المشهد السوداني - اتفاق اقتسام الثروة والسلطة
المشهد السوداني

اتفاق اقتسام الثروة والسلطة

مفاوضات صعبة واتفاق متوازن، هل الاتفاق صفقة ثنائية؟ إنشاء بنك مركزي ذي صيغتين إسلامية وعالمية، ضمانات أساسية لتحقيق أهداف الاتفاق.

مقدم الحلقة:

حسن جمول

ضيوف الحلقة:

أمين حسن عمر: عضو الوفد الحكومي المشارك في المفاوضات
ياسر عرمان: الحركة الشعبية لتحرير السودان
أمين بناني نيو: وزير الدولة بوزارة العدل السودانية سابقاً

تاريخ الحلقة:

07/01/2004

– مفاوضات صعبة واتفاق متوازن
– هل الاتفاق صفقة ثنائية؟

– بنك مركزي ذو صيغتين إسلامية وعالمية

– ضمانات أساسية لتحقيق أهداف الاتفاق


undefinedحسن جمول: سيداتي وسادتي السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ومَرحباً بكم إلى هذه الحلقة الجديدة من المشهد السوداني، اتفق مُتفاوضوا الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان في منتجع نيفاشا بكينيا أخيراً، اتفقوا على اقتسام السلطة والموارد ويُحَقق هذا الاتفاق تقدماً هائلاً في مَلَف التسوية النهائية لقضية الحرب الأهلية في السودان، ولا تَزَال قضيتا اقتسام السلطة والمناطق الثلاث قيد البحث، صَحيحٌ أن اتفاق اقتسام الثروة والموارد يحمل إجابات على الكثير من الأسئلة المَطروحة بخصوص عائدات الموارد البترولية وغير البترولية والقضايا المُتعلقة بالمِنَح والقروضِ السابقة والقادمة ولكنه أيضا يحمل أسئلةً كثيرةً أُُخرى تبحث عن إجابة، ولكن مُوقِّعي الاتفاق يذهبون إلى الحد الذي يقولون فيه أنه يُأطِّر لهيكلة مُختَلف المسائل المالية والاقتصادية ليس في جنوب السودان فحسب، بل في كل الولايات ويأملون أن تَنعكس آثاره الايجابية في مختلف أنحاء السودان، خاصة وأن السودان مَوعود باكتشاف واستثمار الكثير من ثرواته مع تباشير السلام القادم.

مفاوضات صعبة واتفاق متوازن

محمد الكبير الكتبي تقرير- نيفاشا: يُمَثِل اتفاق اقتسام الثروة الذي تَوَصَّل إليه المُتفاوضون في نيفاشا، خُطوة هامة على طريق الاتفاق النهائي بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان الذي طال انتظاره، أملاً في أن يُنهي عشرين سنة من الحرب الأهلية في السودان، كانت المفاوضات التي أفضت لهذا الاتفاق صعبةٌ وشاقةٌ للغاية، إلاّ أنها في النهاية طوت بشكل أو بآخر مَلفاً كبيراً وهاماً ومُتشَعِّباً ظل مُثيراً للجدل لسنوات طويلة هي عُمر خلاف الشمال والجنوب الذي ترجع جذوره إلى فترة الاستعمار وقصة التنمية المُتوازنة التي بَرزت في السودان منذ ذلك الزمن.

يقوم الاتفاق باقتسام الثروة الذي تم التوصل إليه، على عَددٍ من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية الهامة وتَشمل هذه الجوانب في مُقَدِمتها العائدات البترولية وغير البترولية والنظم المالية ولوائح تنظيم عَملها بما يُراعي خُصوصية الشمال والجنوب، كما يَقضي الاتفاق المُبرم بإنشاء مُفوضيةٍ واحدةٍ لإدارة البترول وقِسمة الثروة النفطية في الجنوب مُناصفة بين الشمال والجنوب مع إنشاء صندوقٍ لأعمار المناطق المتضررة من الحرب وفق آلية مُحددة تُحقق إعادة بناء الجنوب والمناطق الأُخرى المُتضررة ويَقضي الاتفاق بأن تكون عُملَة السودان واحدةٌ وأن يكون هناك مِصرف مركزي واحِد مع مراعاة خصوصية منطقة جنوب السودان في التعامل مع البنوك التقليدية، بينما يَحتفظ الشمال بِحَقِّه في التعامل بالصيغ الإسلامية ويَشمل الاتفاق أيضاً مسائل الضرائب والتجارة الداخلية بين الولايات والتشريعات التي تَحكُم ذلك مع إنشاء مُفوضية لتوزيع الموارد ومراقبة تنفيذها على مُختَلف الصُعُد، ضماناً لاستغلال تلك الموارد في المواقع المُخصصةِ لها.

وتناول الاتفاق اقتسام الثروة أيضاً مسؤوليات الحكومة المركزية نحو الديون ومسائل المُحاسبة والمراجعة وغيرها من الأمور السيادية المركزية وكذلك تناول الشؤون المالية المُتعلقة بالمِنَح الخارجية وإشراف وزارة المالية الاتحادية عليها مع مراعاة الشفافية المطلوبة لتسيير الأمور، ومع أن الاتفاق في مُجمله يأطرُ لأُسسٍ قابلةٍ للتطبيق في الجنوب ومناطق أخرى في السودان كما يقول مُوَقِّعوه، إلا أن السؤال الذي يقفز للأذهان فوراً هو ذلك المتعلق باقتسام الثروة في بقية اتجاهات السودان ومن ضمنها المناطق الثلاث التي لا يزال التفاوض يدور حولها، خاصةً أن تلك المناطق ذاتُ طبيعة وخصوصية مُعينة وفي بعضها مناطق أَشَدُّ تخلفاً من جنوب السودان.
وهناك الصراع المُستَعِر الآن في دارفور والذي يَستَنِد في أجزاءٍ كثيرةٍ منه على ما تُريده الحركات المتمردة هناك عن قِسمةٍ غير عادلةٍ للثروة وهو ما لا تَعتَرِف به الحكومة وإن كانت تسعى بِطُرقٍ مختلفة لاحتواء التمرد في دارفور مع ازدياد التخوف من أن تَنتقل المُطالبة الفضفاضة بالقسمة العادلة للثروة والسلطة، لكل أنحاء السودان.

حسن جمول: وسبق للحكومة السودانية أن وقَّعت عام 1997 مع فصائل مُنشَقَّة عن الحركة الشعبية لتحرير السودان وآخرين مُعادين للحركة اتفاقية الخرطوم للسلام وعلى الرغم من أن كثيرين يعتقدون أن حكومة الفريق عمر البشير أَخَلَّت ببنود تلك الاتفاقية، إلا أن أمرها يحتاج الآن لمعالجة خاصة عقب توقيع اتفاق السلام النهائي، فالحكومة لا تَستطيع التخلي عن مُوقِّعي هذه الاتفاقية الذين يحتلون الآن أرفع المناصب السياسية في الجنوب، بل في الدولة كلها ومنهم رئيس مجلس تنسيق الولايات الجنوبية الذي استضفناه في حلقة سابقة ومنهم من عاد لصفوف الحركة ولكنه يحتفظ بِمؤازرة أبناء منطقته في الجنوب.
تَجدر الإشارة إلى أن الحركة الشعبية لتحرير السودان لم تعترف يوما لا باتفاقية الخرطوم للسلام ولا بالجهات التي وقعتها وتعتبرهم أنصاراً للحكومة فحسب.

