معابر غزة.. شرايين إنسانية أغلقتها إسرائيل
تحيط بقطاع غزة 8 معابر، ستة منها تصل القطاع بالأراضي المحتلة عام 1948، وتسيطر عليها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي تغلق أربعة منها بشكل تام، وتفتح معبرين بشكل متقطع هما: "بيت حانون" و"كرم أبو سالم"، بينما تسيطر مصر مع أطراف أخرى على معبرين آخرين، هما "رفح" و"بوابة صلاح الدين".
المعابر المفتوحة
تعد المعابر الأربعة المفتوحة، وإن لم يكن بشكل دائم، المنافذ الوحيدة للقطاع من وإلى العالم الخارجي، اثنان منهما مخصصان بشكل أساسي لحركة الأفراد، وهما معبرا "بيت حانون" و"رفح"، بينما خصص الآخران للحركة التجارية، وهما معبرا "كرم أبو سالم" و"بوابة صلاح الدين".
وتفرض سلطات الاحتلال شروطا صارمة على حركة المعابر، ويخضع الاستيراد والتصدير فيها بين غزة وأسواق الضفة الغربية والخارج لقيود ترتبط بموافقات إسرائيلية مزاجية، وتخضع لقرارات مفاجئة بمبررات واهية.
ومع خروج قوات الاحتلال الإسرائيلي من القطاع عام 2005، تحولت غزة إلى شبه سجن كبير تلفه الأسلاك والحواجز من كل الاتجاهات، ومنذ سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على غزة عام 2007 ضربت إسرائيل حصارا مشددا على القطاع، واتخذت مصر من جانبها كذلك إجراءات مشددة على حدودها معه.
ويعاني القطاع بسبب الحصار الخانق من وضع اقتصادي وإنساني مترد، وتمثل الإجراءات المتبعة عقابا جماعيا لسكان القطاع تنعدم فيه الحرية، وتُلحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد والمجتمع والحياة اليومية لأكثر من مليوني فلسطيني يسكنون القطاع، نصفهم تقريبا من الأطفال (الإحصاءات الرسمية 2022).
المعابر مع الجانب المصري:
ترتبط أراضي قطاع غزة بمصر من خلال معبرين: "معبر رفح" و"بوابة صلاح الدين"، ولا يخضع أي منهما رسميا للسيطرة الإسرائيلية.
1 – معبر رفح
يقع جنوب قطاع غزة، في أقصى جنوبي محافظة رفح، على الحدود المصرية الفلسطينية، التي تم الاعتراف بها بموجب معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر عام 1979.
السيطرة
يعمل المعبر وفق اتفاقية المعابر بالشراكة بين الإدارتين الفلسطينية والمصرية، وتُشرف عليه من الجانب الفلسطيني هيئة المعابر والحدود التابعة لوزارة الداخلية والأمن الوطني، ويتم ذلك تحت رقابة الاتحاد الأوروبي.
وقد عارضت حماس بعد سيطرتها على الجانب الفلسطيني من المعبر عام 2007، مشاركة إسرائيل في تشغيل المعبر، كما توقفت الرقابة الأوروبية بسبب غياب قوات السلطة الفلسطينية، ورفض الأوروبيون التعامل مع الموظفين المحسوبين على حماس، الأمر الذي أدى إلى إبقاء المعبر مغلقا.
وطالبت حماس بفتح معبر رفح دون قيد أو شرط، وجعلت ذلك أحد شروط التهدئة مع إسرائيل أو الدخول في مصالحة مع السلطة، كما طالبت مصر بتحمل مسؤولياتها في هذا الشأن بغض النظر عن موقف السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
واعتبرت مصر أن المعبر في ظل غياب السلطة الفلسطينية والرقابة الأوروبية لا تتوافر فيه الشروط الواردة في الاتفاق، ومن ثم اعتبرت نفسها في حل من تشغيله بشكل طبيعي، ورغم أن مصر لها القدرة الفعلية على فتح معبر رفح، ولكنها أغلقته نتيجة للضغوطات التي تُمارس عليها.
