3 إنذارات للاعب في مباراة واحدة.. أخطاء تحكيمية كارثية غيرت مجرى المباريات ورسخت بذاكرة المونديال

مباراة الأرجنتين وإنجلترا التي شهدت تسجيل مارادونا هدفه باليد لا تزال المباراة الأشهر في تاريخ كأس العالم (غيتي)

يحفل تاريخ كأس العالم بالأهداف الحاسمة واللاعبين المبدعين والمباريات الأسطورية، لكنه تميز أيضا بالعديد من الأخطاء التحكيمية التي ظلت عالقة في الأذهان حتى الآن؛ إذ لا يزال كثيرون يتذكرون لقطة اكتساح الحارس الألماني هارالد شوماخر لمنافسه اللاعب الفرنسي باتريك باتيستون، كما أن هدف الإنجليزي فرانك لامبارد غير المحتسب أمام ألمانيا في مونديال 2010 لم يمح من ذاكرة كثير من الجماهير الإنجليزية.

أما أشهر الأخطاء في تاريخ المونديال، فهو قطعا هدف "يد الله" للأرجنتيني الأسطورة دييغو مارادونا في مونديال المكسيك 1986.

التقرير التالي عاد إلى دفاتر كأس العالم ليلقي الضوء على بعض القرارات التحكيمية الخاطئة، التي كان بالإمكان تفاديها لولا افتقار كرة القدم لتقنيات تكنولوجية جديدة وصلت إلى اللعبة حاليا بفضل تكنولوجيا خط المرمى أو حكم الفيديو المساعد "فار" (VAR) أو غيرها من التقنيات التي يستعان بها لتقليص أخطاء الحكام.

هدف "يد الله" وخطأ التونسي علي بن ناصر

بعد شوط أول سلبي في ربع نهائي 1986 بين إنجلترا والأرجنتين، استعرض مارادونا إبداعاته في الشوط الثاني الذي بقي خالدا في الأذهان سواء من حيث المستوى الذي ظهرت به الأرجنتين أو الهدفين اللذين سجلهما الأسطورة.

لم تتأخر الأرجنتين في افتتاح التسجيل بعد الاستراحة، فبعد لعبة مشتركة بين مارادونا وخورخي فالدانو، رفع الأخير الكرة داخل المنطقة إلى الأول الذي كسر مصيدة التسلل، وحينها انتبه مارادونا إلى خروج الحارس بيتر شيلتون لالتقاطها، فمد يده إلى الكرة وغمزها داخل المرمى، معلنا الهدف الأول الذي كان "بشيء من الرأس، وشيء من يد الله"، وفق ما قاله الأسطورة الأرجنتيني.

مباراة الأرجنتين وإنجلترا في مونديال 86 الأكثر رسوخا وشهرة في تاريخ المونديال (غيتي)

احتج الإنجليز بشدة على الهدف، لكن الحكم التونسي علي بن ناصر لم يتراجع عن قراره وأكد شرعية الهدف.

وقال مدرب إنجلترا بوبي روبسون "لم ير الحكم ما شاهده العالم بأسره، فمارادونا لم يسجل برأسه بل بيده، حيث سبق شيلتون إلى الكرة".

ولم تكد إنجلترا تهضم الهدف الأول، حتى تلقت صدمة ثانية، ولكن هذه المرة كانت نتيجة ما صنف بأجمل هدف في تاريخ النهائيات، بعدما توغل مارادونا من 65 مترا وتخلص من المدافع تلو الآخر قبل إطلاق الكرة في شباك شيلتون.

هدف مثير منح إنجلترا مجدا كرويا

رغم مرور عقود من الزمن، لا يزال الجدل قائمًا حتى الآن بشأن الهدف الذي سجله الإنجليزي جيف هيرست في مرمى ألمانيا الغربية في نهائي 1966، فحتى الآن يتساءل الجميع: هل كان الهدف صحيحًا أم لا؟ لا أحد يعلم لكن الحكم المساعد السوفياتي (الأذربيجاني) توفيق باخراموف قال "نعم" في حينها، وأقر شرعية الهدف بعد أن اعتبر أن كرة هيرست تجاوزت خط المرمى لتتوج إنجلترا باللقب الأول والوحيد لها حتى الآن.

وأقيمت المباراة النهائية على ملعب ويمبلي في لندن أمام 95 ألف متفرج، وفي الدقيقة 10 من الوقت الإضافي الأول (بعد التمديد) عندما كانت النتيجة 2-2، سجل هيرست هدفًا لا يزال يثير جدلا حتى الآن، لأن تسديدته اصطدمت بالعارضة وارتدت إلى الأرض، وبعد التشاور بين حكم الساحة السويسري غوتفريد دينست وحامل الراية باخراموف، احتسب الأول هدفا لإنجلترا، وسط احتجاج ألماني.

