دعم الغرب لأوكرانيا بالسلاح والخبرة.. على ماذا حصلت كييف؟ وما الذي تنشده؟

بنت أوكرانيا جيشا جديدا خلال فترة الحرب، وتحصل على دعم عسكري ثابت من الولايات المتحدة وحلف الناتو، وأعلن البيت الأبيض مؤخرا تخصيص 750 مليون دولار كمساعدات أمنية لكييف ضمن ميزانية العام 2022

صورة نشرتها اليوم السفارة الأمريكية لدى أوكرانيا على صفحتها في فيسبوك لما قالته إنها من تدريبات أوكرانية أمريكية مشتركة سابقة فوق سماء كييف
تدريبات أوكرانية أميركية مشتركة سابقة فوق سماء كييف (مواقع التواصل الاجتماعي)

كييف- منذ بداية أحداث العام 2014 وما تبعها من حرب في شرق أوكرانيا سارعت كييف إلى طلب دعم دول الغرب تقنيا وعسكريا من خلال تزويدها بما تحتاجه من أجهزة ومعدات وآليات وأسلحة، لصد "العدوان الروسي" ومواجهة الموالين لموسكو.

وسريعا دفعت الحرب أوكرانيا إلى إعادة بناء جيشها برمته اعتمادا على مساعدات الغرب أيضا التي لم تستثنِ أي مجال يحتاجه جيش أوكرانيا الجديد.

وكان وضع الجيش الأوكراني قبل 2014 "كارثيا" كما يقول الخبير العسكري تاراس تشموت للجزيرة نت، مضيفا أن "الجيش الأوكراني كان صورة رمزية، أسلحته سوفياتية يعود أحدثها إلى العام 1988 على أفضل تقدير، و99% منها تحتاج إلى صيانة".

صورة نشرتها صفحة القيادة العامة لهيئة الأركان الأوكرانية على فيسبوك لعمليات تدريب على إطلاق صواريخ جافلين الأمريكية المضادة للدروع (2)
عمليات تدريب على إطلاق صواريخ جافلين الأميركية المضادة للدروع (مواقع التواصل الاجتماعي)

الغرب وإعادة بناء الجيش الأوكراني

وربما لا يصح القول إن الغرب بنى جيش أوكرانيا، لكن الأكيد أنه لعب دورا كبيرا في هذا البناء، ورفع كفته نسبيا أمام كفة نظيره الروسي في ميزان القوى إقليميا.

وبدأ ذلك بمساعدات غلب عليها الطابع المادي الإنساني، بدءا من المواد الغذائية، ومرورا بالمعدات الطبية وسيارات الإسعاف والمستشفيات الميدانية، وانتهاء بالخوذ والستر الواقية والزي العسكري، وحتى أكياس وأسرّة النوم.

ثم سرعان ما تحول الدعم إلى طابع تقني شمل أجهزة الاتصالات والاستطلاع والملاحة والرؤية الليلية، ومحطات الرادار، ومعدات الكشف عن الألغام وإزالتها، وحافلات وسيارات الدفع الرباعي.

ثم تطور لاحقا إلى منظومات دفاعية وهجومية شملت مختلف أنواع العربات المدرعة، ولا سيما من طراز "إتش إم إم دبليو في" (HMMWV) أميركية الصنع، وسفن دوريات المراقبة، وطائرات الاستطلاع المسيّرة، وبعض أنواع الأسلحة والذخائر.

دعم أميركي استثنائي

وتبرز المساعدات الأميركية أكثر من غيرها بين دول الاتحاد الأوروبي وباقي دول حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO)، فمن أصل نحو 4 مليارات دولار منحتها واشنطن لكييف منذ 2014 ثمة نحو 2.5 مليار دولار وجهت لدعم مؤسسة الجيش دون غيرها، وغطت تكاليف أكثر من 500 نوع من المعدات والأسلحة والذخائر، في حين وجهت مساعدات الاتحاد الأوروبي بشكل رئيسي نحو الجوانب الإنسانية.

ويوضح الخبير العسكري تاراس تشموت هذا الأمر قائلا إن "بعض دول الجوار قدمت أسلحة خفيفة وذخائر، من أبرزها ليتوانيا، لكن الولايات المتحدة -عمليا- هي الوحيدة التي لبت جزءا كبيرا من حاجة أوكرانيا إلى الآليات والعتاد المتطور خارج إطار حلف الناتو، لأن دول الحلف -كما تعلمون- منقسمة بشدة إزاء هذا الأمر".

وأوضح تشموت للجزيرة نت أن الولايات المتحدة وبعد تجاوز صدمة احتلال القرم والحرب في دونباس، وعقب استقرار الأوضاع السياسية في أوكرانيا أواخر 2014 منحت الجيش الأوكراني نحو 250 مركبة رباعية الدفع لتنقل الأفراد والجند، ثم بدأت في أواسط 2015 تزويده بنحو 175 عربة مدرعة متعددة المهام، بالإضافة إلى 5 زوارق لمهام الاستطلاع البحري من طراز "إيسلاند"، وعدد من طائرات "ريفين" المسيرة لمهام الاستطلاع.

وحسب الخبير، فإن أبرز المساعدات النوعية التي حصلت عليها أوكرانيا من الولايات المتحدة ولم تحصل عليها من غيرها هي نحو 68 منصة إطلاق، مع 400 صاروخ من طراز "جافلين" المضادة للدروع.

