مخططات لاستبدالهم بمتدينين يهود.. في يوم الأرض هكذا يخوض بدو النقب صراعا مفتوحا مع إسرائيل

تشكل إقامة مستوطنات جديدة على حساب الأراضي العربية، من وجهة النظر الإسرائيلية، خطوة هامة في تعزيز الاستيطان بشرقي النقب خاصة، وبذلك يتم منع أي تواصل جغرافي ما بين قطاع غزة وجنوبي الضفة الغربية.

صورة 7 احتجاجات بالنقب رفضا لمخططات الاقتلاع والتهجير.
احتجاجات بالنقب رفضا لمخططات الاقتلاع والتهجير (الجزيرة)

القدس المحتلة- في الذكرى الـ 46 ليوم الأرض الذي يحيه الفلسطينيون في 30 مارس/آذار من كل عام، صادقت الحكومة الإسرائيلية على إقامة 12 مستوطنة جديدة في النقب جنوبا، في الوقت الذي تواصل رفضها الاعتراف بالقرى العربية هناك، وتخطط لتهجير سكانها الذين يعيشون فيها وعاش عليها أجدادهم قبل قيام الدولة العبرية.

ويهدف تجديد الاستيطان بالنقب إلى إقامة مدينة لليهود المتدينين باسم "كسيف"، وبلدة "نيتسانا" للأكاديميين ولمهندسي التقنيات "الهايتك"، بموجب خطة خاصة أعدتها وزيرة الداخلية الإسرائيلية إيليت شاكيد ووزير البناء والإسكان زئيف إلكين.

بالمقابل، يواصل البدو في النقب صراعا على الوجود لحماية أراضيهم ومساكنهم، ويتصدون للمخططات الإسرائيلية الهادفة إلى اقتلاعهم وترحيلهم من أراضيهم وقراهم تحت ذريعة "التطوير"، وفي الوقت الذي تقدم فيه حكومة الاحتلال التسهيلات والامتيازات والإعفاءات الضريبة لجذب اليهود للاستيطان في صحراء النقب.

تجريف لأراضي منطقة "نقع بئر السبع" التي تضم 6 قرى غير معترف بها إسرائيليا.
تجريف إسرائيلي لأراضي منطقة "نقع بئر السبع" التي تضم 6 قرى بدوية غير معترف بها إسرائيليا في النقب (الجزيرة)

أهمية النقب

يقطن صحراء النقب نحو 1.3 مليون نسمة، منهم 300 ألف عربي من البدو، ويشمل 40 بلدة منها 9 بدوية. وتمتد أراضي النقب من أسدود وبئر السبع وعسقلان حتى قطاع غزة وغور الأردن ووادي عرابة شمالا، وأم الرشراش عند خليج العقبة وشبه جزيرة سيناء جنوبا.

وعليه يكتسب النقب مكانة إستراتيجية ويعتبر حلقة وصل جغرافي وفيه شريان مواصلات بين قطاع غزة والضفة الغربية ومنطقة الأغوار. لكن الاستيطان فيه يمنع أي تواصل جغرافي بين هذه المناطق، ويحول دون إقامة دولة فلسطينية متصلة.

وتسيطر البلدات الإسرائيلية ومجالسها الإقليمية في النقب على 12 ألف كلم مربع، وهو ما يشكل 86% من مساحته. ولم يتبق للبلدات العربية المعترف بها وعددها 9 بلدات فقط إلا مساحة صغيرة لا تتعدى 150 ألف دونم.

وتبلغ مساحة صحراء النقب 14 ألفا و230 كيلومترا مربعا، وتشكل ما نسبته 68% من الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل في النكبة (1948)، والبالغة 20 ألفا و770 كيلومترا مربعا.

وقدرت مساحة الأرض التي كان يعيش عليها بدو النقب قبل النكبة بـ4 ملايين دونم، وفق قانون الأراضي العثماني عام 1858، والمرسوم البريطاني بشأن الأرض البور عام 1921.

وصادرت إسرائيل 2.8 مليون دونم من أراضيهم، وتخطط بهذه المرحلة عبر مشاريع "التحريش" إلى وضع اليد على 800 ألف دونم بذريعة أنها "أراضي دولة".

