الأمين العام لمنظمة العالم العربي للعلماء الشباب جواد الخراز: نقدم الدعم للباحثين الشباب وهذه نصائحي لهم

قبل 2010، لم تكن هناك شبكة عربية تجمع الباحثين الشباب في العالم العربي، وبالتالي فهي أول شبكة أطلقت لهذا الغرض، وتضم حاليا أكثر من 20 ألفا منهم.

الدكتور جواد الخراز Jauad El KharraZ
شارك الدكتور جواد الخراز مع آخرين عام 2010 في تأسيس منظمة العالم العربي للعلماء الشباب (مواقع التواصل الاجتماعي)

يعتبر الباحث المغربي الدكتور جواد الخراز من العلماء الناشطين في الترويج للثقافة العلمية ودعم الباحثين العلميين العرب من خلال منظمة العالم العربي للعلماء الشباب التي مر على إنشائها أكثر من 10 سنوات.

عن هذه المنظمة والخدمات التي قدمتها للباحثين العرب وغيرها من المواضيع، يحدثنا جواد الخراز.

استغرقت مشاورات تأسيس المنظمة عامين (الجزيرة) (الجزيرة)
  • في البداية حدثنا عن خلفيات إنشاء هذه المنظمة، متى وكيف جاءتكم الفكرة؟

البداية كانت في عام 2009 عندما التقينا في العاصمة الأردنية عمان على هامش منتدى غرب آسيا وشمال أفريقيا "وانا" (WANA) الذي كانت تنظمه مؤسسة "وانا" التي يرأسها سمو الأمير الحسن بن طلال.

آنذاك التقيت بالدكتور علاء الصادق من مصر والدكتورة ألفة محجوب من تونس، وناقشنا سبل التعاون بيننا وبين نظرائنا في الوطن العربي.

وبعد مرور عام على اللقاء الأول، التقينا مرة ثانية في مكتبة الإسكندرية بمصر في أبريل/نيسان 2010، هناك أتيحت لنا فرصة الحديث مع مجموعة كبيرة من الباحثين الشباب من مختلف الدول العربية، ومن خلال ذلك اتضح لنا ضرورة إنشاء شبكة أو جمعية تجمع كل الباحثين الشباب العرب، فاتفقنا على إنشاء جمعية للعلماء العرب الشباب.

مر على إنشاء جمعية العالم العربي للعلماء الشباب أكثر من 10 سنوات (مواقع التواصل الاجتماعي)
  • تعرفون منظمتكم بأنها أول منصة عربية للعلماء الشباب في الوطن العربي، كيف؟

قبل 2010، لم تكن هناك شبكة عربية تجمع الباحثين الشباب في العالم العربي، وبالتالي فهي أول شبكة أطلقت لغرض جمع الباحثين الشباب في العالم العربي، وبعدها شهدنا مجهودات أخرى موازية كجمعية "ساستا" (Society for the Advancement of Science and Technology in the Arab World)، على سبيل المثال لا الحصر على المستوى الإقليمي.

أما على المستوى الوطني فقد ظهرت فيما بعد شبكات وطنية في الكثير من الدول العربية. ونعتقد أننا سددنا فراغا في تلك الفترة، وقمنا بمجهود كبير لدعم الباحثين العرب والتشبيك فيما بينهم من جهة، وبينهم وبين نظرائهم في الدول الغربية وآسيا من جهة أخرى.

استطاعت المنظمة تنظيم عدد من المؤتمرات ضمت باحثين عربا وأجانب (الجزيرة)
  • الآن وبعد مرور 10 سنوات، كيف تقيمون إنجازاتكم؟

الحقيقة لسنا راضين عن أدائنا، لأننا نعتقد أنه كان بإمكاننا القيام بمشاريع كثيرة، لكن عوائق كثيرة حالت دون تحقيق ذلك كنقص الدعم المالي، وصعوبة إيجاد كوادر تتفرغ كليا لأنشطة الجمعية لأن كل أعضاء المكتب المسير لهم مهامهم الرسمية ويصعب عليهم التفرغ كليا لأنشطة الجمعية.

ورغم ذلك، استطعنا مثلا تنظيم المؤتمر الألماني العربي الأول للباحثين الشباب في برلين عام 2011. كما شاركنا في النسخة الأولى من مؤتمر حدود العلوم الذي نظمته المؤسسة الوطنية الأميركية للعلوم في الكويت.

ونظمنا بالتعاون مع الحاصلين على منح ألكسندر فون هامبولت الألمانية في دول المغرب الكبير مؤتمرا دوليا في مراكش عام 2012، ومؤتمرات أخرى في عمان والخرطوم وبيروت وغيرها من العواصم العربية. ووقعنا اتفاقيات تعاون مع جمعية الحاصلين على منح إراسموس موندوس في المغرب الكبير.

كما أبرمنا تعاونا مع منظمة الإيسيسكو (ICESCO)، وشاركنا في المؤتمرات العالمية للعلوم في بودابست وعمان، حيث دافعنا عن دبلوماسية العلوم وضرورة دعم الباحثين من الدول النامية بما فيها الدول العربية.

