اكتشاف نوع جديد وفريد من وحيد القرن عاش بالمغرب قبل ملايين السنين

سيبقى مكان العثور على حفريات وحيد القرن الجديد بحوض مدينة ورزازات جنوبي الأطلس الكبير بالمغرب مثيرا لفضول العلماء لمزيد من التنقيب والدراسات العلمية.

وحيد القرن المكتشف هو شكل قديم من أشكال وحيد القرن من مجموعة "الإلسموثيرين" (غيتي)

أغادير – في كشف علمي جديد، عثر فريق بحث دولي على حفريات لفصيلة منقرضة من وحيد القرن عاشت في المغرب قبل ملايين السنين، ونشرت نتائج الدراسة في المجلة العلمية "أكتا باليونتولوجيكا بولونيكا" (Acta Palaeontologica Polonica) بتاريخ 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

تكوّن فريق البحث من الباحث سمير زهري الأستاذ بقسم الجيولوجيا بكلية العلوم عين الشق بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء بالمغرب، والباحث دينيس غرادس من المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في جامعة السوربون بفرنسا.

يقول سمير زهري الباحث المغربي المشارك في الاكتشاف، في حديث للجزيرة نت، عبر البريد الإلكتروني "تتعلق هذه الدراسة باكتشاف حفريات جمجمة كاملة تقريبا، أسنان وعظام لوحيد القرن وحفريات لأنواع عديدة من الثدييات في أواخر العصر الميوسيني المبكر (ما بين 8 إلى 10 ملايين سنة) وجدناها في حوض مدينة ورزازات جنوبي الأطلس الكبير بالمغرب".

فريق البحث يحدد موقع الحفر لأول وحيد قرن من مجموعة الإلسموثيريُن في شمال أفريقيا (الجزيرة)

نوع جديد وفريد

ووفق الدراسة، فإن هذا النوع من وحيد القرن المكتشف تبيّن للباحثين أنه شكل قديم لوحيد القرن ينتمي إلى مجموعة "الإلسموثيرين" (Elasmotherine)، وقد أطلقا عليه اسما علميا "إيوزارا" (Eoazara) و"إيوزارا زيري" (Eoazara xerrii) وهو اسم وحيد القرن بالأمازيغية.

ويوضح سمير زهري قائلا "إلى جانب ذلك اكتشفنا فيلًا قديمًا من نوع "تيترالفودون" (Tetralophodon) الذي ينتمي إلى عائلة "كومفوتير" (Gomphothères) وكذلك زرافات وغزلان، كما عثرنا على حصان من نوع "هيباريون" (Hipparion) الذي يتوفر على أرجل ثلاثية الأصابع (tridactyles)، بخلاف الأحصنة والحمير ذات الأرجل التي تنتهي بإصبع واحد فقط أو "مونوداكتلي" (Monodactyles)، كذلك وجدنا تمساحا قريبا من التمساح النيلي الحالي وسلحفاة برية كبيرة".

وتشير نتائج الدراسة العلمية إلى أن وحيد القرن المكتشف يختلف عن وحيد القرن الذي اكتشف سابقا في بني ملال سنة 1976 لأنه أقدم بقليل، حيث يراوح عمره بين 13 و14 مليون سنة، لكنه معروف فقط ببضعة أسنان وهو غير معروف جيدا، أما النوع الجزائري (1992) والتونسي (1989) فإنهما عمليا من العمر الجيولوجي نفسه لكن جمجمتهما غير معروفة من قبل فريق البحث، وربما ينتميان إلى "ديسيروتيني" (Dicerotini)، وبالتأكيد لا علاقة لها بـ"إيوزارا زيري".

فريق البحث يقوم بإزالة جمجمة فيل قديم من نوع تيترالفودون بموقع الاكتشاف (الجزيرة)

وعن أهمية هذه الدراسة قال سمير زهري "من وجهة نظر علمية تكمن أهمية هذه الدراسة أولا في أن هذا هو أول وحيد قرن من مجموعة "الإلسموثيريُن" (Elasmotherine) معروفة في شمال أفريقيا موثقة بجمجمتها وعظام خلفية الجمجمة، ثم إنها من أفضل ما تم توثيقه من العصر الميوسيني المبكر".

