الحركة الإسلامية في تركيا: أزمة العلمانية الشاملة


undefined
بشير موسى نافع

تثير الحركة الإسلامية في تركيا تساؤلات لا يعادلها غير الجدل الذي ارتبط بالنظام العلماني لهذا البلد، ولئن كان ميراث التاريخ العثماني قد أوجد أسبابا عديدة لتعقيد الدينامية السياسية في تركيا، فإن السلوك السياسي المعاصر أوجد بدوره أسبابا لا تقل أهمية، لتداخل في فهم حقيقة ما جرى ويجري، سواء في طبيعة ونوع الإسلام السياسي هناك، أو في مسارات العلمانية وقدرتها على البقاء في مجتمع من الصعب أن ينقطع عن تاريخه، أو أن يتخلى عن خياراته التحديثية في الوقت نفسه.

وقد قسمت المقالة إلى قسمين يتناول كل قسم مجموعة من المحاور تعالج أزمة العلمانية التركية في ظل تنامي وجود الحركات والتيار الإسلامي.

القسم الأول

الحركة الإسلامية التركية
موت الميراث العثماني
تصدع العلمانية

الحركة الإسلامية التركية

ثمة جدل كبير، داخل تركيا وخارجها، حول حقيقة الانتماء الإسلامي لحزب العدالة والتنمية الحاكم، إذ بينما أعلن قادة الحزب منذ لحظة إطلاقه أنهم ليسوا بصدد تأسيس قوة إسلامية سياسية جديدة في البلاد، يواجه الحزب اتهامات من معسكرين مختلفين:

الأولى: تلك التي تصدر من المعسكر العلماني الراديكالي التركي وأوساط غربية معادية لكل ما يمت إلى الإسلام بصلة، تتمحور هذه الاتهامات حول مؤامرة أسطورية ينسجها الإسلاميون للسيطرة على الحكم في واحدة من أكبر بلدان العالم الإسلامي بهدف القضاء على الحداثة التركية ودفع عقارب الساعة إلى الوراء.


أما الثانية: فتأتي من الأوساط الإسلامية السياسية التركية، كتلك التي يقودها المهندس نجم الدين أربكان، التي تتهم قادة حزب العدالة والتنمية بالتآمر على الإسلام ومحاولة إجهاض إمكانات التحول الإسلامي الحقيقي في البلاد. هذا الجدل حول العدالة والتنمية، حزباً وحكومة، الذي لا يكاد يشهده أي بلد مسلم آخر، يعكس التعقيد البالغ الذي يحيط بتاريخ الحركة الإسلامية في تركيا ومحاولة قراءة هذا التاريخ.

"
التيار الاسلامي في تركيا الحديثة لا يمثل استمرارا للميراث العثماني ومؤسسة الخلافة، والإسلاميون الأتراك ينتمون إلى فئة الأنتلجنسيا الحديثة
"

كانت تركيا هي أرض انطلاق الدولة العثمانية ومقر سلطنتها وعاصمتها طوال 700 عام، وهي الدولة التي حضنت الخلافة الإسلامية لقرون خمسة من تاريخها. ولأن الدولة العثمانية ولدت في تخوم الإسلام، من رحم حركة غزو وجهاد واسعة النطاق، فقد استقرت في هذا الجزء من العالم الإسلامي روح نضالية عميقة الجذور، مسلحة بالشعور بالمسؤولية تجاه الإسلام، دينا وأمة وميراثا. ولكن الحرب العالمية الأولى وضعت نهاية مؤلمة للدولة العثمانية وللخلافة الإسلامية معا.

كانت نهاية الدولة، كما بدايتها، لحظة مشحونة بالعنف والاضطراب والتحولات الانقلابية. وسرعان ما تبوأت تركيا الحديثة، تركيا الجمهورية، موقعا بارزا على الخريطة السياسية والإستراتيجية العالمية. ولعل هذا ما جعل ولادة التيار الإسلامي السياسي في تركيا تتأخر عن مثيلاتها من الدول الإسلامية الرئيسية، وما واجه القوى الإسلامية السياسية التركية بعقبات وصعوبات مختلفة، كما ونوعا، تختلف عن تلك التي واجهتها القوى الإسلامية السياسية في مناطق العالم الإسلامي الأخرى.

بيد أن من الضروري ملاحظة أن التيار الإسلامي السياسي في تركيا الحديثة لا يمثل استمرارا للميراث العثماني ومؤسسة الخلافة. قد يستلهم الإسلاميون الأتراك المحدثون الذكريات العظيمة لإمبراطورية الفاتحين وحاضنة الخلافة، ولكن هذا الاستلهام لا يلعب أكثر من دور روحي في رفد القوى الإسلامية التركية.

