التكسير الهيدروليكي لاستخراج النفط يثير نوعا جديدا من الزلازل لم نعرفه من قبل

يتساءل المهتمون بمستقبل الأرض عن لزوم التكسير الهيدروليكي من الأساس، وإمكانية تأمين بدائل فعالة تساعدنا على التخلص من الوقود الأحفوري الذي يقودنا إلى نهاية كارثية.

تتسبب العمليات المرافقة لاستخراج النفط في حدوث زلازل جديدة هجينة (غيتي إيميجز)

قام فريق بحثي كندي ألماني بتوثيق نوع جديد من الزلازل في البيئة المحيطة بآبار التكسير الهيدروليكي لاستخراج النفط والغاز في كولومبيا البريطانية. وعلى عكس الزلازل التقليدية من نفس الشدة، فقد وصفت تلك الزلازل بأنها أبطأ وتستمر فترة أطول.

وذكرت دراسة نشرت بدورية نيتشر كوميونيكيشن Nature Communications أن تلك الهزات الأرضية المكتشفة حديثا تعتبر نوعا جديدا من الزلازل التي تنتج عن عملية التكسير الهيدروليكي المستخدمة لاستخراج النفط والغاز غرب كندا.

الباحثون يتخوفون من أن تتسبب عمليات التنقيب عن النفط والغاز بحدوث زلازل ملحوظة الشدة (غيتي إيميجز)

عملية التكسير الهيدروليكي

تستخدم عملية التكسير الهيدروليكي، وتسمى أحيانا "التصديع المائي" (fracking) في صناعة النفط والغاز، ويتم فيها ضخ سوائل مضغوطة في بئر محفورة لإنشاء كسور صغيرة بالصخور الجوفية التي يتعذر الوصول إليها، وهو ما يساعد على تدفق النفط إلى البئر بسهولة أكبر.

ومع وجود شبكة من 8 محطات رصد زلزالية على مسافة كيلومترات قليلة من بئر غاز نشط في كولومبيا البريطانية بكندا، سجل باحثون من هيئة المسح الجيولوجي بكندا Geological Survey of Canada وجامعة رور- بوخوم (Ruhr-Universität Bochum) بألمانيا وجامعة ماكغيل University McGill في مونتريال في كندا بيانات زلزالية لما يقرب من 350 زلزالا.

وحسبما ورد في البيان الصحفي لجامعة ماكغيل الصادر في 6 ديسمبر/كانون الأول الجاري، فقد تبين أن حوالي 10% من الزلازل الموجودة تظهر سمات فريدة تشير إلى أن الفوالق الزلزالية المترافقة معها تتشكل ببطء على غرار ما لوحظ سابقا في المناطق البركانية بشكل رئيس.

الزلازل البطيئة المكتشفة مؤخرا شكل وسيط ما بين الزلازل التقليدية والانزلاق الزلزالي (غيتي إيميجز)

كل الزلازل لا تنتشر بنفس المعدل

وحسبما جاء في تقرير عن الدراسة، نشر على موقع "ساينس ألرت" (Science Alert) فإن فريق البحث يعرف تلك الزلازل البطيئة المكتشفة مؤخرا على أنها شكل وسيط من الزلازل التقليدية والانزلاق الزلزالي، وبالتالي يمكن اعتبارها دليلا غير مباشر على أن الانزلاق الزلزالي يمكن أن يحدث أيضا بالقرب من الآبار.

هذا، وقد أطلق الباحثون على تلك الأحداث اسم الزلازل الموجية ذات التردد الهجين (EHW).

وتوضح ريبيكا هارينغتون عالمة الزلازل من جامعة رور- بوخوم في البيان الصحفي "افترضنا أن الزلازل المستحثة تشبه معظم الزلازل الأخرى المعروفة لدينا، وأن لها نفس سرعة تشكل الصدع تقريبا والتي تقدر بكيلومترين إلى 3 كيلومترات في الثانية".

ولكن لاحظ الباحثون أن الزلازل الهجينة مختلفة، حيث يتلاشى زلزال تقليدي قوته 1.5 درجة بعد حوالي 7 ثوان، في حين استمر الزلزال الموجي ذو التردد الهجين بنفس القوة في الاهتزاز لأكثر من 10 ثوان.

ورغم تلك الشدة الضعيفة نسبيا "حتى الآن" يتخوف الباحثون من إمكانية أن يتسبب التكسير الهيدروليكي بحدوث زلازل أشد، حيث وقع أكبر زلزال ناتج عن التكسير بالصين عام 2018 وبلغت شدته 5.7 درجات، وبهذا فهو يمتلك نفس شدة الزلزال الذي وقع بشكل طبيعي في باكستان عام 2021 وتسبب بموت 20 شخصا.

نظريات حول أصول الزلازل

وقد وثقت العديد من الدراسات السابقة حدوث الزلازل نتيجة عملية التكسير الهيدروليكي وفق آليتين. تنص الأولى على أن السائل الذي يتم ضخه بالصخر الجوفي العميق يولد زيادة كبيرة في الضغط تكفي لتوليد شبكة جديدة من الكسور بالصخور تحت السطحية بالقرب من البئر. ونتيجة لذلك، يمكن أن تكون زيادة الضغط كبيرة بما يكفي لإحداث زلزال.

وتنص الآلية الثانية على أن زيادة ضغط السائل الناتج عن الحقن في باطن الأرض تؤدي أيضا لتغيرات بقوى الضغط على الصخور المحيطة والتي يمكن أن تنتقل عبر مسافات أطول من خلال سطوح التماس بين الصخور. وبالتالي، عند حدوث تغير في الضغط على الصخور الموجودة بمنطقة الصدع أو الفالق الزلزالي، يمكن أن يتسبب أيضا بحدوث انزلاق صدعي وزلزال.

ووفقا للنماذج الحاسوبية والتحليلات المعملية، تبدأ العملية التي يطلق عليها "الانزلاق الزلزالي" على شكل انزلاق صخري بطيء لا يطلق أي طاقة زلزالية. ويمكن أن يتسبب هذا الانزلاق البطيء أيضا في تغيير الضغط على الصدوع القريبة مما يؤدي إلى انزلاقها بسرعة، مما يؤدي إلى حدوث زلزال.

ورغم اقتناع بعض العلماء أن الفهم الأفضل للزلازل التي يسببها التكسير سيساعد على إدارة المخاطر المرتبطة بها والتخفيف منها، يتساءل آخرون من المهتمين بمستقبل الأرض عن لزوم عملية التكسير من الأساس وإمكانية تأمين بدائل فعالة تساعدنا على التخلص من الوقود الأحفوري الذي يقودنا حتميا إلى نهاية كارثية.

المصدر : ساينس ألرت + مواقع إلكترونية