصفر هيك كانوا بيحطوها مع الضبان بالخيط وهذا قلت له بدي ألزق هادي على كرتونة تبيعني هادي الكرتونة قال هاتي يا عمي راح لازق لي إياها بالغراء اللي بيلزقه للأحذية لزق لي إياها وأعطاني إياها والله عال مبسوطة فيها قال لي بس هادي لا تستعمليها اليوم وبتخليها بكره وإلا شغلة لقيتها عملت هيك قبت شوية مش مهم يلا بأقدر أرسم عليها ورسمت أول لوحة زيتية بالطريقة اللي أنا عمري ما رسمت بزيت ولا شغلة ما رسمتش السماء ما لونتوش لأنه لقيته هداك نش من اللون وطلع لفوق خليته زي ما هو شافها هي والوتر كلر الأولانية مصطفي فروخ الفنان الرائع وكان أيامها صرت في الثالث ثانوي هلا باقي سنة وأخلص رابع ثانوي فبيقول أنه هادي البنت إذا ما درستوهاش رسم بتروح خطيتها برقبتكم كان عندي نشاطات بأحب النشاطات كثير في المدرسة هون أخذة دور صبي هون أخذة دور إيشي في المولد النبوي هون مع زميلات لي موجودة هادي مدرستي اللي زرتها من سنتين وكانت في دار العجزة هي اللي أخذت الأوراق تاعتي هذه مسؤولة التدبير المنزلي هذه تاعت الرسم كانت هذه أعطتنا درس رسم وما كنش عاجبها رسمي أو ما رسمتش على ذوقها اللي هو فقالت لي أنت ما تفتكريش حالك أنك أنت كويسة في الرسم وراح تروحي ترسمي لقتني رسمت هادولا التنتين ومصطفي فروخ أجا وقال هذه البنت لازم تروح على الرسم هدول لوحتين قدمتهم لكلية البنات.

روان الضامن: إذا ساهمت تلك يعني الشهادات بأن لك مستقبل فنيا بالمنحة التي حصلت عليها من كلية المقاصد لدراسة الفن في القاهرة هل يعني لم يعارض الأسرة على فكرة سفر فتاة لوحدها في ذلك الوقت إلى القاهرة لدراسة الفن؟

تمام الأكحل: ما لقيت معارضة من أبوي ولا من حد كان بالعكس أبوي يقول للناس يقول لهم بنتي راح ترجع أحسن مما أبعتها ولو بدها تروح على الصين تتعلم الرسم راح أبعتها على الصين تحدي لهم وفي يوم وصلت الصين وأنا نازلة على الدرج من الطائرة كنت بأضحك هيك بيني وبين نفسي أقول له يا أبا وصلت للصين.

الدراسة في القاهرة

روان الضامن: سافرت إلى القاهرة ويعني واجهت أيضا صعوبات مادية يعني التحقت بكلية الفنون الجميلة التابعة يعني كانت في حي بولاق في القاهرة؟

تمام الأكحل: ما خطر على بالي أنه في هناك السكن لازم أدفع له لازم أدفع كان كل اللي معي خمسة وعشرين جنيه اللي زادوا معي من المنحة الدراسية أجرة طيارة وأواعي وشغلات زي هادي ووصلت هلا القاهرة قالوا لي عشان تدخلي رأسا من المطار لسكن الجامعة فقلت لهم أنا قال بدك تدفعي أربعة وعشرين جنيه ونصف أنا نقزت يعني كل السنة راح يضل معي نصف جنيه مش معقولة بالمنيح بالعاطل مش عارفة أيش قال أبدا واحد اقترح على مدقق الحسابات أو المحاسب تاع الكلية قال لي روحي شوفي الجامعة العربية الأولاد هناك التلامذة كلهم بيروحوا الفلسطينيين وبيأخذوا منح دراسية رحت عزت الجبالي كان المسؤول هناك لما وصلنا عرفنا أن هو من يافا كمان وفي له صلة بالعائلة بيعرف أهلي وشغلة زي هيك قال لي روحي للدكتور فوزي الغصن وصلت للدكتور فوزي الغصن هناك قال لي يا حبيبتي أنت علامتك منيحة وشهادتك منيحة في المواد الثانية ليش ما بتدرس غير رسم قلت له رسم جايه أدرس رسم قال لي في ثلاث مواضيع الجامعة العربية ما بتدرسهم.