ونتيجة للصراع الدائر بين الجهات المعنية؛ تعددت على مدار السنوات عمليات فتح وإغلاق المعبر، وفقا لمسار العلاقات بين مصر وحماس، وكان ينظر له كوسيلة ضغط في يد مصر على حماس، ولكن مصر كانت عادة تفتح المعبر للحالات الإنسانية أثناء الحروب بين إسرائيل وغزة، بما في ذلك دخول المساعدات الإنسانية.
وفي يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول 2017 وقعت فتح وحماس في القاهرة اتفاق مصالحة، يتم بموجبه استلام السلطة الفلسطينية إدارة القطاع سعيا لإنهاء الانقسام الداخلي المستمر منذ منتصف 2007.
الأهمية
يربط معبر رفح القطاع مع جمهورية مصر العربية، ويمثل بوابته إلى العالم الخارجي، وقد خصص المعبر لحركة الأفراد، وتم تحويل كل حركة البضائع إلى معبر كرم أبو سالم الحدودي، وتسمح مصر في بعض الأحيان بتصدير البضائع الفلسطينية، خاصة المنتجات الزراعية، مما يثير اعتراض إسرائيل.
ووفقا لاتفاقية المعابر الموقعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، ينحصر استخدام المعبر في حاملي بطاقة الهوية الفلسطينية مع استثناء لغيرهم أحيانا، بإشعار مسبق للحكومة الإسرائيلية وموافقة الجهات العليا في السلطة الفلسطينية.
وتقوم السلطة الفلسطينية بإعلام الحكومة الإسرائيلية حول عبور شخص من الشرائح المتوقعة: الدبلوماسيين والمستثمرين الأجانب والممثلين الأجانب لهيئات دولية معترف بها، والحالات الإنسانية، وذلك قبل 48 ساعة من عبورهم، وتقوم الحكومة الإسرائيلية بالرد خلال 24 ساعة في حالة وجود أي اعتراضات مع ذكر أسباب الاعتراض.
تدخلات إسرائيلية وإغلاقات مستمرة
بالرغم من عدم وجود قوات إسرائيلية على الحدود بين مصر وغزة بشكل دائم، تعمل إسرائيل على ممارسة سيطرة عملية مباشرة وغير مباشرة على إمكانية فتح المعبر، وقد اشترطت على السلطة الفلسطينية إبلاغها بأسماء كل من يريد استخدام المعبر قبل 48 ساعة، لتقرر إذا كانت ستسمح له بالعبور أو تمنعه.
وأوقفت إسرائيل العمل في المعبر يوم 7 سبتمبر/أيلول 2005، تحضيرا لعملية فك ارتباطها بالقطاع، وفي يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2005 بدأ العمل بموجب اتفاقية المعابر، ولكن بشكل جزئي بين 4 إلى 5 ساعات في اليوم، لمدة 3 أسابيع، بحجة عدم استكمال أفراد بعثة المساعدة الحدودية للاتحاد الأوروبي.
وفي منتصف ديسمبر/كانون الأول 2005 زادت عدد ساعات العمل إلى 8 ساعات يوميا، واستمر العمل على هذه الوتيرة إلى مستهل عام 2006، حيث وافقت إسرائيل على تشغيل المعبر لمدة 10 ساعات يوميا.
وفي 25 يونيو/حزيران 2006 صعّدت إسرائيل حصارها على غزة بصورة غير مسبوقة عقب وقوع الجندي جلعاد شاليط في أسر ثلاث مجموعات فلسطينية مسلحة في معبر كرم أبو سالم.
وأغلقت سلطات الاحتلال المعبر تماما، باستثناء فتحه لساعات محدودة في فترات زمنية متباعدة، لا تفي بحاجة الحالات الضرورية لسكان القطاع، بهدف الضغط على الفلسطينيين لإطلاق سراح شاليط، في مخالفة صريحة لاتفاقية المعابر.
ووفقا للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بلغ عدد الإغلاقات خلال الفترة بين 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2005 و31 ديسمبر/كانون الأول 2006، 159 يوم إغلاق كلي، في حين فتح لمدة 31 يوما بشكل جزئي ولساعات محدودة.
