قضايا الساعة

مستقبل العلاقات السعودية الأميركية

آخر تطورات العلاقة بين السعودية وأميركا، الحملة الإعلامية الأميركية ومدى قابلية العلاقة للاستمرار، الموقف السعودي من ضرب العراق والقضية الفلسطينية، تجدد الحملة الإعلامية الأميركية ضد المملكة العربية السعودية.

مقدم الحلقة:

مالك التريكي

ضيف الحلقة:

يوسف إبراهيم: مدير أبحاث مجلس الشرق الأوسط نيويورك

تاريخ الحلقة:

15/08/2002

– آخر تطورات العلاقة بين السعودية وأميركا
– الحملة الإعلامية الأميركية ومدى قابلية العلاقة للاستمرار

– الموقف السعودي من ضرب العراق والقضية الفلسطينية


undefinedمالك التريكي: تجدد الحملة الإعلامية الأميركية ضد المملكة العربية السعودية، تساؤلات حول مستقبل العلاقات بين واشنطن والرياض في ضوء ما يبدو من استيلاء المحافظين الجدد على السياسة الخارجية لإدارة الرئيس (بوش).

أهلاً بكم، في أعقاب نهاية حرب الخليج الأولى في أواخر الثمانينيات تكاثرت الانتقادات في وسائل الإعلام الأميركية ضد النظام العراقي إلى حد أزعج بغداد وحملها على أن تفاتح في الأمر وفداً أميركيا زائراً برئاسة السيناتور (بوب دول)، من رئيس الوفد (بوب دول) إلا أن أكد للمسؤولين العراقيين أن هذه الانتقادات لا تعبر عن الموقف الرسمي في واشنطن، وطمأنهم على متانة العلاقات الأميركية العراقية، طبعاً لقد توالت القصة بعد ذلك فصولاً معروفة، لعل الأشهر المقبلة تشهد نهاية فصلها الأخير.

أما الآن فإنه يبدو أن السيناريو يتكرر، ولكن مع السعودية، حيث يتلقى المسؤولين السعوديون اتصالات هاتفية من المسؤولين الأميركيين لطمأنتهم على متانة العلاقات الثنائية، وللتأكيد لهم بأن الانتقادات المتزايدة الصادرة عن وسائل الإعلام ومراكز البحوث الأميركية لا تعبر عن الموقف الرسمي في واشنطن، وقد أصبح من المعروف الآن أن الانتقادات الأميركية ضد السعودية قد تزايدت منذ الحادي عشر من سبتمبر في المؤسسات الأكاديمية ووسائل الإعلام وحتى في رسائل القراء بأن الشعور الذي أصبح سائداً لدى الأميركيين هو أن الحليف السعودي قد خذلهم، وكذلك إلى حد أن استطلاعات الرأي العام أظهرت أن الأميركيين لم يعودوا يعرفون الجواب على هذا السؤال، هل السعودية بلد حليف لأميركا أم عدو؟

إلا أن من بين مؤسسات البحث التي يبدو أنها تعرف الجواب مؤسسة (راند) الشهيرة التي قدم أحد باحثيها أوائل الشهر الماضي دراسة أمام مجلس السياسات الدفاعية وهو هيئة استشارية لدى وزارة الدفاع البنتاجون تصف السعودية بأنها عدو للولايات المتحدة، إذ تزعم هذه الدراسة أن السعوديين ينشطون على كل صعيد من أصعدة أعمال الإرهاب، من التخطيط إلى التمويل ومن العمل القاعدي التنفيذي إلى التنظير الأيديولوجي.

الدراسة أوصت بأن يوجه المسؤولون الأميركيون إلى المسؤولين سعوديين إنذاراً نهائياً، إما أن توقفوا دعم الإرهاب وإلا فإننا سوف نستولي على حقولكم النفطية وأرصدتكم.. وأرصدتكم المالية المودعة في مصارفنا، ورغم أن هذه الدراسة لا تعبر بضرورة عن موقف الإدارة الأميركية، فإنها تشير بالتأكيد إلى تغيير في المزاج العام في واشنطن إزاء السعودية، كما أنها تثير تساؤلات وشبهات عديدة لا سيما أنه لم يعد يعرف من الذي يحكم أو يتحكم فعلاً داخل هذه الإدارة الأميركية.


