الحدود الموريتانية المالية

عناصر من قوات مكافحة الإرهاب الموريتانية تجوب الصحراء الشمالية للبلاد بحثا عن عناصر القاعدة.

وجود مسلحين في منطقة الحدود بين موريتانيا ومالي يمثل تحديا أمنيا للبلدين (الجزيرة)

ترتبط موريتانيا ومالي بحدود برية هي الأطول لكلا البلدين، وتبلغ 2237 كيلومترا معظمها يقع في صحراء قاحلة مترامية الأطراف، وعرة المسالك والطرق.

بدأت الحدود الموريتانية المالية تلفت الانتباه الإقليمي والدولي إليها منذ أن استوطنها هي والمناطق القريبة منها تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".

تطل على تلك الحدود من الجانب الموريتاني ست ولايات هي الحوض الشرقي، والحوض الغربي، ولعصابة، وكيديماغا، وآدرار، وتيرس الزمور. وتطل عليها من الجانب المالي أربع ولايات هي تمبكتو، وسيكو، وكوليكورو، وخاي.

علاقات ومنافع
 ظلت المنافع الاقتصادية، والعلاقات الثقافية والروحية والأواصر الاجتماعية والقبلية هي السائدة على جانبي الحدود قبل أن تظهر القاعدة في المنطقة.

وقد وجدت حكومتا الدولتين صعوبات جمة في ترسيم الحدود نظرا لطبيعتها الصحراوية من جهة، وللتداخل السكاني من جهة أخرى، قبل أن يوقع الطرفان نهاية العام الماضي بعد جولات مفاوضات كثيرة الإطار النهائي لترسيم الحدود.

لكن الترسيم لا يعني شيئا بالنسبة لعدد كبير من القبائل الموجودة على جانبي الحدود، وبالنسبة للبدو ورعاة الماشية الذين يتتبعون الكلأ والمطر.

وتتلون العلاقات بين السكان على طول الحدود بحسب المناطق والولايات، حيث يوجد تداخل سكاني قوي بين مواطني محافظة كيدماغا الموريتانية ذات الأغلبية الزنجية مع سكان المناطق المحاذية لها من مالي عبر المصاهرات والعلاقات العائلية الخاصة.

وتتميز هذه العلاقات بطابعها التجاري عبر الأسواق المتنقلة، والتبادل التجاري على مستوى المحافظات الشرقية من موريتانيا، كما توجد بعض الأسر الموريتانية التي لها نفوذ روحي قوي وأتباع كثر في مناطق الشريط الحدودي مع مالي.

توترات
ورغم الروابط الثقافية والروحية والتجارية والقبلية, فإن تلك العلاقات لم تسلم من التوترات التي تحولت مرارا إلى صراعات مسلحة، وكادت تشعل أحيانا حروبا طاحنة بين البلدين.

ومن أهم التوترات ما عرف بأزمة 1992 التي وقعت بعد مهاجمة مقاتلي الطوارق المناهضين للحكومة المالية أحد الأسواق الشعبية في مالي وقتلهم عسكريين ومدنيين، حيث طاردتهم قوات مالية داخل الأراضي الموريتانية واشتبكت مع السكان واعتقلت عددا منهم، واتهمت الحكومة الموريتانية بالتواطؤ مع المقاتلين الطوارق.

وقد ظلت الخلافات الحدودية ومشاكل الرعي تلقي بظلالها السلبية على العلاقات الموريتانية المالية خاصة في تسعينيات القرن العشرين, وبداية الألفية الثالثة مما دفع حكومتي البلدين إلى تشكيل لجنة أمنية وإدارية تجتمع سنويا.

وتتألف اللجنة من المسؤولين العسكريين والإداريين في الولايات الأربع الحدودية الأكثر تداخلا سكانيا ورعويا, وتتولى حل المشاكل الطارئة والنزاعات.

دولة القاعدة
لكن الحدود المشتركة عرفت متغيرا جديدا مطلع الألفية الثالثة حين اختارها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ملاذا له.

ومنذ ذلك الحين تحولت تلك الحدود المفتوحة إلى تحدّ أمني ليس فقط لموريتانيا ومالي, وإنما للمنطقة كلها وللغرب.

وأصبحت وسائل إعلام غربية وعربية تصف تلك المنطقة الحدودية بأنها دولة للقاعدة بعد سقوط نظام حركة "طالبان" في أفغانستان عام 2001.

وجلبت المنطقة اهتماما أكبر بعد خطف رعايا غربيين بينهم زوجان إيطاليان خطفهما التنظيم عام 2009.

خاضت القوات الموريتانية منذ يوليو/تموز 2010 مواجهات مسلحة مع مقاتلي القاعدة قرب الحدود سقط فيها عشرات القتلى والجرحى من الطرفين، وسمحت للجيش الموريتاني بالتوغل مئات الكيلومترات في مالي.

وتنشط أيضا شبكات تهريب الأسلحة والمخدرات والسجائر وحتى البشر على طول الحدود التي تحولت مع الوقت إلى ملجأ للخارجين عن القانون.

ودفعت تلك الظروف وخاصة الحرب على القاعدة الحكومة الموريتانية إلى إعلانها مناطق عسكرية مغلقة يتم دخولها والخروج منها عبر قنوات ومعابر محددة، ونشرت وحدات من الجيش على طول تلك الحدود في محاولة لمنع تسلل عناصر القاعدة الموجودين في الشمال المالي.

المصدر : الجزيرة