فلسطينيو 48 وانتفاضة الأقصى


undefined

* بقلم خليل شاهين

إستراتيجية سيطرة إسرائيلية
رؤية فلسطينية قاصرة
قدماً نحو الانفجار
تخاذل الحلفاء في اليسار الإسرائيلي
آفاق الحل التاريخي
شراكة على أرض الواقع

أخفق الباحثون والمثقفون الفلسطينيون عموماً طوال عام كامل منذ اندلاع انتفاضة الأقصى، في اقتحام مساحة البحث المتاحة أمامهم للإجابة على سؤال عن طبيعة العلاقة المطلوب تطويرها فيما بينهم أنفسهم أولاً في الضفة والقطاع، والأراضي المحتلة منذ العام 1948، وفي بلدان اللجوء والشتات، بما يعين على توظيف إنجازات الانتفاضة للانتقال نحو مرحلة جديدة في الصراع الدائر مع إسرائيل تختصر الزمن والآلام على الشعب الفلسطيني في كفاحه المتواصل منذ قرن.

تقاعس.. لا تبرره سوى رهبة الانتقال الجريء والضروري للبحث عن إجابات على أسئلة كثيرة، ربما لم تفعل الانتفاضة أكثر من إعادة طرحها بإلحاح: هل دخل النضال الوطني الفلسطيني في مأزق منذ بدء عملية السلام في مدريد ومن بعده توقيع اتفاق أوسلو العام 1993؟ ما هي طبيعة هذا المأزق ومسبباته وآفاق الخروج منه؟ هل شاخ الفكر السياسي الفلسطيني القائم على ما عرف باسم "البرنامج المرحلي" منذ ما يزيد على ربع قرن؟ وهل يخدم هدفه الرئيسي المتمثل في إقامة الدولة المستقلة في نطاق الأراضي المحتلة العام 1967 تحقيق هدفيه الآخرين في تقرير المصير وممارسة اللاجئين الفلسطينيين حقهم في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها، أم أنه يتعارض معهما إلى حد قطع الطريق على آفاق تحقيقهما؟

وفي الانتقال من الأسئلة الكبرى إلى الصغرى يمتد الإخفاق إلى مساحات أخرى يدفع الفلسطينيون فيها ثمن "الارتباك السياسي" لقيادتهم وتنظيماتهم السياسية من دمهم ورزقهم. ولعل أبرزها: ما الذي تسعى الانتفاضة إلى تحقيقه؟ ولماذا بقيت دون برنامج وهي تحمل شعار "الحرية والاستقلال" الذي ينوء به كاهلها؟ وفي ضوء ذلك، ما هو موقع ودور أبناء الشعب الفلسطيني داخل أراضي 48 في هذه الانتفاضة؟ ولماذا "هدؤوا" بعد هبة شاملة قدموا خلالها 14 شهيداً في مواجهة قمع إسرائيلي منقطع النظير خلال الشهر الأول للانتفاضة؟!

إستراتيجية سيطرة إسرائيلية

تحتاج الإجابة على هذه الأسئلة إلى حالة حوار وجدل لاتزال مفقودة في الوضع الفلسطيني، ولكننا سنهتم هنا بمحاولة رصد دور فلسطينيي الداخل في الانتفاضة وموقعهم في إطار الصراع العربي الإسرائيلي، وبالتالي في أية "تسوية" سياسية نهائية.

لقد نظر الفلسطينيون في أراضي 48 إلى أنفسهم على الدوام بوصفهم جزءاً لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني رغم شتى السياسات والوسائل التي اتبعتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لإضعاف وتفتيت هذا الانتماء العربي الفلسطيني عن طريق تطبيق إستراتيجية سيطرة إسرائيلية على الأقلية العربية تحول دون تمكينها من القيام بدورها كجماعة قومية متكاملة تنتمي إلى الشعب العربي الفلسطيني.

وفي هذا السياق استندت العلاقة بين النظام الإثني العرقي في إسرائيل والأقلية العربية إلى قاعدة قانونية أساسها التمييز العرقي تسيطر بموجبها مجموعة عرقية يهودية على أخرى عربية، مع منح المجموعة المسيطر عليها حقوقاً وامتيازات لا تمس جوهر نظام السيطرة القائم لصالح اليهود الذين يشكلون الغالبية ويحتفظون بالتفوق في كل القضايا الجوهرية التي تتعلق بالصالح العام للدولة، كما يحتفظون أيضاً بالوظائف الرئيسية التي تقرر طبيعة هذا "الصالح العام".