وترفض السلطات الإسرائيلية الاعتراف بمستندات (الطابو) التي تؤكد ملكية البدو لهذه الأراضي المستهدفة بالتهويد والاستيطان، وتسعى لحصرهم في مساحة 300 ألف دونم فقط.

وبلغ عدد بدو النقب قبل النكبة أكثر من 100 ألف نسمة، نزح غالبيتهم قسرا إلى قطاع غزة وسيناء والأردن، بينما بقي 11 ألف نسمة تم تجميعهم بمنطقة أسمتها إسرائيل "السياج" التي تضم 35 قرية غير معترف بها ويقطنها 150 ألف نسمة من أصل 300 ألف عربي يسكنون النقب.

منع التواصل بين الضفة وغزة

تشكل إقامة مستوطنات جديدة على حساب الأراضي العربية، من وجهة النظر الإسرائيلية، خطوة هامة في تعزيز الاستيطان وخاصة شرقي النقب، الذي يُعد حيزا له أهمية إستراتيجية، وبذلك يتم منع أي تواصل جغرافي ما بين قطاع غزة وجنوب الضفة الغربية.

واعتبرت الوزيرة شاكيد أن "إقامة مستوطنات جديدة بالنقب بمثابة المشروع الصهيوني بكامل مجده". وهو الموقف ذاته الذي عبر عنه الوزير إلكين قائلا إن "إقامة المستوطنات الجديدة في النقب هو حلم الاستيطان الصهيوني، وسيحرك السكان اليهود من منطقة تل أبيب ووسط البلاد إلى جنوبها، وسيعزز أمن السكان واقتصاد المنطقة".

للاستخدام الداخلي فقط - إحياء فعاليات الذكرى الـ46 ليوم الأرض في النقب.
إحياء فعاليات الذكرى الـ46 ليوم الأرض في النقب (الجزيرة)

الاستيطان بالتحريش

تحت ذريعة تعزيز الأمن والاقتصاد، تواصل السلطات الإسرائيلية منذ مطلع العام 2022 مخطط تجريف أراضي عشائر النقب وتحريشها (تحويلها إلى أحراش) تمهيدا لمصادرتها.

وتأتي أعمال التجريف التي ينفذها "الصندوق الدائم لإسرائيل" (كاكال)، بقرار من حكومة نفتالي بينيت، لأراضي منطقة "نقع بئر السبع" التي تضم 6 قرى غير معترف بها إسرائيليا.

ويخوض سكان "نقع السبع" بمستندات تعود للعهد العثماني وتؤكد ملكيتهم لعشرات آلاف الدونمات معركة التصدي لعمليات التجريف والتحريش وتدمير محاصيلهم الزراعية وملاحقة مواشيهم مما يسمى "الدوريات الخضراء" التي تمنعها من الرعي في الأراضي المفتوحة، بذريعة أنها "أراضي دولة" أو مناطق عسكرية مغلقة.

شيطنة المجتمع البدوي

وتوظف السلطات الإسرائيلية آليات جديدة عبر شيطنة وتشويه صورة المجتمع العربي البدوي في النقب، وتصويره على أنه مجتمع بدائي ومتخلف وعنيف لا يحترم القانون والنظام بغرض شيطنة نضاله على أرضه، وتحويل النضال المدني والخدماتي والحقوقي على الأرض والمسكن إلى قضية أمنية.

ويخوض البدو منذ بداية الألفية الثانية معركة قضائية في المحاكم الإسرائيلية التي لم تنجح بإثبات مزاعم تبعيتها للدولة، وأيضا لم تتمكن من دحض مستندات الطابو التي تؤكد ملكية البدو لـ800 ألف دونم في النقب.

وإلى جانب المسار القضائي، يبقى الحراك الجماهيري وإحياء المناسبات الوطنية كيوم الأرض، ومسيرات العودة في ذكرى النكبة ومعسكرات التواصل على مدار العام مع أهالي النقب، أقوى التحركات لتعزيز صمود البدو في قراهم رغم تكثيف أوامر الهدم الإسرائيلية والتجريف الدوري لأراضيهم وتدمير محاصيلهم الزراعية.

المصدر : الجزيرة