تهرب مليارديرات الولايات المتحدة من الضرائب.. هل حان الوقت لتحديد سقف للثروة؟

أغنى 25 شخصا في الولايات المتحدة بلغت ثرواتهم مجتمعة 1.1 تريليون دولار، أي ما يعادل الثروة التي يملكها 14.3 مليون أميركي من أصحاب الأجور

مليارديرات الولايات المتحدة تمكنوا من دفع ضرائب منخفضة من خلال الإعلان عن مداخيل ضئيلة مقارنة بثرواتهم الحقيقية (غيتي)

كشف تقرير جديد نشرته منظمة "بروبابليكا" (ProPublica) عن تدني ضرائب الدخل التي يدفعها أثرياء الولايات المتحدة مقارنة بالضرائب المفروضة على معظم أصحاب الدخل في أنحاء البلاد، وهو ما أثار الجدل مجددا حول تعمق فجوة التفاوت الاجتماعي ومشروعية تحديد سقف للثروة.

وفي تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" (washington post) الأميركية، تقول الكاتبة كريستين إيمبا إن المنظمة غير الربحية فحصت مجموعة من الإقرارات الضريبية الصادرة على مدى أكثر من 15 عاما، وخلصت إلى أن مليارديرات الولايات المتحدة تمكنوا -بشكل غير قانوني- من دفع ضرائب منخفضة من خلال الإعلان عن مداخيل ضئيلة مقارنة بثرواتهم الحقيقية.

وحسب تقديرات بروبابليكا، فإنه منذ عام 2014 إلى غاية 2018 دفع أغنى 25 أميركيا ضرائب تعادل 3.4% فقط من أرباحهم.

وترى الكاتبة أنه إذا كان أصحاب المليارات يدفعون مقدارا ضئيلا من ضرائب الدخل أو لا يدفعون شيئا على الإطلاق؛ فالمجتمع مسؤول عن ذلك، لأن الثروة الطائلة التي جمعها كل ملياردير هي نتاج سوء السياسات التي تنتهجها البلاد، وفق تعبيرها.

في الوقت الذي دفعت فيه جائحة كورونا أكثر من 100 مليون شخص في الولايات المتحدة إلى مستوى الفقر المدقع؛ يتنافس إيلون ماسك وجيف بيزوس على غزو الفضاء.

وأثير الكثير من الجدل والأسئلة المحرجة حول طرق التلاعب بالنظام الضريبي، والحيل الجديدة التي يبتكرها أصحاب المليارات من أجل التهرب من دفع المبالغ المستحقة للدولة، ومن هذا المنطلق، للسائل أن يسأل؛ هل يجب أن نفرض ضريبة أعلى على أرباح رؤوس المال، ونرفع معدل الضريبة على الشركات، وننشئ ضريبة ثروة؟

وتعتقد الكاتبة أن الأثرياء لا يهتمون كثيرا بمعالجة قضية التوزيع غير العادل للثروة، ففي الوقت الذي دفعت فيه جائحة كورونا أكثر من 100 مليون شخص في الولايات المتحدة إلى مستوى الفقر المدقع، يتنافس إيلون ماسك وجيف بيزوس على غزو الفضاء.

وحسب رأيها، فإن ما هو أهم من مناقشة التعديلات التي ينبغي القيام بها لإصلاح النظام الضريبي، تخيّلُ عالم خال من أصحاب المليارات ومن التفاوت الحاد في الثروات.

الأمريكيون الأثرياء يخفون مبالغ كبيرة من الدخل عن دائرة الإيرادات الداخلية.. هناك علاج بسيط لذلك
تدني ضرائب الدخل التي يدفعها أثرياء الولايات المتحدة مقارنة بالضرائب المفروضة على معظم أصحاب الدخل في أنحاء البلاد (شترستوك)

حد أقصى للثروة

سيتطلب القيام بذلك تنقيح مفهوم ما هو مقبول، أو ما هو عادل، وهو نهج يركز على الحد الأقصى من الثروة المسموح بامتلاكها، وبدرجة أولى على المقدار الكافي من المال الذي يحتاجه كل شخص.

وبصفتها مديرة مشروع "فير ليميتز" (Fair Limits project) بجامعة أوتريخت في هولندا؛ تجادل إنغريد روبينز بأنه ليس من المسموح أخلاقيا امتلاك موارد أكثر مما هو مطلوب لتعيش حياة مرفهة، ومثلما يتفق الجميع على أن هناك خط فقر لا ينبغي أن يصل إليه أحد؛ ترى روبينز أنه من الضروري تحديد "خط ثروة" لا ينبغي لأحد أن يتجاوزه، وهذا ما سيبني عالما أفضل.

ولا تفرض هذه النظرية أرقاما محددة للثروة القصوى المسموح بامتلاكها، ولكنها تركز على النظر فيما إذا كانت الأرقام منطقية أم لا.

ولهذا السبب، يدعو أنصار هذا التوجه إلى القيام بمراجعة جذرية للطريقة التي ننظر بها إلى مشاكل عدم المساواة، والتي ساهم تقرير بروبابليكا في الكشف عن جزء منها، وفقا للكاتبة.

وحسب بروبابليكا، فإن أغنى 25 شخصا في الولايات المتحدة حسب تصنيف "فوربس" (Forbes) السنوية، بلغت ثرواتهم مجتمعة 1.1 تريليون دولار، أي ما يعادل الثروة التي يملكها 14.3 مليون أميركي من أصحاب الأجور.

وقد يكون بيزوس والمليارديرات الآخرون أذكياء وموهوبين ومثابرين، لكن من المشكوك فيه أنهم يعملون بجد أكثر من أي شخص آخر، حسب الكاتبة.

وتمضي الكاتبة متسائلة عن مدى مساهمة المجتمع في السماح لبعض الأفراد بتحصيل كل تلك الثروات، وما الذي قد يحدث لو وُضع حد أقصى للثروة.

وتخلص إلى أنه يصعب الإجابة عن هذا النوع من الأسئلة، لكن من المحتمل أن تساعد تسريبات بروبابليكا في إثارة الجدل حول هذه القضايا الحساسة ومراجعة المسلمات وطرح المزيد من الأسئلة الوجودية.

المصدر : واشنطن بوست