"لا تقدرين نعمة الأمومة".. لماذا تنتقد الأمهات بعضهن بقسوة على وسائل التواصل الاجتماعي؟

إليك طرقا فعالة ستساعدك على التوقف عن مقارنة نفسك بالأمهات والآباء الآخرين
حاولي تجنب الظهور كأم مثالية طوال الوقت (شترستوك)

تخرج المرأة من تجربة الحمل والرضاعة؛ فسرعان ما تسن سيوفها لبدء حرب من نوع خاص إذا ما أرادت النجاة من اضطهاد تمارسه مجموعات الأمهات الافتراضية والواقعية؛ فهي أم بلا مشاعر لأنها لم ترضع طفلها لفترة كافية، أو أم كسولة لأنها لم تلحق طفلها بالنادي حتى الآن، أو أم أنانية لأنها تهتم بمظهرها، أو رجعية لأن طفلها لا يتحدث الإنجليزية، فهل هناك سبب للعداء الذي توجهه الأمهات لبعضهن البعض؟

لماذا تهاجمك الأمهات الأخريات؟

غالبا ما تعاني الأمهات من جلد الذات ولومها على كل فعل يتعلق بأطفالهن، لكن الأبحاث الجديدة تظهر أنهن يحكمن على الأمهات الأخريات بنفس القسوة، من جلد ولوم وتأنيب.

وقد جاءت دراسة عام 2019 -لأستاذات علم الاجتماع بجامعتي "غرب فيرجينيا" (West Virginia) و"ولاية لوا" (Iowa State)- بنتائج مؤلمة، بعدما قامت الباحثات باستطلاع آراء أكثر من 500 أمّ، لمعرفة مواقفهن وعواطفهن، وحتى سلوكياتهن المؤذية تجاه الأمهات اللائي لا يتفقن مع صور المجتمع عن الأم المثالية.

ووفقا للنتائج، كانت الأم المقيمة في المنزل في أعلى القائمة، ثم الأم المضطرة للعمل وتعاني من إرهاق مضاعف لتوليها مسؤوليتها الاجتماعية داخل منزلها وكعاملة خارجه، أما الأم المتبعة للنهج المثالي في التربية والأم المتساهلة والأم الناجحة في عملها؛ فقد تلقين أعنف درجات الازدراء في المعاملة.

وقد أكدت المشاركات في الاستطلاع على أنهن عبرن عن مشاعرهن السلبية في العلن، واعترفن بأنهن عاملن الأم الكسولة والمتساهلة والناجحة مهنيا بشكل سيئ، وذلك من خلال استبعادهن، والاشتباك اللفظي معهن، ومهاجمتهن أمام الآخرين.

ولم تكن جميع الآراء سلبية، فقد أظهرت بعضهن شفقة على الأمهات العاملات المجهدات، واللواتي أبدين حاجتهن المادية للعمل، كما أعربت الأمهات العاملات عن إعجابهن بالأمهات اللواتي جمعن بين النجاح في العمل والتربية معا، واعتبرنهن نصيرات لقضيتهن بحق الأم في العمل والنجاح مهنيا.

وتمثلت إحدى النتائج الأكثر إثارة للاهتمام في اختلاف الآراء الإيجابية والسلبية بين الأمهات اعتمادا على كيفية تصنيف الأم لنفسها، فقد تشعر الأم العاملة بالغيرة من الأم غير العاملة، حتى وإن لم تظهر الأخيرة كفاءة في تربية أطفالها، لكن تلك الغيرة منبعها شعور الأم العاملة بالذنب والتقصير.

من يسعى لانتقادك أكثر من الأمهات؟

اعتمدت الدراسة السابقة على استطلاع رأي بقيادة الباحثات أنفسهن في عام 2017، وقد صَنفن فيه نظرة المجتمع للأمهات العاملات وربات المنزل، وذلك بما أن المجتمع يعتبر الأمومة مكونا أساسيا لمفهومه عن "المرأة الصالحة".

واعتمد استطلاع الرأي على فئة تمثل كل طوائف المجتمع من الذكور والإناث، لاستخراج الصور النمطية عن الأم المثالية. ووفقا للنتائج، تم تحديد 28 فئة نمطية، وكانت الأم غير العاملة هي الأم المثالية بنسبة 67%، وهي التي تعطي الأولوية للأطفال واحتياجات الزوج، وتنجز العديد من المهام دون أن يبدو عليها الإرهاق، حتى يُنظر لها على أنها أكثر حبا وكفاءة في تربية أطفالها، أما إذا خالفت المرأة تلك الصورة فهي خارجة عن المألوف.