وقبل النهاية بقليل، أضاف هيرست هدفه الثالث ليصبح بذلك أول لاعب يسجل ثلاثية (هاتريك) في مباراة نهائية.

الكويت تنسحب من مواجهة فرنسا

كانت فرنسا متقدمة بأريحية على الكويت (3 ـ1) خلال مونديال 1982 حين حصل تبادل للكرة بين ميشيل بلاتيني وآلان جيريس ونجح الأخير في تسجيل الهدف الرابع لمنتخب "الديوك".

لكن هذا الهدف جاء بعد توقف بعض لاعبي المنتخب الكويتي عن اللعب نتيجة انطلاق صافرة من المدرجات.

احتسب الحكم الهدف، لكن لاعبي الكويت رفضوا مواصلة المباراة بتعليمات من رئيس الاتحاد الكويتي للعبة في ذلك الوقت، الشيخ فهد الأحمد الذي نزل إلى أرضية الملعب وطلب من اللاعبين الانسحاب.

وبعد توقف لنحو 10 دقائق، قرر الحكم السوفياتي ميروسلاف ستوبار إلغاء الهدف، لكن مكسيم بوسيس عاد ليمنح فرنسا هدفا رابعا في نهاية اللقاء الذي حسمه "الديوك" بنتيجة (4 ـ1).

اكتساح شوماخر

أطلق المراقبون في ذلك الوقت على الحادثة "كابوس إشبيلية"، كانت تحديدا في نسخة 1982 بإسبانيا، كانت فرنسا تتواجه مع ألمانيا في نصف النهائي، وبينما كان التعادل بهدف لمثله سيد الموقف، مرر بلاتيني كرة في العمق لباتيستون الذي دخل بديلا قبلها بدقائق معدودة.

مغامرة باتيستون في الملعب لم تدم لأكثر من 8 دقائق، لأنه بعد تمريرة بلاتيني انفرد بهارالد شوماخر وسدد باتجاه المرمى لكن الأخير صدمه بقوة عمدا، فوقع على الأرض من دون أن يحرك ساكنا.

أغمي على باتيستون وصرخ بلاتيني طالبا النجدة، في الوقت الذي نهض فيه شوماخر ولم يكترث بما فعل وراح يلاعب الكرة من دون أن ينال أي عقاب من الحكم الذي لم يمنح فرنسا ولو ركلة حرة.

وروى اللاعب الذي فقد اثنتين من أسنانه جراء ذلك التدخل أطوار الحادثة، قائلا "كنت باتجاه المرمى وكان شتيليكه ورائي وشوماخر أمامي وقلت في نفسي إذا سددت الكرة ساقطة سأسجل، كنت في كامل لياقتي وشعرت بأني قادر على التسجيل، لكني لا أعرف ماذا حدث بعد ذلك".

3 إنذارات للاعب في مباراة واحدة

خلال مباراة كرواتيا وأستراليا عام 2006 انتهى الأمر بالمدافع الكرواتي جوسيب شيمونيتش بالطرد، لكن بعد أن رفع الحكم في وجهه الورقة الصفراء الثالثة وهي سابقة في تاريخ كأس العالم.

ففي الدقيقة 62، نال الكرواتي الإنذار الأول بعد خطأ أمام منطقة جزاء فريقه، ثم رفع الحكم الإنجليزي غراهام بول الإنذار الثاني في الدقيقة 90 من دون أن يطرده، لعدم تفطنه إلى الإنذار الأول.

لكن العدالة تحققت في الوقت بدل الضائع حين نال الكرواتي إنذارا ثالثا بسبب خطأ، وتنبه بول هذه المرة ورفع البطاقة الحمراء في وجهه.

سيناريو نهائي 1966 يتكرر في جنوب أفريقيا

تكررت لقطة نهائي مونديال 1966 في ثمن نهائي مونديال 2010 في جنوب أفريقيا، التي جمعت إنجلترا وألمانيا من جديد، لكن مع اختلاف النتائج، ففي هذه المرة ذاقت إنجلترا مرارة ما تجرعه الألمان عام 1966، حين سجل فرانك لامبارد هدفا صحيحا في شباك مانويل نوير حارس مرمى المانشافت بعدما ارتدت تسديدته من العارضة إلى داخل المرمى.

لامبارد يحتفل بهدف شرعي في شباك ألمانيا ألغاه الحكم الأوروغواياني لاريوندا (رويترز)

لكن حكم الساحة الأوروغوياني خورخي لاريوندا لم يشاهد الكرة تتجاوز الخط كما هي حال حكم المساعد، وأفلتت بذلك ألمانيا من هدف التعادل (2 ـ2) لتحسم في ما بعد الفوز والتأهل (4 ـ1).

وتسببت هذه الحادثة في تعجيل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بإدخال تقنية خط المرمى، التي مهدت -لاحقا عام 2018- لاعتماد حكم الفيديو المساعد أو "الفار".

المصدر : الفرنسية