كيف يحترق الخشب ولا تشتعل الأواني المعدنية فوقه؟

تثير الطاقة المنبعثة الإلكترونات التي تبعث الضوء المرئي الذي يبدو لنا كاللهب (بيكسلز)
كي تشعل نارا في الأساس فأنت تحتاج إلى الأكسجين والحرارة والوقود (بيكسلز)

تخيل أنك تجلس في مخيم بالعراء بعد أن أشعلت النيران في بعض جذوع الأشجار الجافة التي جمعتها، ثم وضعت إناء معدنيا يحتوي على بعض الماء فوق هذه النيران لتجهيز الشاي اللذيذ، رائحة الدخان تتطاير في الهواء في حين يغلي الماء في الوعاء، وبينما أنت تحدق في ألسنة اللهب البرتقالية الوامضة قد تتساءل: لماذا تحترق الأخشاب فيما الإناء المعدني لا يفعل؟

ذكر مقال منشور في موقع "لايف ساينس" (Live Science) أن السبب في اشتعال بعض الأشياء وعدم اشتعال أشياء أخرى يرجع إلى الروابط الكيميائية بين جزيئاتها والطاقة التي يتطلبها تغيير أو كسر تلك الروابط.

كيف تشتعل النار؟

إذا بدأنا من الأساس فسنجد أن النار تحتاج إلى بعض الأشياء كي تشتعل، وهذه الأشياء هي الأكسجين والحرارة والوقود، الأكسجين غاز موجود في الهواء، ويمكن إنشاء الحرارة بالاحتكاك كما هو الحال عندما تضرب عود ثقاب أو يمكن إنشاؤها بطرق أخرى مثل صاعقة البرق، أما الوقود وهو الشيء الذي يحترق فيمكن أن يكون بشكل عام أي شيء مكون من مادة عضوية.

يقول كارل بروزيك الكيميائي في جامعة أوريغون لـ"لايف ساينس" إنه في هذه الحالة تشير كلمة "عضوي" إلى الجزيئات التي تتكون أساسا من روابط كربون-هيدروجين، وفي بعض الأحيان تشتمل على الأكسجين أو ذرات أخرى، مثل الفوسفور أو النيتروجين، وإن عملية الحرق على وجه التحديد عبارة عن تفاعل كيميائي يطلق الطاقة من نظام غير مستقر مع روابط كيميائية ضعيفة نسبيا.

ويضيف بروزيك أن كل شيء يريد أن يكون أكثر استقرارا، خاصة الجزيئات العضوية التي تحتوي على الكربون والأكسجين والهيدروجين وبعض العناصر الأخرى، والمواد التي تشتعل فيها النيران بسهولة مثل الخشب والورق مصنوعة من السليلوز، وهو جزيء يتكون من روابط بين الكربون والهيدروجين والأكسجين.

وأوضح أنه عندما يحترق شيء ما فإنه ينتهي بإطلاق الكثير من الطاقة لأنك تقوم الآن بنقل النظام إلى حالة طاقة أقل، وهذه الطاقة يجب أن تذهب إلى مكان ما.

لماذا لا تشتعل النيران في هذه الغلاية المعدنية مثل الخشب تحتها؟ (Getty)
لماذا لا تشتعل النيران في هذه الغلاية المعدنية مثل الخشب تحتها؟ (غيتي)

وعندما تشتعل النيران في جسم مصنوع من الخشب يتحول السليلوز الذي يتكون منه الخشب إلى ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء، وكلاهما جزيئات مستقرة جدا ذات روابط قوية.

وتثير الطاقة المنبعثة من هذا التفاعل الكيميائي الإلكترونات في ذرات الغاز، والتي بدورها تبعث الضوء المرئي، وهذا الضوء هو الذي يبدو لنا كاللهب.

جذوع الأخشاب مقابل الإناء المعدني

وبالعودة إلى جذوع الأشجار المحترقة مقابل إناء الحساء الساخن، يقول بروزيك إن الفرق بين الجذع والوعاء المعدني له علاقة بمدى قدرة المادة التي تتعرض إلى النار على توزيع الطاقة المستخدمة، وهو ما يفسر مدى قوة روابطها الكيميائية.

وبشكل أكثر وضوحا فإنه لا يمكن كسر الروابط الكيميائية القوية في المعدن فيما تفتقر قطعة الخشب إلى تلك الروابط، لذلك لا تملك القدرة على امتصاص الطاقة من اللهب، وبدلا من امتصاص الطاقة يطلق الخشب الطاقة عن طريق اشتعال النار، لكن المعدن الموجود في الإناء يتمتع بقدرة هائلة على امتصاص تلك الطاقة وتبديدها، وهذا هو سبب الإحساس بالحرارة عند لمس الإناء المعدني، ويمكن أن يؤدي الامتصاص الأفضل للحرارة أيضا إلى منع الخشب من الاشتعال.

ويقول بروزيك إنه إذا تم وضع كوب ورقي مملوء بالماء على اللهب فلن يحترق الكوب بسهولة، نظرا لأن الماء الموجود في الكوب يمكن أن يمتص الحرارة فلن تشتعل النيران في الورق.

يمكن لبعض المعادن أن تحترق وهي التي تستخدم في صناعة الألعاب النارية (بيكسلز)
يمكن لبعض المعادن التي تستخدم في صناعة الألعاب النارية أن تحترق (بيكسلز)

وفي بعض الأحيان يمكن لبعض المعادن أن تحترق، وتستخدم هذه المعادن القابلة للاحتراق -بما في ذلك البوتاسيوم والتيتانيوم- في صناعة الألعاب النارية.

ويقول بروزيك إن المعادن الموجودة في الألعاب النارية تكون على شكل مسحوق، مما يوفر مساحة أكبر لها لتتفاعل بشكل أسرع مع الحرارة والأكسجين، وعندما تتعرض تلك المعادن لحرارة كافية للتفاعل مع الأكسجين فإن كمية الطاقة المنبعثة تجعلها تحترق بألوان مختلفة.

المصدر : لايف ساينس