أولى حروب القرن

موقف دول الجوار الأفغاني من التطورات الأخيرة

ما موقف دول الجوار الأفغاني من التطورات الأخيرة على صعيد التطورات العسكرية والسياسية ومحاولات إيجاد حل سلمي للأزمة الأفغانية؟ لماذا تغيرت مواقف كل من إيران وباكستان من التوتر إلى التقارب؟
مقدم الحلقة محمد كريشان
ضيوف الحلقة – محمد صادق الحسيني، مستشار وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي في إيران
– عبد الغفار عزيز، مدير الشؤون الخارجية للجماعات الإسلامية الباكستانية
– محمد صديق شكري، وزير الإعلام السابق في حكومة رباني
– سيد مشاهد حسين، وزير إعلام باكستاني سابق
تاريخ الحلقة 06/12/2001

– الموقف الإيراني والباكستاني من نتائج مؤتمر بون
– التقارب الإيراني الباكستاني في ظل الملف الأفغاني
– الوجود الأجنبي في أفغانستان وتأثيره على العلاقة الإيرانية الباكستانية

undefined
undefined
undefined
undefined
undefined

محمد كريشان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله، أهلاً بكم في حلقة جديدة من (أولى حروب القرن).

نخصصها هذه المرة لموقف دول جوار أفغانستان من المشهد السياسي والعسكري الذي أفرزه الآن كل من مؤتمر بون وتشكيله إدارة انتقالية، وتطور المعارك نحو سقوط آخر معاقل طالبان والقاعدة في البلاد، وسنركز بالخصوص على موقف كل من باكستان وإيران باعتبارهما لاعبين أساسيين غيَّرت موقعيهما حرب أفغانستان، من التوتر إلى التقارب والتعامل، ضيوفنا في هذه الحلقة هم:

(الكاتب والمحلل السياسي الإيراني) محمد صادق الحسيني، و(مستشار أمير الجماعة الإسلامية في باكستان) عبد الغفار عزيز، ومن إسلام آباد معنا سيد مشاهد حسين، وهو (وزير إعلام باكستاني سابق)، ومن لندن محمد صديق شكري (وزير إعلام سابق في حكومة الرئيس رباني).

أهلاً بضيوفنا جميعاً، وفي البداية نتابع هذا التقرير الذي أعده حسن إبراهيم للسياق السياسي والعسكري للوضع الآن في أفغانستان.

تقرير/ حسن إبراهيم: بينما يتواصل الهجوم على المرتفعات الأفغانية في (طورا بورا) تأبى القنابل الأميركية الذكية -كما تصفها الإدارة الأميركية- تأبى إلا أن تثبت تناقض اسمها مع أفعالها، فقد قتلت القنابل الذكية ثلاثة من الجنود الأميركيين عن طريق الخطأ ومعهم خمسة من الأفغان وأصاب صديق الولايات المتحدة الأول، معاون الملك السابق ظاهر شاه ورئيس الحكومة الأفغانية الانتقالية (حميد كرزاي) بجروح طفيفة ومازال القصف مستمراً على قندهار والقرى المحيطة بها، فالبحث جارٍ عن أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة وعن الملا محمد عمر زعيم حركة طالبان ولن يتوقف القصف والتدمير العشوائي والقتال، حتى تتأكد الولايات المتحدة من أسر وقتل الرجلين، أما مجموعة بون التي تمكنت من حل عقدة توزيع المناصب فقد نجحت في تشكيل حكومة موسعة مُنحت فيها معظم الوظائف السيادية لمجموعة أحمد شاه مسعود، عُين كرزاي رئيساً للحكومة لسببين، الأول لكونه بشتونياً وهو ما قد يريح باكستان التي تريد دوراً مركزياً للبشتون، والثاني لأنه يعتبر عدو حركة طالبان الأول، حيث أنه يتهمها باغتيال والده في مدينة كويتا عام 99، إلا أن عملية بون –إن صح التعبير- تقابل عقبات كثيرة، منها رفض بعض الموقعين على الاتفاق الالتزام به، حتى قبل أن يجف مداده، فقد رفض سيد أحمد جيلاني، الزعيم البشتوني (قائد الجبهة الأفغانية الوطنية الإسلامية) اتفاقية بون، وقال إنها غير عادلة، فوزارة الخارجية والداخلية والدفاع لمجموعة واحدة لاشك يجعلها الأكثر نفوذاً، أما الزعيم الأوزبكي عبد الرشيد دوستم، فلم يكن جزءاً من العملية برمتها، فبالتالي رفضها رفضاً باتاً، وهو ما يعقد الأمور كثيراً، وتجاهل زعيم الأوزبك بهذه الصورة سيجعله يتوجس خيفة من أن التحالف الشمالي الذي يغلب عليه الطاجيك قد يفكر في تصفيته قبل إشراك الأوزبك بصورة فاعلة في الحكومة وتأتي المرارة التي يحس بها البشتون لتضيف إلى قتامة الصورة، فعلى الرغم من أن رئاسة الحكومة أسندت إلى كرزاي البشتوني إلا أن شطراً كبيراً من البشتون الذين يدينون بالولاء لجيلاني أو حتى لطالبان يتوجسون من هيمنة يتوقعونها للطاجيك على مقاليد الأمور فالكل يسعى لتوطيد مركزه في الفترة التي ستسبق انعقاد (اللويا جيركا)، وهو البرلمان الأفغاني الموسع، ومن غير المتوقع أن ينعقد البرلمان إن كانت الأمور غير مستقرة، أما في جبهتي قندهار وطورا بورا، فإن القصف الأميركي مازال مستمراً، ومازالت المعارك مستمرة بين الطالبان والميليشيات البشتونية الموالية للولايات المتحدة، أما الخسائر المدنية، والتي يبدو أنها تأتي في قاع اهتمامات الفرقاء في الأزمة الأفغانية فهي هائلة، ولا توجد إحصائيات مؤكدة، لكن لو قدَّرنا أن الشتاء الأفغاني القارس قد حل، وأن البلاد تعمها حالة تقترب من المجاعة، فيمكننا تصور قدر المعاناة التي يمر بها الأفغان، ويبدو كذلك أن الولايات المتحدة تعد نفسها لتواجد طويل المدى على الأراضي الأفغانية، وليس من المؤكد أن تستقر الأمور في أفغانستان، حتى لو استسلمت طالبان وتمت تصفية تنظيم القاعدة وقياداته.