ومنذ بداية 2007 وحتى 9 يناير/كانون الثاني 2008 أغلقت سلطات الاحتلال المعبر لمدة 308 أيام، وبلغت نسبة الإغلاق منذ توقيع اتفاقية المنافذ إلى 9 يناير/كانون الثاني 2008 نحو 59%. واستمر إغلاق المعبر معظم أيام السنة، مع فتحه أياما وساعات محددة للمرضى والحالات الخاصة.
وفي مايو/أيار 2018 فتحت مصر المعبر بعد سنوات من إغلاقه بشكل شبه دائم، لمدة 5 أيام أسبوعيا ويسمح بالمرور خلاله لقدرة استيعابية محددة.
وتعرض معبر رفح لقصف إسرائيلي عدة مرات خلال الأحداث التي بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2023، واستهدف القصف المنطقة العازلة بين البوابتين المصرية والفلسطينية للمعبر، مما أدى إلى وقوع أضرار أدت لإغلاقه، وهددت إسرائيل بقصف شاحنات وقود ومواد إغاثية من مصر كانت متجهة إلى قطاع غزة، الأمر الذي اضطرها للعودة من معبر رفح إلى سيناء.
أضرار الإغلاق
يسبب إغلاق معبر رفح عواقب وخيمة لسكان القطاع، ومن ضمنها سد طريق الحصول على الخدمات الطبية غير المتاحة في غزة، وهدر فرص الدراسة الأكاديمية أو الوظائفية في الخارج أو الضفة الغربية.
كما يلحق أضرارا جسيمة بالتجارة والأعمال، ويؤدي إلى تفريق متواصل بين أفراد العائلة على جانبي الحدود، وهو ما يعزز الإحساس بالاختناق والعزلة في القطاع، وانعدام الفرص الحقيقية لمغادرة القطاع، حتى في ظروف الخطر المحدق.
2 – بوابة صلاح الدين
يقع على بعد 4 كيلومترات من بوابة معبر رفح، ويستمد اسمه من "طريق صلاح الدين" الذي يُعتبر الشريان الرئيسي الذي يربط شمال القطاع بجنوبه.
السيطرة
يخضع المعبر لإدارة الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة "حماس" من جانب المعبر الواقع داخل غزة، بينما تتولى مصر إدارة الجانب المصري من المعبر. ومن شبه المؤكد أن "بوابة صلاح الدين" تطلبت موافقة ضمنية من إسرائيل قبل فتحها.
وترى السلطة الفلسطينية أن حماس بسيطرتها على إدارة المعبر قد تجاوزت ما تم الاتفاق عليه في القاهرة، وهو إفساح المجال للسلطة بأن تدير المعابر وتتسلم الجباية الداخلية، بينما ترى حماس أن إدخال البضائع من مصر لقطاع غزة عبر بوابة صلاح الدين جاء ثمرة للجهود التي بذلتها قيادات الحركة في لقاءاتها السابقة مع المسؤولين المصريين.
الأهمية
كانت نقطة العبور الوحيدة بين غزة ومصر قبل افتتاح "معبر صلاح الدين" هي "معبر رفح" الذي يُستخدم بشكل أساسي لعبور الأشخاص، على الرغم من سماح مصر بتسليم كميات صغيرة من البضائع والمساعدات الإنسانية من خلاله.
أما بوابة صلاح الدين فقد تم فتحها معبرا تجاريا، لتخفيف القيود على القطاع خوفا من انهيار الوضع الإنساني الذي ساء بشدة فيه، ومع أنه لا يرقى لوصفه معبرا تجاريا بالمعنى الحقيقي، غير أنه يسد بعض الحاجات الأساسية لسكان القطاع.
وشهدت الحركة التجارية مع مصر عبر "بوابة صلاح الدين" تطورا ملحوظا، وارتفعت نسبة إجمالي واردات غزة عبر البوابة من 13% في عام 2018 إلى 37% عام 2022، وتشكل حركة المرور خلاله 42.5% من الحركة التجارية في القطاع، ويدخل عن طريقه نحو ألف شاحنة شهريا إلى غزة.
وتشمل حركة الاستيراد المواد الغذائية ومواد البناء والمواد الخام والوقود والإسمنت، وكان للبوابة دور مهم في تأمين مخزون إستراتيجي من الطحين والأرز والبقوليات والزيوت، أسهمت في حماية الجبهة الداخلية وقت الأزمات والحروب.
ومن جهة أخرى، تمنع إسرائيل دخول أصناف كثيرة بدعوى أنها "مزدوجة الاستخدام" وتخشى وصولها إلى فصائل المقاومة واستخدامها في صناعة وتطوير السلاح.
حركة المرور
بعد وصول حماس للسلطة في غزة، تم تشديد الحصار على القطاع، وبالرغم من تخفيف بعض القيود في أعقاب حرب غزة عام 2014، فقد حافظت إسرائيل ومصر على قيود مشددة لدخول البضائع إلى القطاع.
ومع تدهور الأوضاع داخل القطاع أوائل عام 2018، والمظاهرات الحدودية ("مسيرة العودة الكبرى") وجولات التصعيد قصيرة الأمد بين إسرائيل وحماس، بدأت مفاوضات غير مباشرة حول هدنة طويلة الأمد للتخفيف من حدة الحصار.
وأدت المفاوضات لفتح معبر "بوابة صلاح الدين" بين غزة ومصر في شباط/فبراير 2018، وقامت مصر بدون أي دعاية فعلية بفتح المعبر، وكان هذا المعبر قائما في السابق نقطة دخول إنسانية للسكان المقيمين على جانبي الحدود بين غزة وسيناء.
ويعد المعبر ممرا تجاريا صغيرا، وفي اتجاه واحد فقط، بين مصر وقطاع غزة، حيث تقوم شركة خاصة في قطاع غزّة وشركة خاصة في مصر بإدارة عمليّة نقل البضائع هناك، تحت رقابة الجيش المصري وسلطة حماس في قطاع غزّة.
وتنقل عبر المعبر السلع من مصر إلى قطاع غزّة وبكميّات محدودة، ولا يشتمل المعبر على بنى تحتيّة تؤهله بأن يكون معبرا تجاريا بالكامل، ومن ثم لا يوفّر معظم الاحتياجات الضروريّة لسكان قطاع غزة.
ويُفتح المعبر ما بين عشرة وخمسة عشر يوما في الشهر، ويتم خلالها إدخال شاحنات الوقود والبضائع من الجانب المصري للقطاع دون المرور بالإجراءات الجمركية للسلطة الفلسطينية.
المعابر مع الجانب الإسرائيلي
وهي المعابر التي تربط غزة بالداخل الإسرائيلي، وتخضع لسيطرة إسرائيل بالكامل، ولكل معبر تسميتان؛ واحدة عربية والثانية متداولة إسرائيليا، وهي ستة معابر، أربعة منها مغلقة بشكل تام، واثنان يفتحان بشكل متقطع.
المعابر المفتوحة
1- معبر "بيت حانون"/إيريز
يقع على الحدود الشمالية لقطاع غزة، ويفصل بين أراضي قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948.
السيطرة
وتتحكم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالحاجز بشكل كامل، وتمتلك مطلق الحرية في السماح بسفر المواطنين من وإلى القطاع أو منعهم.
الأهمية
خُصص الحاجز بشكل أساسي لتنقل المركبات والأفراد من المواطنين والأجانب بين قطاع غزة وأراضي الضفة الغربية والداخل الإسرائيلي، ويمر منه الدبلوماسيون والصحفيون والبعثات الأجنبية والشخصيات المهمة والعمال وتجار القطاع (الراغبون في الدخول بتصاريح إلى إسرائيل) والعمال من قطاع غزة، كما تمر منه الصحف والمطبوعات.
ويُستخدم المعبر لمرور الحالات المرضية الفلسطينية المطلوب علاجها في خارج القطاع في أماكن السيطرة الإسرائيلية أو الضفة الغربية أو الأردن، والحالات الإنسانية التي تُمنح تصاريح لزيارة الأهل أو الأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية، وزيارة أهالي القطاع لذويهم في السجون الإسرائيلية، ووصول الطلبة لجامعاتهم في الضفة الغربية.
حركة المرور
تضاءلت فرص دخول سكان قطاع غزة إلى إسرائيل مع الوقت، فمنذ عام 1991 فُرض عليهم التزوّد بتصاريح للخروج من قطاع غزة إلى إسرائيل، وقد تم خفض عدد هذه التصاريح مع السنوات.