شراء أسلحة ومشاريع مشتركة

وبالتوازي مع الدعم، عملت أوكرانيا على شراء طائرات مقاتلة ومسيرة، وبناء سفن تعوض خسارة معظم أسطولها بعد سيطرة روسيا على سواحل القرم.

ومن تركيا -التي تصفها كييف "حليفا إستراتيجيا"- اشترت أوكرانيا 21 طائرة مسيرة من طراز "بيرقدار تي بي 2" (TB2)، وتعتزم شراء 4 طائرات في 2022، كما افتتحت مؤخرا مصنعا مشتركا لإنتاج وصناعة هذه الطائرة على أراضيها.

ومن باريس، اشترت أوكرانيا مجموعة مروحيات من طراز "إيرباص" (Airbus) لصالح قوات "الحرس الوطني"، وجرى الحديث في مارس/آذار الماضي عن إمكانية الاستعاضة عما لديها من طائرات "ميغ 29" بطائرات "رافال" الفرنسية.

وفي الشهر ذاته، صرح قائد القوات الجوية الأوكرانية العقيد سيرهي دروزدوف بأن بلاده تعمل على الاستعاضة عن المقاتلات السوفياتية بمقاتلات سويدية من الجيل الرابع، أو بالأميركية "إف-15" (F-15)، وتطمح إلى الحصول على المقاتلة الأميركية من الجيل الخامس "إف-35" (F-35) بحلول 2035.

وترتبط أوكرانيا مع بريطانيا بمشروع ضخم قيمته نحو 1.7 مليار جنيه إسترليني لتصميم وبناء سفن حربية في أوكرانيا وبريطانيا، وإعادة تأهيل مؤسسات بناء السفن الأوكرانية، وبناء قاعدتين للقوات البحرية الأوكرانية.

وأقرت وزارة الخارجية الأوكرانية خطة بيع 16 قارب دوريات عسكرية لأوكرانيا من طراز "مارك 6″، بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 600 مليون دولار.

تدريبات ومناورات بقيادة غربية

ولا تقل التدريبات والمناورات المشتركة أهمية عن التسلح، فقد لعبت دورا كبيرا في رفع قدرات القوات الأوكرانية على مدار 8 سنوات مضت، بحسب مسؤولين أوكرانيين.

وتجري أوكرانيا سنويا نحو 10 مناورات مشتركة مع الولايات المتحدة وبريطانيا وباقي دول "الناتو"، وتشارك أيضا في مناورات وتدريبات خارج حدود أراضيها ومياهها الإقليمية.

ومن أبرز هذه المناورات وأضخمها مناورات "رابيد ترايدنت" البرية، ومناورات "نسيم البحر" في حوض البحر الأسود.

وفي منطقة لفيف غرب أوكرانيا، تحولت قاعدة "يافوريف" إلى مركز تدريب ثابت للجيش الأوكراني تشرف عليه الولايات المتحدة بصورة رئيسية.

ولأول مرة منذ 2014 شهدت منطقة فينيتسا (غربي كييف) مناورات جوية أوكرانية أميركية في أغسطس/آب الماضي.

ومنذ سنوات، يوجد مئات الخبراء والمدربين والعسكريين الغربيين على أراضي أوكرانيا، وتقول موسكو إن من بينهم 4 آلاف جندي أميركي.

صور نشرتها اليوم صفحة وزارة الدفاع الأوكرانية على فيسبوك لمناورات وتدريبات جوية بطائرات ميغ 29 (1)
مناورات وتدريبات جوية أوكرانية بطائرات "ميغ 29" (مواقع التواصل الاجتماعي)

ما الذي حققته أوكرانيا؟ وما الذي تنشده من الغرب؟

كل ما سبق يدفع إلى التساؤل حول ما حققته أوكرانيا لنفسها خلال السنوات الأخيرة، وما تنشده اليوم من الغرب أكثر من أي وقت مضى.

يجيب الخبير العسكري تاراس تشموت قائلا إن أوكرانيا "بنت جيشا جديدا خلال فترة الحرب، وتحصل على دعم ثابت في هذا الإطار من الولايات المتحدة وحلف الناتو الذي تقترب من عضويته"، على حد قوله.

وقد أعلن البيت الأبيض مؤخرا تخصيص 750 مليون دولار كمساعدات أمنية لكييف ضمن ميزانية العام 2022.

ويقول تشموت إن طلب الدعم الغربي يجب أن يستمر ما استمرت الحرب، ومن أولويات أوكرانيا اليوم الحصول على ما يلي من حلفائها الغربيين:

  • الطائرات المقاتلة المتطورة، سواء كانت جديدة أو مستعملة، لأنها -عمليا- مفقودة لدى القوات الأوكرانية، وما لدى أوكرانيا من طائرات لا يقارن بالترسانة الجوية الروسية.
  • السفن العسكرية، فأوكرانيا خسرت جل إمكانياتها البحرية، مقابل تعاظم وجود القوات الروسية في البحر الأسود.
  • الأسلحة النوعية أو "الفتاكة" التي -بحسب الخبير- تعتبر أكثر العوامل التي تثير غضب ومخاوف روسيا، كصواريخ "جافلين" وطائرات "بيرقدار".
  • منظومات متطورة مضادة للصواريخ، والتي بدأ الحديث حول أهميتها مؤخرا بعد أزمة الحشود العسكرية الراهنة قرب الحدود الأوكرانية.
المصدر : الجزيرة