الجولان السورية.. قصة هضبة احتلتها إسرائيل في الستينيات وتخطط لملئها باليهود (صور)

خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت تقضي رصد ميزانية أولية بقيمة مليار دولار بغية جذب 23 ألف يهودي للسكن بالجولان حتى العام 2030.

يعود تاريخ إعمار الجولان واستقرار السكان فيها إلى العهد الكنعاني (الجزيرة)

القدس المحتلة – صادقت الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بينيت -خلال جلستها الخاصة التي عقدتها مؤخرا بمستوطنة "مافو حماة" بالجولان السوري المحتل- على الخطة التي تهدف إلى مضاعفة عدد اليهود بالجولان حتى العام 2030، وهو ما يعكس تكريس الاحتلال وفرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي السورية.

وبادر إلى الخطة عراب الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة رئيس الوزراء نفتالي بينيت، بالشراكة مع وزير القضاء الإسرائيلي جدعون ساعر، الذي يؤمن بـ"إسرائيل الكبرى"، وترصد الخطة ميزانية أولية بقيمة مليار دولار بغية جذب 23 ألف يهودي للسكن بالجولان.

إسرائيل احتلت ثلثي مساحة هضبة الجولان السوري خلال حرب 67 (الجزيرة)

إعمار الجولان.. العهد الكنعاني

ـ تقع هضبة الجولان إلى الجنوب من نهر اليرموك وإلى الشمال من جبل الشيخ وإلى الشرق من سهول حوران وريف دمشق، وتطل على بحيرة طبرية ومرج الحولة غرب الجليل. وتعتبر مدينة القنيطرة أهم مدينة في الهضبة التي تبعد 50 كيلومترا إلى الغرب من مدينة دمشق.

ـ يعود تاريخ إعمار الجولان واستقرار السكان فيها إلى العهد الكنعاني، واستمر دون انقطاع مع حركة مد وجزر سكاني، حتى تهجير أهله منه عام 1967 بعد احتلاله.

ـ سكان الجولان الأصليون أحفاد قبائل عربية امتهنت تربية الحيوانات في مراعي الجولان وخارجه، بتطبيق نظام (النجعة)، مع أشكال بسيطة من الاستقرار الريفي في الجنوب الجولاني.

ـ منذ عام 1878: عرفت الهضبة إعمارا أكثر تطورا وثباتا في العهد العثماني، حيث سكنها آلاف المهجرين الشركس في عدد من المواقع، وكذلك التركمان واليوروك، بالإضافة إلى استقرار أعداد متزايدة من البدو فيها خاصة في النصف الأول من القرن الـ20.

ـ منذ عام 1948: ارتفع عدد السكان وتوسع العمران في الجولان مع وصول أفواج اللاجئين الفلسطينيين، وباتت منطقة مواجهة عسكرية مع الاحتلال الإسرائيلي.

تشويه وطمس للحقائق

ـ التاسع من يونيو/حزيران 1967: احتلها الإسرائيليون واسترجع الجيش السوري جزءا منها (684 كيلومترا مربعا) في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، لكن الاحتلال استولى عليها فيما بعد.

ـ عمدت إسرائيل إلى عدم توثيق احتلالها ثلثي مساحة هضبة الجولان السورية البالغة 1800 كيلومتر مربع في الحرب وحاولت تشويه وطمس الحقائق، وخاصة حقيقة أن عدد السكان هناك كان 138 ألف نسمة تقريبا قبل الحرب.

ـ لم يبق من أهل الجولان بعد التهجير سوى 6369 نسمة، فوصفت إسرائيل تهجير الجولانيين بأنهم "غادروا"، إذ يبلغ عدد سكان الجولان اليوم نحو 27 ألف نسمة، يتوزعون بين 6 قرى مجدل شمس، ومسعدة، وبقعاثا، وعين قينية، والغجر وسحيتا.

ـ هجرت إسرائيل الغالبية الساحقة من سكان الجولان الذين قطنوا 131 قرية وبملكيتهم 112 مزرعة، بعد 3 أيام من القصف الكثيف، ولم يحص الاحتلال الإسرائيلي عدد السوريين الذين بقوا في الجولان، إلا بعد شهرين من الاحتلال، وخضع السوريون تحت الاحتلال إلى نظام الحكم العسكري وحظر التجول في قراهم من المساء حتى ساعات الصباح.

أنقاض مسجد بالجولان تم قصفه خلال الحرب (الجزيرة)

ـ لم ينجح السكان الذين لجؤوا خلال المعارك إلى الحقول والتلال بالعودة إلى قراهم، حيث تم تجميعهم وطردهم إلى ما وراء خط وقف إطلاق النار، فيما حظرت الأوامر العسكرية الدخول إلى 105 قرى مهجرة، وأعلن عن جميع القرى والمزارع التي طرد أصحابها وأهلها منها مناطق عسكرية مغلقة، واعتبرت "قرى ومزارع متروكة".