آخر تطورات العلاقة بين السعودية وأميركا

ياسر أبو النصر يرصد آخر التطورات في العلاقة بين واشنطن والرياض في ضوء إصرار إدارة بوش على إلزام السعودية بدور فاعل في الحرب القائمة ضد الإرهاب، والحرب القادمة ضد العراق.

تقرير/ ياسر أبو النصر: فصل جديد من الإضطراب على مسرح العلاقات الأميركية السعودية، المتوتر أصلاً منذ الحادي عشر من سبتمبر، الزمان العاشر من يوليو الماضي، المكان وزارة الدفاع الأميركية البنتاجون، المناسبة تجمع 24 من أبرز المفكرين والسياسيين الإستراتيجيين الأميركيين دعاهم مجلس السياسية الدفاعية للاستماع إلى تقرير حول الشرق الأوسط، أما عقدة الرواية وصدمتها في ما انتهى إليه ذلك التقرير من أن السعودية هي بؤرة الشرور والعدو الأول لواشنطن في المنطقة.

بعض تفاصيل التقرير التي وجدت طريقها إلى صحيفة "الواشنطن بوست" عكست حالة من التصعيد غير المسبوق في نغمة الهجوم الأميركي على السعودية، بالتركيز على ما اعتبر دعماً سعودياً متعدد الأوجه للجماعات الإسلامية المتطرفة التي تفرخ الإرهاب، وبلغ ذلك التصعيد ذروته باقتراح توجيه إنذار نهائي للرياض لكي تتوقف عن ذلك، وإلا واجهت تجميد أرصدتها لدى الولايات المتحدة واستيلاء القوات الأميركية على حقول النفط السعودية في المنطقة الشرقية.

الجميع سارع بالتبرؤ من التقرير، وأولهم الرسميون الأميركيون الذين أكدوا على متانة علاقات الجانبيين، وبادر وزير الدفاع (دونالد رامسفيلد) بإظهار أستياءه من محتوي التقرير في اتصالات خاصة مع المسؤولين السعوديين، بينما أوضح معهد (راند) الذي ينتمي إليه صاحب التقرير (لوران مورافييك) بأنه هو لا يعبر سوى عن رؤية صاحبة ، لكن العالمين ببواطن الأمور في الإدارة الأميركية يعلمون أن (مورافييك) لا يعبر عن نفسه بقدر ما يعكس توجه جماعة المحافظين الجدد النافذة في كواليس صناعة القرار الأميركي، تلك الجماعة التي يتقدم صفوفها (ديك تشيني) نائب الرئيس الأميركي في التعبير عن السياسة الإسرائيلية والحرص على مصالحها، (ريتشارد بيرل) رئيس مركز السياسة الدفاعية تلك الهيئة الاستشارية الملحقة بالبنتاجون والتي تبنت عرض التقرير، بوصف بأنه عراب تلك المجموعة في البنتاجون، شخصية محافظة معروفة بتأييدها المتشدد لإسرائيل إلى حد توجيه اتهامات له في السبعينات بالعمالة لتل أبيب لم تجد من ما يساندها من الأدلة المادية، وكان أحد صناع القرار في عهد (ريجان) ، قبل أن يعود حالياً إلى دوائر القرار من بوابة البنتاجون.

أما الباحث لوران مورافييك صاحب التقرير الذي ضرب حوله حصار إعلامي كامل بمجرد تسرب أنباء التقرير، فيشير قدر المعلومات المتاح أنه ينحدر من أسرة يهودية بولندية هاجرت إلى فرنسا في الخمسينات، تزوج من يهوديه أميركية في الثمانينات، مما أتاح له الحصول على الجنسية الأميركية، والتحق بمعهد (راند) في التسعينات بدعم من منظمة (بني برس) اليهودية الأميركية، حسبما ذكر تقرير السعودية، هؤلاء هم من وصفهم وزير الخارجية السعودي بمخربي العلاقات الدولية.

الأمير/ سعود الفيصل (وزير الخارجية السعودي): هل يمكن تصديق أن تتحول السعودية فجأة بعد أن كانت حليفاً وثيقاً قبل 10 سنوات وحتى قبل 4 سنوات إلى بؤرة تنشر الشر نحن ندرك أننا نحارب الشيوعية والإرهاب، ونعمل بدون كلل مع الولايات المتحدة في هذا الصدد.

ياسر أبو النصر: الرد السعودي المضاد سواء بشقه الرسمي أو الإعلامي دار في تلك سببين أرجع إليهما الهجمة:

معارضة الرياض ضرب العراق، وإعلانها الإمتناع عن تقديم تسهيلات بإنجاز الضربة.

الموقف السعودي من السياسات الإسرائيلية واستمرار دعم الفلسطينيين مادياً

أما الهدف فهو دق الأساطين بين واشنطن وتيار العرب المعتدلين.

ولكن ثمة من يري أن هذه التفسيرات وإن صح بعضها تقف عند ظواهر الأمور، أما بواطنها فتطرح تساؤلات مهمة حول مدى صلاحية استمرار معادلة النفط مقابل الحماية التي حكمت العلاقة السعودية الأميركية لأكثر من 60 عاماً، السؤال تطرحه النخبة الأميركية المسكونة بهواجس المد الأصولي الذي تضع أطيافة في سلة واحدة، بدء من الثورة الإيرانية، وحتى الحادي عشر من سبتمبر، وهي تتوجس من تحولات تلقائية في هذا الاتجاه تتصور أن السعودية مرشحة لها.

بموازاة ذلك تروج الأفق السياسي السعودي أحاديث أتية من الغرب المحافظ تتعجل الرياض لاستباق ذلك بإجراء إصلاحات تسحب البساط من المؤسسة الدينية المتوحدة تقريباً مع المؤسسة السياسية.

وعلى غرار تقرير (مورا فييك) تهدد- تلميحاً- بفكرة التقسيم، وأحياناً تصريحاً بإيجاد (سايكس بيكو) جديدة تفتت السعودية إلى دولتين وربما ثلاث، تتحكم إحداهما بالنفط في المنطقة الشرقية تحت رعاية أميركية.

تقارير قد تبدو الآن في حكم الأحلام أو الكوابيس، ولكن في بعض الأحيان قد يتحول حلم اليوم إلى جنين لواقع الغد.


الحملة الإعلامية الأميركية ومدى قابلية العلاقة للاستمرار

مالك التريكي: هنالك إذن تفسيرات عديدة لتجدد الحملة الإعلامية في الولايات المتحدة ضد السعودية إلا أنه يبقى أن أحد أهم التفسيرات إن لم يكن أهمها ، على الإطلاق هو التساؤلات حول مدى قابلية المعادلة القديمة للاستمرار، أي معادلة النفط السعودي مقابل الحماية الأميركية.

معنا الآن لبحث قضية العلاقات السعودية الأميركية (مدير أبحاث الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك) الأستاذ يوسف إبراهيم الذي سبق له أن عمل صحفياً مع اثنتين من أهم الجرائد الأميركية "وول ستريت جورنال" و"نيويورك تايمز".

أستاذ يوسف إبراهيم، هنالك عوامل ظرفية عديدة تفسر الحملة الإعلامية الأميركية الآن أو تجدد الحملة الإعلامية الأميركية ضد السعودية، سنستعرضها بعد قليل، لكن ألا يجدر التساؤلات عن مدى قابلية المعادلة القديمة معادلة النفط مقابل الحماية للاستمرار؟ علماً بأنها تعود إلى بدايات عهد الحرب البادرة؟