وفي عام 1993 فرض إغلاق شامل على المناطق الفلسطينية، وطبق فعليا وبشكل خاص على قطاع غزة بدءا من عام 1995، إلى جانب إقامة جدار إلكتروني وجدار إسمنتي حول القطاع.
ومع بداية الانتفاضة الثانية في سبتمبر/أيلول 2000، ألغت إسرائيل الكثير من تصاريح الخروج القائمة، وقلّصت من إصدار التصاريح الجديدة، وأُغلق المعبر آنذاك لفترات أطول، ففي السنة الأولى للانتفاضة كان المعبر مُغلقا أمام تنقّل الفلسطينيين بنسبة 72% من أيام السنة.
وقد أدى فرض هذه التقييدات على تنقّل الأشخاص إلى هبوط حاد في أعداد الفلسطينيين من سكان القطاع القادرين على الخروج منه بشكل يومي، فقد هبط العدد من نحو 26 ألف فلسطيني في صيف 2000، إلى ما هو أقل من 900 نهاية ذلك العام.
أما بعد تولي حماس السلطة الداخلية في قطاع غزة عام 2007، فقد فرضت إسرائيل إغلاقا شاملا على القطاع وسمحت بخروج الفلسطينيين من القطاع وفقا لقائمة معايير مُحددة تتمحور في أساسها حول "الحالات الإنسانية والاستثنائية".
ورغم أن إسرائيل غيرت بمرور الوقت بعضا من هذه المعايير، إلا أن تنقّل الأشخاص بين قطاع غزة والضفة الغربية قد بقي محدودا جدا، ولا يُسمح لمعظم الفلسطينيين في قطاع غزة حتى التقدم بطلب للخروج، أي أنهم ممنوعون تماما من الخروج عبر المعبر.
ومنعت سلطات الاحتلال مع انتشار وباء كورونا في شهر مارس/آذار 2020، التنقل عبر معبر "بيت حانون" باستثناء الحالات المرضية الحرجة، ومرافقيهم وحالات أخرى معدودة.
مضايقات الاحتلال
يعاني المعبر من حالات متكررة من الإغلاق الطويل، إضافة إلى فرض قيود على حركة التجار والعمال الفلسطينيين للمرور إلى الداخل الإسرائيلي والضفة الغربية، ويحتاج الفلسطينيون للمرور عبر المعبر إلى استصدار تصاريح من قبل سلطات الاحتلال، والتي تمر بإجراءات معقدة وبطيئة، وتحتاج لوقت طويل للحصول عليها.
ويتعرض الفلسطينيون خلال عملية المرور لتفتيش مذل ومهين، ويضطرون للانتظار ساعات طويلة حتى يسمح لهم بالمرور، وعند المرور من معبر بيت حانون يُفرض على المسافر حتى ولو كان مريضا السير على الأقدام مسافة تزيد على كيلومتر حتى يتمكن من الوصول إلى الجانب الإسرائيلي من المعبر.
ويتم في أحيان كثيرة احتجاز المواطنين أو التجار والتحقيق معهم من قبل أجهزة المخابرات التي تستغل حاجة المواطنين في التنقل لأغراض الحصول على معلومات أو الابتزاز والتهديد أو حتى المنع من السفر أو الاعتقال.
أضرار الإغلاق
تعيق الإغلاقات سير الحياة اليومية للقطاع، بحيث تمنع دخول التجار والصحفيين والأجانب وغيرهم من المسافرين، وتؤدي كذلك إلى إلحاق الضرر بالحالات الإنسانية ومنع دخول المرضى ومرافقيهم.
كما تتسبب الإغلاقات بخسائر اقتصادية كبيرة، وبحسب الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في غزة، فإن الإغلاق يكبّد القطاع خسائر تتجاوز مليون دولار يوميا، نتيجة منع نحو 19 ألف عامل من التوجه إلى مناطق عملهم داخل إسرائيل والضفة الغربية.
2- معبر "كرم أبو سالم"/"كيرم شالوم"
يقع أقصى جنوب شرقي قطاع غزة، على بعد حوالي 4 كيلومترات إلى الغرب من رفح، في نقطة التقاء الحدود بين مصر وقطاع غزة ودولة الاحتلال.
