شبح مجاعة جديدة في الصومال.. أرقام ومؤشرات على كارثة وشيكة تهدد الملايين

Internally displaced Somali woman and her children stand near the carcasses of their dead livestock following severe droughts near Dollow, Gedo Region
أم وأبناؤها يسيرون قرب بقايا ماشيتهم النافقة في منطقة غيدو جنوبي الصومال (رويترز)

في "صرخة استغاثة" قد تكون الأخيرة قبل "الكارثة"، وجهت الأمم المتحدة الاثنين "تنبيها أخيرا" بأن الصومال على حافة مجاعة تهدد نصف السكان، جراء الجفاف والتداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا، فضلا عن الاضطراب الأمني القائم في ظل الهجمات المستمرة لحركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة.

ومن مقديشو، أطلق رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، نداء للمجتمع الدولي لمساعدة هذه الدولة الواقعة في القرن الأفريقي بينما تلوح بوادر المجاعة المحتملة مثل تفشي سوء التغذية، وتزايد الوفيات بين الأطفال، ونزوح مئات الآلاف من المناطق المتأثرة بالجفاف.

وهذه المرة، حددت الأمم المتحدة إطارا زمنيا واضحا للكارثة المحتملة، حيث أشار غريفيث إلى أن المجاعة المحتملة قد تحدث بين شهري أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول المقبلين في حال لم يكن هناك تحرك دولي عاجل لمساعدة الصومال على مواجهة هذا الوضع.

والأسبوع الماضي، وجهت السلطات الصومالية نداء عاجلا للمجتمع الدولي لمساعدة مليوني شخص مهددين بنقص الغذاء من بين نحو 8 ملايين صومالي تضرروا بسبب الجفاف.

وأواخر يونيو/حزيران، حذرت منظمة "سيف ذا تشيلدرن" (Save the Children) المجتمع الدولي من أن الصومال يتجه نحو "مجاعة كارثية".

Drought stricken Baradere in southern Somalia
عبد الله عبدي بجانب ابنه عدن المريض جراء سوء التغذية في مستشفى بجوبا لاند جنوبي الصومال (رويترز)

أعداد السكان المعرضين للمجاعة

تفيد أرقام الأمم المتحدة والحكومة الصومالية بأن نحو 7.8 ملايين من مجموع سكان الصومال (16 مليونا تقريبا) يحتاجون إلى مساعدة غذائية.

وفي يوليو/تموز الماضي، أكد مفوض الرئيس الصومالي لمواجهة أزمة الجفاف عبد الرحمن عبد الشكور في حديث للجزيرة نت وجود 300 ألف صومالي يعانون من المجاعة حاليا.

وفي تقرير نشره الصيف الماضي، مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة كشف أن 1.5 مليون طفل صومالي يعانون من سوء التغذية بسبب ظروف الجفاف، منهم 356 ألفا سيواجهون خطر الموت بسبب سوء التغذية الحاد قبل نهاية سبتمبر/أيلول الجاري.

وفي 12 أغسطس/آب الماضي، نقلت مجلة "تايم" (TIME) الأميركية عن منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الصومال آدم عبد المولى أن آلاف الصوماليين توفوا جراء نقص الغذاء.

تعاقب مواسم الجفاف

يشهد الصومال أسوأ موجة جفاف منذ 4 عقود، وتحولت مناطق واسعة من البلاد إلى جرداء قاحلة، كما أدى الجفاف إلى تلف المحاصيل الزراعية.

ومنذ مطلع 2021، تسببت هذه الكارثة الطبيعية في نزوح أكثر من مليون شخص، وفق بيانات للمفوضية الأممية للاجئين والمجلس النرويجي للاجئين.

ونتج هذا الجفاف -الذي يقول خبراء إنه يحدث بسبب التغيرات المناخية التي تشمل معظم مناطق العالم- عن تعاقب 4 مواسم أمطار غير كافية، في ظاهرة غير مسبوقة منذ 40 عاما على الأقل، وهناك توقعات بموسم خامس جاف على الأبواب في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني المقبلين.