يوسف إبراهيم: أعتقد الموضوع كله مطروح للتساؤلات دلوقتي ومش من جانب، طرف واحد اللي هو الطرف الأميركي، ولكن هذا من جانب الطرف السعودي، ما فيش أي شك إنه فيه حملة موجهة من قبل وزارة الدفاع ومجموعة صغيرة في وزارة الدفاع، ذكرت أساميهم في مقدمة البرنامج من (ريتشارد بيرل)، و(ولفويتس). (لدونالد رامسفيلد)، (لباك فيس)، مصرة على قدح أو تدمير العلاقة مش بس ما بين المملكة العربية السعودية وأميركا ، ولكن في تقديري ما بين العالم العربي كله والولايات المتحدة الأميركية، وزي ما أنت عارف كان فيه كلام كتير، ومازال فيه كلام كثير يومياً في الجرائد على لماذا نحتاج النفط السعودي؟ هل نحتاج النفط السعودي وإنه النفط الروسي ممكن يكون بديل وإنه فيه بدائل أخري؟ ثم هناك حديث كثير على الإصرار على إصلاحات سياسية في السعودية وإصلاحات سياسية في السلطة الفلسطينية ، ثم إصلاحات سياسية في مصر وتغيير أنظمة في المنطقة، إذاً الحملة ما هياش مجرد حملة مركزة على السعودية، ولكن هذه الأيام التركيز على السعودية، ولكنها حملة الاتجاه.. التوجه الأساسي فيها هو نوع من الطلاق ما بين العالم العربي والولايات المتحدة.

مالك التريكي: أنت سبق لك أن كتبت في هذا الموضوع، وقلت إنه طلاق بين المصالح حتى بين المصالح ليس طلاق في القيم فقط وفي التصورات، بل حتى في المصالح ، ألا تعتقد أن المصالح النفطية لأميركا في منطقة الخليج لا تزال مهمة بدرجة لا تُقاس من أي.. من أي احتمالات اكتشاف نفط في أي منطقة أخري؟ يعني عملياً ألا.. ألا يعتبر الاعتماد الأميركي على النفط الخليجي الأساس في سياستها النفطية؟

يوسف إبراهيم: طبعاً، ولهذا أنا بقي لي أنا وخبراء ثانيين كثير، وناس.. وفيه مجموعة كبيرة من المواطنين الأميركيين بيتساءلوا هل هذا التفكير وهذه المغامرة يجب أن تُطرح لحوار وطني أوسع بكثير قوي من الحوار اللي إحنا مشتركين فيه، خلينا نبص على شوية وقائع، لأنه من يوم 11 سبتمبر فيه حاجات كثير اتغيرت في العالم، لكن فيه حاجة ما أتغيرتش وهو المكان اللي النفط موجود فيه، 70% من مخزون النفط موجود تحت أراضي دول عربية وشرق أوسطية وإسلامية، والدول الأساسية التي تملك هذا الاحتياطي هي المملكة العربية السعودية، وإيران ، والعراق، مضاف إليهم طبعاً الكويت والإمارات، ولكن الـ3 دول الأساسية همَّ اللي أنا ذكرتهم، إحنا في حالة خصام مع إيران ورئيس الجمهورية.. رئيس جمهوريتنا (جورج دابليو بوش) أعلن أن إيران جزء من محور الشر، إذاً ما فيش أي علاقة بينا وبين إيران، ثم الرئيس ومجموعة وزارة الدفاع اللي إحنا بنتكلم عليهم دول أعلنوا إن إحنا سنغير النظام في العراق، وسنهجم على العراق والتسريبات تقريباً دورية، أصبحت عملية شبه أسبوعية، كل أسبوع في تسريب لخطة جديدة كيف سنهجم على العراق، إذاً في حالة خصومة مع 2 من 3 دول يملكوا معظم النفط اللي في العالم، فالسؤال اللي أنا بأطرحه واللي بيطرحه عدد كبير من الأميركيين زيي مش بس الأميركيين العرب، لكن الأميركيين بما فيهم (برنت) (سكوت كروفت) النهارده، اللي هو كان مستشار الرئيس السابق (بوش الأب) ورئيس مجلس الأمن في حكومة بوش الأب في مقال في "الوول ستريت جورنال" –أقترح إنه تترجمه الصحافة العربية- هو هل من مصلحتنا إن إحنا نخاصم الدولة الرئيسية اللي كانت عماد النفط بالنسبة لنا؟ والأهم من كده اللي لعبت دور كبير قوي في تثبيت أسعار النفط وفي زيادة ضخ النفط لما حصلت حرب الكويت وغزو الكويت، واختفي من السوق حوالي 3 مليون برميل، وقبل كده لما جت الثورة الإيرانية، وآية الله.. روح الله الخوميني خفَّض الإنتاج الإيراني من 6 مليون إلى 3 مليون، دائماً المملكة العربية السعودية لجأت إليها الولايات المتحدة لتطلب منها أن تعوض هذا البترول، وفي كل مرة قامت السعودية بهذا، فهل من الحكمة إن إحنا ننقلب الآن على المملكة العربية السعودية؟ ربما الرد على هذا السؤال : أيوه، بس لازم نبحثه، ما نقدرش نعتمد على آراء 4 أو 5 أشخاص في وزارة الدفاع المعروف عنهم أنهم من.. من أشد المؤيدين لليمين المتطرف الجديد اللي هو أصبح قوة لا يمكن تجاهلها في الولايات المتحدة، وبعضهم أيضاً من أشد المؤيدين للوبي الموالي لإسرائيل، إذاً عندنا طرفين..