وحسب الباحث المغربي، فإن هذا النوع الجديد "يلقي الضوء على فهم تطور وحيد القرن بشكل عام والموجود في أفريقيا بشكل خاص. وفضلا عن ذلك، تخبرنا دراسة جميع التجمعات الحيوانية الموجودة في هذه المنطقة عن نوع البيئة والمناخ في ذلك الوقت".

نفي لفرضية سابقة

وحتى وقت قريب، كان علماء الحفريات يشككون في أن هذا النوع لم يعش على الإطلاق في شمال أفريقيا، لكن هذه الدراسة الجديدة أظهرت أن "إيوزارا زيري" كان عضوا في مجموعة وحيد القرن التي يغلب عليها الطابع الأوراسي (clade)، وليس أحد الناجين من فرع أفريقي افتراضي من "الإلسموثيريُن".

كما أن هذه القطعة المغربية كانت في مرحلة تطورية أقل من القطع الصينية "نينغشياثيريوم" (Ningxiatherium) و"بارولسموثوريم" (Parelasmotherium)، ولكن ربما كانت قريبة من أشكال العصر الميوسيني المبكر في شرق أفريقيا، إلا أن "بارولسموثوريم" معروفة ببقايا غير مكتملة.

ويشير سمير زهري الباحث في الجيولوجيا إلى أن "الجمهور العام من الشباب خاصة ينبهرون بهذه الحيوانات التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، مثل الديناصورات والماموث التي يستخرجها علماء الحفريات أحيانا من الهياكل العظمية المتحجرة، أو حتى في بعض الأحيان من شظايا قليلة".

ويضيف "هذه الحيوانات تثير الإعجاب بحجمها وشكلها غير العادي وأيضا بعمرها الجيولوجي، أي الوقت الذي عاشت فيه، ومن سوء الحظ ليس لدينا متحف للتاريخ الطبيعي في المغرب حتى يتمكن الشباب من القدوم والاستمتاع بهذه الحيوانات الرائعة".

مشروع بحثي ممتد في الزمن

ويبدو أن مكان العثور على حفريات وحيد القرن الجديد بحوض مدينة ورزازات جنوبي الأطلس الكبير بالمغرب سيبقى مثيرا لفضول العلماء لمزيد من التنقيب والدراسات العلمية.

وفي هذا الصدد يؤكد سمير زهري أن "هذه الدراسة هي جزء من مشروع بحثي عن الحيوانات وبيئتها في عصر الميوسين المبكر لحوض مدينة ورزازات الذي بدأنا الاشتغال به منذ عام 2012".

موقع العثور على الحفريات بحوض مدينة ورزازات جنوبي الأطلس الكبير بالمغرب سيبقى مثيرا لفضول العلماء (الجزيرة)

وأضاف أن الدراسة "جزء من شراكة بحثية بين قسم الجيولوجيا في كلية العلوم عين الشق جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، ومركز الأبحاث في علم الحفريات بمتحف التاريخ الطبيعي في باريس، وقد نشرنا نتائج بحثنا في العديد من المجلات العلمية الدولية وكانت دراسة الحيوانات بأكملها موضوع الدكتوراه في علم الحفريات الفقارية".

وعن التحديات التي واجهت فريق البحث في هذا الاكتشاف يقول سمير زهري "في علم الحفريات هناك مراحل عدة، أولها البعثات الميدانية للبحث عن الحفريات، ثم العمل المخبري للترميم والدمج وما إلى ذلك، ولكل مرحلة تحدياتها سواء كانت مادية أو تقنية أو فكرية، لكن شغف الباحث ينتهي دائما بالتغلب على معظم التحديات".

ويختم الباحث المغربي حديثه للجزيرة نت بالقول "ما زلنا نواصل بحوثنا الميدانية وعملنا المخبري، ونبحث بشكل خاص عن حفريات أحفاد القردة من هذه الحقبة (قبل 8-10 ملايين سنة) وهي حقبة حاسمة في تطور البشر.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية