يوفنتوس وروما..في عالم إيطاليا الموازي
بعد أن وصل الفارق بين باريس وموناكو إلى 9 نقاط بنهاية الدور الأول، وبعد أن استقر في ألمانيا على 11 نقطة بين بايرن وشالكة، وفي نفس الجولة التي شهدت اتساعه بين السيتي واليونايتد إلى 13 نقطة وبين البرسا والريال إلى 14 أخرى، كان يوفي وروما على موعد ضمن صراع اللقب الوحيد الذي يعاند الحسم في دوريات أوروبا الخمس الكبرى، فيما بدا وكأنه الأمل الأخير لقليل من التنافسية هذا الموسم.
هي حالة مقدسة نجح ألليغري في الحفاظ عليها تحت أية ظروف، في ملعبه أو خارجه، وسواء كان هو الأحوج للنقاط أم خصمه. الايطالي يؤمن أن فريقه هو الطرف الأضعف وبالتالي هو من يحتاج لتضييق المساحات، أو على العكس يعلم أنه يمتلك الفريق الأكمل والأفضل في طول السيري إيه وعرضها ولكنه يفضل تلك الطريقة لأنها الأكثر أمنا من وجهة نظره. المهم أن النتيجة واحدة في الحالتين، خصوم اليوفي في الاستحواذ حتى لو كانوا ضيوفه، وبطل ايطاليا في الدفاع حتى لو كان المضيف.
قبل هذه النوعية من المباريات، غالبًا ما تسمع المدربين يتحدثون عن اللعب على نقاط قوتهم لا نقاط ضعف الخصم، ولكن إن كان لتلك القاعدة استثناء واضح وحيد فهو ماكس ألليغري؛ الرجل الذي عادة ما يتمرد على لعبة الاختيارات المفتعلة ويقرر اللعب على كل النقاط في الفريقين، ببساطة لأنه يملك الأدوات لذلك، وأولها هو قدرته الخارقة على اقناع لاعبيه بالتأرجح بين الحالتين الدفاعية والهجومية حسبما تقتضيه المباراة، وبإشارة واحدة من موقعه على الخط.
بالطبع يمكنك قراءة نية ماكس عبر التغييرات في تشكيلته، فأنت تعلم مسبقًا أن تواجد كيليني وبيانيتش وخضيرة وماتويدي وهيجوايين وماندزوكيتش يكاد يكون بديهيًا، أضف لذلك إصابة بوفون وحتمية مشاركة تشيزني، وتألق بن عطية أو بونوتشي الجديد كما تسميه جماهير اليوفي، إلى جانب المشاكل التي عصفت بموسم ديبالا بعد بداية رائعة، (1) وستجد نفسك أمام ثلاث مراكز مفتاحية يمكنها تفسير كل شيء؛؛ ظهيري الجنب والجناح الأيمن.
من هنا أتى إختيار بارزالي وكوادرادو على اليمين ليتولى الأول مسئولية الأرجنتيني ويتكفل الثاني بالضغط على الصربي واطفاء جبهته المشتعلة دائمًا، بينما كان الصراع أشد وطأة على الجهة المعاكسة ببساطة لأنها منفذ ألليغري الأهم نحو منطقة عمليات الخصوم بتسلل ماندزوكيتش الدائم كمهاجم ثان، ما يتطلب ظهيرًا يمكنه شغل الخط وإرسال العرضيات كساندرو، وفي الحالة الدفاعية تكون مهمة الكرواتي هي رقابة ناينغولان لإلغاء مفتاح لعب روما الثاني وحرمانه من الكرة، فيما يمكن وصفه بأم المعارك في هذه المباراة.
4-5-1 في أقل من نصف ملعب، وبخليط ألليغري الخاص من دفاع المنطقة والرقابة الفردية ينصب اليوفي ما يعرف بمنطقة القتل Kill Zone في المساحة التي تلي دائرة المنتصف مباشرة. خط خماسي حديدي يقوده ماتويدي من الأمام ليبدأ متوالية الضغط التي يتحرك وفقها باقي العناصر، بينما يتولى كيليني وبن عطية ملاحقة الشعراوي ودجيكو في كل مرة يحاولون فيها الهبوط لتوفير خيارات التمرير وكسر الضغط.