روان الضامن: ما بتدعمهم يعني؟

تمام الأكحل: ما في لهم منح هي الأزهر على أساس محصور على المسلمين الحقوق ما بتدرس حقوق وما بتدرس فنون ما بتصرفش على هدول الثلاث مواد فأنتي شوفي لك حل مش عارفه أيش كذا قلت له ما بغير يا بأدرس رسم يا بأطلع بس أنا طالعة من عنده عميانة مش عارفة وين أروح مش عارفة كيف أزبط حالي قال وينك آنسة تمام والله رجعت أقول له نعم لبيقول لي تعالي.. تعالي تذكرت شغلة بأقول له أيش قال لي في شاب عندنا بالسنة الرابعة في كلية الفنون الجميلة وبده بالزمالك هذا كليته في الزمالك وأنت فيكي تشتركي معه في المعرض وإحنا عم نسعى له نعمل معرض اسمه اللاجئ الفلسطيني وبما أنه لوحاتك أنت عن فلسطين بتقدروا تعرضوا مع سوا أتطلعت فيه قلت له أنا وكيف مستواه هذا قال لي مستواه كويس قلت له طيب قال بأبعت لك إياه تتعرفي عليه أجاني إسماعيل شموط..

روان الضامن: كان هذا الشاب في السنة الرابعة هو إسماعيل شموط؟

تمام الأكحل: إسماعيل شموط بأقول له أنت عندك لوحات بدك تعرضهم قال لي أه قلت له طب كيف بدي أشوفهم حتى أتأكد من مستواك الفني قام هذا كل شوية أحكي كلمة ألقيه بينقط عرق أقول طب ليش ها القد كله خجلان ها القد مش معودة أشوف ناس ها القد بتخجل فهيك تلعثم قال لي بس أنا ساكن لحالي قلت له طب وأيش يعني قال اللوحات ما هو عندي في البيت أنا قلت له طيب ما أقدرش أشوفهم يعني قال لا بتقدري تشوفيهم بتردد يعني قلت له طب (OK) خليني أشوفهم شو بده يصير يعني هذا ما تخيل أنه واحدة تبقى جريئة تطلب بالموضوع هذا اتفقنا على اليوم والساعة يجي يأخذني من السكن الداخلي هذا حتى أروح أشوفهم والله ركبنا بالترومواي أجا يدفع عني قلت له لا أنا بأدفع كل واحد يدفع عن حاله هيك بصلابة وصلت على البيت شفت عنده حاطط أوضه يا حرام شو بدائية وبسيطة تخت وطاولة مرقوعة ومدقوق لها خشب هون ومش عارفة إيش المهم مبين الفقر اللي طالع من العنين لوحة إلى أين هادي محطوطة ولوحة هادي ومجزرة ومش عارفة أيش وشغلة أنا شفت هذا المستوى انبهرت أنا هون عرقت صرت أمسح عرقي أنا من الخجل أنه لأ قلت لأ بأعرض معك..

روان الضامن: قبلتي أن تعرض اللوحات وكان المعرض الأول في تموز يوليه 1954 وافتتحه الرئيس جمال عبد الناصر كيف كانت ردود فعل الناس للوحات تعرض عن النكبة يعني بعد سنوات قليلة من حدوثها؟

تمام الأكحل: أولا في الوقت اللي كانت الناس لسه بتبحث عن لقمة العيش ومنين يجيبوا الخبز لأولادهم النقطة الثانية كانت الناس لسه بتبحث عن مدارس لأولادها اللي معطلها كذا سنة عن المدارس لأنه مش عارفين أيش يعملوا لا عارفين يشتغلوا ولا عارفين يحطوا أولادهم في المدارس نمرة ثلاثة أنه إحنا نيجي نعبر عن هذه الجراح في هديك المرحلة والله ما بأنسى منظر الناس أيدها هيك على الحائط تبكي أتطلعت في إسماعيل.. عبد الخالق حسونة رئيس الجامعة عبد الخالق حسونة باشا عبد الناصر ما حكى ولا حرف ولا حرف بس ضغط على أيدينا هيك وضله ماشي أما عبد الخالق حسونة التفت علينا وبيقول لنا انتووا يا عيال وضعتوا الحجر الأساسي للقضية الفلسطينية.