وتمت مهاجمة 6 من كل 10 أمهات خرجن عن المألوف، ليس فقط في قرارهن بالعمل، ولكن في قراراتهن التفصيلية، كوقف الرضاعة الطبيعية أو كيفية تأديبهن أطفالهن. وأظهرت دراسة بكلية طب الأطفال في جامعة "ميشيغان" (Michigan) -على غير المتوقع- أن معظم هذا النقد السلبي يأتي من أفراد الأسرة، خاصة الزوج بنسبة 38%، لكن 13% كان من مقدمي الرعاية الصحية للأطفال، و12% منه يأتي من أمهات أخريات، و 7% يأتي من المعلقين على وسائل التواصل الاجتماعي، وأبلغت النساء أن النقد تسبب في شعورهن بعدم الثقة في أنفسهن واختياراتهن، وتجنبت نصف الأمهات بعض الأشخاص الناقدين لها، بينما توقف 56% منهن عن انتقاد الأمهات الأخريات بعد تعرضهن للانتقاد بأنفسهن.

إليك طرقا فعالة ستساعدك على التوقف عن مقارنة نفسك بالأمهات والآباء الآخرين
غالبا ما تعاني الأمهات من جلد الذات ولومها على كل فعل يتعلق بأطفالهن (شترستوك)

كيف تتخلصين من الأثر السلبي للنقد؟

يضر النقد السلبي برفاهية الأم، حتى صار من المعتاد أن تعاني الأمهات من تدني الصورة الذاتية، ويشعرن أنهن لا يرقين إلى مستوى الأمومة مهما حاولن بذل جهد مضاعف، وينتهي المطاف بالانعزال عن العائلة والأصدقاء كي لا يتعرضن للانتقاد، وقد يؤدي كل هذا الشك الذاتي للقلق والاكتئاب، فماذا تفعل الأم؟

  1. بإمكانك التحكم في الانطباع الذي تتركينه على الأمهات الأخريات، وإحدى الطرق للقيام بذلك هي إنشاء أرضية مشتركة ومصالح مشتركة بينكن، فعندما تقابلين أما أخرى لأول مرة، قد يكون من المغري التباهي بأطفالك وما تضحين به من أجلهم، أو بقدرتك على النجاح مهنيا بعد الولادة، لكن إذا أردت بالفعل تقوية علاقتك بتلك المرأة فمن الأفضل تجنب ذلك، وفكري فيها كحليفة، وليس كشخص تقارنين نفسك به.
  2. حاولي تجنب الظهور كـ"أفضل أم"، وتحدثي عن الأشياء المشتركة بينكما، والأشياء التي تستمتعان بها كأمهات، ولا تستجيبي لإغراء نصحها بطرق أفضل إلا إذا طلبت منك.
  3. لا توجد طريقة أفضل للتربية، سيحاول الكثير ممن حولك إثبات أن طريقتهم هي الأمثل، لكن الحقيقة هي أن المسار الأمثل هو ما تشعرين أنه الأنسب لك، وتأكدي من أنك الوحيدة التي تعرف حقا ما يحتاجه طفلك، ولا ينبغي أن يشعر أي شخص بالذنب لاتخاذ أفضل الخيارات لطفله في كل لحظة.
    تعرّف على الأشياء التي تفعلها كل الأمهات السامات من بيكسل
    تأكدي من أنك الوحيدة التي تعرف حقا ما يحتاجه طفلك (مواقع التواصل)
  4. عادة ما يأتي الحكم على تصرفات وقرارات الأم من مخاوفنا الخاصة، لأنه عندما نكون مهووسين بنهج ما في التربية، ثم نرى شخصا يتخذ خيارات مختلفة، فإننا غالبا ما نعتبر ذلك الاختلاف نقدا مباشرا لنا؛ لذا، توقفي عن لوم نفسك على تعرضك للازدراء، ولا تضيعي وقتك في محاولة اكتشاف ما تحتاجين إلى تغييره، أو كيفية كسب إعجاب الآخرين بك وبأطفالك.
  5. ابق هادئة أمام ملاحظات قاسية أو عبارات كراهية من أم أخرى، إذا كان ذلك ممكنا، فالانفعال والغضب ومقابلة التنمر بالتنمر لن يؤدي إلا لتفاقم الأزمة، أما الهدوء والحزم والرد باحترام؛ أمور تضعف قوة المرأة التي تنتقدك.
  6. تأكدي من أن الموقف يستحق قبل التورط في جدل مع أم متنمرة على وسائل التواصل الاجتماعي، فالتعامل مع كل تلك التفاهات مرهق.
  7. اختاري شبكتك الداعمة، فتتخذ الأمهات قرارات واعية بشأن من يقضين الوقت معهن، أو من يصطحبن لقضاء عطلة سعيدة، بناء على ما إذا كان الشخص ينتقدهن بشكل مفرط أم لا.
المصدر : مواقع إلكترونية