كيف تساعدين طفلك الانطوائي على تكوين الصداقات؟

معظم الأطفال لديهم في المتوسط ​​ما بين 7 إلى 9 أصدقاء، هؤلاء هم الأشخاص الذين يتحدثون معهم ويلتقون بهم بشكل منتظم، وجها لوجه

الهوايات المشتركة وسيلة جيدة لتكوين الصداقات بين الأطفال (بيكسابي)

البحث عن صديق مخلص يشاركنا سنوات العمر، غاية يبحث عنها الجميع، بعض الصداقات الدائمة هي التي نجحنا في تكوينها خلال سنوات الطفولة، فما الذي يقلق الآباء والأمهات من وجود صديق مقرب واحد لابنهم؟

المعضلة التي باتت مطروحة لدى خبراء التربية، هي ارتباط الطفل بصديق واحد، حيث تتمركز حياته حول ذلك الشخص، الذي يصبح القدوة والعائلة وخازن الأسرار، وبغيابه تتوقف حياة الطفل، وتتأثر حالته النفسية، بينما يعاني بعض الأطفال من غياب الصديق في حياتهم، فيشعرون بالوحدة وفقدان الثقة بالنفس، فكيف يساعد الآباء أطفالهم على تكوين صداقات آمنة؟

ما الصديق المفضل؟

العديد من الأطفال لديهم صديق مقرب أو مفضل أو مجموعة من الأصدقاء المفضلين. الأطفال الآخرون لديهم مجموعة من الأصدقاء لكنهم لا يميزون واحدًا أو أكثر على أنهم "أفضل صديق" (Best Friend). ومع ذلك، قد ينتهي الأمر بواحد أو أكثر من هؤلاء الأطفال بقضاء معظم الوقت مع طفلك، ليصبح بحكم الواقع أفضل صديق.

غالبًا ما تتطور أفضل الصداقات لأسباب عملية، ولا سيما عندما يكون الأطفال الذين لديهم اهتمامات أو هوايات مشتركة. قد يكون الأطفال الذين يقضون فترات طويلة من الوقت معًا، مثل الجلوس بجانب بعضهم في الفصل، أو اللعب في نفس الفريق الرياضي، أو المشاركة في نفس النادي، أو بحكم الجيرة، أكثر عرضة لتكوين هذه العلاقات.

في المقابل، قد يلتقي الأطفال عبر الإنترنت أو إذا كان والدا الأطفال أصدقاء حميمين، فقد يصبحون أصدقاء مقربين لمجرد أنهم يقضون الكثير من الوقت معا. وفي كثير من الأحيان، يتم الجمع بين الأطفال الذين لديهم سمات أو اهتمامات مشتركة، ولكن في بعض الأحيان يصبح الأطفال الذين يختلفون تمامًا عن بعضهم أو الذين لا يوجد بينهم أي شيء مشترك هم أيضًا أفضل أصدقاء.

عدد وجودة صداقات الطفل يختلفان اعتمادا على نوع الشخصية ومهارة التنظيم العاطفي (شترستوك)

العوامل التي تؤثر في تكوين الصداقات

يقول الدكتور مايكل وايتهيد، معالج الزواج والأسرة، إن معظم الأطفال لديهم في المتوسط ​​ما بين 7 إلى 9 أصدقاء. ويضيف "هؤلاء هم الأشخاص الذين يتحدثون معهم ويلتقون بهم بشكل منتظم، وجها لوجه".

بينما يختلف عدد وجودة صداقات الطفل اعتمادا على عدد من العوامل، مثل نوع الشخصية ومهارة التنظيم العاطفي والسلوكيات الاجتماعية مثل الود.

وأوضح وايتهيد لموقع "فيري وِل فاميلي" (VeryWellFamily) "أن الأمر يعتمد حقا على الطفل ومستوى الانبساط مقابل الانطوائية التي ستحدد عدد الأصدقاء المقربين إليه".

وتظهر الأبحاث أيضًا أن وجود الآباء -نموذجًا لمهارات اجتماعية إيجابية- يساعد الأطفال أيضًا على تكوين صداقات والحفاظ عليها.

الصداقة مهمة للشعور بالرضا

تعد صداقات الطفولة مهمة لأنها توفر للأطفال الرفقة والدعم والتفاعل الاجتماعي على مستوى الأقران وفرصة استكشاف من هم خارج نطاق أسرهم.

وتظهر الأبحاث أن وجود مجموعة قوية من الأصدقاء يساعد الأطفال على الشعور بالرضا عن أنفسهم. على وجه التحديد، فإن الفوز بالصداقة يعزز تقدير الذات ويكسب الطفل مشاعر إيجابية حول مدرسيهم وزملائهم في الفصل.

المهارات الاجتماعية

في مرحلة الطفولة والمراهقة، تساعد الصداقات الأطفال على تطوير مهارات مختلفة مثل حل المشكلات وحل النزاعات والقدرة على التفاوض ومهارات الاستماع وسعة الحيلة وتنظيم العاطفة والاستقلالية وتشكيل الهوية وخلق شعور بالانتماء أو المجتمع.

وتُظهر الأبحاث أن وجود صداقات قوية في مرحلة الطفولة يرتبط بمشاعر الانتماء وتنمية المهارات الاجتماعية الإيجابية، كما أن وجود صديق جيد واحد على الأقل يرتبط باتزان الصحة العقلية لدى الطفل.

تجربة تكوين صداقة مختلفة ديناميكيا عن العلاقات داخل الأسرة، حيث يكون الوالدان شخصيات ذات سلطة (بيكسلز)

الذكاء العاطفي

يشير وايتهيد إلى أن الأبحاث قد وجدت أن الذكاء العاطفي (القدرة على تنظيم العواطف وأن يكون مناسبا اجتماعيا) هو أكثر تنبؤًا لنجاح البالغين من درجة معدل الذكاء.

وأضاف "عندما تكون لدى الأطفال روابط إيجابية مع الأقران، فمن المرجح أن يطوروا مهارات تنظيم المشاعر لديهم، ومهارات حل النزاعات، وحل المشكلات".

الاستقلالية

يقول الدكتور جيمس يونس، أستاذ علم النفس بالجامعة الكاثوليكية الأميركية في واشنطن، "تجربة تكوين صداقة مختلفة ديناميكيا عن العلاقات داخل الأسرة، حيث يكون الوالدان شخصيات ذات سلطة، بينما في الصداقة، يعيش الأقران في عالم متبادل حيث يتشارك كل طفل في السلطة والاستقلالية".

الصديق المفضل

إن وجود صديق مفضل له الكثير من الامتيازات، مثل التقارب الشخصي والشعور بالانتماء والصداقة الحميمة.

بالإضافة إلى ذلك، هناك أيضًا جوانب سلبية محتملة لوجود صديق مفضل، إذ يمكن أن يشعر الطفل بالدمار أو الغضب أو الوحدة أو الخيانة أو الرفض بينما يحزن على زوال هذه الرابطة الوثيقة. قد تكون مشاعر الفقد هذه أقوى بكثير من الشعور بالخسارة عندما تنتهي صداقة عادية، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالتنمر.

خسارة الصديق

إذا كان لدى طفلك أفضل صداقة تنتهي بملاحظة لاذعة أو "خيانة" أو تنمر، فلا ينبغي على الآباء فرض أفكارهم أو حكمهم على الطفل.

بدلاً من ذلك، يجب الاستماع إلى الطفل وهو يتحدث عن صراعاته، فقد يكون من المفيد التعبير عن مشاعر الحزن لديهم، خاصة للأطفال صغار السن، وتوفير البيئات المختلفة للقاء أصدقاء جدد.

عبارات يجب ألا تقولها لطفلك أبدًا من أجل احترامه لذاته
يجب الاستماع إلى الطفل وهو يتحدث عن صراعاته، فقد يكون من المفيد التعبير عن مشاعر الحزن لديه (غيتي)

كيف يمكن للوالدين تعزيز مهارات الصداقة؟

يمكن للوالدين ببساطة توفير فرص لأطفالهم للتفاعل مع أقرانهم المتشابهين في التفكير. وما عليك سوى تقديم الدعم الأساسي للتواصل الاجتماعي الإيجابي، ثم ترك الأمر للتطور الطبيعي لتكوين علاقات الصداقة.

الأطفال الانطوائيون

بعض الأطفال الانطوائيين يجدون صعوبة في التواصل مع الأقران، ومن ثم تكوين صداقات، وسيكون من الأفضل مراجعة الوالدين آداب السلوك الاجتماعي لدى أطفالهم قبل كل لقاء.

يجب على الوالدين البحث عن أصدقاء محتملين بين الأطفال الذين يشاركون ابنهم نفس الاهتمامات، مثل كرة القدم أو الأنشطة الرياضية والفنية أو الرحلات أو أي شيء آخر يحب طفلك القيام به.

المصدر : مواقع إلكترونية