السيطرة
تسيطر إسرائيل على المعبر بالتنسيق مع مصر، وتشرف على الحركة التجارية فيه "اللجنة الرئاسية لإدخال البضائع" التابعة للسلطة الفلسطينية.
الأهمية
بعد إغلاق معبر المنطار (شمالي القطاع) أصبح معبر "كرم أبو سالم" يمثل المنفذ الأساسي لمرور البضائع بين إسرائيل وقطاع غزة، فهو بمثابة شريان الحياة بالنسبة لسكان القطاع، ويستخدم أحيانا لعبور المساعدات، كما يمر منه بعض الفلسطينيين حين يتعذر عليهم استعمال معبر رفح القريب منه.
ويتم من خلاله حوالي 57.5% من الحركة التجارية في قطاع غزة، حيث تدخل إلى غزة عبره الشاحنات التي تحمل منتجات أساسية والمواد الخام للصناعة والمعدات الطبية والمنتجات الغذائية والمواشي والفواكه، والوقود، ومواد البناء، وغيرها.
ويعتمد المزارعون وأصحاب المصانع والتجار في غزة، والذين يشغّلون الآلاف من العمال في القطاع، على معبر كرم أبو سالم لتسويق بضائعهم للضفة الغربية وإسرائيل، وكذلك دول الخارج.
وبالرغم من استخدامه بديلا لمعبر المنطار، إلا أن كفاءته أقل، حيث يقع معبر المنطار على بعد نحو 5 كيلومترات فقط من مركز مدينة غزّة، في حين يبعد معبر كرم أبو سالم نحو 40 كيلومترا عن مركز المدينة، التي تعتبر المنطقة ذات الكثافة السكانيّة الأعلى في قطاع غزّة، وتقع فيها معظم المصانع والمخازن التجاريّة.
ووجود مسافة كبيرة بين معبر كرم أبو سالم ومراكز التجارة والصناعة في قطاع غزّة والموانئ البحرية ومصافي البترول والمراكز الصناعية في إسرائيل، وكذلك عن المعابر التجارية في الضفة الغربية، أدى إلى ارتفاع هائل في تكاليف نقل البضائع من وإلى قطاع غزّة، وبحسب منظمة "مسلك" زادت تكلفة نقل البضائع عن طريق معبر كرم أبو سالم بأكثر من 50% من تكلفة النقل عن طريق معبر المنطار.
وإضافة لذلك، فإن معبر كرم أبو سالم صغير مقارنة بمعبر المنطار، ولا تتوفر فيه البنية التحتية الملائمة لحركة تجارية نشطة، ويعمل بطاقة محدودة جدا، وفيما كان معبر المنطار يعمل بطاقة ألف شاحنة يوميا، فإن كرم أبو سالم في أفضل أيامه لا يستوعب أكثر من 400 شاحنة فقط.
حركة المرور
بدأت إسرائيل بتشغيل معبر كرم أبو سالم لأول مرة عام 2005 لإتاحة دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، ثم شرعت بعمليّة إغلاق المعابر التجارية مع القطاع، وأبقت فقط على معبر كرم أبو سالم مفتوحا، ولم يُخصص أصلا كمعبر حصري لنقل البضائع من وإلى القطاع.
ومنذ تشديد الإغلاق الإسرائيليّ على القطاع في يونيو/حزيران 2007 وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2014، خرج ما يناهز 14 شاحنة شهريا من قطاع غزة إلى الخارج، معظمها محملة بالمنتجات الزراعيّة.
وفي 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، سمحت إسرائيل لأول مرة منذ الإغلاق بعودة التسويق المنتظم للبضائع من قطاع غزة إلى الضفة الغربية، وفي البداية سمحت بتسويق المنتجات الزراعيّة فقط، ولاحقا تم السماح بتسويق منتجات صناعات النسيج والأثاث. وفي عام 2019 بلغ عدد شاحنات البضائع التي تمر من المعبر نحو 262 شاحنة شهريا.
مضايقات الاحتلال
يتعرض المعبر لإغلاقات متكررة، كما يتم تقييد العمل فيه بساعات محددة، وتفرض السلطات الإسرائيلية شروطا معقدة تعرقل الاستيراد وتخنق التصدير، وتستخدمه من حين إلى آخر كورقة ابتزاز وضغط على حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
وبالرغم من تبرع حكومة هولندا بجهاز فحص بالأشعة السينية للحاويات، يتم تفريغ الحمولة ثم إعادة التحميل، حتى لو تم إجراء مسح للشاحنة.