محمد كريشان: تقرير حسن إبراهيم الذي حاول أن يرسم صورة للمشهد السياسي والعسكري الآن في أفغانستان، ونذكر السادة المشاهدين بأن بالإمكان المشاركة في هذا البرنامج من خلال موقع الجزيرة على شبكة الإنترنت عنواننا هو الذي تشاهدونه الآن: www.aljazeera.net وموضوع الحلقة أساساً هو موقف دول الجوار من التطورات السياسية والعسكري في أفغانستان، وأساساً إيران وباكستان.

سيد محمد صادق الحسيني، وسيد عبد الغفار عزيز كل من إيران وباكستان أعربتا عن الارتياح من نتائج مؤتمر بون، لو نبدأ بالموقف الإيراني، ما هي دواعي هذا الارتياح؟

الموقف الإيراني والباكستاني من نتائج مؤتمر بون

محمد صادق الحسيني: الحقيقة –كما تعرفون- إن إيران منذ مدة وهي منشغلة بالملف الأفغاني باعتباره ملفاً مقلقاً لدول الجوار حرب طاحنة تعكر أجواء السلام والتعاون الإقليمي، خاصة أن هناك كتلة مهمة جداً هي كتلة (إكو) الاقتصادية للتعاون الإقليمي بين نحو عشر دول بينها أفغانستان تشكل نحو أكثر من ثلاثمائة مليون نسمة، فيه هناك التطورات الهندية – الباكستانية، التي النزاع الباكستاني الهندي الذي تأثر بالملف الأفغاني كثيراً ويمكن أن ينتقل بتداعياته إلى كل المنطقة، أيضاً تداخل موضوع الشرق الأوسط بهذا الموضوع عبر القنبلة النووية، سواء الباكستانية أو الهندية التي يُقال إنها مدعومة بإسرائيل، مجموع هذه التحولات، وخصوصاً ما يمكن أيضاً أن يُرى باعتباره ملفاً للطاقة أيضاً، النفط والغاز في آسيا الوسطى والقوقاز، حيث شكلت ولا تزال أفغانستان مفتاحاً رئيسياً للتوازن في هذا المجال، حيث المنافسة –إذا جاز التعبير- كانت قائمة ولا تزال حول أسلم الطرق وأنجعها وأقلها تكلفة لنقل الطاقة من هذه المنطقة الحيوية آسيا الوسطى والقوقاز إلى المياه الدولية الحرة، هل تكون عبر أفغانستان أو إيران أو ما عُرف بثقافة الأنابيب سواء الأميركية أو الغربية باعتبار إنه من ينقل الغاز عليه أن يستقبل أيضاً ثقافة هذه الأنابيب الغربية عادة من خلال الشركات الدولية الكبرى، من هذه الزاوية تعتبر إيران نفسها إنها –يعني- تحققت بعض أهدافها من خلال عودة الهدوء والاستقرار لأفغانستان، وليس من خلال انتزاع الأميركيين أو الغربيين –كما هو حال الحاصل في بون- مواقف ليست بالضرورة لصالح الشعب الأفغاني بشكل واضح ومتوازن، كما أعلن بعض الفرقاء الأفغان، أعتقد حتى تحالف الشمال ليس راضياً رضىً تاماً على ما حصل لكن الجانب الإيراني هو راضي من حيث عودة الاستقرار، لعله تكون أفغانستان للأفغانيين لأول وليس للدول العظمى وللدول الإقليمية ولا لصراع النفوذ.

