السفر عبر "الثقوب الدودية" ممكن لكنه بطيء

Said سعيد - الثقوب الدودية وإن كان وجودها ممكن نظريا، إلا أنها ليست مفيدة لسفر البشر في الفضاء - بيكساباي - السفر عبر الثقوب الدودية ممكن لكنه بطيء
الثقوب الدودية قد تكون موجودة حسب نظرية النسبية (بكسابي)

الصغير محمد الغربي

أظهرت دراسة علمية جديدة أن الثقوب الدودية، وهي الأنفاق التي تربط بين مكانين بعيدين في الفضاء المنحني حسب نظرية النسبية، قد تكون موجودة فعلا ويمكن السفر من خلالها.

وكشفت نتائج الدراسة -التي أنجزها فيزيائيون من جامعة هارفارد- أن هذه الثقوب وإن كان وجودها ممكنا من الناحية النظرية فإنها ليست مفيدة للسفر في الفضاء بالنسبة للبشر والتنقل بين النجوم والمجرات.

فالمرور عبر هذه الأنفاق الافتراضية بين نقطتين من الكون بعيدتين في الزمان والمكان سيستغرق وقتًا أطول من التنقل بينها مباشرة، كما يقول المؤلف الرئيسي للدراسة دانييل جافريس من جامعة هارفارد.

أسس نظرية
ظهرت فكرة وجود هذه "الأنفاق" الرابطة بين مناطق مختلفة من الكون بالفترة التي أعقبت نشر الفيزيائي ألبرت اينشتاين نظرية النسبية العامة عام 1915 عندما وجد الفيزيائي كارل شوارزشيلد حلا لمعادلات هذه النظرية. ولم يتنبأ هذا العالم بوجود الثقوب السوداء فحسب، بل توقع كذلك وجود ممرات تربط بينها غير أنها سريعة الانهيار ولا تسمح لأي شيء بالمرور.

وأعاد آينشتاين مع تلميذه روزن عام 1935 صياغة هذه الفكرة من جديد في ورقة علمية اقترحا فيها وجود "جسور" محتملة بين نقطتين بعيدتين في الزمان والمكان تسمح نظريا بمرور المادة بين ثقبين واحد أسود والآخر أبيض. وصارت هذه الجسور تعرف فيما بعد باسم "جسور آينشتاين-روزن" ثم "الثقوب الدودية".

أفلام الخيال العلمي استعانت كثيرا بفكرة
أفلام الخيال العلمي استعانت كثيرا بفكرة "الطريق المختصر" للسفر السريع في الفضاء باستخدام الثقوب الدودية (رويترز)

تشابك كمي
وتم استخدام هذه النظرية عام 2013 لوضع أسس نظرية "التشابك الكمي" التي تصف ظاهرة كَمّية ترتبط خلالها الجسيمات الكميّة مثل الفوتونات والإلكترونات ببعضها البعض رغم وجود مسافات كبيرة تفصل بينها. وتستخدم هذه النظرية اليوم في تجارب النقل الفوري أو الآني للجسيمات والمعلومات.

وعلى هذه الأسس النظرية طور جافيريس وزملاؤه في الدراسة الجديدة فكرتهم بافتراض أن الثقوب الدودية تربط بين ثقبين أسودين بينهما تشابك كمي، مثلما يحدث مع الجسيمات الصغيرة جدا، ويمكن لجسيمات الضوء الفوتونات المرور عبرها.

ويتمثل حجر العثرة الرئيسي أمام صياغة الثقوب الدودية -التي يمكن المرور عبرها- في الحاجة إلى التسليم بوجود "طاقة سلبية". وهي فرضية أساسية تعتمد عليها نظرية النسبية العامة في تفسير وجود هذه الثقوب، لكنها لا تتفق مع الجاذبية الكمية التي تسعى لتوحيد نظريتي النسبية وميكانيكا الكم. ومع ذلك، فقد تغلب عليها الباحثون باستخدام أدوات نظرية للفيزياء الكمية.

بطيئة
وأظهرت نتائج البحث أن الضوء يمكنه نظريا اجتياز الثقوب الدودية لكنها -وهنا المفاجأة- لا تبدو طريقا مختصرا للتنقل بين نقطة وأخرى من الكون كما كان متوقعا.

فمرور الضوء عبر الثقب الدودي سيستغرق وقتًا أطول من الانتقال مباشرة بين النقطتين اللتين يربط بينهما الثقب. وبالتالي فإن هذه الأنفاق الكونية ليست مفيدة جدًا للسفر عبر الفضاء، كما يقول جافيريس. غير أن إيجاد وسيلة (نظرية) لبناء ثقب دودي يمكن للضوء أن يمر من خلاله يعد خطوة مهمة في السعي لتطوير نظرية للجاذبية الكمية

وإن حملت نتائج هذه الدراسة أخبارا سيئة للأشخاص الذين يشعرون بالإثارة تجاه فكرة احتمال السفر بين النجوم والمجرات في يوم من الأيام، فإنها تحمل أخبارا سارة بتوفيرها معلومات جديدة تساهم في تطور ميكانيكا الكم خاصة في علاقتها مع الجاذبية.

المصدر : الجزيرة