هل التطبيقات الرقمية آمنة لتداول الأسهم؟

رغم الميزات التي توفرها مقارنة بالأساليب التقليدية، تعرضت التطبيقات الجديدة لانتقادات كثيرة وهناك من يرى أن بعضها أقرب إلى المقامرة

Trading Platform Robinhood Fined 65 Million By Securities And Exchange Commission
استخدام المستثمرين جهاز كمبيوتر أو هاتف جوال يؤثر على طريقة التداول (الفرنسية)

سبّب صغار المتداولين فوضى كبيرة في أسواق المال الأسبوع الماضي، ضمن المعركة على أسهم "غيم ستوب" (GameStop) باستخدام منصات التداول الرقمية، وإليك أهم إيجابيات هذه المنصات وسلبياتها.

وفي تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" (The Guardian) البريطانية، يقول الكاتب أليكس هيرن إن قيمة سهم "غيم ستوب" (أكبر شركة بيع بالتجزئة لألعاب الفيديو في العالم) بلغت نهاية الشهر الماضي 482 دولارا بسبب الحملة التي قام بها آلاف المتداولين عبر المنتديات والمواقع على الإنترنت، في مواجهة صناديق التحوط.

وبسبب تلك الحملة، تكبدت بعض صناديق التحوط خسائر بمليارات الدولارات، في حين حصد المتداولون أرباحا كبيرة، خاصة أنهم باعوا الأسهم قبل أن تنزل قيمتها إلى أقل من 100 دولار، واستخدم العديد من هؤلاء المضاربين جيلا جديدا من تطبيقات تداول الأسهم، مثل "إي تورو" (eToro) و"روبن هود" (Robinhood) و"تريدينغ 212″ (Trading 212). فهل قلبت هذه المنصات موازين القوة المالية؟

ما الذي تقدمه التطبيقات الجديدة؟

الفرق الأساسي بين هذه التطبيقات الجديدة والأنظمة التقليدية المعمول بها يكمن في التكلفة؛ حيث قامت المنصات الجديدة -مثل "روبن هود" و"تريدينغ 212″- بتقديم صفقات من دون رسوم، فأحدثت بذلك فرقا كبيرا مقارنة بالطرق التقليدية، حيث إن الوسيط التقليدي يفرض رسوما ثابتة على الصفقات، ويحصل على مبالغ كبيرة مقابل خدمات التداول.

وحتى وقت قريب، كان معظم صغار المستثمرين يركزون على شراء وبيع الأسهم والسندات والصناديق التي تجمع عشرات أو مئات المنتجات المالية الأخرى، لكن التطبيقات الجديدة عملت على توسيع مجالات الاستثمار، حيث تسمح بتداول العملات المشفرة والأصول الرقمية مثل بتكوين وإيثريوم ومونيرو.

وبالنسبة لأولئك الذين يرغبون في التمسك بأسهم بسيطة نسبيا، تقدم التطبيقات أدوات مالية أخرى، سواء من خلال الشراء بالهامش (الحصول على قرض لشراء أسهم إضافية)، أو شراء أسهم قابلة للارتفاع أو الانخفاض بمقدار معين، ويمكن أن تدرّ أرباحا هائلة.

ومن الميزات التي تقدمها منصة "إي تورو" القدرة على نسخ تداولات أنجح المستثمرين المؤثرين على المنصة، وبدل تكليف وسطاء بمراقبة أموالك، يمكن أن تتجنب دفع الرسوم وتكتفي بمتابعة متغيرات السوق؛ وبذلك تحصل على عوائد أفضل.

GameStop
قيمة سهم "غيم ستوب" بلغت نهاية الشهر الماضي 482 دولارا (الأناضول)

تأثير الكمبيوتر والجوال

أظهر بحث جديد نشره المكتب الوطني الأميركي للبحوث الاقتصادية أن استخدام المستثمرين جهاز كمبيوتر أو هاتف جوال يؤثر على طريقة التداول.

وبعد متابعة عدد من الأشخاص الذين تداولوا الأسهم من خلال بنكين ألمانيين، وجدت الدراسة أن التداول عبر الهاتف الجوال يؤدي إلى قرارات أكثر جرأة، ويشجع المتداول على متابعة العوائد السابقة.

وحدث الأمر ذاته عند استخدام أجهزة الكمبيوتر المحمولة، مما يشير إلى أن متابعة حركة الأسواق باستمرار غيّر بشكل أساسي طريقة تفكير المستثمرين خلال عمليات التداول اليومي.

هل يعد الاستثمار في بعض الأدوات المالية المعقدة قرارا صائبا؟

يؤكد الكاتب أن منصة "روبن هود" تعرضت لنقد لاذع في العديد من المرات بسبب "التأثير الإدماني" الذي تمارسه على المستخدمين، وهو ما يتسبب في خسارة الكثير من الأموال بسرعة كبيرة، خاصة عند التداول في الأدوات المالية المعقدة، ومنها تداول الخيارات.

ويعني تداول خيار الشراء أنك إذا أنفقت 20 دولارا على شراء 20 خيارا لأسهم بسعر 20 دولارا، ثم ارتفع السهم إلى 25 دولارا، فإنك ستربح 100 دولار، ولكن إذا اشتريت خيارات الشراء، وانخفضت قيمة السهم، ولو بنسا واحدا، فإنك ستخسر كل شيء.

لذلك، تعرض التطبيق للكثير من الانتقادات، ورأى البعض أنه أقرب إلى المقامرة منه إلى الاستثمار، والمشكلة أن بعض المستخدمين لا يفهمون تماما طبيعة هذه الخيارات، مما يؤدي إلى نتائج مأساوية، وفي يوليو/تموز الماضي انتحر أليكس كيرنز، وهو متداول يبلغ من العمر 20 عاما، بعد أن وصلت ديونه إلى 730 ألف دولار.

مخاطر كبيرة

يرى الكاتب أن ظهور المنصات الجديدة يشكل بعض المخاطر التي يحتاج القطاع المالي إلى التعامل معها، حيث يشهد القطاع التحولات نفسها التي شهدها عالما السياسة والإعلام على مدار 20 عاما الماضية، حيث إن أعدادا كبيرة من مستخدمي المواقع ومنصات التواصل الاجتماعي أصبح لهم نفوذ في السوق يضاهي نفوذ المؤسسات التقليدية.

ومن السهل -وفقا للكاتب- أن نرى مدى التأثير الذي لعبه المتداولون عبر المنصات الرقمية عندما نسّقوا جهودهم ضد صناديق التحوط، التي خسرت مبالغ هائلة، ويمكن أن تؤدي مثل هذه الحملات إلى مزيد من المخاطر على الاقتصاد مستقبلا.

المصدر : غارديان