الإسلاميون الأتراك، ككل القوى الإسلامية السياسية الأخرى، ينتمون إلى فئات الانتلجنسيا الحديثة، تلقوا تعليمهم في المعاهد والجامعات الحديثة، يتحدثون لغة العالم الحديث، ويقرؤون مستقبل تركيا قراءة سياسية حديثة، حتى وهم يسعون إلى جعل الإسلام الإطار المرجعي لهذا المستقبل.

بكلمة أخرى، تركيا الجمهورية، بعلمانييها وإسلامييها، سارت شوطا كبيرا في القطيعة مع الميراث العثماني السياسي، سلطنة وخلافة. بل إن نهاية السلطنة والخلافة لم تأت إلا بعد أن فقدت كلتاهما مبرر وجودها.

موت الميراث العثماني

يرتبط معنى تركيا الحديثة ومبناها بمؤسس الجمهورية مصطفى كمال (أتاتورك لاحقا). كان مصطفى كمال ضابطا عثمانيا من طراز رفيع، تخرج في المدرسة الحربية العثمانية الحديثة. وليس صحيحا أنه كان عضوا في جمعية الاتحاد والترقي، التي سيطرت على مقاليد الدولة العثمانية منذ انقلابي 1908-1909.

الصحيح أن علاقته بالضباط الرئيسيين في الاتحاد والترقي لم تكن حسنة، وقد اصطدم مصطفى كمال بأنور باشا، وزير الدفاع وأحد القادة الرئيسيين للجمعية، منذ سنوات المقاومة العثمانية للغزو الإيطالي لليبيا في 1919، وبعد إقرار الدولة العثمانية بهزيمتها في الحرب الأولى وخسارتها لكل ولاياتها العربية، تعرضت منطقة الأناضول التركية لغزو يوناني، بينما قسمت البلاد إلى قطاعات نفوذ لدول الحلفاء. كان الإنزال اليوناني في منطقة أزمير إهانة بالغة للأتراك، ما دفع مصطفى كمال إلى الاستقالة من منصبه العسكري والتوجه إلى الأناضول حيث اختير لقيادة المقاومة للقوات اليونانية المحتلة.

"
مصطفى كمال استشعر خطر النشاطات الإسلامية على الجمهورية الوليدة، فتخلص من الخلافة والمؤسسات المرتبطة بها وقمع معارضيه بعنف
"

نجاحات المقاومة في الأناضول ووقوع الحكومة العثمانية في إسطنبول تحت النفوذ البريطاني، جعلت من مصطفى كمال بطلا تركيا وإسلاميا. ولكن الأهم من ذلك، كان تحول أنقرة، مقر قيادة أتاتورك، إلى مركز منافس لإسطنبول. المجلس الوطني الكبير، الذي أسس في أنقرة كبرلمان للقوى الشعبية المنخرطة في المقاومة، أصبح بديلا للبرلمان العثماني في إسطنبول، ورابطة الدفاع عن الأناضول والرومللي، التي قادت حركة المقاومة، أصبحت حكومة موازية لحكومة اسطنبول.

في يناير/ كانون الثاني 1921، خطا المجلس الوطني في أنقرة الخطوة الأولى في تحديه لشرعية إسطنبول عندما وضع وثيقة دستورية أطلق عليها اسم القانون الأساسي. وكلما حققت المقاومة مزيدا من النجاحات ضد المحتلين اليونانيين، تسارعت خطوات أتاتورك في تقويض شرعية الحكومة العثمانية وتعزيز قواعد النظام الجديد.

في أكتوبر/ تشرين الأول 1923، اختار المجلس الوطني أنقرة عاصمة، ومن ثم ألغيت السلطنة وأعلنت تركيا جمهورية. لم تكن إجراءات مصطفى كمال والملتفين حوله مؤامرة ما، بل نتاجا طبيعيا لسياق تاريخي أخذ في التسارع منذ اندلاع نيران الحرب الكبرى. كان مصطفى كمال وصحبه أبناء حركة التحديث العثماني التي أطلقت منذ منتصف القرن ال_19، ولم ير هؤلاء مستقبلا لتركيا خارج مجال الحداثة الأوروبية. فوق ذلك، أدى خضوع إسطنبول للنفوذ البريطاني بعد الهزيمة، ونجاح المقاومة في تحرير الأناضول من الغزو اليوناني، إلى وصم حكومة إسطنبول والسلطان/ الخليفة بالخيانة وصعود مصطفى كمال وصحبه إلى مصاف المنقذين.

ولأن دولة أنقرة ولدت وتجلت في صراع على الشرعية مع دولة إسطنبول لم يكن مستغربا أن تتبنى أنقرة توجها مناقضا لكل ما تمثله إسطنبول. كان خيار مصطفى كمال الأولي الحفاظ على الخلافة كمؤسسة دينية شبيهة بوضع الفاتيكان. ولكن الضغوط الإسلامية المتصاعدة للحفاظ على الخلافة جعلت حكومة مصطفى كمال تستشعر خطر النشاطات الإسلامية على شؤون الجمهورية، وسعى بالتالي إلى التخلص من الخلافة. وقد جاءت اللحظة الحاسمة في مارس/ آذار 1924، عندما أخذ المجلس الوطني قرارا بإلغاء الخلافة وكل المؤسسات المرتبطة بها، مثل مؤسسة شيخ الإسلام.

لم تمر هذه التطورات الهائلة في البنية التركية السياسية بلا معارضة، بل إن المعارضة داخل المجلس الوطني ذاته كانت معارضة ملموسة إلى حد كبير. وما أن أطيح بمؤسسة الخلافة حتى اندلعت معارضات إسلامية من نوع آخر، ففي فبراير/ شباط 1925 اشتعلت مناطق الأناضول الشرقية بتمرد مسلح قاده شيخ كردي الأصل من شيوخ الطريقة النقشبندية.

أعلنت حكومة مصطفى كمال حالة الطوارئ في البلاد وواجهت التمرد بقدر كبير من العنف، ذاهبة إلى حد إعدام الشيخ سعيد بيران و46 من أتباعه، ومن ثم إعلان حظر شامل على الطرق الصوفية. وقد استغل مصطفى كمال ظروف التمرد لإصدار قرار بمنع الأحزاب المعارضة وإقامة نظام الحزب الواحد، حزب الشعب الجمهوري الحاكم.

خلال السنوات القليلة التالية، صدرت عشرات القوانين التي استهدفت تقويض نفوذ الإسلام والميراث العثماني في تركيا الدولة والمجتمع. في 1928 ألغيت مادة الدستور الناصة على أن الإسلام هو دين الدولة. وفي 1937، أدرجت في الدستور المبادئ التي ترتكز إليها تركيا الحديثة كما أرادها مصطفى كمال: القومية والجمهورية والإصلاح والعلمانية والشعبوية. بذلك أصبحت الجمهورية التركية أوتوقراطية علمانية بكل معنى الكلمة، أوتوقراطية بحكم ديكتاتوري صارم، وأيديولوجيا علمانية تروج لها الدولة كما المعتقد الديني.

تصدع العلمانية

لم تهزم قوى المعارضة الإسلامية تماما أمام قوة الدولة الباطشة، فقد استمرت الطرق الصوفية، حتى بعد منعها الرسمي تنشط في الخفاء، لاسيما في المناطق الريفية التي لم تستطع آلة الدولة العلمانية الإعلامية والثقافية تحقيق اختراق كبير لأنماط حياتها. كما نشط عالم تركي مسلم ذو خلفية صوفية نقشبندية، بديع الزمان سعيد نورسي (1876-1960)، كأبرز تحد ديني إسلامي لعلمانية الجمهورية المعادية للدين.

ولد بديع الزمان في قرية نورس بمنطقة بتليس من شرق الأناضول ذي الأكثرية الكردية، وتلقى تعليمه في دوائر الطريقة النقشبندية ذات النفوذ الكبير في المنطقة. عارض بديع الزمان حكم الاتحاد والترقي، الذي رأى فيه إضعافاً للإسلام، ما تسبب في تعرضه للنفي.

خلال الحرب الأولى، قاتل بديع الزمان على الجبهة الروسية وتعرض للأسر. وبعد نهاية الحرب شارك في المقاومة وحرب الاستقلال التي قادها مصطفى كمال. ولكن ما ان اتضحت توجهات الدولة الجديدة، حتى بدأ بديع الزمان معارضته للجمهورية، داعيا إلى حركة إحياء إسلامي للنهوض بتركيا. وقد اتهم ألنورسي بدعم ثورة الشيخ سعيد في 1925، ما تسبب في نفيه من جديد. ولكن صوته جذب الكثير من الأتباع، الذين أخذوا في تلقف رسائله وتوزيع المئات وربما الآلاف من نسخها المخطوطة سرا. قضى بديع الزمان معظم الفترة بين 1925 ووفاته في 1960 بين السجن والمنفى الداخلي، ولكن تلاميذه وأتباعه، الذين أصبحوا يعرفون باسم النورسيين، كانوا ينتشرون في أنحاء البلاد.

"
منذ الثلاثينيات والأربعينيات بدأ النظام العلماني يتشقق، وجرى إدراك أن مشروع أتاتورك وضع الدولة في حالة صدام مع الضمير الجمعي للأتراك
"

لا يمكن تصنيف النورسية ضمن الحركات الإسلامية السياسية، ولكنها بلا شك واحدة من أهم حركات الإحياء الإسلامي الديني في القرن العشرين. وربما كانت النورسية أقرب إلى نموذج الجمعية الشرعية في مصر، رغم الاختلاف في التوجهات العقدية بين الاثنتين. ولا يزال التيار النورسي نشطا في تركيا اليوم، لاسيما في مجالات النشر والمؤتمرات والإعلام. ولكن تفكك النورسيين إلى مجموعات متعددة، يدعي كل منها شرعية التعبير عن ميراث بديع الزمان، أضعف أثر التيار. العامل الآخر الذي أسهم في إضعاف النورسيين كان بلا شك بروز القوى الإسلامية السياسية ونجاحاتها الانتخابية المتكررة.