وبينما كانت الأوساط الصهيونية والقيادة الإسرائيلية تسعى إلى تفتيت النسيج المجتمعي للأقلية العربية وتبديد هويتها القومية من خلال التعامل معها كأقليات "إثنية" من المسلمين والمسيحيين والدروز، وإنكار وجود الفلسطينيين كأقلية قومية، ومحاولة "تهجينهم" عبر شتى أساليب "الأسرلة" الرامية إلى عزلهم عن جذور هويتهم العربية، كان الفلسطينيون في المقابل يجهدون في محاولة إيجاد معادلة تحقق التوازن بين كونهم مواطنين إسرائيليين يكافحون في سبيل المساواة داخل الدولة العبرية، وبين كونهم ينتمون إلى الشعب الفلسطيني والأمة العربية.

وإذا كانت هذه المعادلة تعني في شقها المتعلق بالمواطنة الإسرائيلية النضال ضد محاولات إبقائهم على هامش المجتمع الإسرائيلي ومن أجل المساواة الكاملة في الحقوق مع بقية مواطني الدولة اليهودية، فإنها تعني في شقها المتعلق بالانتماء العربي رفض الانزواء على هامش الأمة العربية، ومشاركة العرب همومهم وتطلعاتهم بالتزامن مع مشاركة أبناء جلدتهم الفلسطينيين نضالهم الوطني في مواجهة المشروع الصهيوني، وهي مشاركة تكفل في نهاية المطاف انتصار اتجاه "الفلسطنة" على اتجاه "الأسرلة" الذي طالما سعت الحكومات الإسرائيلية إلى ترسيخ مرتكزاته في صفوف فلسطينيي 48.

رؤية فلسطينية قاصرة

غير أن الصورة لا تكتمل دون النظر -في المقابل- إلى كيفية تعامل منظمة التحرير والقيادة الفلسطينية مع "الأقلية العربية" في أراضي 48، ودورها في إطار النضال الوطني. فقد نظرت السياسة الرسمية الفلسطينية ومواقف جل فصائل منظمة التحرير إلى فلسطينيي 48 بوصفهم "مخزوناً إستراتيجياً" "يتضامن" بأشكال مختلفة مع نضال الفلسطينيين في الضفة والقطاع والشتات، ولا يشارك فعلياً فيه، كما يقدم "دعماً إغاثيا" للفلسطينيين في الضفة والقطاع في اللحظات العصيبة. ومثل ذلك أقرب إلى التزام وواجب الجار على جاره، وأبعد عن التزام الفرد تجاه انتمائه القومي.

وفي وضع كهذا لم تجرؤ منظمة التحرير -على سبيل المثال- على الإعلان جهاراً أنها "الممثل الشرعي الوحيد" للفلسطينيين في أراضي 48 كما هو حالها مع كل الفلسطينيين الآخرين خارج نطاق هذه الأراضي. كما لم تستطع السلطة الوطنية الفلسطينية قط التدخل لنجدة أي من فلسطينيي 48 يتعرض لتنكيل على أيدي متطرفين يهود.

إن الانتقاد هنا يجب أن يوجه بصورة رئيسية إلى كيفية واتجاه تطور الرؤية الفلسطينية للمستقبل السياسي والوطني الفلسطيني، منذ تبني "البرنامج المرحلي"، وذلك عن طريق النضال من أجل الاستقلال في نطاق الأراضي المحتلة العام 67 عبر أساليب النضال السياسي/ الدبلوماسي بشكل أساسي، دون تبني أية رؤية تحاول الربط بين هدف إقامة الدولة المستقلة والحل التاريخي للقضية العربية الفلسطينية.

وأدى هذا المسار التاريخي في ظل التطورات التي شهدتها القضية الفلسطينية منذ حرب لبنان عام 1982، ثم حرب الخليج عام 1991، إلى الوصول "منطقياً" إلى اتفاق إعلان المبادئ الفلسطيني الإسرائيلي في أوسلو، والقبول بممارسة حكم ذاتي في بعض مناطق الضفة والقطاع كمرحلة انتقالية لاتزال مستمرة منذ 13 سبتمبر/أيلول 1993.

