حظي الإعلان عن قيام تحالف سياسي جديد في مدينة تعز باهتمام الأوساط اليمنية، لكن المهم في نظر الكثيرين هو مدى قدرة هذا التحالف على تحقيق أهدافه لإسقاط انقلاب الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وكسر الحصار عن مدينة تعز، في ظل انفلات أمني وبروز دور لمليشيات عسكرية مختلفة.
وكانت تسعة أحزاب وتنظيمات سياسية يمنية أعلنت الثلاثاء عن قيام تحالف سياسي جديد في محافظة تعز، يهدف إلى مساندة ودعم الحكومة الشرعية لاستكمال السيطرة على المحافظة واستعادة السيطرة على كل أجزاء اليمن وإنهاء الانقلاب ومواجهة الآثار التي خلفتها الحرب.
وقال وكيل محافظة تعز فارس عبد الغني إن تشكيل التحالف جاء استجابة للأوضاع المأساوية الراهنة والمتأزمة جدا في المدينة، التي يعني استمرارها على هذا الحال مزيدا من التأثير على المواطن الذي بات يقتله الحوثي والحصار والجوع.
وقال عبد الغني في حديث للجزيرة نت إن التحالف الجديد يحمل رؤية مشروع أعدته لجنة سياسية مشكلة من جميع الأحزاب المشاركة، تهدف إلى توجيه الجهود لاستكمال عملية تحرير تعز ودعم جهود السلطة المحلية وبناء مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والمدنية في المحافظة.
وأضاف أن هذه الرؤية ستمثل برنامجا وخطة عمل قادمة في جميع الجوانب، وهي الأساس الذي التقت حوله الأحزاب في إطار هذا التحالف، مركزا على الحياة اليومية للمواطن وتقوية المجلس المحلي بسلطاته من خلال المكاتب التنفيذية بالمحافظة.
وتكمن أهمية هذا التحالف -حسب مراقبين- في أنه يضم أحزابا رئيسية فاعلة وأنه خطوة تعيد إلى الواجهة مجددا الحديث عن التحالفات السياسية في البلاد، بعد ثلاث سنوات من حالة الخمول إثر الانقلاب الذي نفذته مليشيا الحوثي وصالح في سبتمبر/أيلول 2014.
جماعات مسلحة وقال رئيس مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية عبد السلام محمد إن إعلان تحالف سياسي في تعز يضم كل الأحزاب بما فيها فرع الحزب الحاكم سابقا يأتي في ظل ظرف حرج تمر به المحافظة خاصة بعد ظهور جماعات مسلحة ومليشيات إرهابية تنفذ اغتيالات وتحدث إرباكا للسلطات المحلية.
واعتبر في حديث للجزيرة نت أن تقييم هذا التحالف يرجع إلى مدى قدرته على تقديم دعم سياسي للجيش الوطني والمقاومة في فرض الأمن، ومساعدة السلطات بحل المشكلات الاقتصادية بالذات ما يتعلق بالإغاثة وتوفير الغذاء والدواء واستعادة سلطات الدولة.
وأكد محمد أنه إذا فشلت هذه الأحزاب في القيام بدور سياسي داعم للدولة فإن المحافظة ستصبح في يد المليشيات تتحكم فيها كما تريد.
وتعاني تعز من انفلات أمني وحصار مليشيا الحوثي وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، كما لا تزال بعض مديرياتها تحت سلطتهم.
ويبرز الانفلات في تعز من خلال تزايد وتيرة العنف المسلح والاغتيالات مع تنامي الصراع بين فصائل مسلحة توالي الشرعية وأخرى تدعمها الإمارات على النفوذ في المدينة، وقد باتت أيضا مسرحا لتنظيم القاعدة الذي وضع يده على عدد من أحيائها السكنية.
في هذا السياق، أشاد الصحفي والمحلل السياسي عبد العزيز المجيدي الذي يعمل في تعز بهذا التحالف الجديد. وقال في حديث للجزيرة نت إن ما يميز هذا التحالف السياسي أنه يضم كل الأحزاب الفاعلة والموجودة بصور متفاوتة، إضافة إلى جناح المؤتمر الشعبي المساند للشرعية، وأحزاب سلفية وفي القلب منه أحزاب اللقاء المشترك (تجمع سابق ضم أهم القوى السياسية المعارضة لصالح).
ورأى المجيدي أن التحالف الجديد لديه رؤية مكتوبة لمعالجة كثير من الملفات التي أفرزتها الحرب، وأصبح متفقا على آلية محددة للحل، "وهذا الأمر بعث بإشارة تفاؤل بأن نخب ومكونات تعز تحاول تدارك الأمر وإعادة ترتيب أوضاعها الداخلية لمواجهة تحدي التحرير والبناء معا".
وأضاف أن الأحزاب السياسية أمضت فترة طويلة في المناكفات والمعارك الجانبية، ولكن يبدو أنها اقتنعت مؤخرا بأن العمل من خلال تحالف وطني واسع يضم كل الفاعلين في تعز من كل الأطياف ضرورة لا تحتمل المزيد من الضياع.