من تدوير بقايا أشجار الموز.. أردنية تفوز بجوائز عربية وتدرب فتيات وتقدم تراثيات للسياح
عمّان – يطوعن بقايا أوراق الموز وعشبة الحلفا وسعف النخيل وقش القمح لإنتاج مخرجات سياحية ثقافية تراثية تجسد تراث الآباء والأجداد، مثل الأطباق والسلال والقبعات والحُصر، إضافة لقطع تراثية تحاكي الماضي، وتحوز على إعجاب السياح.
تعمل الأربعينية الأردنية هديل فهد الصبيحي منذ 23 عاما في نثر عبير الفن التقليدي من الحرف التراثية، التي تنتجها بمساعدة من متدرباتها والعاملات معها، وتستمد مدخلات إنتاجها من بقايا الأشجار، إذ تعيد تدويرها بدلا من حرقها وتلويث البيئة فيها.
درست الصبيحي تخصص المحاسبة وعملت في ذات المجال 6 أعوام، لكنها تركت العمل للتفرغ لعائلتها وأطفالها، بحسب حديثها للجزيرة نت، وخلال وجودها بالبيت، بدأت بمشاريع منزلية بسيطة مثل نسيج الصوف وهدب الشماغات والطرق على النحاس وتنسيق الزهور وصناعة الصابون والشموع وغيرها.
ساعدها في تطوير أعمالها وتسويقها انضمامها لجمعية صناع الحرف التقليدية، التي تُعنى بتلك المنتجات، وقد "تعرفت من خلال الجمعية على البازارات والمعارض وفتحت الجمعية لي بابا لتسويق المنتجات وبيعها" كما تقول الصبيحي.
القشيات
تعرفت الصبيحي من خلال الدورات التدريبية التي شاركت فيها على مهنة حياكة القشيات وما يندرج تحتها من منتجات تشكل بقايا المواد الزراعية والخامات الطبيعية، وهي ما كان يستخدمها الآباء والأجداد.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsلمسة أنثوية تحول قطع الأثاث القديم لـ “جديد” بأسلوب غير تقليدي
“فابريك ايد”.. مبادرة أردنية تضع على عاتقها توفير “تسوق كريم” لذوي الدخل المحدود
أردنية تصمم كتبا تفاعلية ووسائل تعليمية للأطفال بأسلوب مبتكر
وتهدف من خلال عملها إلى "حماية التراث الثقافي والموروث الشعبي للأردنيين من الاندثار، وحماية البيئة من حرق بقايا المواد الزراعية، وإنتاج مواد طبيعية صديقة للبيئة والإنسان، وتستخدم في حفظ وتقديم أطعمته".
بدأت الصبيحي بإنتاج السلال والأطباق المستخدمة في حفظ الخبز وتقديم المأكولات، ثم تطورت لتصميم مقاعد للحدائق والمقاهي، ثم بدأت والعاملات معها بتنفيذ تصاميم تواكب تطورات العصر واحتياجات الفتيات مثل الحقائب، وأدخلت منتجاتها قطع الجلود والأقمشة المطرزة وخشب الزيتون، وبما يحتاجه الزبائن.
سهل ومُجدٍ
يعمل الى جانب الصبيحي فتيات وربات منازل، وجدن في حرفة صناعة الحرف التقليدية مصدر دخل يساعدهن في نفقات أسرهن، ويملأ أوقات فراغهن بما يعود عليهن بالخير.
الثلاثينية ربى خليل تخرجت في الجامعة قبل سنوات في تخصص الهندسة لكن لم تتوفر لها فرص عمل مناسبة لشهادتها، فتوجهت للعمل مع الصبيحي بعد دورات تدريبية في صناعة القشيات، لتنتج مقاعد وأطباقا وتحفا أثرية.
أما الأربعينية سهى الخطيب فتعمل في صناعة القشيات منذ 5 أعوام، تقول للجزيرة نت إن العمل بإنتاج القشيات "سهل وممتع ومجد ماليا، بحيث يعود على العاملات بدخل جيد يساعدهن في شؤون حياتهن".
غير أن موجة كورونا خلال العامين الماضيين "أوقف المبيعات وأغلق أبواب التسويق" كما تقول الخطيب. لكنها مستبشرة بعودة الحياة لطبيعتها، مع عودة المجموعات السياحية لزيارة الأردن، إضافة لتسويقها بشكل إلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
رد الجميل
لا تحتكر الصبيحي مهنتها، بل تسعى لمشاركة الراغبات بتعلم حرفة القشيات من خلال تقديم دورات تدريبية، لمساعدة المتدربات على تأمين مصدر دخل لهن.
قدمت مئات الدورات من خلال الجمعيات والمؤسسات الحكومية والأهلية والتراثية، وتمكنت الصبيحي من خلال التدريب فتح أبواب العمل أمام المتدربات وأسرهن، حتى بات "لدينا عائلات متخصصة بالعمل بحرفة القشيات، وذلك بعدما دربت أطفالا بعمر 8 سنوات وآباء وأمهات بعمر الخمسين والستين".
المتدربة الثلاثينية دلال موسى تشارك بدورات الصبيحي التدريبية، تقول للجزيرة نت "أتدرب بشكل أسبوعي منذ مدة، وأعمل حاليا على إتقان حرفة القشيات، فهي تختلف عن حياكة الصوف والتطريز والخرز، لكنها ممتعة وجميلة".
ترافقها للدورات اللاجئة السورية سلوى سعد التي تسعى لتعلم حرفة تساعدها في مصروف عائلتها ودفع إيجار البيت، إلى جانب عملها في إنتاج وبيع الأطعمة والحلويات الشامية.
وخلال عملها بالدورات التدريبية، قامت الصبيحي بتدريب لاجئات سوريات وعراقيات ويمنيات، إضافة لتدريب ذوات الاحتياجات الخاصة مثل الفتيات الكفيفات وذوات الإعاقة الجسدية، ومتلازمة داون، وتدريب نزيلات بالسجون من ذوات المحكوميات العالية، بالتنسيق مع إدارة مركز إصلاح وتأهيل النساء، بحسب قولها.
مشاريع وجوائز
أنشأت الصبيحي عدة مشاريع إنتاجية وأطلقت عدة مبادرات أبرزها مشروع "عبق الماضي" للحياكة، ومبادرة "تراثنا هويتنا" إضافة لرئاستها جمعيات حرفية، وعضويتها بالبرنامج الوطني الشبابي "أبناء الملكة".
وخلال مسيرتها الحرفية، حصدت الصبيحي عدة جوائز عربية ومحلية كان آخرها أفضل منتج عربي لعالم 2022، عن مشروعها منتجات شجر الموز، قدمتها لها الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة لتشجيع الأسر المنتجة محليا وعربيا بالبحرين.