بلدات مهجرة بالجولان المحتل (الجزيرة)

ـ وضع الاحتلال الإسرائيلي نقاطا عسكرية في الهضبة، أهمها حصن عسكري في جبل الشيخ على ارتفاع 2224 مترا عن مستوى سطح البحر، كما أقام قاعدة عسكرية جنوب الجولان وفرت له عمقا دفاعيا، وبات مصدر تهديد لدمشق عبر محور القنيطرة دمشق وكذلك عبر محاور حوران.

تم اقتراح 11 خطة لبناء حوالي 200 توربينة رياح بالجولان في 3 مزارع توربينات (الجزيرة)

استيطان وسلب موارد الجولان

ـ 14 يوليو/تموز 1967: بدأ أول مشروع استيطاني في الأرض السورية أي بعد 5 أسابيع من انتهاء الحرب، حيث توجهت مجموعة شبان يهود من سكان الكيبوتسات إلى معسكر مهجور للجيش السوري في قرية العليقة المدمرة، وأقامت مخيم عمل بحجة جمع قطعان الأبقار المشتتة في أنحاء الهضبة، الذي أسس لإقامة أول مستوطنة وهي "مروم جولان" لتنضم إليها 33 مستوطنة يقطنها حاليا 27 ألفا.

الاستيطان الزراعي فوق أراضي بلدة القنيطرة (الجزيرة)

ـ مارس/آذار 1968: بموجب أمر عسكري وضعت إسرائيل يدها على مصادر المياه بالجولان وكشفت عن نحو 100 نبع مياه، وقامت ببناء 40 مجمعا مائيا وبركة اصطناعية تخزن بها نحو 100 مليون متر مكعب من مياه الأمطار والينابيع تستخدم لري المزروعات التابعة للمستوطنات، وحفرت 7 آبار تستعملها لسحب المياه الجوفية، إذ يوفر الجولان لإسرائيل ما نسبته 30% من استهلاكها السنوي للمياه.

استغلال أراضي الجولان لمشاريع تربية المواشي والأبقار (الجزيرة)

ـ حولت مياه الجولان لتكون الشريان الرئيسي في حياة إسرائيل التي استغلت موارده وأراضيه ومياهه الجوفية لتكون رافعة لاقتصادها، فهناك نحو 500 ألف دونم تستعمل مراع لتربية الأبقار والمواشي التي توفر ما يقارب 50% من اللحوم للسوق الإسرائيلي ونحو 20% من الطلب على الحليب.

ـ هناك أيضا 100 ألف دونم تستغلها المستوطنات لزراعة الفواكه والخضراوات والحبوب والأزهار، وما تبقى من أراض تصنف محميات طبيعية تستعمل للتدريبات العسكرية.

الاستيطان الزراعي فوق أراضي بلدة القنيطرة (الجزيرة)

ـ حتى عام 1972: أحكمت إسرائيل سيطرتها على الجولان المحتل من خلال الحكم العسكري، وخلال هذه الفترة تم إقامة 15 مستوطنة.

ـ أكتوبر/تشرين الأول 1973: بعد انتهاء "حرب أكتوبر" بين مصر وإسرائيل والتوصل إلى اتفاقية وقف إطلاق النار، أقامت الحكومة الإسرائيلية "المجلس الإقليمي للاستيطان بالجولان"، وهو أول مجلس للاستيطان ووضعت تحت نفوذه جميع مسطحات الجولان باستثناء أراضي البلدات العربية الستة.

تطل هضبة الجولان على بحيرة طبرية ومرج الحولة غرب الجليل (الجزيرة)

ـ عام 1974: أعاد الاحتلال لسوريا مساحة 60 كيلومترا مربعا تضم مدينة القنيطرة وجوارها وقرية الرفيد، في إطار اتفاقية فك الاشتباك.

ـ ما يزال الدخول إلى بعض المناطق المجاورة لخط الهدنة ممنوعا بحسب تعليمات السلطات السورية إلا بتصريح خاص.

ـ عام 1976: بنيت "كتسرين" التي تعتبر كبرى المستوطنات بالجولان.

ـ ديسمبر/كانون الأول 1981: قرر الكنيست الإسرائيلي بشكل أحادي ضم الجزء المحتل من الجولان، غير مبال برفض مجلس الأمن والمجتمع الدولي.

خطة لتوسيع الطرق بالجولان المحتل (الجزيرة)

الاستيطان الزراعي والتجاري

ـ لعقود خلت، لم تتوقـف مساعي إسـرائيل لاستغلال الأراضي التي احتلتها، وذلك تثبيتا لسياسات الضم وترسيخا لسيادتها عليها، وللدفع نحو هذا الهدف، أعطت الأولوية لتطوير الصناعات المرتكزة على الموارد الطبيعية في المناطق المحتلة، لأن تلك الصناعات تسـتحوذ بشكل مباشر على الأرض.

ـ تنتج المستوطنات الزراعية في الجولان نحو 360 مليون دولار سنويا، موزعة على 700 منشأة زراعية، ويعمل فيها نحو 1300 عامل، بينما القطاع الصناعي لمستوطنات الجولان ينتج ما قيمته 330 مليون دولار، موزعة على 28 مصنعا ومعملا، وتضم نحو 890 عاملا.

