لماذا أطلق العلماء النار على دب الماء أقوى مخلوق على وجه الأرض؟

تصدر دب الماء عناوين الصحف العالمية في عام 2019 عندما تحطمت ‏مركبة فضائية كانت تحمل بعض دببة الماء على سطح القمر؛ وهو ما طرح أسئلة علمية مثيرة للاهتمام، وسيكون للإجابة عنها آثار كبيرة على علم الأحياء الفلكي.

Tardigrades
في عام 2007 أُرسل دب الماء في تجربة علمية إلى محطة الفضاء الدولية (شترستوك)

أطلق العلماء النار من بندقية على "التارديغرادا" (Tardigrade) أو دب الماء -وهو نوع من اللافقاريات المجهرية- لمعرفة ما إذا كان يستطيع النجاة من تأثيرات الفضاء، ونُشر بحثهم في دورية "أستروبيولوجي" (Astrobiology) في 11 مايو/أيار الجاري.

ويمكننا الآن إضافة "إطلاق النار من بندقية بسرعات عالية" إلى القائمة المتزايدة من الأشياء الغريبة التي يمكن أن ينجو منها دب الماء.

ولقد فعل العلماء ذلك بالفعل -وصدق أو لا تصدق- لسبب وجيه؛ فقد أرادوا معرفة ما إذا كانت الكائنات التي تشبه دب الماء قادرة على البقاء على قيد الحياة في ظروف معينة في الفضاء، من أجل وضع قيود على مكان وكيفية العثور على حياة خارج كوكب الأرض في النظام الشمسي، وكيف يمكننا تجنب تلويث تلك الحياة.

يتميز دب الماء بأنه يستطيع العيش بدون ماء ولا هواء لمدة 10 سنوات (غيتي)

أقوى وأغرب حيوان في العالم ‏

دب الماء -ويعرف باسم بطيء الخطو أو خنزير الطحلب- هو حيوان لا فقاري مجهري صغير لا يتجاوز طوله الميلليمتر، ويتميز بأنه بطيء المشي، ويعتبر أيضا أقوى وأغرب حيوان في العالم وأول حيوان أرضي يستطيع العيش في الفضاء الخارجي.

كذلك يتميز دب الماء بأنه يستطيع العيش بدون ماء ولا هواء لمدة 10 سنوات، ويستطيع تحمل الحرارة العالية والبرودة الشديدة، وضغطا يزيد على 6 أضعاف ضغط قاع المحيط، فضلا عن تحمله لإشعاعات غاما القاتلة.

في عام 2007 أُرسل دب الماء في تجربة فضاء علمية لمحطة الفضاء الدولية، وبقي على قيد الحياة طوال فترة التجربة، وبدأ يتحرك، ووضع بيضا فقس بنجاح، وذلك بالرغم من الضغط المنخفض والإشعاع الشديد ودرجات الحرارة المنخفضة والحرمان من الأكسجين في فراغ الفضاء.

يستطيع دب الماء تحمل الحرارة العالية والبرودة الشديدة وضغط يزيد على 6 أضعاف ضغط قاع المحيط (شترستوك)

تصدرت هذه الوحوش عناوين الصحف العالمية في عام 2019، عندما تحطمت ‏مركبة فضائية تحمل بعضها على سطح القمر، مما أثار بعض الأسئلة العلمية المثيرة للاهتمام، وسيكون للإجابة عنها آثار كبيرة على علم الأحياء الفلكي.

بما في ذلك إمكانية توزيع الحياة في جميع أنحاء الكون عبر الكويكبات والمذنبات التي تصطدم ‏بالكواكب، وبصفة خاصة فرضية التَبَزُّر الشّامل "البانسبيرميا" (panspermia)، والتي تقول إن "بذور" الحياة موجودة في جميع أرجاء ‏الكون، وأن الحياة على الأرض من الممكن أن تكون قد أتت من تلك "البذور".

القوة المميتة

من أجل كل ما سبق، قامت عالمة الكيمياء الفلكية أليخاندرا تراساباس وعالم الفيزياء الفلكية مارك بورشيل -وكلاهما من "جامعة كنت" (University of Kent) في المملكة المتحدة- بتصميم تجربة للإجابة عن تلك التساؤلات.

يتخصص بورشيل في التصادمات فائقة السرعة، ولدى قسمه مدفع غاز خفيف من مرحلتين، يستخدم عملية من خطوتين لتسريع المقذوفات.

مدفع الغاز الخفيف المستخدم في التجربة (معمل اختبار السرعة الفائقة عن بُعد – ناسا)

وكما يشير تقرير موقع "ساينس ألرت" (Science Alert) فقد قام الباحثون بتحميل دب الماء المجمد في حالة السبات في المدفع، وأطلقت على أهداف رملية في غرفة مفرغة بسرعات تتراوح من 0.556 إلى 1.00 كيلومتر في الثانية. وتم بعد ذلك عزل التارديغرادا وفصلها ومراقبتها لتحديد مدة إحيائها من حالة السبات.

وقد تعافت جميعها بعد حوالي 8 أو 9 ساعات، وفي حين نجا دب الماء المتأثر بما يصل إلى سرعة تأثير تبلغ 825 مترا في الثانية؛ أدت سرعة 901 مترا في الثانية إلى العثور على شظايا فقط من دب الماء، ويشير هذا إلى أن عتبة البقاء على قيد الحياة لسرعة التأثير تقع بين هذين الرقمين، وهو ما يعادل ضغط صدمة يبلغ 1.14 غيغا باسكال.

وكانت بعض المواد المقذوفة من الأرض -والتي انطلقت من اصطدامات النيزك ثم اصطدمت بالقمر- ضمن نطاق بقاء دب الماء؛ لذلك من الممكن أن ينجو دب الماء من تلك الرحلة.

صور تظهر "التارديغرادا" أو دب الماء قبل الاختبار وبعده (دورية أستروبيولوجي)

ويمكن أن يخبرنا هذا البحث عن مدى احتمالية بقاء دب الماء في أماكن مثل القمر أو القمر ‏المريخي "فوبوس"، حيث يمكن أن يكون قد تأثر بالقذف من الأرض والمريخ على التوالي‎.‎ كما يمكن أن يساعدنا ذلك في قياس معدل بقاء الكائنات الحية في أعمدة المياه ‏المالحة المنبعثة من عوالم المحيطات الجليدية‎.‎

المصدر : ساينس ألرت