محمد كريشان: نعم، سيد عزيز ماذا عن باكستان؟ ما الذي جعلها تعرب عن سرورها بالضبط –بين قوسين- لنتائج مؤتمر بون.

عبد الغفار عزيز: بسم الله الرحمن الرحيم، طبعاً نحن كشعب إلى الآن لا نعرف فعلاً ما هي الحقائق التي تستند عليها باكستان، لتُعرب عن ارتياحها، إلى الآن واقعياً لم يتغير شيء في أفغانستان الذي حدث أن اتفاقية بون وُقِّعت تحت رعاية الأمم المتحدة وقل بكلمة أخرى تحت رعاية الولايات المتحدة وقل بكلمة أخرى تحت رعاية الولايات المتحدة، المؤسف أن السياسة الباكستانية الخارجية، وبالذات سياستها تجاه أفغانستان مصابة بفيروسات أميركية، كلما أبدت الولايات المتحدة ارتياحها تجاه حدث معين في أفغانستان، سمعناها من مسؤولين في إسلام آباد وطبعاً للأسف نحن كشعب إلى الآن قلقون على مصير أفغانستان، على مصير الشعب الأفغاني، على مصير الأمن الذي تنشدها أفغانستان وشعب أفغانستان والمنطقة، ولكن لو جدلاً افترضنا أن هناك جوانب الارتياح فربما من وجهة نظر الحكومة الباكستانية، مجرد وصول هذه الأطراف إلى اتفاقية قد يبعث إلى الارتياح لدى إسلام آباد، لأن العناصر مجتمعة كانت مختلفة فيما بينها، لم تأت إلا بإشارة من الخارج، الأمر الثاني أن التحالف الشمالي كان يمثلها الأستاذ برهان الدين رباني، الرمز الجهادي الكبير، ورمز التحالف الشمالي أيضاً، ولكن الآن أُبعد الأستاذ برهان الدين رباني عن الرئاسة وجيء بحامد كرازاي، وحامد كرازاي معروف بصلاته قديمة مع باكستان.. لنقل.. لو ما نحدد بالتحديد معمن ولكن مع إسلام آباد، ولكن هنا أيضاً يعني لدى الشعب أسئلة، أن الأستاذ رباني ربما كان أقرب العناصر في التحالف الشمالي إلى باكستان ويكن الصداقة والمودة لباكستان، أما العناصر المعترض عليها لدى إسلام آباد كان (جنرال فهيم) وكان عبد الرشيد دوستم والعناصر هذه، وهذه ليست إلى الآن موجودة، فإلى الآن لا نعرف..

محمد كريشان[مقاطعاً]: نعم، على ذكر.. على ذكر الرئيس رباني ربما نسأل السيد محمد صديق شكري -وهو وزير إعلام سابق في حكومة الرئيس رباني- عما أشار إليه ضيفنا الأستاذ عزيز فيما يتعلق بمكانة الرئيس رباني، كان هناك حديث عن قرب انعقاد اجتماع بين الرئيس رباني والرئيس مشرف وبأن إيران تبذل جهود لإصلاح ذات البين بين الطرفين الآن يبدو أن هذا التوجه كله ربما يكون سقط في الماء، لأن ربما الرئيس رباني لم يعد لاعباً أساسياً الآن؟

محمد صديق شكري: بسم الله الرحمن الرحيم، إن نتائج المتخمدة من مجلس بون تعتبر خطوة إلى الأمام وتعتبر خطوة في اتجاه صحيح، ولكن لوجود مشاكل الطارئة على هذه النتائج نحن نريد أن يُجدد النظر إلى بعض فقراته أو نريد بالأحرى أن يكون في جنب هذا القرارات أو إنجازات تشكيلة أخرى تمد نتائج مجلس بون ميدانياً وهي تكوين مجلس قيادي، المتكون من 12 إلى 20 شخصية جهادية والأفغانية حتى نتمكن من أن نجمع هؤلاء الشخصيات الجهادية والأفغانية، الذين لو.. لو لم تستوعبهم مجلس بون، حتى لا يكون هناك أي –كما يقولون- أي إهانة للآخرين أو إبعاد الآخرين أو طرد الآخرين بدون أي دليل أو نأتي ببعض الآخرين على السلطة بدون أي دليل، فمن هنا.. حتى أيام وفودنا في بون، نحن اقترحنا أن يكون هناك جنب هذه الأمور كله لابد أن يقروا على مجلس قيادي أيضاً، من قال إن مجلس بون بدأ كمجلس تمهيدي وكمجلس مقدمة، لا كمجلس الذي يستطيع أن يتخذ قراراً أو يتخذ تصميماً مع ذلك نحن وافقنا ولسنا عرقلة أمام أي قرار من الأمم المتحدة أو مجلس بون، ولكن شريطة أن تحتوي في طيها عناصر الصلح، أنا أعتقد إن عناصر الصلح قد ضيعت في مجلس بون إلا.. إلا إذا جددوا النظر بقبول تشكيلات شورى القيادي المتكونة من 12 أو 20 شخص من كبار الشخصيات الجهادية، والأفغان.

