4 مناطق أوكرانية أخرى في قبضة الروس.. ما إستراتيجية أوكرانيا لمواجهة ذلك؟ وما السيناريوهات المتوقعة؟

Putin launches ceremony for 'accession' of Ukraine’s 4 regions to Russia
بوتين يتوسط قادة المناطق الأربع خلال احتفال بضمها إلى روسيا (الأناضول)

كييف- بعد 7 أشهر من حربها، وبغض النظر عن الرفض الأممي والدولي، تعلن روسيا ضم 4 مناطق جديدة إلى أراضيها (دونيتسك ولوغانسك وزاباروجيا وخيرسون)، بعد القرم الذي ضمته في 2014.

لا تخضع كل هذه المناطق الأربع لسيطرة القوات الروسية، بل تعتبر أسخن الجبهات على الإطلاق؛ مما يدخل الحرب منعطفا جديدا، يضع أوكرانيا -شاءت أم أبت- أمام واقع وتحديات إضافية، ويفرض عليها تبني إستراتيجيات جديدة للمرحلة المقبلة، المليئة بالاحتمالات.

وبحسب الإدارات العسكرية في مناطق أوكرانيا، تسيطر روسيا على 99% من منطقة لوغانسك، و57% من دونيتسك، و67% من زاباروجيا، و57% من منطقة خيرسون؛ مع سيطرة جزئية لا تتجاوز 4% على كل من منطقتي خاركيف شرقا وميكولايف جنوبا.

اشتعال الجبهات الأربع

أكبر الاحتمالات، بحسب مسؤولين وخبراء، اشتعال جبهات هذه المناطق أكثر، وزيادة روسيا من حجم وكم عمليات قصفها على مختلف المناطق والمدن الأوكرانية، لا سيما على "البنى التحتية الحيوية".

يقول الخبير العسكري ميخايلو جيروخوف إنه "لا خلاف على أن حرب روسيا تستهدف كل أوكرانيا، لا إقليم دونباس وحده كما أعلنوا (الروس) سابقا (الذي يضم منطقتي دونيتسك ولوغانسك)، ولا منطقتي خيرسون وزاباروجيا فقط".

ويرى الخبير أن جبهات هذه المناطق ستستعر حتما في وقت قريب، ولكن لصالح أوكرانيا، موضحا في حديث مع الجزيرة نت: "تحتاج القوات الروسية إلى وقت للتعبئة وإرسال القوات، وتحويل هذه المناطق إلى قواعد تمركز لقواتها، كما فعلت في القرم بعد 2014″، على حد رأيه.

وأضاف "الضم جاء ردا على عمليات التحرير السريعة والمفاجئة في منطقة خاركيف، والأخيرة مستمرة بزخم سيزداد قريبا في الشرق والجنوب، مع وصول المزيد من المساعدات العسكرية الغربية، مستغلة -حتما- فترة "ترتيب الصفوف" الروسية؛ إذا لم يقدم بوتين على خيار جنوني باستخدام الأسلحة النووية كما هدد".

توقف عمليات وبداية أخرى

وهنا يرى خبراء أن روسيا قد تعلن قريبا توقف الحرب، التي تسميها، حتى يومنا هذا، بـ"العملية الخاصة"، مع توقع إعلان عمليات أخرى.

في حديث مع الجزيرة نت، يقول الخبير العسكري في "المعهد الأوكراني للمستقبل"، والمستشار السابق لشؤون الأمن العسكري في البرلمان الأوكراني، إيفان ستوباك "على الأرجح ستعلن روسيا إطلاق عملية "تحرير" أو "ضد الإرهاب" للمناطق التي ضمتها، لطرد الأوكرانيين منها؛ وذلك للاستهلاك الداخلي، باستمرار حملات الدعاية والترويج والتبرير لما يحدث".

وأضاف "هذا لن يغير شيئا على الأرض، فالروس سيقاتلون كما كانوا يفعلون، وسيقصفون كل مكان قريب أو بعيد دون تغيير، أما القوات الأوكرانية فستستمر بضربهم وتحرير الأراضي".