مالك التريكي [مقاطعاً]: الأمر المخيف.. عفواً على المقاطعة .. عفواً على المقاطعة أستاذ إبراهيم عفواً على المقاطعة.

يوسف إبراهيم: اتفضل.. اتفضل.

مالك التريكي: الأمر المخيف أن هذه المجموعة من اليمنيين أو من المحافظين الجدد الذين ربما بدءوا يستولون على قطاعات واسعة من السياسة الخارجية الأميركية، هم حددوا تقريباً معظم خطوط السياسة الأميركية الرسمية تجاه العراق، يعني (ريتشارد بيرل) كان له الدور الأكبر في تحديد السياسة الرسمية تجاه العراق، ما يثير المخاوف الآن أنه ربما.. ربما بفعل التراكم الزمني يكون له دور كبير أيضاً في تحديد السياسة الأميركية تجاه السعودية في المرحلة القادمة.

يوسف إبراهيم: على كل حال الموضوع ماهواش بهذا البساطة، أنا اللي بيسبب لي قلق أكثر من الكلام اللي أنت قلته هو غياب المؤسسات الأميركية الأخرى، إحنا هذا البلد دولة قانون.. بتعتمد على القانون ودولة مؤسسات حقيقية مش بالأسلوب اللي إحنا بنسمعه في دول جمهوريات الموز اللي هي المؤسسات الميكي ماوس ، هنا فيه مؤسسات حقيقية لا تشترك ولم يُسمح لها بعض الاشتراك.. بعد الاشتراك في هذا الحوار، مثلاً: أين وزارة الخارجية الأميركية؟ دي مؤسسة مهمة جداً أُخرجت من هذا الحوار، بل الوضع أخطر من هذا، أين البيت الأبيض؟ يعني أنا أعتقد ما هواش سر إنه الرئيس جورج دابليو بوش الابن مُعرَّض الآن لانتقاد شديد وقاسي من قبل أجزاء كبيرة من الصحافة والإعلام الأميركي بأنه إنسان أقل ما يُقال عنه إنه غايب عن القيادة ولا يمارس قيادة السياسة الأميركية، ففي هذا الفراغ اللي موجود، اتخاذ قرار خطير جداً قد يقلب أوضاع الاستراتيجية كلها في المنطقة ويعتمد على سيناريو وردي قد لا يتحقق إطلاقاً إن إحنا هنخش في العراق، إلى مركز لإشعاع الديمقراطية في المنطقة، ثم بعد كده هنمر على تغيير النظام أو تغيير أسلوب الحكم في إيران، وبعد كده هنغير الحكم في السعودية، وبعد كده هنغير الحكم في السلطة الفلسطينية، وكل ده هنعمله لوحدنا، لأنه جميع أنحاء العالم.. في جميع أنحاء العالم لا يوجد دولة تؤيد هذا الخط ما عدا (توني بلير) رئيس وزراء بريطانيا، بينما إحصاءات الرأي العام في بريطانيا بتقول إنه كل 2 من 3 مواطنين بريطانيين بيعارضوا تماماً فكرة الدخول في حرب العراق، إذاً بريطانيا في نهاية الأمر لن تشترك في هذه، هل نستطيع نحن كدولة أميركا أن نقوم بهذه المغامرة وحدنا؟ وهل من الحكمة أن نقوم بهذه المغامرة وحدنا؟ ومين يضمن إن النتيجة هتكون النتيجة الوردية اللي إحنا بنتكلم عليها دي.

