هل يستطيع المهاجرون سد النقص في العمالة الأميركية؟

Steel worker driving forklift in steel manufacturing facility
جلب المزيد من العمال الأجانب ذوي الأجور المنخفضة سيساهم في سد النقص الحاد في العمالة في صناعات معينة (غيتي)

تواجه الشركات في جميع أنحاء الولايات المتحدة صعوبات في العثور على عدد كاف من الموظفين لسد احتياجاتها، والحل الوحيد لهذه المعضلة هو استقدام المزيد من العمال الأجانب.

وفي تقرير نشره موقع "فوكس" (vox) الأميركي، قالت الكاتبة نيكول ناريا إن الولايات المتحدة تحتاج إلى ما يقارب 10 ملايين شخص من ذوي المهارات العالية والأجور المنخفضة لسد النقص في العمالة.

ومع أن الزيادة في فرص العمل وصلت إلى مستويات تاريخية في يوليو/تموز، وتم إنهاء إعانات البطالة في سبتمبر/ أيلول، فإن الأميركيين لم يعودوا إلى العمل ولا سيما في الصناعات ذات الأجور المنخفضة التي سجلت أرقاما قياسية في عدد الموظفين المستقيلين.

وذكرت الكاتبة أن السلطات الأميركية عادة ما تلجأ إلى إغلاق الحدود لحماية العمال الأميركيين عندما يكون الاقتصاد هشا، وهذا ما حدث خلال الوباء، حيث أغلقت السلطات الحدود الجنوبية أمام المهاجرين وطالبي اللجوء وحتى أمام طلبات الهجرة القانونية.

عموما، أظهرت الأبحاث الاقتصادية أن توافد العمال الأجانب ذوي الأجور المنخفضة ليس له تقريبا أي تأثير سلبي على أجور أو نسق توظيف العمال الأميركيين. وفي ظل الظروف الحالية، من شأن الترحيب بالمزيد من العمال الأجانب ذوي الأجور المنخفضة سد النقص الحاد في العمالة في صناعات معينة، وهذا الأمر سيساعد المناطق المتضررة بشدة في البلاد على التعافي وتجنب ارتفاع التضخم.

ومن بين الصناعات التي تواجه حاليا أسوأ نقص في العمالة: البناء والنقل والتخزين والضيافة والخدمات الشخصية مثل الصالونات والمغاسل وخدمات الإصلاح والمتعهدين. وبحسب الأرقام الرسمية، يمثل المهاجرون حوالي ربع العاملين في قطاع البناء، لكن هذا الرقم على الأرجح أقل من العدد الفعلي، لأن العديد من عمال البناء يعملون دون عقود.

وبالنسبة للعديد من الذين عملوا قبل الوباء في وظائف غير مرغوب فيها أو منخفضة الأجر، فإن تعافي الاقتصاد ووفرة فرص العمل يعني اكتساب قدرة أكبر على المساومة وتحسين ظروف العمل، ولكن خبراء الاقتصاد يحذرون من أن النقص الحاد في العمالة يمكن أن يهدد النمو الاقتصادي بشكل عام، وربما يؤدي إلى ارتفاع نسبة التضخم.

وأشارت الكاتبة إلى أن الحكومة الفدرالية لا تستطيع إجبار الناس على العمل، لكن بإمكانها أن تسهل وصول المهاجرين إلى الوظائف المطلوبة، وبالتالي تجنب المشاكل الاقتصادية في طريقها للخروج من الركود الذي تسببت فيه الجائحة.

The U.S Capitol building is fenced after the massive protest The U.S Capitol building is fenced after the massive protest - - WASHINGTON D.C., USA - JANUARY 07: Workers install fences in front of The U.S Capitol building after massive protest as Trump supporters entered the building in Washington D.C., United States on January 07, 2020. DATE 08/01/2021
كان للوباء تأثير سلبي محدود على نمو الصناعات التي غالبا ما تعتمد على العمال الأجانب ذوي المهارات العالية (الأناضول)

جلب المزيد من العمال الأجانب

كان التعافي الاقتصادي من الوباء متفاوتا من حيث مستويات الدخل والجغرافيا، فقد تضررت بشكل كبير الولايات التي تعتمد على السياحة، بينما تتعافى ولايات أخرى ببطء بسبب عدم توفر اليد العاملة. ولطالما كان هناك نقص في العمالة في الصناعات الماهرة، بدءًا من الرعاية الصحية إلى التكنولوجيا، مما يعيق النمو الاقتصادي والابتكار. وبشكل عام، يتمتع العمال المهاجرون المتخصصون في هذه القطاعات بإمكانية أكبر على منافسة العمال الأميركيين، مقارنة بالعمال ذوي الأجور المنخفضة.