قدماً نحو الانفجار

غير أن فلسطينيي 48 لم يجدوا ما يخصهم في اتفاق أوسلو الذي لم يتطرق إلى أية معالجة لأوضاعهم ومشاكلهم التي يعتبرونها جزءاً أصيلاً من نتائج الصراع العربي الإسرائيلي، ومن القضية الفلسطينية. بل وكان عليهم أن يصغوا إلى آراء تطمئنهم إلى أن قضاياهم ومشاكلهم اليومية المتفجرة ستحتل مكاناً بارزاً في المعالجات المستقبلية بعد التوصل إلى حل للقضية الأهم المطروحة حالياً والمتمثلة بحل أبرز جوانب الصراع الدائر منذ عام 1967 من خلال تحول الحكم الذاتي في بعض أراضي الضفة والقطاع إلى دولة فلسطينية مستقلة. لكن أحداً لم يعرف كيف سيحدث ذلك، ومتى، فيما تفاقم الشعور بالمرارة في أوساط الكثيرين من فلسطينيي 48، كما هو الحال في أوساط مئات الآلاف من اللاجئين في مخيمات الضفة والقطاع وبلدان الشتات، الذين مازالوا ينتظرون حلاً لمأساتهم المستمرة منذ 53 عاماً.

ومثلما أفضت عشر سنوات من المفاوضات وممارسة الحكم الذاتي، في ظل حالة المماطلة والتسويف التي فرضتها إسرائيل حيال إمكانيات التوصل إلى حل نهائي، إلى إشاعة مشاعر الإحباط والغضب في أوساط الفلسطينيين في الضفة والقطاع، ظلت كذلك عناصر الانفجار المرتقب قائمة في أوساط الفلسطينيين من مواطني دولة إسرائيل المنسيين والمهمشين.


undefinedلقد جاء صعود إيهود باراك إلى منصب رئيس الحكومة الإسرائيلية بدعم كاسح من أصوات العرب، ليفتح الطريق أمام فلسطينيي 48 ليشاهدوا بأمّ أعينهم واحدة من أبشع عمليات الاستغلال العنصري لأصواتهم الانتخابية، حيث تجاهل باراك إشراك الأحزاب العربية في الائتلاف الحكومي، كما تعامل بازدراء مع مطالب وحقوق من دعموه، ووجه نيران آلة الحرب الإسرائيلية المتطورة لقتل أبناء شعبهم في ساحات الأقصى المبارك وفي شتى أنحاء الضفة والقطاع قبل أن يتوج ذلك بإطلاق رجال شرطته ووحداته الخاصة لقتل 14 فلسطينياً وجرح العشرات من مواطني الدولة الفلسطينيين الذين خرجوا إلى الشوارع احتجاجاً على القمع الوحشي للانتفاضة في الضفة والقطاع.

شيع الفلسطينيون جنازات 14 شهيداً برصاص شرطة وجنود حكومة باراك، وانفتحت جراحهم وذاكرتهم من جديد على اللحظات الرهيبة لنكبة عام 1948، وسنوات الحكم العسكري التي تلتها، ولعبت حملة التحريض العنصري التي شنتها ضدهم الأوساط الصهيونية اليمينية وانخرط فيها ما يسمى "اليسار الإسرائيلي"، دوراً في تذكير الفلسطينيين بأن الصراع "يعود إلى جذوره التاريخية" على أرض فلسطين، إلى ما قبل العام 1948، وسط أصوات إسرائيلية طالبت باستغلال اللحظة التاريخية لاستكمال "حرب الاستقلال" والمشروع الصهيوني بشن أوسع حملة تطهير عرقي من خلال طرد مئات الآلاف من الفلسطينيين "الإسرائيليين" خارج مدنهم وقراهم.

تخاذل الحلفاء في اليسار الإسرائيلي

وشعر الكثيرون من فلسطينيي 48 بالصدمة حيال صمت "حلفائهم" في "اليسار الإسرائيلي" الذين اتهموهم بتجاوز "الخطوط الحمراء"، فيما كانت أصوات أخرى تصف الفلسطينيين من ضحايا الرصاص الإسرائيلي بـ "البرابرة" لأنهم عبروا سلمياً عن غضبهم ورفضهم لتدنيس مقدساتهم وقتل أبناء جلدتهم في الضفة والقطاع!

