رفع رسوم مرور السفن.. كيف تستفيد مصر من أزمة ارتفاع أسعار النفط؟

هيئة قناة السويس أعلنت عن رفع رسوم عبور جميع أنواع السفن للقناة بنسبة 6% في 2022 باستثناء ناقلات الغاز الطبيعي المسال وسفن الرحلات السياحية.

نحو 30% من حاويات الشحن في العالم تمر يوميا عبر قناة السويس (الفرنسية)

القاهرة – بعد سلسلة طويلة من خفض رسوم مرور السفن عبر قناة السويس لمواجهة تداعيات جائحة كورونا التي أثرت بشكل كبير على حركة التجارة العالمية، قررت مصر وضع حد لها وزيادة رسوم العبور.

وأعلنت هيئة قناة السويس يوم الخميس الماضي، في بيان، عن رفع رسوم عبور جميع أنواع السفن للقناة بنسبة 6% في 2022، واستثنت ناقلات الغاز الطبيعي المسال وسفن الرحلات السياحية، مشيرة إلى أن القرار سيدخل حيز التنفيذ في فبراير/شباط المقبل.

وأكد رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع حرص الهيئة على تطبيق إستراتيجية تسعيرية وتسويقية متوازنة ومرنة تحقق مصالح الهيئة وعملائها، مشيرا إلى حرص الهيئة أيضا على ريادة القناة وجعلها الاختيار الأمثل والأسرع والأقصر للعملاء مقارنة بالطرق المنافسة الأخرى.

وتأمل مصر في الاستفادة من توقعات صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية بشأن نمو الاقتصاد العالمي بمعدلات تبلغ 5.9% و4.9% فى عامي 2021 و2022، واستمرار نمو حركة التجارة العالمية، وارتفاع الطلب على النقل البحري بمعدلات تبلغ 6.7% و4.7% على الترتيب في عامي 2021 و2022.

كيف تستفيد مصر؟

والآن وبعد سلسلة تخفيضات أجرتها هيئة قناة السويس، نتيجة تداعيات جائحة كورونا من جهة وانهيار أسعار النفط العام الماضي من جهة أخرى، وبحث شركات الملاحة البحرية عن بدائل أرخص، كيف تستفيد مصر من ارتفاع أسعار النفط لأعلى مستوى منذ عدة سنوات؟ وهل تظل قناة السويس الخيار الأفضل رغم زيادة رسوم المرور؟

أكد كبير مرشدي هيئة قناة السويس القبطان فريد رشدي أن مصر سوف تستفيد اقتصاديا على صعيد الملاحة البحرية من ارتفاع أسعار النفط، رغم رفع رسوم عبور السفن، وأنها قد تخفض الرسوم إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

وأوضح في تصريحات للجزيرة نت أن مسألة تحديد رسوم عبور قناة السويس تخضع لدراسات مستفيضة يعدها خبراء الوحدة الاقتصادية التابعة لإدارة التخطيط والبحوث والدراسات بالهيئة، بناءً على العرض والطلب والعديد من العوامل والمؤشرات الاقتصادية، ومن المتوقع زيادة الإيرادات لمستوى قياسي.

وشدد رشدي على أن قناة السويس تظل هي الخيار الأفضل والأكمل لمرور جميع أنواع السفن لتضافر العديد من الأسباب، على رأسها الأمان المرتفع الذي تتمتع به القناة، وتوفير الوقت بعد تقليص زمن المرور، وإقامة العديد من المشروعات اللوجستية لخدمة السفن والملاحة البحرية.

قناة السويس سجلت إيرادات سنوية تعد الأعلى في تاريخها بـ5.84 مليارات دولار في السنة المالية 2020-2021 (الفرنسية)

زيادة الإيرادات

يتزامن قرار هيئة قناة السويس رفع رسوم عبور القناة مع إعلان الهيئة تحقيق إيرادات بلغت 551 مليون دولار في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بنسبة زيادة قدرها 12.4% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

وأرجع رئيس الهيئة الزيادة الكبيرة التي شهدتها إحصائيات الملاحة بالقناة خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي بشكل أساسي إلى نتائج السياسات التسويقية المرنة التي انتهجتها القناة في التعامل مع مختلف أنواع السفن العابرة للقناة لا سيما ناقلات الغاز الطبيعي المسال.

