لأول مرة.. العلماء يرصدون ثقبا أسود يمزق نجما مثل الشمس

يأمل الباحثون أن تساعد البيانات الجديدة التي توصلوا إليها؛ في تحقيق فهم أدق لعملية تفاعل الثقوب السوداء مع محيطها، وبالتالي إمكانية رصدها بصورة أفضل مستقبلا.

إذا مر نجم بجوار ثقب أسود في نطاق جاذبيته يتم تمزيقه ومطه كالمعكرونة السباغيتي (ناسا)

لطالما انشغل علماء الفيزياء الفلكية بظاهرة كونية غاية في الشراسة، وهي تلك الحالات النادرة التي تتمكن خلالها تلسكوباتنا الأرضية أو الفضائية من رصد لحظات تمزيق أحد النجوم، بسبب قوة الجذب الهائلة لثقب أسود فائق الكتلة، ثم التهامه.

وفي دراسة صدرت مؤخرا بدورية "مانثلي نوتيس" (Monthly Notices) التابعة للجمعية الفلكية الملكية في بريطانيا، كشف فريق دولي من الباحثين عن سمة جديدة لم تكن معروفة من قبل لهذا النوع من الأحداث الدرامية.

اضطراب مدّي

وقد لجأ الباحثون إلى بيانات صدرت في عام 2019، حينما لاحظ علماء الفلك من "المرصد الأوروبي الجنوبي" (European Southern Observatory) عملية تمزّق نجم شبيه بالشمس على مقربة من ثقب أسود فائق الكتلة يقع في مركز مجرة تبتعد عن الأرض مسافة 215 مليون سنة ضوئية.

وفي هذا النوع من الأحداث الفلكية والتي تسمى "اضطراب مدّي" (Tidal disruption)، يقترب النجم بدرجة كافية من ثقب أسود فائق الكتلة بحيث لا يمكن له الإفلات من جاذبيته القوية التي تقوم بشد مادة النجم بقوة، حتى يتم مط النجم تجاه الثقب الأسود وكأنه قطعة من المعكرونة السباغيتي.

وفي أثناء ذلك، تزدحم مادة النجم خارج حدود الثقب الأسود، وتحتك ببعضها بشدة، ما يتسبب في إصدار إشعاعات في نطاق الأشعة السينية يمكن للعلماء رصدها على الأرض، لكن في بعض الحالات لم تُرصد تلك الأشعة، مما حير العلماء لسنوات، وفق بيان صحفي رسمي لجامعة "كاليفورنيا بيركلي" المشاركة بالدراسة.

تساعد الدراسة في فهم عملية تفاعل الثقوب السوداء مع محيطها (ناسا)

فقاعة هائلة من الجسيمات

ووفق الدراسة الجديدة، لجأ هذا الفريق البحثي إلى "تلسكوب شين" (Shane telescope) الذي يبلغ عرضه 3 أمتار، ويقع بالقرب من سان خوسيه في ولاية كاليفورنيا الأميركية، وهو مزود بمقياس طيفي يدعى "كاست"، وهي أداة يمكنها دراسة ظاهرة "استقطاب الضوء".

ومن خلال تلك الأرصاد، كشف الباحثون أن الثقب الأسود لا يبتلع كل مادة النجم، بل إن جزءا كبيرا منها يتطاير مبتعدا عن النجم بسرعة عالية تصل إلى 10 آلاف كيلومتر في الثانية.

ووفق الدراسة، فقد شكلت هذه المادة المتطايرة سحابة كروية متماثلة من الغاز الخاص بالنجم، تضخمت شيئا فشيئا حتى وصلت لمسافة تقدر بـ100 وحدة فلكية من الثقب الأسود، والوحدة الفلكية تساوي 150 مليون كيلومتر.

ويرى الباحثون أن مادة تلك السحابة هي التي منعت معظم الانبعاثات عالية الطاقة الناتجة من تزاحم المادة خارج الثقب الأسود، قبل التهامها، وكشفوا كذلك أن هذه السحابة أصبحت أرق بعد 29 يوما من عملية "الاضطراب المدّي"، وبالتالي بات ممكنا رصد بعض الإشعاع الصادر من محيط الثقب الأسود.

ويأمل الباحثون أن تساعد هذه البيانات الجديدة في تحقيق فهم أدق لعملية تفاعل الثقوب السوداء مع محيطها، وبالتالي إمكانية رصدها بصورة أفضل مستقبلا.

المصدر : مواقع إلكترونية