خلال الثلاثينيات والأربعينيات، ورغم الاحتفال العالمي الكبير بالعلمانية التركية كان النظام العلماني يتشقق من داخله. ففي منتصف الثلاثينيات مثلا أسس مصطفى كمال أتاتورك أكاديمية التاريخ والعلوم الاجتماعية التي أراد منها أن تصبح مركز التسويغ الفكري والثقافي لتصوره للقومية والأمة التركية. ولكن لأن مجدا للأمة التركية ما كان يمكن أن يساوي مجدها الإمبراطوري الإسلامي فسرعان ما تحولت الأكاديمية إلى مركز إحياء للتاريخ العثماني، وليبرز منها بعض من أهم المؤرخين الأتراك العثمانيين، بما في ذلك شيخهم جميعاً فؤاد كوبرللو.

وفي 1938، عشية الحرب العالمية الثانية، توفي مصطفى كمال أتاتورك، وتولى الرئاسة رفيقه عصمت إينونو. وبعد فترة من الحياد التحقت تركيا بالحلفاء، لتؤمن مقعدا لها على طاولة النظام العالمي الجديد.

ولأن تصور الحلفاء لعالم ما بعد النازية كان تصورا ديمقراطيا، فقد بادر إينونو للسماح بتعددية محسوبة للأحزاب، وهو ما أدى إلى خروج مجموعة ليبرالية من حزب الشعب الجمهوري الحاكم، بقيادة عدنان مندريس، يرافقه جلال بايار والمؤرخ فؤاد كوبروللو، لتشكيل الحزب الديمقراطي.

اكتسح مندريس انتخابات 1950 ببرنامج بسيط، وعد بإلغاء إجراءات الدولة العلمانية المعادية للشعائر الإسلامية، مثل منع الأذان باللغة العربية ووضع قيود على عدد الأتراك المؤدين لفريضة الحج، مبتدئا بذلك عهد الجمهورية الثانية. ثم عاد مندريس واكتسح انتخابات 1954 و1957، مواصلا سياسة التحالف مع الغرب في الحرب الباردة خارجيا وإفساح المجال للتعبيرات الإسلامية داخليا. لم يكن مندريس مناهضا لجمهورية أتاتورك، ولكنه أدرك بحصافته السياسية أن المشروع الأتاتوركي قد وضع الدولة في صدام دائم مع الضمير الجمعي للأتراك. ولأن إصلاحاته وجدت استجابة شعبية عارمة لم يكن هناك من طريق لوضع نهاية للجمهورية الثانية بدون قوة الجيش، وهو ما تجلى أخيرا في انقلاب 1960 الذي قاده جمال جورسيل.

حاكم الانقلابيون قادة الجمهورية الثانية، وأعدموا مندريس ووزيري المالية والخارجية، بينما لم ينج بايار من الإعدام إلا لتقدمه في السن. وفي الوقت نفسه، أحيل زهاء الأربعين في المائة من ضباط الجيش على التقاعد للشك في ولائهم لمندريس.

في السنة التالية للانقلاب وضع دستور جديد للبلاد، اعتقد واضعوه أنه سيكون الضمانة للنظام العلماني. وقد أسس دستور 1961، إلى جانب توجهه الاجتماعي، لدور الجيش السياسي من خلال مجلس الأمن القومي، وهو الدور الذي سيستمر على نحو أو آخر حتى مطلع القرن الحالي. ذلك كله لم يستطع إخفاء حقيقة إن الجمهورية الثانية أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن نظام أتاتورك لم يكن قابلا للحياة، وأن تغييرات جوهرية لا بد أن تجرى على علاقة الدولة بالإسلام وبالمجتمع على السواء.

بيد أن التحول الرئيس الذي صنعته حقبة مندريس كان فتح المجال للتفكير الإسلامي السياسي في تركيا. كانت القوى الإسلامية السياسية قد انتشرت في كل أنحاء العالم الإسلامي، من مصر وسوريا والعراق والسودان إلى باكستان وإندونيسيا. وبكسر شوكة الدولة العلمانية المناهضة للدين كدين بدأت مجموعة من أبناء الأنتلجنسيا التركية في بلورة تصور سياسي إسلامي لتركيا الحديثة.
_______________
باحث فلسطيني

يتبع في القسم الثاني

المصدر : الجزيرة