مالك التريكي: أستاذ يوسف إبراهيم.. أستاذ يوسف إبراهيم، ستدخل في تفاصيل.

يوسف إبراهيم: ثم من يضمن المنطقة كلها مش هتنفجر.

مالك التريكي: سندخل في تفاصيل الموقف السعودي من العراق ومن القضية الفلسطينية في الجزء الثاني من البرنامج فأبق معنا فللحوار بقية.

بعد الفاصل نظرة في الترابط بين الحملة الأميركية المناهضة للسعودية وبين الموقف السعودي من القضية الفلسطينية، ومن الحرب القائمة ضد الإرهاب، والحرب القادمة ضد العراق.

[فاصل إعلاني]


الموقف السعودي من ضرب العراق والقضية الفلسطينية

مالك التريكي: ربما كانت الحملة المناهضة للسعودية مرشحة لأن تهدأ لو كان موقف الرياض من الحرب ضد العراق أكثر مجاراة للموقف الأميركي، إلا أن السعودية أكدت مراراً معارضتها لأي هجوم عسكري ضد العراق، وأوضحت أن أي تغيير لن يحظى بالشرعية لدى الرأي العام العربي إلا إذا تم من الداخل، أستاذ يوسف إبراهيم، السعودية أعلنت قبل أشهر أنها تعارضت أي.. أي هجوم عسكري ضد العراق، ولكن بعض المسؤولين السعوديين أو المسؤولين السابقين أعربوا عن استعداد السعودية للتعاون إذا كانت تتعلق بتغيير سلمي للنظام داخل العراق، تغيير يؤيده الشعب العراقي، إن كانت المسألة بالنسبة للإدارة الأميركية أو لدوائر صنع القرار في أميركا هو تغيير النظام، أليس هذا هو جوهر التعاون إن لم تكن.. إن.. إن كانت المسألة هي إحداث تغيير في نظام العراق، وليس شن حرب على العراق، أليس هذا أقصى ما يمكن أن تقدمه السعودية من تعاون؟

يوسف إبراهيم: أخي مالك، أنا ما أقدرش أتكلم باسم السعودية طبعاً، لكن من وجهة نظري.. يعني خبير في المنطقة، و.. وصداقتي مع عدد كبير من المسؤولين السعوديين، والعالم العربي عموماً، وبعدين برضو من وجهة نظري الشخصية أنا أعتقد أنا لا أؤيد هذا النظام في العراق وأعتقد أن هذا النظام الذي يرأسه الرئيس صدام حسين جلب عدد كبير من المصايب على العالم العربي وسبب لنا مآسي كثيرة من 11 سنة، إذن تغيير النظام في حد ذاته فهو نظام ديكتاتوري شيء أنا لا أعترض عليه، وأعتقد إنه معظم الأميركيين لا يعترضوا عليه، وبل أعتقد إنه معظم العالم العربي لا يعترض عليه، الرئيس صدام والقيادة العراقية نفسها لا تحظى بتأييد في العالم العربي، ولكن الشعب العراقي يحظى بتأييد شديد في العالم العربي، لأنه شعب عانى معاناة قاسية، والعقوبات الموقعة عليه عقوبات هدفها سياسي، وهي هدم العراق كحضارة، وهدم العراق كبلد مؤسس في الكتلة العربية، فخلينا نفرق ما بين الهدف، أيوه لو نقدر نلاقي خطة لتغيير سلمي في داخل العراق يغير هذه القيادة، الولايات المتحدة، وأعتقد أنه المملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن، وجميع.. كل الدول العربية، بل جميع دول العالم ستؤيد هذا..خلينا واضحين في الموضوع داهوت، أما إن احنا نخش في حرب تؤدي إلى هدم مزيد من البنية التحتية للعراق، وتزيد من معاناة الشعب، بل قد.. قد تؤدي إلى حرب أهلية داخل العراق، وفوضي كاملة في المنطقة، ثم إلى يمكن إغلاق صادرات النفط كلها، وفوضى لا أول لها ولا آخر، دا موضوع آخر، وهذا شيء لا يمكن أن تقبله السعودية، اعتراض السعودية، واعتراض مصر واعتراض الأردن واعتراض العرب جميعاً ليس على تغيير النظام، ولكن.. أيه هي الخطة؟ هنغير النظام دا إزاي؟ وبعد ما نغير النظام هيحصل إيه؟ ثم ما تنساش إنه الكلام اللي بيتقال في أميركا دلوقتي هو غزو العراق، إذن دي سابقة خطيرة جداً، الولايات المتحدة ليست لها سوابق أمبريالية، والسابقة الوحيدة في فيتنام فشلت، وُهزمت الولايات المتحدة هناك، واضطرت من الخروج في فيتنام.

