لا يقتصر على الصغار.. خبراء يؤكدون فوائد اللعب للكبار

3- الكبار يشعرون بالراحة بأوقات اللعب ويتذكرون أيام الطفولة وينقلون ما تعلموه للأبناء- (بيكسلز)
الكبار يشعرون بالراحة خلال أوقات اللعب ويتذكرون أيام الطفولة وينقلون ما تعلموه للأبناء (بيكسلز)

عمان – يتعرّض الإنسان في حياته اليومية لضغوط نفسية ومشكلات ومواقف تؤثر في نفسيته وصحته وسلوكه، والاستمرار على هذه الحال قد يضر بعلاقته مع أسرته والآخرين.

ويعد اللعب بالنسبة للصغار والكبار من وسائل التسلية والترويح عن النفس وعن الآخرين، لا سيما ممارسة الألعاب الجماعية مع أفراد الأسرة ومع الأصدقاء.

ويرى المستشار الأسري الاجتماعي مفيد سرحان أن اللعب له أهمية كبيرة وفوائد عدة، أهمها أن الألعاب الجماعية تساعد في تقوية العلاقات الاجتماعية والأسرية، فضلاً عن العلاقة مع الآخرين.

Games for the elderly
لعب الشطرنج والنشاطات الترفيهية الأخرى تنشط الدماغ وتمنع مشكلات الذاكرة وتحسن وظائف المخ (شترستوك)

ويقول سرحان إن اللعب أيضا "وسيلة للتقليل من ضغوط العمل والتخفيف من أثر المشكلات التي تواجه الشخص، بالإضافة إلى أنها تساهم في التقليل من القلق والتوتر، وهي تمنح الإنسان الشعور بالسعادة والفرح.

ومثل هذه المشاعر تنعكس إيجابا على الآخرين أيضا، خصوصا أفراد الأسرة، ومن شأنها أن تساعد في تحسين العلاقات بين الناس عموما. وبعض الألعاب الهادفة تعلم الإنسان مهارات اجتماعية جديدة وتعزز لديه سلوكيات إيجابية".

الألعاب الجماعية وسيلة لتقوية الروابط الأسرية لأنها تتم في أجواء من الألفة والمحبة. وكما أن الإنسان بحاجة إلى المحافظة على صحته الجسدية، فإنه بحاجة إلى الاهتمام بصحته النفسية ومراعاة حاجات أفراد الأسرة المعنوية وليس فقط المادية، لأن الراحة النفسية مهمة للإنسان وتعينه على مواجهة متاعب الحياة اليومية ويصبح أكثر قدرة على الإنجاز والعطاء، وتحفّزه على مزيد من الإنتاجية داخل الأسرة وفي العمل، بحسب سرحان.

ويشير إلى أن اللعب والترفيه الجماعي الهادف يسهم في زيادة الشعور بالحيوية والنشاط، ويبعد الشخص عن الشعور الدائم بالملل والضجر، و"ما يتعلمه الإنسان من الآخرين قد يفوق ما يتعلمه من الكتب والدروس"، وفق تعبيره.

2- باللعب تتغير حالة الفرد النفسية ويتخلص من الضغوط والترسبات النفسية-(بيكسلز)
باللعب تتغير نفسية الفرد ويتخلص من الضغوط والترسبات النفسية (بيكسلز)

اللعب يعمق مشاعر الألفة

يقول المستشار سرحان إن ممارسة اللعب مع أفراد الأسرة، على اختلاف أعمارهم، تعمّق مشاعر الألفة والمحبة والاحترام المتبادل، وتبعد الإنسان عن نزعة الأنانية وحب الذات، وتسهم في تنمية المهارات والقدرات. فالصغير يتعلم من الكبير، والكبير يساهم في توسيع مدارك الصغير وينمّي مواهبه.

ويضيف "بعض الألعاب الهادفة تساهم في إكساب الأبناء احترام الآخرين والالتزام بالنظام، وتنمّي لديهم القدرة على التعامل مع المشكلات وحلّها، بالإضافة إلى إكسابهم القيم التربوية السليمة، وتصقل شخصيتهم من خلال التعلّم من الأخطاء والمواقف، مما يؤدي إلى زيادة الترابط بين الأبناء والآباء والأشقاء. ومن ثم فإن اللعب يُعد وسيلة هادفة لغرس الأخلاق الحميدة وتنميتها".

والكبار يشعرون بالراحة ويتذكرون أيام الطفولة وينقلون ما تعلموه للأبناء، وهم أيضا يشعرون بلذة خاصة لأنهم استطاعوا إسعاد الآخرين.

ويشدّد سرحان على ضرورة ألا يكون اللعب على حساب الأعمال الأساسية، أو يؤثر في العمل الرسمي للإنسان، أو يعطله عن أداء حقوق الآخرين، أو يمنعه من أداء العبادات، وأن لا يسبّب له أو لغيره الضرر الصحي أو النفسي أو المشقّة، خصوصا للنساء وللأطفال. فاختيار نوع اللعبة مهم للجميع.

ويستطرد المستشار الاجتماعي "ليس من الحكمة أن يشغل الإنسان جل وقته باللعب، أو أن يبدّد ماله في سبيله، مع ضرورة الانتباه إلى بعض الألعاب التي قد تعلّم الأبناء سلوكيات خاطئة، أو فيها تعارض مع الدين والقيم، فالهدف النبيل بحاجة إلى وسائل مشروعة، وأن تجمع الألعاب بين الحاجة الجسدية والعقلية والنفسية، وألا تؤدي إلى العزلة كما في بعض الألعاب الإلكترونية".

1-الألعاب الجماعية تساعد على تقوية العلاقات الاجتماعية والأسرية-(بيكسلز)
اللعب مع أفراد الأسرة على اختلاف أعمارهم يعمق مشاعر الألفة والمحبة (بيكسلز)

تفريغ الطاقة السلبية

يقول المتخصص في الطب النفسي الدكتور موسى مطارنة إن اللعب بأشكاله المختلفة مهم جدا، إذا كان ذا هدف، "فالإنسان دائما بحاجة إلى أوقات للترفيه والخروج من الروتين اليومي وتفريغ الطاقة السلبية واستبدالها بطاقة إيجابية. وهذا يتم عبر ممارسة نشاطات عدة منها اللعب".

ويشرح مطارنة قائلا "يُعد اللعب جزءا من حالة التغيير الإيجابية، ويمكن أن يكون جماعيا بعيدا عن روتين العمل ومشاغل الحياة التقليدية". ويرى أن حالة التغيير التي تتولّد من اللعب لها انعكاس إيجابي على نفس الإنسان ومزاجه.

ويضيف "عندما تتغير الحالة النفسية للفرد ويتخلّص من الضغوط والترسبات النفسية، بالتأكيد يصبح لديه صفاء أكثر وتوازن وتركيز أكبر، إذ يشعر بالراحة والسعادة والتفاؤل والأمل، ويبث طاقة إيجابية في كل الأماكن التي يوجد فيها".

في المقابل، فإن اللعب السلبي، مثل ألعاب الحاسوب والهاتف المحمول كـ"البوبجي"، وممارستها باستمرار، تشتت الطاقة الذهنية وتولد انعكاسات نفسية سلبية مثل التوتر والعصبية، وفق الدكتور مطارنة.

Games for the elderly
الألعاب الجماعية تساعد على تقوية العلاقات الاجتماعية والأسرية أيضا (شترستوك)

اللعب يربطك بالآخرين

على الرغم من أهمية اللعب بالنسبة لنمو الطفل، فإنه مفيد أيضا للأشخاص في جميع الأعمار، إذ يمكن أن يضفي المتعة ويخفف من التوتر، ويؤدي إلى زيادة مستوى التعلّم، ويربطك بالآخرين وبالعالم من حولك، ويمكن أن يجعل اللعب العمل أكثر إنتاجية ومتعة، وفق ما نشر موقع "هيلب غايد" (helpguide).

ويعدّد الموقع، في تقرير له، بعض فوائد اللعب، ومنها:

  • تخفيف التوتر: فاللعب ممتع ويمكن أن يؤدي إلى إطلاق مادة الإندورفين، وهي مواد كيميائية طبيعية تمنح الجسم الشعور بالسعادة، وتعزّز الشعور العام بالعافية، ويمكنها أن تخفف الألم موقتا.
  • تحسين وظائف المخ: يمكن أن يساعد لعب الشطرنج أو إكمال الألغاز أو متابعة النشاطات الترفيهية الأخرى التي تتحدى الدماغ، في منع مشكلات الذاكرة وتحسين وظائف المخ، ويمكن أن يساعد التفاعل الاجتماعي من خلال اللعب مع العائلة والأصدقاء في درء التوتر والاكتئاب.
  • تحفيز العقل وتعزيز الإبداع: غالبا ما يتعلم الصغار بشكل أفضل عندما يلعبون، وهو مبدأ ينطبق على البالغين، إذ ستتعلم مهمة جديدة بشكل أفضل عندما تكون مستمتعا وفي مزاج جيد، ويمكن أن يحفّز اللعب أيضا خيالك، ويساعدك في التكيّف وحل المشكلات.
  • تحسين العلاقات واتصالك بالآخرين: يمكن أن يؤدي مشاركة الضحك والمرح إلى تعزيز التعاطف والرحمة والثقة والألفة مع الآخرين، وليس ضروريا أن يتضمن اللعب نشاطا جسديا، إذ يمكن أن يكون حالة ذهنية تساعدك على الاسترخاء في المواقف العصبية وكسر الجليد مع الغرباء، وتكوين صداقات جديدة وعلاقات عمل جديدة أيضا.
  • الشعور بالحيوية وروح الشباب: يمكن أن يحسّن اللعب طاقتك وحيويتك وحتى مقاومتك للأمراض، مما يساعدك في العمل بأفضل ما لديك.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية