صعود اليورو.. قوة فيه أم ضعف في الدولار؟

*إعداد/ يوسف الشروف

أنهى اليورو- العملة الموحدة المتداولة في 12 من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي- العام الأول من التداول الفعلي بنجاح باهر، إذ تمكن من التفوق على العملة الدولية الأولى الدولار الأميركي، وبلغت مكاسبه أمامها خلال العام بأكمله نسبة 15%، بعد مسيرة حافلة بالتقلبات في أسواق الصرف العالمية.

انطلق اليورو مطلع عام 1999 في خطوة وصفت بأنها واحدة من أبرز إنجازات القارة الأوروبية في تاريخها الحديث، وحددت قيمته بـ 1.16 دولار. وخلال مسيرته منذئذ وحتى عام 2000، فقد اليورو نحو 30.75% من قيمته، إذ تراجع في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2000 إلى 0.82 دولار. أما عام 2001، فقد قضاه مترنحا بين صعود وهبوط، في وقت خيم الترقب انتظارا لموعد التداول الرسمي عام 2002.

لكنه فاجأ الأسواق عام 2002 بوتيرة صعود قوية خالفت توقعات المحللين، فاسترد فيه نحوا من نصف ما فقد مرتفعا بنسبة 15% عن العام كله. ويقول خبراء إن القفزة التي شهدها اليورو مطلع عام 2002 كانت مرتبطة إلى حد كبير بدخوله حيز التداول الفعلي، وكان فيها تحقيقا لحالة الترقب التي سادت الأسواق طيلة عام 2001.


عوامل النجاح
ويعتقد خبراء أن نجاح اليورو تحقق بفضل ثلاثة عوامل رئيسية:

1. التضخم: كان المحللون والمضاربون يعولون على حدوث ارتفاع في معدلات التضخم بالدول الأعضاء، بعدما يدخل اليورو حيز التداول الفعلي. لكن شيئا من هذا لم يحدث بالقدر الذي يعوق تقدم اليورو أمام العملات الرئيسية الأخرى.

2. أسواق الأسهم: أسهم انهيار أسواق الأسهم الأميركية في تعزيز مكانة اليورو بين العملات الرئيسية، إذ صاحب هذا الانهيار تراجع مطرد في قيمة الدولار وتدفق الاستثمارات على الأسواق الأوروبية، حيث وجد اليورو إقبالا كبيرا عليه. علما بأن الأسواق الأميركية تقليديا تعد الوجهة الأساسية للاستثمارات الأجنبية.

3. الفائدة المصرفية: استفاد اليورو من حقيقة أن الفائدة على العملة الأوروبية الموحدة ظلت خلال العامين الماضيين أعلى منها بالنسبة للدولار، في الولايات المتحدة التي اضطرت إلى خفض أسعار الفائدة إلى مستويات متدنية جدا لإنعاش أكبر اقتصاد في العالم.


شكوك!

undefinedغير أن ثمة من يشكك في أن ارتفاع اليورو أمام الدولار مؤشر قوة، إذ يعتقد محللون ماليون أن السر في ضعف العملة الأميركية لا في متانة العملة الأوروبية. فالفترة التي ارتفع فيها اليورو هي فترة انحدر فيها الاقتصاد الأميركي بقوة، وعاني خلالها وما يزال من ضعف النمو وارتفاع البطالة وزيادة العجز التجاري، وغيرها من المشكلات التي تفاقمت أكثر بفعل مخاوف تأثير الحرب المحتملة على العراق.

ويضيف هؤلاء المحللون أن اليورو -مع ذلك- سيواصل الارتفاع خلال الشهور الستة المقبلة من العام الحالي، وسيحافظ على وتيرة قوته الحالية التي أوصلته إلى 1.06 دولار. غير أن هذه القيمة تظل بعيدة إلى حد كبير عن المستوى الذي انطلق عليه مطلع عام 1999 والبالغ 1.16 دولار.

وفي سياق هذه الشكوك ثمة من يقول إن هذا الصعود هو الوضع الطبيعي لليورو، بالنظر إلى الاعتقاد أن العملة الأوروبية مقومة بأقل من قيمتها الفعلية عن قصد، وذلك من أجل الحفاظ على القوة التنافسية للمنتجات الأوروبية أمام الدول الأخرى في الأسواق العالمية.

ولعل ما يقوي هذا الاعتقاد تحذير المفوضية الأوروبية هذا الشهر من أن صعود اليورو في أسواق الصرف هبط بالقدرات التنافسية لمنطقة اليورو بنحو 1% في الربع الأخير من سنة 2002، حتى قبل أن يقفز إلى أعلى مستوياته أمام العملة الأميركية إلى 1.06 دولار.


حظوظ اليورو في مزاحمة الدولار
من الصعب التأكيد في الوقت الراهن وحتى في السنوات القليلة المقبلة ما إذا كان اليورو سينافس الدولار، لكن ليس من شك في أنه قادر على مزاحمة الدولار كعملة دولية. الاتحاد الأوروبي حدد عام 2010 موعدا لتوسيع حجم اقتصاده بما يساوي حجم الاقتصاد الأميركي. وليس من شك أن اليورو سيزداد قوة في سياق العمل على تحقيق هذا الهدف.

وعلى كل حال فنقطة الفصل في تحقق هذا الهدف تكمن في قدرة اليورو على تعزيز مصداقيته في أسواق الاستثمار، وترسيخ ثقة المستثمرين فيه كعملة يعتد بها. وتتلخص آليات تحقيق هذه الهدف في:
1. ضمان أداء قوي لاقتصاد منطقة اليورو في المدى القصير والمتوسط.

2. الحد من البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية بين الدول المنتمية لهذه العملة وداخل البلد الواحد.

3. قدرة البنك المركزي الأوروبي على إدارة السياسات النقدية في الدول الأعضاء والالتزام بالمعايير المتفق عليها.

4. انضمام بريطانيا لمنطقة اليورو لما لها من وزن اقتصادي وسياسي، إضافة إلى أهمية سوق لندن المالية.

5. نجاح سياسة توسيع الاتحاد الاقتصادي والنقدي.

ولكي يكون اليورو عملة أكثر تدويلا، يجب أن يصبح ذا مكانة في التجارة الدولية والاحتياطات النقدية لدى البنوك المركزية العالمية.

ولبلوغ هذه الغاية يرى الاقتصاديون أنه ينبغي تطوير الأسواق المالية لبلدان المنطقة، وتعزيز سلامة السياسات النقدية والضريبية، وكذلك تحقيق معدلات نمو اقتصادية تعكس ثقل الاقتصاد الذي يصدر هذه العملة، ووزنه في التجارة الدولية والاحتياط النقدي العالمي.
ـــــــــــــــ
* الجزيرة نت

المصدر : غير معروف