ولا يوجد في المعبر خزانات لتخزين الوقود، لذلك يتطلب نقل الوقود تواجد شاحنة إسرائيليّة وأخرى فلسطينيّة في الوقت نفسه، الأمر الذي يبطئ الإجراءات ويهدر الوقت الكثير من أجل التنسيق.
ولا تسمح عمليّة نقل الوقود من شاحنة إلى أخرى بإجراء قياس دقيق لكمية الوقود التي يتم نقلها، ويشتكي التجار الفلسطينيون من فقدان آلاف اللترات التي تتراكم على شكل خسائر مادية يضطرون إلى تحملها كل شهر.
ومن جهة أخرى، يخضع الفلسطينيون عند مرورهم من معبر كرم أبو سالم لإجراءات معقدة، وعمليات إذلال وإهانة وابتزاز من قبل أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية.
أضرار الإغلاق
نظرا لكون معبر كرم أبو سالم المعبر التجاري الرئيسي لقطاع غزة، ومن خلاله يتم إدخال مواد البناء والسلع والمحروقات والمواد الغذائية التي يحتاجها القطاع، فإن إغلاقه يتسبب بأزمة اقتصادية ومعيشية كبيرة للقطاع.
ويتأثر بالإغلاقات والتضييقات قطاعا الزراعة والصناعة، كما يتأثر قطاع مزارع الأسماك، وتؤدي الإغلاقات إلى تعطيل الحياة التجارية والصناعية وينجم عنها خسائر كبيرة، وأضرار اقتصادية جسيمة للصناعات وأصحاب الأعمال والتجار.
وتؤدي الإغلاقات إلى منع تسويق البضائع من القطاع إلى الضفة وإسرائيل والخارج، وعدم وصول البضائع لأسواقها الطبيعيّة، ويعاني التجار والمسوقون من أضرار لا يمكن إصلاحها، ينتج عنه انهيار العديد من المصالح التجاريّة وتفشي البطالة، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى التدهور الاقتصادي، وتعميق الاعتماد على المساعدات الإنسانية.
المعابر المغلقة
1- معبر "المنطار"/"كارني"
يقع إلى الشرق من مدينة غزة، على خط التماس الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، وتسيطر عليه إسرائيل بالكامل.
الأهمية
أُنشئ المعبر عام 1994، بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وكان قبل إغلاقه الممر التجاري الرئيسي والأكثر تجهيزا من حيث المعدات والآليات والبنية التحتية التي تتيح حركة تجارية نشطة وفاعلة في الاتجاهين استيرادا وتصديرا.
وكان مخصصا للحركة التجارية من وإلى القطاع وكذلك لتصدير الخضراوات إلى الضفة الغربية، وبحسب اتفاقية المعابر، يسمح من خلاله بمرور 150 شاحنة يوميا، وهو الحد الأدنى من الاحتياجات لضمان سير الاقتصاد الفلسطيني بناء على تقديرات البنك الدولي، ثم زيد العدد إلى 400 شاحنة في عام 2006.
مضايقات إسرائيل
كان المعبر يتعرض لتفتيش شديد، وكانت إسرائيل تشترط تفتيشا مزدوجا لكل ما يمر عبر المعبر، فيفتشه طرف فلسطيني، ثم تفتشه شركة إسرائيلية متخصصة، بمعنى أن كل حمولة تفرغ وتعبأ مرتين، مما يعرض أي بضاعة لإمكانية التلف فضلا عن إضاعة الكثير من الوقت.
وشكل المعبر عبئا ماديا على سكان القطاع، خصوصا التجار والمزارعين، فقد تطلب منهم أن يدفعوا أموالا طائلة لنقل البضائع واستيرادها، حيث يعتبر إيصال البضائع من ميناء أسدود الأغلى والأكثر تكلفة في العالم، وكانوا كذلك يدفعون لسائقي الشاحنات الإسرائيليين والوسطاء الفلسطينيين أكثر من السعر الطبيعي بأضعاف.
