لماذا تتأثر صحة طفلك النفسية عند الانتقال إلى منزل جديد؟

يجب مراعاة الجانب النفسي للطفل عند اتخاذ خطوة مهمة مثل الانتقال من المنزل أو المدرسة (بيكسلز)

عندما تأخذ الأسرة قرارا للانتقال إلى منزل مختلف وبيئة جديدة أو حتى دولة أخرى، قد يغفلون عن الاحتياجات العاطفية للطفل وتأثير الانتقال عليه نفسيا وعقليا.

وتُظهر بعض الأبحاث أن الانتقال -وخاصة الانتقال إلى مدرسة جديدة- قد يؤدي إلى إصابة الطفل بالاكتئاب والتدهور النفسي، وفقا للمرحلة العمرية.

في هذا التقرير، نستعرض كيف يؤثر الانتقال على صحة الطفل النفسية، وكيف من الممكن مساعدته على أن يحظى ببداية سلسة في منزل جديد وبيئة جديدة إذا ما كان قرار الانتقال ضروريا.

ميول عدوانية وإدمان

كشفت دراسة -نشرتها المجلة الأميركية للطب الوقائي عام 2016، في بحث أُجري على 1.5 مليون طفل لمدة تراوحت بين 20 و25 عاما- عن أن أولئك الذين انتقلوا خلال طفولتهم بصورة متكررة من منزل لآخر، أو مدينة لأخرى، أظهروا معدلات أعلى لمحاولات الانتحار والعنف والإجرام والأمراض العقلية وتعاطي المخدرات، وكان الأطفال في الفئة العمرية من 12 إلى 14 عاما الأكثر عرضة للخطر.

ومن المثير للاهتمام أن الدراسة وجدت أيضًا أن تأثير الانتقال لم يتغير عبر الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، بمعنى أن المستوى الاجتماعي أو مدى رفاهية الموقع الجديد لاستقرار الأسرة لم يكن له أي تأثير.

لذلك، بغض النظر عن الوضع المالي للوالدين، قد لا يزال الأطفال معرضين لخطر نفسي كبير بعد الانتقال المتكرر من منزلهم وبيئتهم في مرحلة الطفولة.

المكافأة للطفل يكون من أفضل الأمور التي تمكنه من ذهابه إلى المدرسة- (بيكسلز).
لا يزال الأطفال معرضين لخطر نفسي كبير بعد الانتقال المتكرر من منزلهم وبيئتهم في مرحلة الطفولة (بيكسلز)

أكثر عرضة لمعاناة الاضطرابات اجتماعية

من ناحية أخرى، رجح الخبراء أن عملية الانتقال قد لا تحمل أي تأثير سلبي تقريبًا على الأطفال دون سن الخامسة.

ووفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة "ماك آرثر" (MacArthur) الأميركية، فإن "الأطفال في سن ما بين الولادة ورياض الأطفال أُصيبوا بمشكلات في الأداء الاجتماعي العاطفي، ولكن ليس الأداء المعرفي في رياض الأطفال، بسبب التنقلات السكنية للأسرة".

وهذا يعني أن طفلك الصغير سيواجه بعض الصدمات والضغوط بسبب الانتقال، لكن كل ذلك سيمر بسرعة نسبيا ما دام في طفولته المبكرة. ويكون السبب الرئيسي وراء الضيق للطفل الصغير هو تغير الروتين اليومي وبيئة المنزل والأصدقاء فقط.

لذلك يجب أن يكون الآباء منتبهين للأعراض التالية والتعامل معها بحكمة:

  • ازدياد نوبات الغضب بشكل متكرر، التي غالبا ما تبدأ بدون سبب واضح، والقيام بمحاولات جذب الانتباه.
  • قد لا يتمكن الأطفال الصغار من التحكم في أنفسهم ويبللون الفراش رغم اعتيادهم على استخدام "النونية" (Potty).
  • عند البحث عن الأمان والاستقرار، سيصبح الأطفال أكثر تشبثا وتعلقا بوالديه، كما قد يبدأ مص إبهامه وتبليل فراشه ويتدهور سلوكه نسبيا.
  • بطبيعة الحال، كلما تقدم الأطفال في السن زادت حدة الانتقال وتبعاته عليهم. وما بين سن 5 و12 عاما يتمكن الأطفال من تطوير مهاراتهم الاجتماعية وشخصياتهم، ويبدؤون في إنشاء دوائر الأصدقاء وروابط إنسانية قوية.

وبحسب موقع "فيري ويل مايند" (Very Well Mind)، الذي يهتم بالصحة النفسية الأسرية، الانتقال لمدينة غير معروفة حيث لا أصدقاء يُعد تحديا قاسيا للطفل، الأمر الذي قد يثير تبعات سلبية، مثل إصابته بالأرق والذعر الليلي، واضطرابات الأكل، والخجل والانطواء، وفقدان الاهتمام بهواياته.

أما في المدرسة الجديدة، فقد يظهر سلوكا عدوانيا أو يفقد التركيز ويعاني من اضطرابات التعلُّم فجأة، نتيجة الضغط النفسي.

رجح الخبراء أن عملية الانتقال قد لا تحمل أي تأثير سلبي تقريبًا على الأطفال دون سن الخامسة (بيكسلز)

خطوات عملية لتخفيف حدة الانتقال على الطفل

ازدياد نوبات الغضب بشكل متكرر، والتي غالبا ما تبدأ من دون سبب واضح.

إذا كانت هناك أي أحداث مدرسية أو حفلات أعياد ميلاد يرغبون في حضورها أو بطولات رياضية لأطفالك بعمر الطفولة المبكرة وحتى سن المراهقة، راعي تنظيم الانتقال وفقًا لاحتياجاتهم؛ لكي لا يشعروا باللاجدوى والإحباط وخيبة الأمل.

زيارة المكان الجديد

إذا كان ذلك ممكنا، اصطحبي أطفالك لرؤية منزلك الجديد أو المدينة الجديدة المقرر الانتقال لها، واقضوا يوما ممتعا فيها. وقومي بزيارة أقرب حديقة أو مركز تجاري أو مقهى في المكان لتريهم أن الانتقال سيكون تجربة ممتعة.

المشاركة في الانتقال

اشتري صناديق وملصقات ملونة وحقائب لكي تثيري حماسهم وتدفعينهم للمشاركة في حزم أمتعتهم بأنفسهم، وذلك لكي يشعروا أنهم مسؤولون عن العملية وليسوا مغلوبين على أمرهم.

 

قد يتسبب تكرار التنقل وتغيير البيئة في ازدياد نوبات الغضب والخوف من دون سبب واضح (بيكسلز)

المحبة أولا

و​​بغض النظر عن عمر طفلك، يحتاج الأطفال إلى معرفة أنهم محبوبون وأنهم يحصلون على دعم والديهم في خضم المراحل المربكة، مثل الانتقال والسفر.

ولتعزيز شعور الألفة والمحبة يجب تجنب العصبية على الطفل ومراعاة قضاء وقت حميم ومباشر بدون مشتتات مع بعضكم.

وبحسب جمعية علم النفس الأميركية، من الضروري أن تكوني متفهمة وصبورة وتمنحيهم الوقت الكافي للتكيف والخروج من حالة الارتباك والصدمة، لذا لا تجبريهم على الذهاب للمدرسة فورا أو القيام بكل المتوقع منهم.

وبشكل عام، يجب مراعاة الجانب النفسي للطفل عند اتخاذ خطوة مهمة مثل الانتقال، لأن الضغوطات التي يعاني منها طفلك أعمق بكثير مما يتوقعه بعض الآباء، وسيكون لها تأثير مباشر على صحته النفسية و العقلية على المدى الطويل.

المصدر : مواقع إلكترونية