سيناريوهات

بعد إعلان سعيد سيطرته على القوات العسكرية والأمنية.. هل ستعود تونس للحكم الاستبدادي؟

أجمع ضيوف برنامج سيناريوهات من خبراء قانونيين ودستوريين وباحثين على أن تونس تمر بأزمة حكم، وأن المشهد السياسي الداخلي معقد، وأنه بات مفتوحا على كل الاحتمالات بما فيها العودة للحكم الاستبدادي.

تصريحات الضيوف هذه جاءت في حلقة سيناريوهات بتاريخ (2021/4/29) التي ناقشت السيناريوهات المحتملة للمشهد السياسي التونسي، بعد إعلان رئيس البلاد قيس سعيد أنه وبحكم دستور عام 2014، فهو الشخص المسؤول عن القوات المسلحة العسكرية والأمنية والداخلية، وهي التصريحات التي أثارت غضبا ورفضا عارما بين معظم القوى السياسية والمدنية التونسية، واعتبروها إعلانا لعودة حكم الفرد وعودة بتونس للزمن الاستبدادي.

من جانبه، أكد الحبيب خضر المقرر الدستوري لدستور عام 2014 أن المشكلة ليست في النص الدستوري، الذي قال إنه كان واضحا في التفريق بين من بيده السلطة على القوات العسكرية والسلطة على القوات الأمنية.

ولم ينكر المقرر الدستوري على التونسيين حقهم بالشعور بالخوف على الديمقراطية التي ثاروا من أجلها قبل أكثر من 11 عاما، وهم يرون رئيس الدولة يريد أن يمسك بكل الصلاحيات بيده، ويعطل عمل مؤسسات الدولة ومن أبرزها المحكمة الدستورية، ويرفض الموافقة على تشكيل الحكومة.

ومع أن الخبير الدستوري رابح الخريفي أكد أن ما يجري في تونس حاليا هو محاولة واضحة للعودة لحكم الفرد الواحد، فإنه راهن على الوعي الشعبي التونسي الذي قال إنه لن يقبل أبدا بالعودة مرة أخرى للحقبة الاستبدادية.

بدوره انتقد الباحث والكاتب صلاح الدين الجورسي قيام القيادة التونسية بتأزيم المشهد السياسي بالبلاد، في الوقت الذي يعاني فيه التونسيون من جائحة كورونا التي باتت تحصد أكثر من 100 شخص يوميا، بالإضافة للوضع الاقتصادي الكارثي الذي تسببت به بالبلاد.

وقال الجورسي إن أكثر ما يخيف في المشهد الحالي، هو بروز أصوات تطالب باعتقالات البعض، في حين يطالب آخرون بنزول الجيش للشوارع والتخلي عن الديمقراطية التي جلبت المشاكل للبلاد.

وأعتبر أن تونس تمر حاليا بأزمة حكم، حيث يرفض رئيس البلاد الاجتماع مع رئيس السلطة التشريعية أو رئيس الحكومة، كما يرفض تمرير القوانين التي يقرها النواب وبنفس الوقت يرفض قبول الوزراء الذين يعينهم رئيس الحكومة.

لذلك اعتبر الحبيب خضر أن المشكلة في تونس بالدرجة الأولى هي مشكلة النظام الانتخابي، الذي يمكن الرئيس من التحكم بمصير القوانين التي يصدرها المجلس التشريعي.

وأشار إلى أنه رغم أن سعيد أكد أكثر من مرة أن لديه مبادرات للخروج من الأزمة، فإنه لم يتقدم عمليا بها لمجلس النواب، لأنه لا يريد أن تكون مبادرته محل نقاش أو رفض، سواء جزئي أو كلي، وإنما يريد أن يضمن لها الموافقة الكاملة دون تعديل، وهو أمر يتنافى مع كل مبادئ الديمقراطية

وبحسب الخرايفي فإن مشكلة الرئيس سعيد أنه ترك الصلاحيات الممنوحة له دستوريا وأخذ يبحث عن صلاحيات ليست ملكه، الأمر الذي أدى لتعطيل الحياة السياسية بالبلاد.

واعتبر الجورشي أن عداء بعض قوى المجتمع لحركة النهضة هو الذي يدفع هذه القوى لمساندة سعيد في مواقفه المتصادمة مع الحركة، رغم أنها تمتلك وزنا كبيرا في الشارع التونسي من الصعب إنكاره أو تجاوزه، لذلك شدد على أهمية أن تتصرف النهضة بعقلانية وعدم الانجرار للفخ الذي يسعى البعض لنصبه لها.

ولإنقاذ الديمقراطية في تونس دعا الخرايفي مجلس النواب لتحمل مسؤولياته واختيار أعضاء المحكمة الدستورية الأربعة، لتشكيل المحكمة بالسرعة القصوى، كما دعا الرئيس سيعيد لتقديم تنازلات والتخلي عن سعيه لإمساك السلطة، والجلوس مع السلطتين التشريعية والتنفيذية لإخراج تونس من المأزق الذي تمر به .

من جانبه رأى الجورشي أن الحل ممكن أن يأتي من المبادرة التي دعا إليها اتحاد الشغل التونسي، والتي تقوم على جمع كل القوى للحوار، ويتحمل كل منهم مسؤوليته أمام الشعب في هذا الظرف الصحي والاقتصادي الصعب الذي تعيشه تونس.

وعبر الحبيت عن أمله أن يستغل الرئيس سعيد فرصة الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، ودعوة رئيسي مجلس النواب والحكومة للإفطار يتخلله حوار صريح وشفاف، ويقبل كل طرف بتقديم تنازلات معينة في سبيل العبور بالبلاد من مأزقها الصعب.