بلدنا الولايات المتحدة قامت على أساس الخلاص من الاحتلال البريطاني، وإحنا في الستينات والخمسينات أيام (كنيدي) و(أيزنهاور) وقفنا ضد احتلال مصر مثلاً في العدوان الثلاثي بتاع 56، وكنيدي كان من الناس المؤيدين لإنهاء الاحتلال البريطاني والفرنسي في منطقة الشرق الأوسط ، فكيف نتحول من هذا إلى دولة..

مالك التريكي: في ذلك الوقت.. أستاذ.. أستاذ يوسف إبراهيم.

يوسف إبراهيم: أيوه يا مالك.

مالك التريكي: في ذلك الوقت كان التحالف الأميركي السعودي واضح جداً، طبعاً وكانت.. كانت جو الحرب الباردة يساعد على هذا الوضوح، من القضايا الأخرى التي هي موضع خلاف بين واشنطن والرياض الآن، حتى مسألة القضية الفلسطينية، إذ رغم أن السعودية أطلقت مبادرة لا سابقة لها، وهي المبادرة التي تبنتها الجامعة العربية، مبادرة السلام الشامل مع إسرائيل، فإن حتى هذه المبادرة التي كانت يُفترض أنها ستفتح باب واشنطن على مصراعيه لكل الدول العربية، حتى هذه المبادرة هي موضوع انتقاد الآن، لأن الدوائر المحافظين الجدد واليمينيين الصهيونيين يعتقدون أنها غير جادة، لأنها لم تقترن ببادرة عملية مثل زيارة تل أبيب، حتى رئيس إسرائيل قال هذا الكلام أخيراً في مقابلة مع (الجزيرة) يعني هذه المبادرة نفسها أصبحت ضد السعودية نوعاً ما في الدعاية الأميركية.

يوسف إبراهيم: أنت عارف مالك لما تلعب كورة، وعمال بتجري بالكورة، ومتجه إلى الهدف، وكل شويه يمسكوا الجول ويبعدوه عنك كيلو متر عمرك ما هتوصل ، دا اللي حاصل بالضبط في أميركا دلوقتي، بس خليني أخلي.. أخلص النقطة اللي كنت بأقولها قبل كده، لا يمكن التقليل من خطورة فكرة أن يخش.. أن.. يدخل الجيش الأميركي عاصمة عربية ويحتلها.