وأوضح الفريق ربيع أن إحصائيات الملاحة بالقناة خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي سجلت أرقاما قياسية غير مسبوقة، محققة أعلى حمولة شهرية في تاريخ القناة قدرها 112.1 مليون طن، مشيرا إلى عبور 1847 سفينة الشهر الماضي مقابل عبور 1620 سفينة خلال الشهر نفسه من العام 2020.

وخلال العام المالي 2020-2021 سجلت قناة السويس إيرادات سنوية تعد الأعلى في تاريخها بـ5.84 مليارات دولار بزيادة قدرها 2.2%، مقارنة بـ5.72 مليارات دولار للعام المالي 2019-2020.

موازنة بين الطرفين

من جهته، قال عضو لجنة النقل والمواصلات بالبرلمان المصري سابقا المهندس محمد فرج إن "أي زيادة أو تخفيض في رسوم مرور السفن لقناة السويس تخضع لدراسات كثيرة بين خبراء الهيئة لتحديد قيمة الرسوم".

وأضاف للجزيرة نت أن الهيئة تجري مقارنات دائمة بين تكلفة مرور السفن عبر قناة السويس وطريق رأس الرجاء الصالح (الأطول) كلما ارتفعت أسعار النفط أو انخفضت حتى تحدث نوعا من التوازن والمرونة، خاصة وأن شركات الملاحة تبحث أيضا عن تقليل تكلفة رحلاتها البحرية.

واعتبر فرج أنه بالإضافة إلى أزمة ارتفاع أسعار النفط، هناك أزمة سلاسل التوريد العالمية التي يعاني منها العالم، وتعد هذه فرصة لمصر لرفع رسوم عبور السفن لرفع إيرادات القناة من جهة، ومحاولة تقليل أزمة ارتفاع أسعار السلع والنقل من جهة أخرى.

كورونا تجبر مصر على خفض رسوم العبور

وكانت هيئة قناة السويس قد قررت نهاية العام الماضي خفض رسوم مرور ناقلات النفط التي تزيد حمولتها على 250 ألف طن بنسبة 48% حتى 31 مايو/أيار الماضي، كما قررت الهيئة استمرار العمل بالتخفيض الممنوح لناقلات الغاز المسال (المحملة أو الفارغة).

وبررت الهيئة قرارات التخفيض المتوالية حينها بأنها تأتي ضمن آليات تشجيع ناقلات الغاز البترولي المسال على عبور قناة السويس، حيث تمنح نسب تخفيض تتراوح بين 24% و75%، والحفاظ على تنافسية أحد أهم الممرات الملاحية في العالم.

وتجلت أهمية قناة السويس عندما جنحت إحدى سفن الحاويات العملاقة في نهاية مارس/آذار الماضي بها، مما أدى إلى توقف حركة الملاحة فيها لبضعة أيام، الأمر الذي أثار قلق العالم حينها وتابعته وسائل الإعلام العالمية لحظة بلحظة.

ويمر نحو 30% من حاويات الشحن في العالم يوميا عبر قناة السويس البالغ طولها 193 كيلومترا، ونحو 12% من إجمالي التجارة العالمية من جميع السلع.

خطة طموحة ونتائج متواضعة

وبهدف زيادة إيرادات قناة السويس، تبنى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مشروعا قوميا في أغسطس/آب 2014 لحفر قناة موازية بطول 72 كلم (مقسمة إلى 35 كلم حفر، و37 كلم توسيع وتعميق تفريعات البحيرات الكبرى والبلاح، وبعمق 24 مترا)، تم الانتهاء منه في عام واحد فقط بتكلفة تقديرية تجاوزت 8 مليارات دولار.

وبحسب رئيس هيئة قناة السويس السابق مهاب مميش، في تصريحات له عام 2015، فإن المشروع كان سيزيد دخل القناة في أول عامين (حتى 2017) ليبلغ 8 مليارات دولار سنويا (وهو ما لم يحدث)، ثم يرتفع بحلول عام 2023 إلى 13.4 مليار دولار سنويا.

لكن وفق آخر تقرير للمركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري، زادت إيرادات قناة السويس بنسبة 13.7%، حيث سجلت 5.8 مليارات دولار في 2020-2021 مقارنة بـ5.1 مليارات دولار في 2015-2016.

المصدر : الجزيرة