شاهد- هكذا فاز ريال مدريد على برشلونة.. مقامرة تشافي ومدفع بيلينغهام

"ريال مدريد يعمق جراح برشلونة، جود بيلينغهام يفعلها مجددًا في الوقت المحتسب بدل الضائع، ريال مدريد يطير بالصدارة، تشافي يسقط في آخر اختبارات سانتياغو برنابيو" كانت تلك هي العناوين التي امتلأت بها الصحف العالمية، فور انتهاء مباراة الكلاسيكو بين برشلونة وريال مدريد، حيث اقتنص الميرينغي فوزًا قاتلًا من أنياب غريمه الكتالوني بنتيجة 3-2، ضمن منافسات الجولة 32 من الدوري الإسباني.

بهذه النتيجة ينفرد ريال بصدارة ترتيب الدوري برصيد 81 نقطة، جمعها من الفوز في 25 مباراة والتعادل في 6 وخسارة لقاء وحيد. بينما يحل برشلونة في ثانيًا برصيد 70 نقطة، جمعها من الفوز في 21 مباراة والتعادل في 7 وخسارة 4 مباريات. وبناءً على تلك النتائج، منحت شركة "أوبتا" (opta) -المختصة بالتحليل الرقمي- لقب الدوري لريال بنسبة 100%.

الريال ضمن التتويج بلقب الدوري الإسباني لصالحه حسب أوبتا (رويترز)

سؤال كلاسيكو "الملكي" و"البرسا"

دخل برشلونة إلى المباراة مثخنًا بجراح الهزيمة أمام باريس سان جيرمان، في محاولة منه لإحياء المنافسة على الدوري مرةً أخرى بالفوز على ريال، حيث بدأ تشافي اللقاء بخطته المعهودة 4-3-3، مع نزول غندوغان بين قلبي الدفاع بالتبادل لبدء الهجمة، ووجود ليفاندوفسكي كمهاجم وحيد يعمل محطة يستند إليها الفريق في الكرات الطولية، مع تحرير الأمين جمال رفقة لوبيز في المساحة التي يصنعها تقدم كامافينجا ظهير مدريد الأيمن، وذلك مع الاعتماد على الكرات الثابتة كعنصر أساسي لمباغتة الخصم.

وفي المقابل، دخل أنشيلوتي اللقاء معتمدًا على مزيجه المحبب دائمًا 4-4-2، تتحول إلى 4-1-2-1-2 بوجود توني كروس في قلب الملعب للخروج بالهجمة من الثلث الأول للملعب، ثم الاعتماد على مهارات مودريتش وبيلينغهام في تطويرها، وأحيانا إرسال الكرات الطولية نحو فينيسيوس جونيور، إضافة إلى اعتماده على المهارات الفنية للاعبين في تطوير الهجمة، مما يجعل من محاولة استنباط نمط محدد للفريق ضربًا من الجنون، لأنه ببساطة لم تكن هناك أنماط أو طرق ثابتة في الخروج بالكرة، بل تُرك الأمر لتداعيات اللاعبين وذكائهم على أرض الملعب.

وكان برشلونة الأقرب لفرض سيطرته، في الشوط الأول تحديدًا، حيث نجح أندرياس كريستنسن في تسجيل الهدف الأول بالدقيقة السادسة، إثر ركلة ركنية، أخطأ في قراءتها أندري لونين (حارس ريال) إضافة إلى خطأ توني كروس في التغطية، قبل أن يتعادل فينيسيوس لريال من ركلة جزاء في الدقيقة 18.

وفي الدقيقة 69، تقدم برشلونة مرةً أخرى بعد تسديدة من الأمين جمال، ردها لونين في قدم فيرمين لوبيز المتمركز في مسافة قريبة. بعد ذلك، وكلما تقدمت المباراة نحو نهايتها، كانت قدرة لاعبي الريال على فرض السيطرة تزداد.

وفي الدقيقة 91، سجل بيلينغهام الكرة في الشباك ليترك بصمته مرة أخرى على المباراة الأكثر شعبية بالعالم، تمامًا كما فعلها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولتنتهي المباراة بتفوق "البرسا" في نسب الاستحواذ 53% لصالحه، مقابل 47% لصالح "الملكي" ولكن أيضًا بتفوق في الأهداف المتوقعة حيث كانت 2.41 هدف متوقع مقابل 1.33 هدف متوقع فقط لصالح "البرسا". كذلك في عدد اللمسات داخل منطقة الجزاء 26 لصالح ريال، مقابل 24 لصالح برشلونة، و14 تسديدة لصالح ريال منها 8 تسديدات على المرمى، مقابل 15 تسديدة لصالح برشلونة، منها 6 تسديدات فقط على المرمى.

