شعار قسم مدونات

غزة والطريق الصعب

blogs- غزة

إسقاط المقاومة المسلحة في غزة بات حُلمٌ "لإسرائيل"، فلا تفتحوا لها آفاقاً للتخلص من أمل أحلامنا البعيدة بالعودة إلى القدس وحيفا وعكا وعسقلان واللد والرملة، لن أسهب كثيراً في الحديث عن قطع الطريق أمام الاحتلال الصهيوني في تحقيق مآرب الذئب على أرض غزة التي حمت نفسها في واقع ومحيط مؤلم، لكن وجب التنبيه والتحذير.

حديثنا الهام.. إن التظاهر حقٌ مكفول لجميع الشعوب في التعبير عن آراءها والمطالبة بحقوقها، واليوم غزة تعاني عشرة أعوام من الحرب الناعمة تخللها ثلاث فصول من العدوان العسكري، وانقطع السبل بأهلها، وجاء وقت خروج الناس للشوارع وكسر حالة القلق التي كان يتمتع بها "بان كي مون"، جاء وقت إسماع أصواتنا للأمم المتحدة، وهتافاتنا لجامعة الدول العربية، وإرباك حسابات الكيان الصهيوني للعمل على تخفيف الحصار عن غزة الذي سينفجر في وجهه كأولى الحلقات وأعقدها.
 

اعتصموا أمام المعابر المغلقة، اذهبوا للحدود، لشركات الكهرباء، للصليب الأحمر، للمؤسسات الحكومية، طالبوا الفصائل وجميع القيادة الفلسطينية لإيجاد الحلول.

الأزمات لم تُعفي أحداً من سكان غزة، فليخرج الناس بكافة الأطياف إلى الشوارع، ويسيروا المظاهرات داخل أزقة المخيمات وأحياء المدن، لا تعلنوا عن سلمية المظاهرات، فالأجهزة الأمنية أبناؤنا وأهالينا وهم من الشعب، ولن يتركوكم دون حماية، لا تعطوا المارقين الدولاب لسوق المظاهرات طريق الاحتجاجات والتخريب والتعطيل.

اعتصموا أمام المعابر المغلقة، اذهبوا للحدود، لشركات الكهرباء، للصليب الأحمر، للمؤسسات الحكومية، طالبوا الفصائل وجميع القيادة الفلسطينية لإيجاد الحلول، طالبوهم لتحقيق الوحدة، للسعي الحثيث لإنهاء معاناتكم، لكن لا ترجموا الحجارة، لا تهاجموا أحداً، لا تشتموا، فغزة تستحق الكثير، اعملوا جميعاً من أجلها، رسخوا حضارتكم ومجدكم، أظهروا أرواح أبو عمار والياسين والشقاقي وأبو علي مصطفى، التي واجهت وناضلت من أجلكم ومن أجل الوطن، حافظوا على إرثهم وإرثكم.

الحلول السياسية:
لا يخفى على أحد مَن المتسببون بأزمات قطاع غزة، فالأسماء والأرقام والإحصاءات بين أيديكم، وكل الحلول المقترحة منذ عشرة أعوام لا بد أن تطرق باب السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية للموافقة عليها والبدء في تنفيذها، مع بدء تجدد الأوضاع الكارثية بدأت الحلول تطفوا من جديد لتحتاج الإذن النهائي من السلطة، وسكان غزة بانتظار إعطاء الضوء الأخضر للعمل على إنهاء معاناتهم وعدم التلاعب والتلذذ بها.

إن من المعروف أن السلطة تهربت وتنصلت كثيراً من واجباتها تجاه قطاع غزة، بل وعملت على خلق الظروف المُهَيِأة للأزمات، وفرض نفسها كاحتلال آخر على ساكنيه، ومع استعداد بعض الدول كتركيا وقطر والإمارات في المساهمة لإيجاد الحلول لكثير من الأزمات وأكبرها الكهرباء، يراقب أهل القطاع ردود السلطة على مقترحات تلك الدول، وإن استكملت مسير قطارها فوق آلامهم وجراحهم فإن حلها سيكون مطلب شعبي ووطني جامع.
 

مع إنكار السلطة لحقوق الفلسطينيين في قطاع غزة، ووجود حركة حماس وسط الأزمات والتي عانت وتعاني من آثار الحصار والتضييق، يأتي دورها لتصدر المشهد وإعادة ترتيب الأوراق المبعثرة، ودراسة الحلول السياسية الموجودة رغم صعوبة تحقيقها، وهناك عدة حلول لدى حماس بإمكانها السعي للوصول إليها، وهي: 

أولاً / بدء المشاورات والمحادثات مع حلفائها (تركيا وقطر) بتجاوز السلطة بمقترحاتهم، والتنسيق المباشر مع الكيان الصهيوني بحكم العلاقات المتبادلة بينهم، والعمل على تنفيذ مشاريعهم في قطاع غزة.
 

الواجب على حماس تشكيل خلية أزمة تتكفل بإدارة قطاع غزة، وتتصدر المشهد السياسي وتباشر عملها كممثل لأهالي قطاع غزة، وتكون المسؤولة أمامه..

ثانياً / في حال فشل الاقتراح الأول، فلا قواعد ثابتة في السياسة والذهاب للمقترح الآخر، وهو الجلوس مع القيادي الفتحاوي المفصول "محمد دحلان" ودراسة المقترح الإماراتي والتنسيق مع مصر والاستفادة من علاقات الثلاثي في إيجاد حل جذري.

ثالثاً / عقد جلسة طارئة للمجلس التشريعي، ودعوة كافة الفصائل لها، وتشكيل خلية أزمة تتكفل بإدارة قطاع غزة، وتتصدر المشهد السياسي وتباشر عملها كممثل لأهالي قطاع غزة، وتكون المسؤولة أمامه.

إن المقترح الثالث أهم المقترحات، فوجود الفصائل مجتمعة يجعلها أكثر قدرة على الاتصال مع كافة الأطراف، وزيادة في الضغط لتحقيق الحياة الكريمة، وأكثر استطاعة لمحاسبة المتسبب بالأزمات الداخلية من مؤسسات وأشخاص فلسطينيين في حال إصرارهم على ابتزاز القطاع.

الخيار العسكري :
إن المعطيات كلها تشير إلى أسباب حياة اليأس التي وصل إليها قطاع غزة هي من خارج حدوده، والمؤشر الأول يقع على العدو الصهيوني الذي يُضيق حياة القطاع بشكل مباشر وغير مباشر عبر أطراف عدة، لذلك يبقى الخيار العسكري مطروحاً على الطاولة للتعامل مع الأزمات الراهنة، والهروب خطوة للأمام تجاه "إسرائيل" بديلاً لانتشار الفوضى والانهيار لقطاع غزة، رغم المحيط السياسي العربي والإقليمي الغير مهيأ لذلك، إلا أن ضرب العدو في مقتل، وإيلام سياسيهم ومجتمعهم واقتصادهم وجيشهم، سيكون سبباً في انصياع الاحتلال لمطالب المقاومة التي هي مطالب الشعب الفلسطيني.

الملاحظة الأخيرة :
جميعنا مع خروج المظاهرات المنتظمة ضد سياسة الظلم الممارسة، هناك أمران مهمان:
الأول / المحافظة على نسق وانتظام المظاهرات والعمل قدر المستطاع على عدم سيرها نحو الفلتان، بل إخبار الأجهزة الأمنية بكل من يحاول أن يحيد بها عن مسارها.

الثاني / تسييس المظاهرات عبر الشعارات والهتافات، واتهام حماس كمدير أمر واقع لقطاع غزة، وتوجيه الأصابع نحوها، سيعطيها الحق في دعوة أنصارها للنزول إلى الشارع فهم جزء من قطاع غزة المحاصر، ومن المتأثرين بالتضييق والحصار، وهنا ستتشتت المطالب ويبقى الحال على ما هو عليه، فالمحافظة على وحدة المظاهرات والمطالب سيكونان سبباً في الإتيان بالحلول.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.