والملفت للانتباه أن كثيراً من السياسيين والمثقفين اليهود عبروا عن دهشتهم للمشاركة الفلسطينية الواسعة في هبّة جماهيرية داعمة للانتفاضة رغم أن عدداً من الباحثين والكتّاب اليهود حذروا خلال السنوات الماضية من انفجار قادم بسبب الأوضاع المزرية للأقلية العربية في إسرائيل وتعاظم شعور فلسطينيي 48 بانتمائهم إلى الهوية العربية الفلسطينية.

ففي دراسة أعدها الباحث الإسرائيلي إيلان بيليغ حذر من أن الانتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987 شكلت تحدياً جديداً يواجه إسرائيل -كمجتمع منظم- من داخل فلسطين، بينما كان التهديد في كل من عامي 1948 و1967 قادماً من خارج إسرائيل، "ولم يبلغ درجة تحدي الانتفاضة". وتوقع أن يستمر الحال في الأراضي المحتلة مشابهاً لما هو عليه في إيرلندا الشمالية، أي تشكل وضع يؤدي إلى استخدام العنف والعنف المضاد في عملية الصراع بين الطرفين. كما خلص الباحث إلى التنبيه على أن "فلسطنة العرب الإسرائيليين تشكل خطراً جدياً على إسرائيل كمجتمع ديمقراطي، وكمجتمع يهودي منظم"!.

ويمكن القول إن الدور الذي لعبه فلسطينيو 48 لأداء واجبهم في إسناد الانتفاضة، سواء بدفع ضريبة الدم، أو بتقديم المساعدات النقدية والعينية للفلسطينيين في الضفة والقطاع، جاء في واقع الحال تعبيراً عن تعاظم اتجاه "الفلسطنة" واضمحلال اتجاه "الأسرلة"، ونقلة جديدة في حالة نهوض قومي عربي فلسطيني وجد تجلياته في السنوات القليلة الماضية بنشوء أحزاب سياسية عربية تمارس نشاطها انطلاقاً من إيمانها بوجود أقلية قومية يجب على إسرائيل الاعتراف بها وبممثليها السياسيين. وليس من شأن اتساع هذا "التيار القومي" -إن جاز التعبير- سوى تعميق آثار انتفاضة الأقصى على فلسطينيي 48 باتجاه مزيد من تلاحم العلاقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين أبناء الشعب الفلسطيني على جانبي ما يسمى "الخط الأخضر" ، وإعطاء دفعة جديدة للرأي المطالب بالعمل على تحويل سلطة الحكم الذاتي المحدود إلى جزء مكون من نظام يعيش فيه الفلسطينيون جميعاً إلى جانب اليهود في دولة ثنائية القومية.

آفاق الحل التاريخي

إن تطور أشكال التعبير السياسي لفلسطينيي 48 -خصوصاً منذ اندلاع انتفاضة الأقصى- يشير إلى أهمية انخراط أعداد متزايدة من الفلسطينيين ، والعرب كذلك، في جهد يستهدف استشراف آفاق الحل التاريخي الممكن لقضية فلسطين في ظل وجود واقع يعيش فيه الفلسطينيون واليهود على أرض واحدة.

ويوفر المأزق الراهن الذي وصل إليه خيار الحكم الذاتي المحدود واندلاع الانتفاضة قبل عام في ظل إصرار الحكومة الإسرائيلية على الاستمرار في المماطلة إزاء حسم التفاوض حول قضايا الوضع النهائي، ما يكفي من أسباب ومحفزات من أجل إجراء مراجعة شاملة للبرنامج السياسي الفلسطيني، والأهداف التي تسعى الانتفاضة لتحقيقها، والعلاقة بين الفلسطينيين على جانبي "الخط الأخضر".