مقامرة تشافي

لم يتمكن أي من الفريقين من السيطرة على مجريات اللعب في الشوط الأول، حيث استحوذا على الكرة واعتمدا على الضغط العالي الموجه نحو المناطق الأمامية للخصم. ومع ذلك، كان أسلوب برشلونة أكثر خطورة، فمع تمركز إلكاي غندوغان في مكان مرتفع لرقابة توني كروس، لم يتمكن قائد الميرينغي من استلام الكرة أو إملاء شروطه في عمق الملعب، كما تمسك كريستنسن بمراقبة بيلينغهام، وتولى دي يونغ مهمة رقابة لوكا مودريتش والضغط عليه.

كل هذا، إلى جانب ضغط رافينيا وليفاندوفسكي المستمر على قلبي دفاع ريال، حيث تمكن برشلونة من استخلاص الكرة في مناطق عالية، خاصة الشوط الأول، مما أدى إلى ربط غندوغان بالأمين جمال على الجانب الأيمن من الملعب، حيث قدم الأخير تهديدًا مستمرًا للمساحة في ظهر كامافينغا، وتلاعب بالكرة والمدافعين كما يريد، مما أدى لحصوله على جائزة رجل المباراة.

وكانت إستراتيجية محفوفة بالمخاطر، خاصة مع وجود اثنين من المدافعين فقط في مواجهة سرعات فينيسيوس ورودريغو، بعد تقدم كوندي وكانسيلو للضغط ثم اقتحام المساحة، لكنها رغم ذلك، منحت برشلونة تذكرة دخول سريعة إلى المباراة.

ليلة بيلينغهام الطويلة

في آخر لقاء بين الفريقين بالدوري في أكتوبر/تشرين الأول، حسم جود بيلينغهام المباراة بهدفين، كان ذلك خلال مسيرة مثيرة سجل فيها اللاعب 17 هدفًا. ورغم أن هذا الرقم ظلَّ كافيًا ليصبح ثاني هدافي الدوري برصيد 17 هدفًا، إلا أن الصيام التهديفي الذي حلَّ عليه منذ مباراة جيرونا في فبراير/شباط الماضي، دعت الصحفيين للسؤال عن سِر هبوط مستواه، متجاهلين أن انعدام الأهداف لم يزل عنصرًا هامًا لتركيبة أنشيلوتي خاصة في التحولات الدفاعية.

لذلك كان من المدهش أن تراه الجماهير عائدًا لهز الشباك مرةً أخرى. وبهذا السيناريو، بعدما توغل في المساحة التي تركها له كانسيلو، مستلمًا عرضية منخفضة ومتقنة من فاسكيز، ليسجل الهدف الثالث في لحظة فارقة في موسم الريال ككل، وقد قال أنشيلوتي عن هذا الهدف "لقد مر وقت طويل منذ سجل بيلي آخر أهدافه، لكنه جاء في اللحظة المناسبة، وبذل جهدًا كبيرًا، ولذلك نحن نأمل أن يكون هذا الهدف أساسيًا في رحلة فوز بالدوري".

وبعد مباراة اليوم، أصبح بيلينغهام أول لاعب يسجل لريال، في أول مباراتين أمام برشلونة بالدوري، منذ رود فان نيستلروي عام 2007.

معضلة كانسيلو

وأبرز مشاكل برشلونة في المباراة تمثلت في الضعف الشديد للظهير الأيمن كانسيلو دفاعيًا، سواءٌ كان في تغطية المساحة الموكلة إليه، أو التأخر المبالغ فيه بالارتداد مع خط الدفاع أثناء التحولات الدفاعية، إضافة إلى مشكلته الأزلية في عمل مسح للملعب، لمعرفة هل يقف على خط واحد مع زملائه أم يغطي تسلل الخصم؟ إضافة إلى معرفة مواقع لاعبي الخصم، وهل هم واقعون في التسلل أم لا، وهل هناك من يتسلل من خلفه لكسر التسلل؟

كلها أسئلة لم يعد يَطرحُها كانسيلو على نفسه في أي موقف دفاعي كان، ولم تؤد محاولات تشافي لتجربته في مجموعة مراكز أخرى، بما في ذلك كلاعب خط وسط أيمن أو جناح أيسر أو جناح أيمن، إلى تحسين أدائه، حيث ظهرت تلك المشكلة جلية في المباراة الماضية أمام سان جيرمان، بعدما تَرك ديمبلي وحيدًا دون تغطية مما أدى إلى تسجيله الهدف الأول، ثم تكررت في الكلاسيكو خاصة الهدفين الثاني والثالث.

وبعدما فطن أنشيلوتي إلى تلك الأزمة عمد إلى تجميع اللعب في جهة ثم الانتقال إلى جهة كانسيلو مباشرة لتمرير الكرة على القائم البعيد، ليترك كانسيلو المساحة الموكلة إليه أمام ضربات فاسكيز وبيلينغهام، وفي ليلة لو نجح تشافي في سياقتها لما يريد، لتركَ بصمةً مضيئة في قلوب وعقول مشجعي البلوغرانا قبل رحيله نهاية الموسم.

المصدر : الجزيرة