بعد تعديلات قوانين الانتخاب في المغرب لصالح المرأة.. النساء أمام تحدي الكفاءة وكسر النمطية
تقول رقية أشمال إن المغرب قطع أشواطا مهمة في تمثيل المرأة بفضل التشريعات التي ضمنت تمثيلا واسعا للنساء. لكن المترشحات يواجهن تحديات الصورة النمطية للمرأة في ظل المجتمع الذكوري الذي لا يقبل بعضه بهذا الشكل من المشاركة خاصة على المستوى التشريعي، وكذلك المعايير المعتمدة من الأحزاب لاختيار المرشحات.
الرباط- في منتصف الثلاثينيات من عمرها، تحمل ابتسام عزاوي، المهندسة المغربية والباحثة في الدراسات العليا، في جعبتها تجربة نيابية مهمة، وتتجه نحو التنافس على تسيير واحدة من أهم جماعات العاصمة المغربية الرباط.
وتتصدر عزاوي اللائحة العامة (قائمة المترشحين) في الانتخابات المحلية لمقاطعة "الرياض-أكدال" بالرباط، وتسجل حضورها كأصغر سيدة شابة تنافس على هذا المنصب.
حضور نسائي وازن
وكفاعلة سياسية شابة، تعتقد ابتسام عزاوي أن التغيير المنشود نحو "مغرب الفرص الممكنة"، كما تسمّيه، لا يمكن أن يكون إلا من داخل المؤسسات وعبر الانخراط الفعلي في العمل السياسي وفي المسار الديمقراطي.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsحملات رقمية وفيسبوك يتصدر.. هكذا غيّرت جائحة كورونا وسائل تواصل المرشحين في انتخابات المغربحملات رقمية وفيسبوك يتصدر.. ...
في حوار مع الجزيرة نت.. امحند لعنصر: نحن أكبر حزب وسطي بالمغرب ولا خطوط حمراء لدينا في التحالفاتفي حوار مع الجزيرة نت.. امحند ...
التعليم والصحة أهم القضايا المطروحة في الانتخابات البرلمانية بالمغربالتعليم والصحة أهم القضايا ...
وجاء في بيان لوزارة الداخلية المغربية أن اللوائح (القوائم الانتخابية) المتنافسة في انتخابات الغرفة الأولى لمجلس النواب (يضم البرلمان المغربي غرفتان هما مجلس النواب ومجلس المستشارين) تشمل في مجموعها 6815 مترشحا، منها 2329 ترشيحا للنساء بنسبة 34.17% من إجمال المترشحين.
أما ترشيحات أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات، فتتوزع ما بين 62 ألفا و793 تصريحا (مرشحا) في شكل لوائح (قوائم)، و94 ألفا و776 تصريحا (مرشحا) في شكل ترشيحات فردية.
وبلغ عدد المترشحات لانتخاب مجالس الجماعات والمقاطعات 47 ألفا و60 مترشحة، بنسبة تقارب 30% من العدد الإجمالي للترشيحات.
تعزيز تمثيلهن في مراكز القرار
واعتبر الأستاذ بكلية الحقوق في مدينة سطات عبد الحفيظ اليونسي أن انتخابات سنة 2021 تشكّل مدخلا مهما لتعزيز تمثيلية النساء من داخل مراكز القرار.
وقال اليونسي، في مقال رأي نُشر في مواقع محلية، إن التعديلات التي عرفتها القوانين الانتخابية ساهمت في تشجيع النساء على الانخراط في الحياة السياسية، ويمكن اعتبار إيداع الترشيحات مدخلا لهذه المشاركة.
وتضمن القانون التنظيمي رقم (04.21) المغيّر والمتمم للقانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، مستجدات هامة بالنسبة لتوسيع تمثيل النساء، بالانتقال من اعتماد اللوائح الوطنية المخصصة لهن والشباب إلى اعتماد لوائح جهوية يمكن أن تضم كليهما في لائحة واحدة. إلى جانب تخصيص ثلثي الترشيحات للنساء في اللوائح، مع اشتراط تخصيص المرتبتين الأولى والثانية في كل لائحة حصريا للنساء.
في هذا السياق، أوضحت أستاذة القانون العام والكاتبة العامة لمنتدى المواطنة رقية أشمال، في حديث للجزيرة نت أن هذا التعديل القانوني يعتبر خطوة في اتجاه توسيع مشاركة النساء مع ضمان تمثيليتهن الجهوية.
محاصصة بقوة القانون
واستفادت ابتسام عزاوي من التمييز الإيجابي في تجربتها السابقة عبر لائحة الشباب لتقرر خلال استحقاقات 2021 خوض الانتخابات المباشرة، ولديها طموح للقيام بعمل استثنائي إذا نالت ثقة الناخبين وجعل دائرة "الرياض-أكدال" جماعة نموذجية.
تقول أستاذة القانون العام رقية أشمال إن المغرب قطع أشواطا مهمة في المحاصصة المتعلقة بتمثيل المرأة (الكوتا النسوية) بفضل النصوص التشريعية والقوانين التي ضمنت تمثيلا موسعا للنساء.
لكن الأستاذة والفاعلة المدنية تعتقد أن هذا التوسيع من المشاركة العددية للنساء يصطدم بتحدّيين، أولهما الصورة النمطية للمرأة، خاصة في ظل المجتمع الذكوري الذي لا يقبل بهذا الشكل من المشاركة خاصة على المستوى التشريعي، وثانيهما المعايير المعتمدة من قبل الأحزاب لاختيار المرشحات.
تفاؤل بالمستقبل
رغم ذلك، ترفع ابتسام عزاوي شعار التفاؤل، وتقول للجزيرة نت "المرأة المغربية قادرة على تحقيق مبدأ المناصفة على أساس الاستحقاق والكفاءة".
وترصد عزاوي اجتهادا حقيقيا في خوض المرأة التجربة الانتخابية بأخلاق ونزاهة، وتشير إلى أن عدد حالات أو شبهات الفساد عند النساء المنتخبات تكاد تَكون منعدمة.
وتعتبر المترشحة الشابة أن آلية "الكوتا" رفعت نسبة النساء إلى الثلث في مختلف المجالس المنتخبة، وتقول إنها "وسيلة أساسية، ولكن يجب أن تكون انتقالية وتؤسس لمرحلة تساوي الفرص مع المرشحين الذكور".
يشار إلى أن هناك ترشيحات في اللوائح المباشرة والمختلطة للنساء، وبالمقابل هناك أحزاب وثقت في مرشحاتها ودفعت بهن للمنافسة في دوائر مهمة.
وتسجّل عزاوي بعض الأخطاء في اختيار أشخاص بناءً على القرابة مع القيادات دون استحقاق وتَمرس.
وفي السياق ذاته، ترى رقية أشمال أن المعلومات الشخصية المقدمة للمرشحين والمرشحات تتسم بتغوّل السند القبلي والمالي على حساب معايير الكفاءة والتدرج التنظيمي أو النضالي في صفوف الأحزاب. وهو ما شرحته "بتسيُّد تزكيات التوارث العائلي على حساب الإنصاف النضالي".
وكان تمثيل المغربيات خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2016 قد ارتفع إلى 81 امرأة من أصل 395 في مجلس النواب بنسبة 20.5%، منهن 60 وصلن عن طريق اللائحة النسوية الوطنية، و9 عبر اللوائح المحلية، و12 عبر لائحة الشباب.
ويُتوقع أن تسهم المقتضيات القانونية الجديدة في توسيع المشاركة النسائية والرفع من تمثيليتها.