عمار عجول تقرير: تَوقيع اتفاقية الخرطوم للسلام في إبريل من العام 1997، أُعتًبِر تحولاً مهماً في مَسارِ السياسة السودانية المُعاصِرة، فالاتفاق رغم أنه لم يُوقِف الحرب في جنوب السودان، إلا أنه تضمن أول اعترافٍ رسميٍ من قِبَلِ حكومة مركزية في الخرطوم بِحق تقرير المصير لجنوب السودان.
الاتفاق، الذي تم توقيعه في القصر الجمهوري في الخرطوم بين الحكومة وسبعةِ فصائل جنوبيةٍ مقاتلةٍ، نص إلى جانب إعطاء الجنوبيين الحق في تقرير مصيرهم على إقرار فترةٍ انتقالية مُدتها أربع سنوات وتكوين مجلسٍ يتولى شؤون الجنوب وقسمة عادلة للثروة وإنشاء محكمة دستورية تكون مَرجِعاً في حال حدوث خلاف، كما أن الاتفاق تم تضمينه دستور السودان كضمانة أساسية. الاتفاق الذي تم توقيعه بعد مَخَاضٍ عَسير، كان من أبرز الذين وقعوا عليه نائب الرئيس السوداني حينذاك الزبير محمد صالح الذي قضى لاحقاً في حادث طائرة وريك مشار الذي انضم فيما بعد لحركة قرنق وحمل السلاح مجدداً ضد الحكومة مُتَهِما إيّاها بالمماطلة في تطبيقه وبرغم أن اتفاقية الخرطوم للسلام كانت أحد النصوص الواقعية لحل مُشكلة جنوب السودان، إلا أنها كانت تَحمِل في طَياتها بعض نِقاط الضعف، أبرزها أن الطرف الجنوبي الرئيس في الحرب لم يكن طَرفا فيها وهو الحركة الشعبية لتحرير السودان التي يقودها جون قرنق والذي تَسَرَّبَ عن بعض مُنَاصريه، أن الاتفاقية ليست سيئة بِقدر إهمالها الطرف الأهم، واستمرت الحركة الشعبية في حمل السلاح وبِرغم تبادل الأطراف المُوقِعة الاتهامات بشأن عدم تنفيذ بنود الاتفاقية إلا أن الثابت أن عدم استقرار الأوضاع الأمنية في الجنوب واستمرار الحرب بِفعل وجود مُقاتلين خارج إطار الاتفاق هو الذي أَطَاح بها.

وبنظرة سريعة إلى ما تم الاتفاق عليه بين الحكومة والحركة الشعبية مُؤخرا يُلاحَظ أن اتفاقية الخرطوم للسلام كانت أساساً فكرياً لما يَجري الآن، فالحكومة أَقَرَّت بِحق تقرير المصير كما أن الأطراف الجنوبية تعهدت بوضوحٍ بدعم وِحدة السودان إذا تم تطبيق بنود الاتفاقات المُوقعة تطبيقاً كاملاً ولهذا فإن عنصر الضمانات الدولية، بدا واضِحاً في الاتفاقات الأخيرة أكثر منه في اتفاقية الخرطوم للسلام.
الحرب في جنوب السودان، يرى المُتابِعون لِمُجرياتها أنها عَلَّمَت الأطراف جميعا أن المشكلة الأساسية ليست في توقيع الاتفاقات بقدر ما هي الجِدية اللازمة لتطبيق تلك الاتفاقات، ويبدو أن في هذه المرة من الدروس والعِبَر ما يُحَفِّز الطرفين للإيفاء بما عليهم من التزامات ثمنها إنهاء هذا النزاع الدموي، ولإن كان على الحكومة ألا تَستبعد إمكانية اندلاع شرارة عنف جديدة عند الإخلال بأي اتفاق، فان أصوات تعلو مُطالبةً الحركة الشعبية باحترام حقوق القوى الجنوبية الأخرى خَشية تَمَرُدها بعد إحلال السلام.

هل الاتفاق صفقة ثنائية؟

حسن جمول: ومعي من نيفاشا حيث جَرَت مَراسم التوقيع على اتفاق تقاسم الثروة والموارد الدكتور أمين حسن عمر عضو الوفد الحكومي المشارك في المفاوضات، دكتور في البداية هل يمكن القول أن هذا الاتفاق الجُزئي فتح الباب فعلاً أمام التوصل إلى اتفاق بشأن تقاسم السلطة؟ وهل شَرَعتم فعلاً في المفاوضات حول هذه النقطة؟
دكتور أمين… يبدو أن الدكتور أمين لا يسمعنا، ننتقل إلى ياسر عرمان عن الحركة الشعبية لتحرير السودان الناطق باسمها وأيضا المُشارك في المفاوضات، معنا ياسر عرمان من نيفاشا السؤال نطرحه أيضا على السيد ياسر، هل شَرعتم في البحث في الاتفاق على تقاسم السلطة بعد توقيع اليوم على تقاسم الثروة والموارد؟

ياسر عرمان: طبعاً نحن حينما كنا نَبحث في موضوع الثروة، كنا أيضا نبحث في موضوع المناطق الثلاث ولذلك القضية الآن المَطروحة في أجندتنا هي قضية المناطق الثلاث أولاً وحينما نَفرَغ منها يمكن أن تُنَاقش قضية السلطة وهي القضية الأخيرة في مَحطَتِنا للوصول إلى اتفاق سلام شامل ونهائي.
حسن جمول: هل كُنتم تعتبرون أن موضوع تقاسم الثروة هو أكثر تَعقيدا من موضوع المناطق الثلاث والسلطة أقل تَعقيداً حتى جعلتموها في المرتبة الثالثة؟
ياسر عرمان: لا، بشكل عام فالقضية السودانية معروف أن التوزيع غير العادل للثروة والسلطة هو أحد جُذور الحرب الرئيسية.. الحرب الأولى التي كانت عام 1972 والحرب الثانية التي نتفاوض على إنهائها الآن.

حسن جمول: نعم.

ياسر عرمان: وقَضية المناطق الثلاث هي قضية ذات طبيعة خاصة وهي قضية عامة ولا يمكن اتفاق نهائي وشامل دون حل قضية المناطق الثلاث.
حسن جمول: سيد ياسر ابقى معنا، سنعود إلى الدكتور أمين حسن عمر عضو الوفد الحكومي المشارك في المفاوضات، دكتور أمين ها أنتم قد اتفقتم مع الحركة الشعبية لتحرير السودان على تَقَاسُم الثروةِ والموارد ولكن هذا الاتفاق -كما يقول الكثيرون- هو اتفاقٌ بين طرفين فقط، ما هو نَصيب باقي القِوى وباقي المناطق من هذه الثروة التي تَقَاسَمتموها مع الحركة؟

أمين حسن عمر – نيفاشا: نعم أخي، التفاوض طبعاً ليس صَفقة ثُنائية ولا هذه الأموال سوف تَذهب إلى الحَركة أو تذهب لِـ حزب المؤتمر الوطني، بل التفاوض والاتفاقية تَتَحدث عن تقسيم موارد الثروة على مُستويات الحُكم المُختلفة، أنت تَعلم أن السودان دولة اتحادية وهنالك مستوى مَركزي اتحادي وهنالك مستويات في الولايات والآن هنالك حكومة على مستوى جنوب السودان والاتفاقية تُقَسِم الموارد على هذه المستويات والحكم على حسب المسؤوليات المُناطة بكل مستوى من مستويات الحكم.
كذلك الاتفاقية تُقَسِم الثروة على الولايات وهذا يُعتَبَر تقسيم لمناطق السودان المختلفة وتُقِيم صناديق للتنمية حتى تُراعي أن تنتشر مشروعات التنمية بِصورة مُتوازنة بين مناطق البلاد المختلفة…

حسن جمول: نعم، طيب…

أمين حسن عمر: كذلك لا يُمكن أن يُقال أن هذه الاتفاقية ثنائية…

حسن جمول: نعم…

أمين حسن عمر: صحيح أن للجنوب وضع خاص فيها وحسب أن المُشكلة الأساسية هي مشكلة الجنوب السوداني.