وثمة من يطرح ذلك في أوساط المثقفين والسياسيين الفلسطينيين، ومن ضمنهم أستاذ الأدب والمفكر السياسي إدوارد سعيد الذي يرى أن اتفاق أوسلو وما تمخض عنه من نتائج لم يؤديا إلى حل للصراع القائم في فلسطين. بل إنه اعتبر أن الهبّة الشعبية الفلسطينية ضد حفر نفق تحت المسجد الأقصى عام 1996 شكلت مؤشراً على يأس الشعب الفلسطيني من اتفاق أوسلو، "ودليلاً على نهاية حل الدولتين"، منوهاً في الوقت ذاته إلى أن "التحدي هو إيجاد طريقة سلمية للتعايش (بين الفلسطينيين والإسرائيليين) كمواطنين متساوين في الأرض نفسها".

أما الدكتور عزمي بشارة عضو الكنيست عن التجمع الوطني الديمقراطي، فإنه يدعو صراحة إلى دولة ثنائية القومية، ويرى أن يشكل العرب الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة مع فلسطينيي 48 كياناً سياسياً فلسطينياً واحداً، ضمن كيان سياسي أكبر ثنائي القومية فيه كيان سياسي يهودي وكيان سياسي عربي، بحيث يشكلان معاً كياناً يهودياً عربياً ذا برلمانين من جهة، وبرلمان مشترك من جهة أخرى. وهو نظام شبه فدرالي بين كيانين قوميين.

وفي الجانب الإسرائيلي يعتبر الكاتب ميرون بنفنستي أن "الشعار المبسط" القائل بقيام دولتين لشعبين في فلسطين يواجه مشكلات وتعقيدات، وهو يرى أن هذا الشعار يحتاج إلى تحديث في التفكير السياسي، لأنه يجمع بين الانقسام السياسي والانتماء إلى الأرض نفسها والوطن ذاته، الأمر الذي يفرض تقسيم "فلسطين/ إسرائيل" إلى كانتونات متجانسة على صعيد التكوين الثقافي والقومي، بحيث يتمتع كل كانتون بسلطات واسعة يمارسها في منطقته، مع إقامة حكومة مركزية تحقق تقاسم السلطة، وتقر تشريعاً خاصاً بالأقلية، في حين تكون القدس عاصمة مشتركة لدولة "فلسطين/إسرائيل" المتحدة كنفدرالياً، حسب بنفنستي.

شراكة على أرض الواقع

ويقول الكاتب الفلسطيني كمال الخالدي إن فكرة دولة ثنائية القومية تنطلق من واقع قائم فعلاً على أرض فلسطين بشرياً وجغرافياً. ولذلك فهو يحثّ الباحثين العرب على ألا يهابوا تناول هذه الفكرة، "إذ إن هذه الهيبة تجعل الجماعة القومية اليهودية القائمة فعلاً على أرض فلسطين تبدو أنها هي الوحيدة على تلك الأرض، لأنها في النتيجة تغيب الجماعة العربية في فلسطين وتتجاهل وجودها".


undefinedويضيف أن القادة السياسيين في التجمعات العربية الفلسطينية في إسرائيل أو في منطقة الحكم الذاتي التابعة للسلطة الفلسطينية، يجب ألا يتخوفوا من ظاهرة "الفلسطنة"، ومن ترسيخ الانتماء العربي الذي يبرز الشخصية العربية الفلسطينية من خلال العمل لإيجاد قاعدة من التنظيمات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية غير الحكومية رغم الحواجز التي تقيمها السلطات الإسرائيلية، والتشكيك في ولاء المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل للدولة، وكذلك رغم تجنب السلطة الفلسطينية التعامل مع التجمع العربي الفلسطيني داخل إسرائيل.

ويخلص الخالدي -محقاً- إلى التأكيد على أن التفاعل بين الفلسطينيين في هذين النطاقين يشكل قاعدة راسخة في المستقبل من أجل بناء كيان ذي هوية قومية عربية على كامل التراب الفلسطيني.

وفي الإطار ذاته كان عزمي بشارة اقترح أن يبدأ التعاون والتنسيق بين التنظيمات المتشابهة وظيفياً، مثل جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، والجمعيات الثقافية، والنقابات، واتحادات الأدباء والكتّاب وغيرهم، بما يسهم في بناء شراكة فعلية على أرض الواقع في المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد في الضفة والقطاع وأراضي الـ 48.
_________
* باحث وصحفي في صحيفة الأيام الفلسطينية

المصدر : غير معروف