أما المناطق الأكثر تضررا من الجفاف فتقع جنوب ووسط الصومال، وبينها بيدوا وبورحكب، وفي المناطق الوسطى والجنوبية التي تسيطر حركة الشباب على أجزاء منها، لا تستطيع منظمات الإغاثة الدولية الوصول إلى نحو 900 ألف شخص يحتاجون للمساعدة، وفقا لمجلة تايم.

وفي يونيو/حزيران الماضي، نشر مكتب رئاسة الوزراء الصومالية تقريرا ذكر فيه أن الجفاف شرد نحو 700 ألف قروي من مناطقهم، وتوجهت أعداد من هؤلاء إلى المدن وخاصة العاصمة مقديشو بحثا عن الغذاء، علما أن عائدات المحاصيل الزراعية تشكل مصدر الدخل الأساسي لنحو 80% من الصوماليين.

كما ألحق الجفاف ضررا بأكثر من 9 ملايين رأس من المواشي بما يعادل 17% من الثروة الحيوانية في البلاد، وفقا لنفس المصدر.

ووفقا لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، تخطت موجة الجفاف الحالية الموجتين التي شهدهما الصومال بين عامي 2010 و2011 ثم بين عامي 2016 و2017 من حيث المدة والخطورة.

Internally displaced Somali children ride on a donkey cart, as they flee from the severe droughts near Dollow
نازحون جراء الجفاف في منطقة غيدو (رويترز)

مجاعة سابقة

بين عامي 2010 و2011، تسببت المجاعة التي ضربت مناطق بوسط وجنوب الصومال في وفاة 260 ألف شخص، نصفهم أطفال دون سن 15 عاما.

وفي عام 2017، تم تفادي كارثة جديدة بفضل تعبئة مبكرة للأسرة الدولية، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.

تأثير الحرب في أوكرانيا

كانت للحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط الماضي تداعيات خطيرة على الصومال الذي يستورد من البلدين 90% من استهلاكه من القمح.

وفي يوليو/تموز الماضي، قال عبد الرحمن عبد الشكور مفوض الرئيس الصومالي لمواجهة أزمة الجفاف إن أزمة الغذاء الناجمة عن حرب روسيا على أوكرانيا فاقمت تدهور الوضع الإنساني في الصومال.

ووفقا لمجلة تايم، فقد استورد الصومال عام 2020 قحما من روسيا وأوكرانيا بنحو 18 مليون دولار.

ومن تداعيات هذه الحرب على البلاد تسجيل ارتفاع حاد لأسعار بعض المواد الغذائية، وقال مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة مؤخرا إنه "في بعض أنحاء الصومال، تخطت أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الذرة الحمراء مستويات سجلت خلال مجاعة 2011".

المساعدات الدولية

في يوليو/تموز الماضي، قال مفوض الرئيس الصومالي لمواجهة أزمة الجفاف للجزيرة نت إن الاستجابة الدولية للحد من تداعيات الجفاف لا تزال متواضعة جدا، إذ وصلت معونات غذائية حتى الآن إلى 2.8 مليون متضرر فقط من أصل أكثر من 7 ملايين صومالي يحتاجون إلى مساعدة، ومنهم 5 ملايين يحتاجون إلى مساعدة عاجلة.

وأشار المسؤول الصومالي إلى أن الأمم المتحدة طلبت 1.5 مليار دولار لمواجهة الجفاف وتداعياته في الصومال، ولم يُجمع منها سوى نحو 400 مليون دولار فقط، موضحا أن أزمة أوكرانيا صرفت أنظار المانحين عن أزمة الجفاف وتداعياتها في الصومال.

وفي سعي منها للحد من الآثار المترتبة على الجفاف، بدأت عدة هيئات عربية في مد مئات من الأسر الصومالية النازحة بمعونات غذائية غير أن حجم المعاناة يفوق قدراتها الإغاثية.

المصدر : الجزيرة + الفرنسية + الصحافة الأجنبية + مواقع إلكترونية