حسن جمول مقاطعاً: يعني هنا قُلت أن هناك صناديق وأيضا بالفعل في الاتفاق إنشاء صناديق لإعادة إعمار مَناطق سودانية أخرى مُهَمَشة أو غير لم تصلها تنمية بعد، وإنما بعد تقاسم الثروة والثروة لم تَكُن فقط بالنفط، هناك إيرادات وهناك ضرائب يَجري أيضاً تَقَاسُمها بالتالي، من أين سيتم.. ستأتي موارد هذه الصناديق؟

أمين حسن عمر: نعم يا أخي، أصلاً هنالك موارد سوف تأتي من دعم مركزي، من خلال الموارد التي تأتي للحكومة الاتحادية وهنالك.. وهنالك قسمة، هنالك سلطات للولايات لكي تَجبي ضرائب لا يَحِق للحكومة المركزية أن تَجبيها، يعني كثير جداً من صلاحيات وضع الضرائب أُحيلت إلى الولايات وإلى حكومة الجنوب وتُرِكت للحكومة المركزية ضرائب محدودة تقريباً هي الجمارك وضريبة القيمة المُضافة وضريبة الدخل لمن يعمَلون في خدمة الحكومة الاتحادية لذلك معظم الضرائب ذَهبَت للولايات وإلى حكومة الإقليم الجنوبي في الجنوب…

حسن جمول: نعم

أمين حسن عمر: وكذلك سيكون هنالك دعم اتحادي لهذه الصناديق ويكون هنالك مَعونات وقُروض دولية أيضاً لإنشاء مشروعات التنمية في تلك البلدان المناطق المختلفة.

بنك مركزي ذو صيغتين إسلامية وعالمية

حسن جمول: أنتقل إلى ياسر عرمان، ابقى معنا دكتور أمين، سيد ياسر هناك نُقطة هامة في الاتفاق وهو يعني مَصرِف سوداني مركزي، إنما هناك فرعان واحد في الشمال وواحد في الجنوب وهناك صِيغتان مُختلِفتان لعمل في مصرف واحد، يعني كيف يُمكن التوفيق بين هاتين الصيغتين؟ صيغة تعمل بالصيغة الإسلامية للمَصارف وصيغة أخرى للنُظُم المصرفية المعمول بها في العالم أليس هناك تناقض في هذا الأمر؟

ياسر عرمان: طبعا أنت تعلم أن الاتفاقية منذ ماشاكوس قامت على بلد مُوحد بنظامين، بما أن اتفاق ماشاكوس أَتَاح للجنوب أن يكون له نظامه السياسي والدستوري الذي يَختلف عن بقية أنحاء السودان، لأن النظام المُطّبَّق هنالك لم يتم الاتفاق عليه بأن يُطبق في كل السودان، ولكن في كل الأحوال الاتفاق الحالي سَيُتيح للبنك المركزي الواحد أن يَعمل بِنافذتين وهذا سَتُوضَع له النُظُم الاقتصادية التي تُمَكِنه من أن يعمل بدون تَضارب لأن الاقتصاد العالمي ونُظمه المالية معروفة وتعمل في كل أنحاء العالم، الاقتصاد بِوجهه الإسلامي هذا هو حديث لِمدرسة مُحددة تَعتقد بأن ذلك هو الذي لا يمكن إلا.. لا يمكن سواه.. نحن من أجل إنهاء الحرب اتفقنا على ذلك.