طبعاً المسألة الفلسطينية الإسرائيلية هي الفيل الكبير في الأوضة اللي إحنا قاعدين فيها، وكل الناس عمالة تتفرج على الفيل دا هو، وماحدش قادر يتكلم عليه خالص، يعني في كل الحوار اللي.. عن العراق، كلمه تسوية الأزمة ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين لا تطرح، كأن هذه قضية ودي قضية أخرى، الاعتراض العربي الأساسي على تحرك ضد العراق هو إنه يجد حل المشكلة الفلسطينية الإسرائيلية في الأول، وهذه الإدارة ليست جادة في هذا الحل، بل مش ليست جادة وبس، أنها نقضت كذا وعد، أنت تذكر كويس أن رئيس.. رئيسنا (جورج دبليو بوش) تحدث منذ شهور عن دولة فلسطينية، وبعدها بشهر قال إنه مش عايز يكلم الرئيس ياسر عرفات، فدا Already عندك تناقض هنا هو إنك أنت الشخص المنتخب بصرف النظر عن رأينا في ياسر عرفات، أنا قد لا أوافق على أسلوب ياسر عرفات دا موضوع تاني، إنما ياسر عرفات منتخب، وهو رئيس الشعب الفلسطيني، ويمكن يُنتخب مرة ثانية، فما تقدرش تقول مش هأكلم ياسر عرفات، وفي نفس الوقت عاوز أعمل دولة فلسطينية، ما تقدرش تدي غطاء للحكومة.. حكومة إسرائيل الشارونية، اللي هي متطرفة في إعادة احتلال الضفة، ثم.. وثم تطلب من شارون أن ينسحب من الضفة، ويرفض هذا القرار، ولا تعود إلى هذا الطلب مرة ثانية، بينما تطالب بإصلاحات فلسطينية قبل ما تبتدي المحادثات إحنا الولايات المتحدة توسطنا في السلم ما بين مصر وإسرائيل ، (كارتر) لعب دور كبير قوي في هذا السلم، هل طلبنا مصر.. من..طلبنا من مصر إنها تتحول إلى ديمقراطية قبل ما تبني هذا السلام ؟ طبعاً لأ، توسطنا أيضاً في السلام ما بين الأردن وإسرائيل، هل طلبنا من الأردن إنها تتحول ديمقراطية قبل ما تعمل هذا..قبل ما تمضي العقد؟ اشمعنى دلوقتي بنطلب من.. من الفلسطينيين اللي هم ما عندهمش أي سلطة، لأن السلطة الوطنية لا.. لا يوجد شيء اسمه سلطة وطنية، السلطة الوطنية هُدمت ياسر عرفات شخص قاعد في أوضة معاه تليفون، والحاجة الوحيدة اللي..

مالك التريكي [مقاطعاً]: أستاذ يوسف إبراهيم، الوقت.. أستاذ يوسف إبراهيم، الوقت أدركنا.

يوسف إبراهيم: لو سمحت يا أخ مالك. آه، أوكي.

مالك التريكي: لأن.. لأن النقطة الأخيرة اللي.. أظن.

يوسف إبراهيم: لأ، يعني ياسر عرفات كل اللي يقدر يطلبه.. اتفضل.

مالك التريكي: هنالك نقطة تتعلق.. هنالك نقطة تتعلق بالتغييرات أيضاً في نفس السياق، التغييرات التي تطالب بها أميركا، تغيرات في السعودية نفسها، تغييرات تشمل حتى المناهج التعليمية.

يوسف إبراهيم: أيوه، ما أنا.. ما هو دا الموضوع اللي أنا باتكلم فيه.

مالك التريكي: نعم، وحتى السعودية أبدت مرونة في هذا.. في هذا الإطار.

يوسف إبراهيم: أيوه.

مالك التريكي: ربما أميركا لا تفهم خطورة هذا الموقف، و.. التناقض أو التفاوت بين المجتمع والدولة في هذا الإطار.

يوسف إبراهيم: شوف، التغيير في السياسات التعليمية حاجة من مصلحة العالم العربي، يعني ينظر فيها لمصلحة، إحنا ما فيش أي شك إنه مناهجنا التعليمية فيها مشاكل كتير، وفيها تأخر خطير، وكل الطبقة المتعلمة في العالم العربي تعلم هذا، يعني أنت إذا كنت بتبعت أولادك في المدرسة عارف كويس إن مستوى التعليم ما هواش المستوى اللي أنت بترغب فيه، فالإصلاحات دى إحنا لازم نعدلها.

ثانياً: التطرف الديني…

مالك التريكي [مقاطعاً]: أستاذ يوسف إبراهيم، أسف.. أسف على المقاطعة، أستاذ يوسف إبراهيم، آسف على المقاطعة، لقد أدركنا الوقت، أسف على المقاطعة.

أستاذ يوسف إبراهيم (مدير أبحاث الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك) لك جزيل الشكر.

وبهذا سيداتي سادتي تبلغ حلقة اليوم من (قضايا الساعة) تمامها، دمتم في أمان الله.