Putin launches ceremony for 'accession' of Ukraine’s 4 regions to Russia
حشود تحمل الأعلام الروسية في الميدان الأحمر بموسكو بعد ضم 4 مناطق أوكرانية جديدة لموسكو (الأناضول)

إستراتيجية "تدويل الحرب"

وبالتوازي مع إصرارها على تحرير الأراضي بالقوة، ورفض التفاوض مع روسيا ما دام فلاديمير بوتين على رأسها، كما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يبدو أن أوكرانيا تسلك مسار وإستراتيجية "تدويل الحرب".

جاء ذلك جليا في أبرز وأول رد فعل أوكراني، حيث توجه الرئيس فولوديمير زيلينسكي، بطلب الانضمام العاجل إلى عضوية حلف شمال الأطلسي، وتنفيذ "وثيقة كييف للأمن" من قبل "الشركاء" الغربيين حتى يتم ذلك.

يرى المحلل السياسي فيكتور تاران أن "حرب أوكرانيا خرجت بحكم الواقع إلى العالمية، فالعالم كله تضرر منها، ومهدد بالكوارث بسببها، وهذا سيستمر إن لم يتدخل بقوة، خاصة إذا لجأ بوتين لخيار استخدام أسلحة الدمار الشامل، الأمر الذي حذرت منه واشنطن بالفعل، وتوعدت بالرد عليه".

ويضيف "بوتين -أصلا- يريد هذا، فهو يتجه بعد احتلال المناطق الأربع لاتهام حلفاء أوكرانيا باستهداف "أراضي بلاده" مباشرة، وبغض النظر عما إذا كان يحسن أو يسيء التقدير".

بناء الجيش وتثبيت الأقدام

وبالإضافة إلى ما سبق، يرى محللون أن على كييف اعتماد إستراتيجيات أخرى، منها، بحسب المحلل السياسي هينادي كوربان، إعادة بناء الجيش وتحديثه، وفق معايير حلف الناتو وإمكانياته العسكرية، مع بناء 3 خطوط دفاعية على كامل الحدود مع روسيا وبيلاروسيا والأراضي المحتلة.

ويضيف كوربان أيضا، في حديث للجزيرة نت "على البلاد ألا تمنح الهدوء والسكينة للروس والموالين لهم، وعليها أن تثبت الأقدام في الاتحاد الأوروبي كعضو وكشريك موثوق في معسكر الغرب، وإقناع الأخير والعالم بأهمية استمرار العقوبات وتشديدها أكثر على روسيا وحلفائها حتى النهاية".

خسائر كبيرة و"خطيرة"

في ظل السيناريوهات المتوقعة، يبقى الأكيد أن أوكرانيا مُنيت بخسارة كبيرة بعد أن فقدت السيطرة على مناطقها الأربع بعد القرم، التي تشكل نحو 20% من مساحة أراضيها.

إقليم دونباس (دونيتسك ولوغانسك) كان يؤمّن نحو 20% من الناتج المحلي (نحو 180 مليارا قبل احتلاله جزئيا في 2014، ونحو 100 مليار دولار بعد ذلك)، ويضم معظم ثروات المعادن وصناعاتها الثقيلة، ونحو 75% من ثروة الفحم الحجري وحده.

في حين تضم منطقة زاباروجيا، على سبيل المثال لا الحصر، محطة نووية هي الأكبر في أوروبا، وتمد البلاد بنحو 25% من حاجتها إلى الطاقة الكهربائية، الأمر الذي قد يهدد بعجز في هذا القطاع.

أما منطقة خيرسون، ففيها أخصب الأراضي في أكثر مناطق البلاد اعتدالا من حيث المناخ، ولهذا كانت تمد أوكرانيا ودول التصدير بملايين الأطنان من محاصيل الحبوب والذرة والبطيخ ومنتجات الزيوت وغيرها سنويا.

المصدر : الجزيرة