حسن جمول: نعم، طيب يبقى السؤال الأخير، أُريد إجابة مُختصرة السيد ياسر، هل هناك مَوعِد تقريبي للوصول إلى اتفاق بشأن المناطق الثلاث، خصوصاً وأن هناك معلومات تقول أنه جَرى الاتفاق على حكم ذاتي مثلا لهذه المناطق على أن تُحَصِّل هي ضرائبها وما إلى ذلك، أين وصلت بالتحديد هذه النقطة؟
ياسر عرمان: لا لم يتم الاتفاق، بعض المناطق الثلاث لديها قضايا أساسية، القضية الأولى كيف يُؤخَذ برأي المواطنين في وجهة نظرنا حول وضعهم الدائم عبر استفتاء أو عبر أي آليةٍ من الآليات التي يتم الاتفاق عليها، سواءٌ كانت حق تقرير المصير أم غيره وكذلك أن تُعطى حُكم ذاتي حقيقي وأبياي بأن تُرجَع إدارياً إلى بحر الغزال كما كان هو الوضع في السابق، على كل حال هذه قضايا خَاضِعة للنقاش لا نستطيع أن نُحدد لها زمن ولكن نحن عازمون على أن نَستغل قوة الدفع الحالية للوصول إلى حَل حول قضايا المناطق الثلاث.

حسن جمول: ياسر عرمان وأمين حسن عمر من نيفاشا شكراً جزيلاً لكما وفاصلٌ قصير مشاهدينا، نعود بعده لمواصلة هذه الحلقة من المشهد السوداني.

[فاصل إعلاني]


حسن جمول: إذاً مُشاهدينا كما ذكرنا سبق أن.. سبق أن وَقَّعت الحكومة السودانية عام 1997 مع فَصَائل مُنشَقَّة عن الحركة الشعبية لتحرير السودان وآخرين مُعادين للحركة، سبق أن وقعت اتفاقية الخرطوم للسلام وعلى الرغم من أن كثيرين يعتقدون أن حكومة الفريق عمر البشير أَخَلَت ببنود تلك الاتفاقية إلا أن أَمرها يحتاج الآن إلى معاملة خاصة عقب توقيع اتفاق السلام النهائي، الحكومة لا تستطيع التخلي عن مُوَقِعي هذه الاتفاقية الذين يَحتلون الآن أرفع المناصب السياسية في الجنوب كما ذكرنا بل أيضاً في الدولة كلها ومنهم رئيس مجلس تنسيق الولايات الجنوبية وقد كنا استضفناه في حلقةٍ سابقة، أيضاً منهم من عاد لِصفوف الحركة ولكنه ما يزال يَحتفظ بِمؤازرة أبناء منطقته في الجنوب. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحركة الشعبية لتحرير السودان لم تَعترف يوماً لا باتفاقية الخرطوم للسلام ولا بِالجهات التي وَقعتها وتعتبرهم أنصاراً للحكومة فحسب.

ضمانات أساسية لتحقيق أهداف الاتفاق

ومن الخرطوم معي مباشرةً أمين بناني نيو وزير الدولة بوزارة العدل السودانية سابقاً، سيد بناني هل تعتقد أن هذا الاتفاق فيه مَزيد من الضمانات للتنفيذ خِلافاً للاتفاقات السابقة التي لم تجد طريقاً للتطبيق والتنفيذ في السودان؟
أمين بناني نيو- الخرطوم: شكراً جزيلاً، طبعا بالنسبة لموضوع الضمانات هو واحد من المواضيع المُهمة، خاصةً بالنسبة للأخوة في الجنوب الذين ظَلُّوا يتهمون الشمال باستمرار أنه يَتَنصَلُ عن عهوده ومواثيقه وكان آخر الاتفاقات التي لم يتم الالتزام بها هي اتفاقية الخرطوم للسلام.

الضمانات أنواع طبعا، هنالك ضمانات قانونية هنالك ضمانات سياسية، هنالك ضمانات دولية، الاتفاقات السابقة كانت كُلَّها اتفاقات سودانية خالصة بين أطراف سودانية ليس فيها عُنصر خارجي وآخرها اتفاقية الخرطوم للسلام التي أصبحت من بعد جزء من دستور البلاد دستور 1998 ولكن تلك الاتفاقية لمّا تُنَفَذ وأطراف الاتفاقية أنفسهم "ذهبوا أيدي سبأ"…

حسن جمول: نعم

أمين بناني نيو: يعني حصل الانشقاق الكبير حتى في النظام يعني، الآن هذا الاتفاق الجديد على الرغم أنه موضوع الضمانات سَيظهر لاحِقاً في تَقديري، لكن ستكون هنالك أشكال جديدة من الضمانات، أهمها الضمانات الخارجية، الضمانات الخارجية بمعنى لابد أن يكون هنالك عنصر خارجي لضمان تنفيذ الاتفاق التي يتم التوصل إليه…

حسن جمول [مقاطعاً]: نعم العنصر، سيد أمين…

أمين بناني نيو: خاصة وأن هؤلاء الأطراف…

حسن جمول: العنصر الخارجي هنا تقصد به الولايات المتحدة؟
أمين بناني نيو: أقصد…

حسن جمول: هي التي تضمن التنفيذ…

أمين بناني نيو [متابعاً]: لا أقصد الولايات المتحدة وَحدها أقصد شركاء الإيغاد وأصدقاء الإيغاد والولايات المتحدة الأميركية، لكن المهم هو ما هو شكل.. شكل هذه الضمانات…

حسن جمول: نعم

أمين بناني نيو: هل.. هل سَيؤخذ شكل ضمانات ما عَهِِدناه في مناطق أخرى مثلاً في كوسوفو أو مثلاً في قبرص، طبعاً في تلك المناطق هنالك ما يُسَمَّى بِقوات حفظ السلام أو في تلك المناطق الاتفاقيات تُودَع لدى الأمم المتحدة ويصبح الاتفاق ليست مجرد…

حسن جمول: نعم…

أمين بناني نيو: وثيقة دستورية وطنية…

حسن جمول [مقاطعاً]: طيب، سيد أمين…

أمين بناني نيو: وطنية ولكنها…

حسن جمول: طيب، سيد…

الأمين بنانو نيو: تعتبر وثيقة دولية…

حسن جمول: نعم، سيد بناني، يعني هل تعتقد بأن الاتفاق لا يَحمِل في طَيَّاته بذور البقاء بقدر ما يُفترض أن يحمل في طَيَّاته ضماناتٍ دوليةٍ؟ بمعنى هل هناك مُلاحظات مُعينة في الاتفاق تقاسم الثروة -الذي تم اليوم- يمكن أن يُضَعْضِع هذا الاتفاق؟ أم أنه يَسري إذا كانت هناك ضمانات، بغض النظر عن موافقة أو تَحَفُظ أطراف عليه؟

أمين بناني نيو: هو أنا أعتقد أن الاتفاق الحالي، سَواء اتفاق ما يتعلق بالإجراءات الأمنية أو ما يَتعلق بالثروة أو السُلطة، الاتفاق في حد ذاته يحمل في طياته عناصر إيجابية تُؤَكِد استمراره، لعل أهمها أنه تمثيل الحركة الشعبية في أجهزة السلطة، هو تمثيل رفيع يجعلها هي المسؤولة…

حسن جمول: نعم…

أمين بناني نيو: المباشرة عنا… كلام غير مفهوم…

حسن جمول: نعم…

أمين بناني نيو: تنفيذها الـ…

حسن جمول [مقاطعا]: نعم، سيد بناني نيو عُذراً للمقاطعة بسبب ضيق الوقت، شكراً جزيلاً لك وبهذا مشاهدينا، نصل إلى نهاية حلقتنا من المشهد السوداني، نلتقي في حلقة مُقبلة، إلى اللقاء.