وخرقت إسرائيل بنود اتفاق المعابر، إذ تغلق المعبر معظم أيام السنة، بحيث لم يفتح إلا 150 يوما طوال سنة 2007، ولم تسمح إسرائيل بمرور إلا عدد قليل من الشاحنات يوميا.
وكان المعبر يعمـل بنحو 23% من طاقته فقط، بسبب التعقيـدات الإسرائيلية والتي تكون ذات طابع أمني في معظم الأحيان، وهو ما أدى إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في القطاع، وارتفاع نسبة البطالة، وعانت أسواق غزة من نقص كبير في العديد من السلع والمواد الغذائية والأدوية.
إغلاق المعبر
أغلقت إسرائيل المعبر مع معابر أخرى كانت تربطها بغزة، بشكل مؤقت كرد فعل على عملية أسر المقاومة الفلسطينية للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، وفي عام 2011 أغلقت سلطات الاحتلال المعبر بشكل نهائي، وبقي معبر "كرم أبو سالم" المعبر التجاري الوحيد بين إسرائيل والقطاع
وشرع جيش الاحتلال، في مستهل ديسمبر/كانون الأول 2022، في عملية أطلق عليها "كارني عوز"، لإزالة معبر "كارني" على حدود قطاع غزة، لاستكمال إقامة عائق بري، على شكل جدار إسمنتي في مكانه، بحجة "تعزيز خط الدفاع على طول الحدود مع غزة".
2- معبر "العودة"/"صوفا"
يقع شرق مدينة رفح، إلى الجنوب الشرقي من خان يونس، وتسيطر إسرائيل عليه بالكامل.
الأهمية
يعد معبرا صغيرا يصل بين القطاع وإسرائيل، وهو مخصص للحركة التجارية، وأغلبها مواد بناء تعبر باتجاه واحد نحو قطاع غزة فقط، فلا تعبر منه أي مواد نحو إسرائيل، كما يستخدم لدخول العمال أحيانا.
الإغلاق
كان المعبر يخضع لعمليات إغلاق بحسب مزاج الأمن الإسرائيلي، وكانت إجراءات التفتيش فيه معقدة جدا، فالأمن الإسرائيلي يتعمد إفراغ الشاحنات القادمة من إسرائيل في ساحة كبيرة وتفتش تفتيشا يستمر ساعات طويلة قبل إخلاء سبيلها.
وفي عام 2008 أغلقته إسرائيل بشكل نهائي، واستخدمته في 2011 لإدخال شحنات مواد بناء خاصة بالأونروا لمرة واحدة.
3- معبر "الشجاعية"/"ناحال عوز"
يقع في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وتسيطر إسرائيل عليه بالكامل.
الأهمية
كان يمر عبره الوقود والغاز نحو القطاع بإشراف شركة إسرائيلية. وكان المعبر يحتوي على خزانات مخصصة لمشتقات البترول (السولار والبنزين) في الجزء الغربي منه، وأما الجـزء الشرقي فيحتوي على خزانات خاصة بالغاز الطبيعي، يتم تجهيزها بأنابيب تصل من الجانب الإسرائيلي إلى الجانب الفلسطيني من المعبر، بحيث يضخ عبرها الغاز القادم من إسرائيل.
الإغلاق
دأبت سلطات الاحتلال على إغلاق معبر الشجاعية يومين كل أسبوع، ما دفع العاملين في محطة توليد الكهرباء بغزة لاقتطاع كميات صغيرة وتخزينها لتغطية اليومين الذين يتوقف فيهما التزويد، وفي شهر يناير/كانون الثاني 2010 تم إغلاق المعبر بشكل كامل، وتم تحويله لموقع عسكري.
4- معبر "القرارة"/"كيسوفيم"
يقع إلى الشرق بين منطقتي خان يونس ودير البلح، وتسيطر إسرائيل عليه بالكامل. وهو معبر مخصص للتحرك العسكري الإسرائيلي.
الإغلاق
أُغلق المعبر منذ الانسحاب الإسرائيلي عام 2005 من قطاع غزة، ولا يفتح إلا لعبور الدبابات والآليات، في حال قرر الاحتلال شن عدوان على القطاع.