وشاركنا في إعداد تقرير اليونسكو (UNESCO) للعلوم في الجانب الخاص بالدول العربية، وفي تقرير مؤسسة الفكر العربي حول الابتكار، وفي منشورات أخرى على موقع نيتشر (Nature) وساينس-ديف (SciDev) وغيرها.

الشبكة تضم اليوم حوالي 20 ألفا من الأعضاء (الجزيرة)
  • كيف تساعدون هؤلاء الباحثين العلميين الشباب؟

الشبكة تضم اليوم حوالي 20 ألفا من الأعضاء الذين يستفيدون من خدمة نشرات يومية مجانية تضم آخر إعلانات المنح والمؤتمرات والمنشورات وإنجازات الأعضاء والمشاريع ومستجدات البحث العلمي والابتكار وغيرها.

المساعدة الرئيسية هي من خلال توجيههم وإسداء النصائح لهم، وهذا يتم عن طريق مجموعة نشطة على فيسبوك (Facebook) أو مباشرة على بريدنا الإلكتروني حيث نتلقى عشرات الرسائل والطلبات أسبوعيا.

وتشمل هذه الخدمة التوجيهية نصائح حول المسيرة الأكاديمية، والمنح المتوفرة، وكيفية الحصول عليها، والجوائز، وكيفية إعداد السير الذاتية، واللقاءات، والمؤتمرات (في الماضي حصلنا على بعض منح المشاركات الممولة في بعض المؤتمرات لفائدة بعض أعضائنا).

فضلا عن المسابقات العلمية، والعطاءات والمشاريع والبرامج التمويلية، وبرامج التعاون والسفر إلى مختبرات وجامعات أجنبية، وربط الاتصال بينهم وبين أساتذة وباحثين في دول أخرى، والنشر المشترك للأبحاث، والتعريف بهم وبإنجازاتهم، والمساعدة في الحصول على وظائف قدر الإمكان أو على الأقل توجيههم لتحسين فرص نجاحهم، إلخ.

التعاون بين الجامعات والمختبرات العربية والأجنبية كفيل بتجاوز مشكلة قلة الموارد (الجزيرة)
  • من بين أبرز المشاكل التي تواجه البحث العلمي في الوطن العربي مشكلة التمويل، كيف تتعاطون مع ذلك؟

فعلا فالموارد المالية المرصودة للبحث العلمي في الدول العربية هي أقل من المعدل العالمي، إذ إن نسبة الإنفاق على البحث العلمي لا تتعدى 1% من الناتج الوطني الإجمالي، لكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن هناك آليات وطرقا أخرى للرفع من مستوى البحث العلمي في بلداننا رغم شح الموارد المالية.

فالتعاون بين جامعات ومختبرات عربية مثلا، والتشارك في المختبرات والأجهزة، وإجراء تجارب مشتركة كفيل بالتعويض أحيانا عن قلة الموارد المالية. كما أن التعاون مع مختبرات ومجموعات بحثية أجنبية خصوصا تلك التي يعمل فيها باحثون عرب قد يعوض النقص في التجهيزات المخبرية.

  • ما التخصصات التي تعتقد أنه على الباحثين دراستها؟

ليست هناك تخصصات أفضل من أخرى في البحث العلمي بالمعنى المطلق. لأنه برأيي على كل باحث شغوف بالبحث العلمي سيبدع في المجال الذي يحبه.

لكن إذا أخذنا بعين الاعتبار أن أغلب الباحثين ليست لهم موارد مالية مستقرة ويبحثون عن وظيفة مستقرة، فيصبح من الأهمية بمكان التخصص في شعب علمية لها تطبيقات صناعية أو عملية أو ذات أولوية في بلادنا، لأن ذلك يجعل إمكانية حصولنا على وظيفة وإمكانية الحصول على منح وتمويلات مشاريع أكبر بكثير.

وإذا كان من الضروري ذكر بعض الأمثلة فأعتقد أن مجالات الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة والأتمتة والطاقات المتجددة وخاصة الهيدروجين الأخضر وإدارة المياه وتحلية المياه ومعالجتها والتطبيقات الزراعية واستخدامات الاستشعار الفضائي والبيولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو والكيمياء العضوية وغير العضوية وخاصة المرتبطة بالأنشطة الصناعية، كلها شعب يجب أن تكون ذات أولوية.

هناك منح وتدريبات بحثية كثيرة من جهات مختلفة من جامعات وبرامج إقليمية ودولية (الجزيرة)
  • برأيك، ما أهم المنح الجامعية والتدريبات التي يمكن أن يستفيد منها الباحث العربي؟

هناك منح وتدريبات بحثية كثيرة من جهات مختلفة من جامعات وبرامج إقليمية ودولية وأخرى ترعاها مؤسسات مانحة كالبنك الإسلامي للتنمية على سبيل المثال.

هناك أيضا تلك التي تكون ثمرة تعاون ثنائي أو دولي بين الجامعات والمختبرات، فضلا عن منح والمشاريع الممولة كالمشاريع الأوروبية أفق 2020 والبرنامج الأورومتوسطي.

وهناك مشاريع ممولة محليا في دولة ما وتحتاج فيها مجموعة بحثية ما إلى باحث دكتوراه أو ما بعد الدكتوراه للعمل عليها فتنشر إعلانا بذلك.

لهذا كله من الضروري أن يكون الباحث العربي على اطلاع بالبرامج الدولية، وأن يقوي مؤهلاته في التشبيك ومطالعة أهم المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي خاصة لينكدإن (LinkedIn) وتويتر (Twitter) وفيسيوك (Facebook) حيث يتم نشر تلك الإعلانات الهامة، فضلا عن النشرات الدورية لبعض الشبكات والمؤسسات الدولية.

هناك أيضا أكاديميات عالمية معروفة تشجع الباحثين من الدول النامية والدول العربية كالأكاديمية العالمية للشباب "جي واي إيه" (GYA)، وأكاديمية العالم الثالث للعلوم "تواس" (TWAS) والأكاديمية العربية الألمانية للعلماء الشباب، وأكاديمية العالم الإسلامي للعلوم وغيرها من الأكاديميات التي من شأن انتساب الباحث العربي لها أن تفتح له أبوابا كثيرة من منح ومشاركات في مؤتمرات ولقاءات دولية ودورات تدريبية وغيرها.

كما أن المشاركة في مؤتمر حدود العلوم الأميركية العربية الذي تنظمه المؤسسة الوطنية الأميركية للعلوم، يفتح المجال لتشبيك في غاية الأهمية مع الباحثين الأميركيين، ويمنح فرص تدريبات علمية في الولايات المتحدة.

منظمة العلماء العرب الشباب ما فتئت تكبر ويزداد عدد أعضائها يوما بعد يوم (مواقع التواصل الاجتماعي)
  • الكثير من الباحثين يرون أن جامعات الخليج العربي أحرزت تقدما كبيرا، هل هذه الجامعات تقدم منحا أو مساعدات؟

هناك جامعات خليجية حققت الكثير من الإنجازات في السنوات الأخيرة، ولا أدل على ذلك من حصولها على مراكز متقدمة في ترتيب أفضل الجامعات العربية، مثلا جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية في المملكة العربية السعودية على سبيل المثال لا الحصر.

هذه الجامعة تقدم منحا وفرصا تمويلية عادة للباحثين المتميزين في مجالات تقنية معينة، وتحذو حذوها مجموعة من الجامعات الخليجية في قطر والإمارات العربية المتحدة.

نأمل أن نستطيع تنظيم مؤتمر يعرض فيه أفضل الباحثين والعلماء العرب بحوثهم للقطاع الصناعي وأصحاب القرار (الجزيرة)
  • هل لديكم مشاريع مستقبلية تفكرون في إنجازها داخل المنظمة؟

منظمة العلماء العرب الشباب ما فتئت تكبر ويزداد عدد أعضائها يوما بعد يوم وقد تجاوزنا سقف 20 ألف عضو، ونأمل أن نستطيع تنظيم مؤتمر كبير يعرض فيه أفضل الباحثين والعلماء العرب بحوثهم للقطاع الصناعي وأصحاب القرار، لكن لهذا الغرض سنحتاج لدعم مادي ومؤسساتي نأمل أن نحصل عليه.

كما نأمل أن يكون لنا أعضاء نشطون أكثر يستطيعون المساعدة وحمل المشعل لتعويض الجيل المؤسس. وطموحنا أيضا أن نستمر في التسويق والمساعدة في تبني دبلوماسية العلوم من طرف حكوماتنا العربية.

  • أنتم منظمة غير حكومية، هل تربطكم علاقات مع الحكومات العربية (طبعا في مجال البحث العلمي) أو مع المنظمات غير الحكومية مثل أكاديمية العالم الإسلامي للعلوم؟

لا تربطنا علاقات مباشرة مع الحكومات العربية لأننا منظمة مستقلة، لكننا نتعاون مع جهات حكومية من حين لآخر، مثلا عندما ننظم مؤتمرا علميا في دولة عربية ما فمن الطبيعي أن ننسق مع الجهات الحكومية هناك المكلفة بالبحث العلمي أو مجال المؤتمر سواء كانت وزارة مياه أو طاقة أو فلاحة وغيرها.

بالمقابل تجمعنا علاقات ودية وعلاقات تعاون وطيد على سبيل المثال لا الحصر مع أكاديمية العالم الإسلامي للعلوم، والأكاديمية العالمية للشباب، وأكاديمية العالم الثالث للعلوم، والجمعية الملكية الأردنية، وجامعة محمد السادس الدولية، وجمعية تطوير العلوم والتكنولوجيا في العالم العربي، وجمعية إراسموس موندوس في المغرب الكبير، وجمعيات الباحثين الشباب المغاربة، والباحثين الشباب في البيولوجيا في تونس وغيرها.

المصدر : الجزيرة