وخلال الوباء، استمر الطلب على العمال ذوي المهارات العالية، حيث وجد تقرير صادر عن "نيو أميركان إيكونومي" في يونيو/حزيران، أن أرباب العمل طلبوا عمالا أجانب متخصصين في مجالات الحاسوب والرياضيات بمعدل أعلى قليلا من المعتاد.

ويقول التقرير "كان للوباء تأثير سلبي محدود على نمو الصناعات التي غالبا ما تعتمد على العمال الأجانب ذوي المهارات العالية، وذلك بسبب النقص المزمن الذي تعاني منه على مستوى العمالة، والفشل في تمكين أرباب العمل من سد الفجوات الحرجة في القوى العاملة يعيق قدرتهم على تحقيق إمكاناتهم الاقتصادية، مما يعيق النمو الاقتصادي على الصعيد الوطني".

وأوردت الكاتبة أن الولايات المتحدة بحاجة إلى ما يقارب 10 ملايين شخص من العمال ذوي الأجور المنخفضة والعمال ذوي المهارات العالية، لسد النقص في القوى العاملة على الصعيد الوطني، والمهاجرون على استعداد للعمل في هذه الوظائف، والذهاب إلى حيث توجد فرص العمل، ومستعدون للقيام بذلك الآن.

وقدوم المهاجرين إلى الولايات المتحدة من شأنه أن يحلّ مشكلة نقص العمالة التي لم يتمكن الأميركيون من إصلاحها بأنفسهم، ويسرّع عملية التعافي الاقتصادي للبلاد، ولكن العامل الوحيد الذي يحول دون تحقيق ذلك هو سياسة الولايات المتحدة.

استقدام العمال

ومن بين برامج التأشيرات القليلة المصممة لاستقدام العمال الأجانب ذوي الأجور المنخفضة، برنامج إتش-2 (H-2)، الذي يسمح لأرباب العمل بتوظيف عمال موسميين في صناعات مثل السياحة والصيد البحري، ويتيح هذا البرنامج سنويا جلب 66 ألف عامل أجنبي كأقصى أحد بتأشيرة مؤقتة، باستثناء العمال الزراعيين.

ويمكن لوزارة الأمن الداخلي توفير 64 ألف تأشيرة إضافية سنويًا دون أي إجراء من الكونغرس، وقد وفرت إدارة بايدن 22 ألف تأشيرة إضافية في وقت سابق من هذه السنة، ويمكن أن تضيف المزيد في المستقبل.

لكن هناك بعض القيود على هذا البرنامج، فرغم أنه يساعد الشركات على تلبية الطلب على اليد العاملة في فترات الذروة، تعاني العديد من الصناعات نقصا في العمالة على مدار السنة، كما يمنح المهاجرين تأشيرة مؤقتة للعمل في الولايات المتحدة بشكل قانوني، في حين لا توجد ضمانات لبقائهم في البلاد على المدى الطويل.

وأشارت الكاتبة إلى أن إدارة بايدن ينبغي أن تعيد فتح القنصليات التي لا تزال مغلقة أو توفر خدمات محدودة بسبب الوباء، لضمان مقابلة المهاجرين والنظر في مطالبهم في الوقت المناسب، وسيساعد ذلك على تسريع النظر في مطالب التأشيرات والإقامة الدائمة المتراكمة منذ فترة طويلة. ومن المحتمل أن يتطلب القيام بذلك تمويلا إضافيًا لوزارة الخارجية، ومنح خدمات المواطنة والهجرة الأميركية الأولوية للتأشيرات ومطالب الإقامة الدائمة.

وذكرت الكاتبة أن الخطوات التي يمكن لإدارة بايدن اتخاذها من جانب واحد محدودة، وحتى يزيد مستوى الهجرة عما كان عليه قبل الوباء وفي عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، لا بد من أن يتخذ الكونغرس الإجراءات اللازمة.

المصدر : فوكس