بمجرد استخلاص الكرة تبدأ المرحلة الثانية؛ تمهيد خلفي لبيانيتش Lay Off Pass للتخلص من ضغط روما العكسي المتوقع، وفي ثواني معدودة تكون عناصر اليوفي قد اتخذت انتشارها المتفق عليه مسبقًا، موفرة لصانع الألعاب البوسني العديد من خيارات التمرير من موقعه كليبرو وسط، أو خيار واحد للدقة هو ساندرو وماتويدي على اليسار بينما يتسلل ماندزوكيتش وخضيرة نحو المرمى بحركة عمودية مباشرة في انتظار العرضية المتفق عليها مسبقًا.
الجدير بالذكر أن اختراق الذئاب الوحيد أتى من ركلة مرمى وفي واحدة من المرات المعدودة التي صعد فيها اليوفي بكامل خطوطه، ليمهدها ناينغولان إلى دجيكو الذي مررها إلى بيروتّي بدوره، مانحًا الأرجنتيني اللقطة الوحيدة التي حظي فيها بقدر من المساحة لإظهار سرعته، وبعد نصف ساعة لم يحظى فيها بكثير من الوقت على الكرة.
ما بين تلك اللقطة ولحظة بدء تغييرات دي فرانشيسكو أدى روما أسوأ عروضه منذ زمن مقابل العكس تمامًا للبيانكونيري؛ غياب تام لبيروتّي وناينغولان، وتوهج لجبهة ألليغري اليسرى وتحولاته السريعة، وبالطبع عدة فرص مهدرة للبيبيتا الذي ذكر الجميع أن عودته للشكل اللائق بدنيًا وتمتعه بأفضل مستوياته الفنية منذ زمن لا يعني بالضرورة أنه لن يضيع الكرات السهلة أمام المرمى.
ورغم أن اليوفي لم يفز بالاستحواذ حتى في تلك الفترة (48%) إلا أنه نجح في صناعة 7 فرص مقابل واحدة فقط للضيوف، فيما يمكن وصفه بموجات حذرة متباعدة من المد الهجومي في محاولة لإنهاء المباراة، بينما بدا دي فرانشيسكو على علم بمشاكل فريقه وكيفية علاجها، ولكنه قرر ابقاء الوضع على ما هو عليه مع محاولة استثماره بالعناصر الموجودة، ثم ضرب اليوفي في العشرين دقيقة الأخيرة حينما تنخفض معدلاته البدنية لحدها الأدنى.
انقلب الحال تمامًا وعاد اليوفي إلى الدفاع كما بدأ المباراة، وفي تلك الفترة تمكن الجيالوروسي من صناعة 6 فرص للتسجيل منها ثلاثة محققة على الأقل لكل من فلورينزي ودجيكو، خاصة بعد دخول الجناح الشاب جنكيز أوندر ليشغل الجبهة اليمنى دافعًا شيك لموقعه الأصلي كمهاجم صندوق ثاني بعد أن ظل يجول بلا هدف في وسط الملعب لعدة دقائق، ولكن عاب كل ذلك الكثير من الرعونة والتسرع في اللمسات الأخيرة.
انتهت المباراة وخرجت العناوين لتؤكد ابتعاد روما عن المنافسة بعد خسارته من الثلاثي المتصدر حاليًا نابولي ويوفي وإنتر، وهو ما بدا افتراضا سابقًا لأوانه لأن الذئاب يمتلكون مباراة مؤجلة يمكنها أن تقلص الفارق مع المتصدر إلى 4 نقاط فقط لا غير، في موسم يبدو أن السيري إيه سيصبح واحة التنافسية الوحيدة فيه.