منتجع الحمة السورية الذي احتلته إسرائيل وحولته لمعلم سياحي (الجزيرة)

ـ من القطاع السياحي تنتج مستوطنات الجولان 60 مليون دولار، موزعة على 227 منشأة سياحية تضم منتجعات وبيوت ضيافة، وتضم 780 عاملا، حيث يزور الجولان سنويا مليون ونصف المليون سائح داخلي، بينما من القطاع التجاري والخدمات تنتج المستوطنات نحو 62 مليون دولار، موزعة على 190 منشأة تجارية، تضم 700 عامل.

النفط وطاقة الرياح

ـ عام 2011: صادقـت الحكومـة الإسرائيلية على إنتاج حصة من الكهرباء، من خلال طاقة الرياح، حددتهـا لنفسها بمقدار 800 ميغاوات، وتنتج اليوم حوالي 2.5% مـن طاقـة إسـرائيل مـن مصـادر متجـددة.

ـ أدت هذه الحالة، مـن الحاجـة المتزايدة ونقـص الطاقـة، إلى توليد العشرات من مبادرات مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في جميع أنحاء إسرائيل والجولان المحتل.

مشاريع مزارع التوربينات وطاقة الرياح فوق أراضي البلدات العربية بالجولان المحتل (الجزيرة)

ـ عام 2016: شرعت إسرائيل بالبحث عن النفط والغاز في مرتفعات الجولان، وكانت هناك استثمارات لشركات نفطية، بتمويل من أنصار إسرائيل في أميركا، للتنقيب عن النفط، حيث منحت الحكومة الإسرائيلية ترخيصا بالحفر في 850 كيلومترا مربعا، لشركة "أفيك" الإسرائيلية التابعة لشركة "جيني إنرجي" (Genie Energy).

ـ نتائج عمليات التنقيب عن النفط في 3 مواقع تضم 10 آبار أشارت إلى أن معدل الإنتاج الفعلي للنفط قليل، وبعيد عن التوقعات بتحقيق الاكتفاء الذاتي النفطي لإسرائيل، وعلى الرغم من ذلك والمعارضة التي تبديها جمعيات تعنى بشؤون البيئة تواصل الشركات التنقيب.

بناء وتسويق 7300 وحدة استيطانية بالجولان حتى العام 2030 (الجزيرة)

ـ عام 2017: كان هنالك ما يقارب 26 مشروع مزرعة رياح قيد التطوير في البلاد وحوالي نصف هذه المشاريع في الجولان وحده، حيث تم اقتراح 11 خطة لبناء حوالي 200 توربينة رياح بالجولان في 3 مزارع توربينات، إذ تشتمل على إنشاء أكثر من 120 توربينة فوق آلاف الدونمات مـن أراضي القرى العربية السورية الستة التي بقيت بالجولان.

بركة رام في بلدة مجدل شمس (الجزيرة)

مضاعفة الاستيطان

ـ 26 ديسمبر/كانون الأول 2021: وفق الخطة الاستيطانية التي كشف النقاب عن تفاصيلها بإحاطة خاصة للصحفيين قدمها رئيس الوزراء بينيت، سيم بناء 3300 وحدة استيطانية في "كتسرين"، كبرى المستوطنات الإسرائيلية بالجولان، وكذلك بناء 4 آلاف وحدة سكنية في "المجلس الإقليمي الاستيطاني -الجولان".

خطة إسرائيلية لتوسيع جميع المستوطنات القائمة بالجولان (الجزيرة)

ـ سيتم أيضا بناء مستوطنين جديدتين بالجولان، هما "أسيف" و"متار"، حيث ستضم كل مستوطنة ألفي وحدة سكنية، فضلا عن مستوطنة "ترامب" التي أقرتها حكومة بنيامين نتنياهو في يونيو/حزيران 2019، وذلك بعد اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل، تماشيا مع قانون الكنيست من العام 1981 الذي أقر بضم الجولان للسيادة الإسرائيلية.

صيانة وتوسيع شبكة الطرقات بالجولان (الجزيرة)

ـ يلازم الخطة تطوير مشاريع البنى التحتية وشبكة الطرقات والمواصلات بغية ربط 32 مستوطنة يعيشها بها 27 ألف يهودي، على أن يتم رصد حوافر اقتصادية ومنح تسهيلات لجذب اليهود للاستيطان في الجولان"، والعمل على إزالة الألغام من آلاف الدونمات وتغيير خطط مناطق إطلاق النار والتدريبات.

سيم بناء 3300 وحدة استيطانية في "كتسرين"، كبرى المستوطنات الإسرائيلية بالجولان (الجزيرة)

ـ لجذب اليهود للاستيطان بالجولان سيتم أيضا توسيع المستوطنات القائم بإنشاء أحياء استيطانية جديدة، إلى جانب الاستثمار وتطوير مشاريع تتعلق بالتعليم والسياحة والفنادق والتكنولوجية والأمن، ومشاريع أخرى تتعلق بالطاقة الشمسية وتحويل مرتفعات الجولان لمركز التقنيات الطاقة المتجددة مع توفير ألفي وظيفة وفرصة عمل.

المصدر : الجزيرة