محمد كريشان: نعم، سيد مشاهد حسين في إسلام آباد، وهو وزير إعلام باكستاني سابق، نريد أن نسأله إذا كان السيد عزيز هنا أعرب عن مجموعة من التحفظات فيما يتعلق بالموقف الباكستاني، باكستان وُصفت بأنها من أكبر الخاسرين فيما جرى في أفغانستان، هل من خلال ترحيبها الآن بنتائج مؤتمر بون إنما تسعى إلى أن يكون لها في المرحلة المقبلة نصيب ما في الوضع الجديد في البلاد؟

سيد مشاهد حسين: أعتقد أن باكستان سيكون لها دور في أفغانستان، بسبب الوضع الجغرافي لباكستان وموقعها الجغرافي، وقد حاولت باكستان أن.. أن تجعل من الضرورة قضية يُدافع عنها، وبنت سياساتها على أساس سابقاً كانت.. سياساتها المؤيدة لطالبان قد انتهت وانهارت وتم دفنها، يوم الحادي عشر من سبتمبر الماضي وعليه فإن باكستان لم يكن أمامها أي خيار لأن سياساتها السابقة قد فشلت، وحقيقة من قبل الحادي عشر من سبتمبر، لأنها لم تكن لديها أصدقاء يؤيدون سياستها هذه مثل الصين أو إيران أو تركيا، كانوا جميعاً أصدقاء لباكستان ولكنهم معادين لطالبان وعليه فأن النظام العسكري في باكستان استفاد أو استغل هذه المرحلة من التطورات للتخلص من طالبان ولينحاز إلى الجانب الفائز، ويحاول في نفس الوقت تحقيق بعض المكاسب، والحقيقة إن سبب الفشل هو فشل طويل، عمره طويل لأن السياسة الباكستانية، وخاصة ما يخص سياسة المؤسسة العسكرية الباكستانية حاولت أن تستخدم أفغانستان كامتداد ولسياساتها الأمنية الخاصة بباكستان، وعليه فأنهم شعروا بأن أفغانستان ربما تكون الولاية الخامسة من ولايات باكستان وحاولوا فرض حكمتيار، ومن ثم تم التخلص منه ثم حاولوا فرض رباني، ثم التخلص منه ثم حاولنا بعد ذلك تأييد طالبان وتم التخلص منهم أيضاً تحت الضغط، وعليه فإن علينا أن نقبل بفشل سياستنا وفي الوضع الراهن علينا أن نقبل أيضاً أي حكومة تظهر للوجود في كابول، وحامد كرازاي كان ضيفاً على باكستان ويعيش في كويتا وهو صديق سابق للاستخبارات العسكرية الباكستانية وصديق قديم للـ C.I.A، وصديق قديم لظاهر شاه وعليه فهو صديق لجميع أطراف.. الطرف الفائز الآن في أفغانستان، وهو أيضاً بشتوني، وهو أيضاً من قندهار مثل الملا عمر، وعليه خبرة مع المجاهدين في عام 1992م، وعليه فأن باكستان لم تخسر تماماً، ولكن باكستان لم تكون اللاعب الوحيد في أفغانستان، وسيكون هناك لاعبين آخرين إلى جانبها، وعلينا أن نتقاسم النفوذ مع الأميركان، مع الأتراك، مع الإيرانيين، مع الهنود والروس أيضاً وعلينا أن نقبل بهذا.

محمد كريشان: نعم.

سيد مشاهد حسين: وعليه فإنني لا أتفق مع وجهة النظر القائلة بأننا خسرنا تماماً، بل نقول إن هناك سياسة عملية الآن أو أكثر عملية الآن، ويشبه الوضع عندما حاولت مصر السيطرة على اليمن أو الهند السيطرة على سيريلانكا، نحن أيضاً حاولنا السيطرة على أفغانستان.

التقارب الإيراني الباكستاني في ظل الملف الأفغاني

محمد كريشان: نعم.. يعني، السيد مشاهد ربما يتحدث عن فشل أكثر من خسارة، سيد محمد صادق الحسيني، أشار ضيفنا في إسلام آباد إلى شخصية كرازي.. كرازاي -عفواً- كرجل قريب من الولايات المتحدة، وحتى من المخابرات الأميركية، البعض عندما يحلل الآن الوضع خلال الحرب والآن نتائجه، يعتبر بأن كل الأزمة جعلت كل أطراف المنطقة تقترب من الولايات المتحدة، ليس فقط كرازاي، يعني إيران، باكستان، هل هناك حديث الآن عن أن إيران دخلت بشكل أو بآخر مع بعض الفروقات تحت الرداء الأميركي في المنطقة؟ إلى أي حد هذا يمكن أن يكون أمر مقبول في إيران؟

محمد صادق الحسيني: يعني الحقيقة أولاً أنا عندي تعديل لما تفضلت به في موضوع الاقتراب الدول أو مختلف الدول من الولايات المتحدة الأميركية وتبقى أو باتت محرضة أميركي عام، أعتقد أن العكس تماماً هو الذي حصل بعد 11 سبتمبر، أميركا لأول مرة تنزل من الفضاء الذي كانت تعيش فيه، أميركا لأول مرة تنزل من ثقافة الـ Cow Boy تحاول أن تقلد بعض الأوروبيين بالحلفاء للاحتكاك مع شعوب المنطقة وأممها وتتعرف عليها، تمشي في أسواق الهندوس تمشي في أسواق البوذيين، تمشي في أسواق المسلمين، طبعاً هي أيضاً تخيم بين ثلاث مليارات مسلم وصيني وهندي للسيطرة عليهم تحاول تعمل احتواء مزدوج للقنبلة النووية الباكستانية والهندية تحاول أن تلعب دور رئيسي مجدداً في موضوع الشرق الأوسط من خلال استخدام إسلام معتدل، متسامح، حداثي ضد إسلام أصولي، طالباني، تحاول أن تقترب من دول المنطقة من خلال الإعطاء بعض المطالب في جانب الشرق الأوسط الموضوع الفلسطيني، وعد ما بدولة فلسطينية كل هذا يجعلنا يعني نعدل الصورة، فنقول أن الأميركيين هم الذين يقتربون.

محمد كريشان[مقاطعاً]: يعني.. هم الذين اقتربوا.. ولكن..

محمد صادق الحسيني: من عندنا ولسنا نحن الذين نقترب منهم.

محمد كريشان: يعني ربما اقتربوا هم المسافة الأطول في الطريق، ولكن مع ذلك، إيران أيضاً خطت بعض الخطوات، يعني لا يمكن الحديث عن موقف إيراني ثابت توجهت إليه واشنطن.

محمد صادق الحسيني: لا.. لا بالتأكيد هو الحوار الأوروبي الإيراني..

محمد كريشان: يعني ما هو.. ما هو مدى الخطوات التي قطعتها إيران بالتحديد في اتجاه واشنطن وفي الملف الأفغاني تحديداً؟

محمد صادق الحسيني: أعتقد.. أعتقد أن ما قامت به أوروبا في المرحلة القصيرة الماضية في إطار ما سُمي بالحوار البنَّاء بعد أن انتقلت أوروبا من الحوار النقدي إلى الحوار البناء، حاولت أن تقرب وجهة النظر الإيرانية إلى الأميركيين والعكس أيضاً قد نقول أنهم التقوا في محطة ما في أوروبا بشكل أو بآخر، وقد تكون.. محطة أفغانستان بالمناسبة هي أيضاً ميدان اختبار سبق لوزير خارجية إيران الحالي عندما كان سفيراً دائماً لبلاده في نيويورك أن كتب مقالاً في الواشنطن بوست وقال: إن على الأميركيين إذا كانوا جادين أن يجربوا في أفغانستان، لعلنا نستطيع أن نتقدم، في ذلك الوقت لم يتعلموا الدرس فصنعوا أو ساهموا في صناعة الطالبان مع الاستخبارات الباكستانية –للأسف الشديد- وجروا المنطقة إلى الحروب الحالية أما الآن يبدو أنهم.. نرجوا على الأقل أنهم تعلموا الدرس وبدؤوا يفهمون شعوب المنطقة قد يتقدمون خطوات أكثر لصالح هذه المنطقة..

محمد كريشان[مقاطعاً]: وفي أزمة أفغانستان الكل يتحدث عن أن الجميع تعلم الدرس يعني، على كل سنرى إلى أي مدى تعلموا بالنسبة لباكستان تحديداً، هل تعلمت من الدرس الطالباني، إن صح التعبير؟ هل تسعى الآن لبناء جسور مع أطراف أفغانية جديدة؟ ربما أساسها من البشتون ولكن دون أن تكون لها الوصاية الكاملة عليهم مثل ما كان مع طالبان –على الأقل- في البداية.

عبد الغفار عزيز: والله –يعني- الموضوع خاصة الذي تفضلتم تقارب إيران وباكستان سواء كانت القضية الأفغانية وغيرها مع الولايات المتحدة، أنا ربما أنظر يعني من.. من منظار آخر، صحيح إن جمهورية إيران الإسلامية كان لها موقف تجاه طالبان وباكستان ودور الولايات المتحدة معروف ويُشار إليه بين الحين والآخر في أفغانستان مبدئياً ربما هذه كانت فرصة أمام الدولتين أن تقتربا من بعضهما البعض لمواجهة الخطر ما هو قادم، الآن لو نظرنا سياسياً حتى الولايات المتحدة لم تحقق ذاك النجاح الذي تريده في أفغانستان، صحيح أن هدفه الآني الفوري هو القضاء على بعض العناصر –كما تدعيه- بأنهم موجودين في.. وإرهابيين وما تصفهم، ولكن لها أهداف وطموحات في المنطقة الجميع يعرفها.. لو نظرنا إلى..

محمد كريشان[مقاطعاً]: ولكن عفواً إذا.. عفواً إذا.. إذا اقتبسنا مما قاله السيد حسيني، هل.. هل باكستان هي التي قطعت المسافة الأطول في اتجاه إيران أكثر من أنها إيران اقتربت من باكستان، في هذا الموضوع تحديداً هل تعتقد بأن باكستان هي التي أدركت فشل سياستها السابقة وأصبحت أميل إلى أن تكون متناغمة مع طهران؟

عبد الغفار عزيز: والله –للأسف- موقف باكستان المطلوب أن لا يكون محور أفغانستان هو المحور لتقارب الدولتين ونحن سعينا من أجل هذا، أن نجد دولتين مجاورتين، مصيرهما مشترك، عدوهما مشترك تستهدفهما كل الشياطين من الجن والإنس فلابد أن تتحد الدولتين، وهنا كان.. كان يعني.. وأنا شاهد ذلك، كانت هناك جهود من باكستان أن يكون هناك تقارب بين الدولتين، وعندما ذهبنا إلى المسؤولين في طهران وأبدوا كل ترحيبهم لمثل هذه المحاورات، ولكنهم في النهاية قالوا أن إسلام آباد إلى الآن لم تتقدم بشيء عملي تجاه أفغانستان.. تجاه جمهورية إيران، واشتكوا من سياسة نواز شريف، ومن سياسة برويز مشرف، ومن سياسة (بيناظير بوتو) والآن هذه ربما هي فرصة، لو نظرنا إلى الدولتين بعيداً عن القضية الأفغانية وعن القضية اللي واشنطن، لابد أن تتحد الدولتين وتقترب أكثر لمواجهة المخاطر القادمة والولايات المتحدة صرحت بذلك كأنها لم تأت إلى المنطقة لمجرد إسقاط حكومة طالبان أو للقضاء على ما تسميهم الإرهابيين لديهم مخططات بعيدة المدى ومدة لم يحددوها، بل وجهوا صفعة إلى برويز مشرف عندما قال أن بوجودهم في باكستان وفي المنطقة يكون لفترة قصيرة، قال من قال لكم أننا إحنا جئنا لفترة محدودة؟ فهم –يعني- صدرت أسماء ونشرت أسماء، قالوا إيران والسودان والصومال والعراق، وحتى يعني المنطقة كلها، فربما هذا هو الباعث الذي نتمنى أن يكون يؤدي إلى تقارب الدولتين وليست الولايات..

محمد كريشان: نعم، على كل هو التقارب يعني لم يصل بعد إلى تطابق كامل، مازالت هناك محاور التقاء وهناك محاور اختلاف أو تباين بين إسلام آباد وطهران.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: ننتقل إلى العاصمة البريطانية لندن مع السيد محمد صديق شكري، وهو وزير إعلام سابق في حكومة الرئيس رباني، سيد شكري إذا كان البعض يتحدث عن تقارب أو تناغم مع الولايات المتحدة في هذه الأزمة، سواء من قبل باكستان أو إيران، هل تعتقد بأن ذلك -مع الإقرار به- لا يعفي من الإشارة إلى أن هناك أيضاً تخوفات إيرانية – باكستانية من توسع النفوذ الأميركي في المنطقة وأنه من مصلحة البلدين التنسيق للحد منه أو على الأقل لمحاولة التفاعل معه بشكل إيجابي؟

محمد صديق شكري: في الحقيقة نعم، هناك تخوفات موجودة، وأميركا لها مخططاتها البعيدة المدى، في المنطقة ولعلها تستفيد عن عدم وجود نظم في أفغانستان ليستقر هناك أو ليجعل أفغانستان جسراً يعبر عنه إلى دول أخرى، والطريقة الوحيدة الذي نستطيع أن نتخطى هذه المشاكل –حسب معرفتي- هو توحيد النظر في شؤون.. في قضايا الهامة في المنطقة بين الدول الإقليمية أو دول المنطقة، وأقصد بدول المنطقة أفغانستان، إيران، وباكستان، ولاشك إن علاقات أفغانية – باكستانية، علاقات أفغانية – إيرانية تشهد في العقدين الأخيرين أدواراً مختلفاً بين الصعود والهبوط وبين التعكير والشفافية، في ضوء الحوادث التي تقع في أفغانستان ولم تزل تقع، ونحن كأفغان –خلينا صرحاء- مشكورين ما قدموه الشعبين وحكومتي إيراني وباكستاني لشعب أفغانستان المضطهد أيام الجهاد، وإننا نقدر ونجل هذا الموقف الراعي من هذين البلدين العزيزين أو الشقيقين، ولكن باكستان.. دولة باكستان الإسلامية أعتقد في هذه اللعبة قد تخسر أكثر من الآخرين، وأنا لست في صدد انتقاد على باكستان، بل في صدد تصحيح القرارات التي تتخذها باكستان وتصحيح سياساتها الخارجية، بحيث إن في أيام الجهاد باكستان وقفوا معنا بكل نفس ونفيس، وبدأنا نضرب السوفييت والشيوعيين وفي وقت.. إبان حكمنا في كابول باكستان بدأت تساعد طالبان لضربنا، وفي إبان حكم الطالبان كما نرى بدا باكستان تدخل تحالفاً مع أميركا وتضرب طالبان، فإذاً باكستان في مرحلة احتفاظ شعرة معاوية بأفغانستان، بناء على ذلك أنا أقترح للعلاقات المقبلة بين أفغانستان وباكستان أن تنبني على الأمور التالية: حسن الجوار، عدم التدخل، احترام متقابل، حفظ مصالح البلدين، وأيضاً لإيران وباكستان أقترح أن ينظروا إلينا أو إلى الشعب الأفغاني كشعب واحد لا كالشرائح بحيث باكستان يقول: أنا أدافع عن بشتون –ولا سمح الله- لو يقول إيران أنا أدافع عن الشيعة، وواحد يقول: أنا أدافع عن السنة، فالمعركة ستستمر في أفغانستان، وهذا ليس لصالح أي بلد، ومن هنا -يا أخ محمد أنا نقطة بسيطة أريد أن أطول- أنا أشاطر وأشجع اللجنة التي بادر بها الرئيس السابق الباكستاني السيد (فاروق لاغاري) وأنا أقترح من مكاني هذا اللجنة الثلاثية بين البلدان الشقيقة الإيران، باكستان وأفغانستان لتفتحوا صفحات جديدة في علاقاتها في ضوء الأحداث الراهنة، بحيث إن الخطر تحيط بالمنطقة بأكملها وحسب معرفتي عن الأحداث الأخيرة في أفغانستان لا.. لا، لو لم.. لو لم ننتبه الدول الثلاثة لاسيما إلى خطورة الوضع لتكون هناك استمرارية لأن نساعد.. استمرارية بقاء أميركا في المنطقة خصوصاً في أفغانستان، وهذا سيثبت خطيراً لنا ولإيران ولباكستان لطموحات أميركية التي يعرفها الجميع.

محمد كريشان: نعم، لو نسأل السيد مشاهد حسين في إسلام آباد عن رأيه إذا كان السيد شكري قدم اقتراحات عن رأيه في الأسس التي يجب أن تقوم عليها العلاقات بين إيران وباكستان بشكل يكون.. تكون أسس صلبة وتكون قادرة على الاستمرار فيما فيه مصلحة المنطقة واستقرارها، ما هي هذه الأسس؟

سيد مشاهد حسين: من حيث الأساس إن باكستان وإيران كانت بينهما مشاكل خطيرة بسبب قضية طالبان، وعلى مدى الأربع أو الخمس سنوات الماضية كانت باكستان وإيران تبتعدان ولا تلتقيان، وعندما.. عند التقائي بالسيد كمال خرازي عندما كان هو صحفياً سابقاً أيضاً كان مصدر الإزعاج أو العقبة الرئيسية الآن قد تم إزالتها من الطريق، وعليه فليست هناك تضارب مصالح أساس بين إيران وباكستان، وإن إيران تشعر بارتياح أكثر، لأن لهم أيضاً قول ودور يمكن يلعبوه، وعلاقة مع أفغانستان، والتي لم تكن متوفرة لهم أيام طالبان، والأهم من ذلك إن هذه العلاقة مرتبطة.. بالقضية.. بقضية دول آسيا الوسطى والتعاون الاقتصادي مع تركمانستان وموضوع النفط والغاز مع أوزبكستان وطاجيكستان، والصين أيضاً لها اهتمام بذلك، وعليه فإن باكستان، وإيران والصين سوية، ومع تحقق السلام في أفغانستان والتعاون في آسيا الوسطى، هذه هي الأسس المهمة، وأود أيضاً أن أضيف إن باكستان وإيران في الفترة القليلة الماضية وقعتا اتفاق تعاون عسكري.

محمد كريشان: سيد محمد صادق الحسيني، إذا كانت إيران علاقاتها جيدة مع روسيا، مع الهند، والآن بداية لصفحة جديدة مثلما قال وزير الخارجية كمال خرازي، صفحة جديدة وعهد جديد في العلاقة مع باكستان. هل طهران قادرة على أن توفق بين كل هذه الأطراف وإن كانت تريد أن تعطي الأولوية لعلاقة أمتن من غيرها، لمن تعطيها؟

محمد صادق الحسيني: يعني أعتقد يتذكر أخي وزميلي الأستاذ مشاهد الحسين عندما كنا عند الرئيس الباكستاني (فاروق لاغاري)، وقال: لولا هذه الكلمة أو هذا الحرف (K) اللعين لكنا نحن والإيرانيين –يعني- وحدة واحدة، كما تعرفون لأن النشيد الوطني الباكستاني كله باللغة الفارسية أو كلمات فارسية مشتركة، المحيط المشترك الثقافي والحضاري الذي يجمع بين إيران وباكستان بشكل دعامة أساسية لأن تكون هاتين الدولتين كتلة اقتصادية كبرى تستطيع إيران وباكستان أن تلعبا دوراً كبيراً في إعادة خلط الأوراق لغير صالح الولايات المتحدة الأميركية، لغير صالح الأجنبي القادم من بعيد من وراء البحار، وتستطيع أيضاً أن تشكل كتلة أسيوية كبرى مع الهند والصين، وأيضاً إدخال روسيا بشكل أو بآخر، خاصة وأن أفغانستان الآن، حيث دخلت كعنصر مهم في التوازن الاستراتيجي، كما تعرفون أن إيران وباكستان الآن شكلوا لجنة إعمار مشتركة باقتراح إيراني في خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني كما خرازي، وأعتقد أن الفرص مناسبة، لأن إيران وباكستان لو عملتا سوية ربما حتى 11 سبتمبر لم يكن ليحصل، وحتى لو حصل أعتقد هذا الدمار الوحشي، وهذه العدوانية الشرسة، وهذه ثقافة الكاوبوي ما كانت لتصل إلى مزار شريف، وما كانت لتصل إلى كابول، وما كانت لتصل إلى قندهار، ولا ما كانت الشعب الأفغاني قد خسر كل ما خسر. حتى يتحقق الهدوء والاستقرار أعتقد إن تحالف.. تعاون باكستان وإيران يمكن أن يجنب الشعب الأفغاني، يمكن أن يجنب المنطقة، يمكن أن.. الكثير من الويلات والدمار، لأنني أعتقد أن الولايات المتحدة الأميركية، وهذا بالمناسبة تخوف وحذر شديد موجود، كما أعتقد أن زميلي يشاطرني في باكستان أن شعوب المنطقة تخاف كثيراً بأن الولايات المتحدة الأميركية ضمن أولوياتها لن تغفر لكل من حمل البندقية دفاعاً عن المجاهدين في أفغانستان، دفاعاً عن الإسلام في المنطقة، وبتوسيعهم لمفهوم الإرهاب على الطريقة الأميركية، ربما يمنعون حتى الدعاء في صلواتنا -كما قال أحد الصحفيين الظرفاء والخبثاء أيضاً- ربما يقولون لنا: امسحوا هذه.. هذا الدعاء من صلواتكم "اللهم انصر هذا الدين، اللهم اخذل أعداء هذا الدين"، لأنه هذا تحريضي على الإرهاب، هكذا يعملون الآن يمنعون الجمعيات الخيرية من جميع التبرعات، يمنعون الكثير من البنوك والمصارف الإسلامية من ممارسة أعمالها حتى وصلت إلى أقرب الحلفاء إليهم في السعودية وفي الأردن، وهي دول صديقة تتعامل معهم.

محمد كريشان: وهذا يمكن لإيران وباكستان أن تلعب فيه دور للحد منه أو للحد -على الأقل- من خطورة تداعياته في.. في المستقبل؟

محمد صادق الحسيني: أعتقد إنهم.. إنهما يستطيعان تشكيل نواة مهمة جداً للتعاون مع أفغانستان بشرط أن يكون العمل في أفغانستان من أجل الأفغان ليس من أجل الطاقة في آسيا الوسطى والقوقاز، ليس من أجل الولايات المتحدة الأميركية في بحر عمان والعرب والمنطقة، وليس من أجل مجيء الأوروبيين من جديد محاولة استحضار الجشع الاستعماري القديم، والذي استخدم أفغانستان جسراً للوصول إلى الشرق، وإلى تكوين إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس من جديد، كما يحاول بعض الأوروبيين، أعتقد أنهم إذا إنهما إذا اتفقا على أن تكون أفغانستان للأفغانيين، وأن تكون المنطقة لأهل المنطقة بعيداً عن أي تدخل خارجي ممكن أن تشكل لها نواة قوية، خصوصاً إن هناك تكتل اقتصادي كما قلت في بداية الصفحة تكتل (الإكو) وهو يضم –بالمناسبة- عشرة دول إسلامية قوية في المنطقة يمكن تفعيلها.

محمد كريشان: نعم، سيد عزيز، يعني تعدد العلاقات الجيدة لإيران من ضمنها الهند، والبعض أشار إلى أن ربما أحد مرتكزات التقارب الإيراني الباكستاني والتي تجعله ربما أكثر صلب في المستقبل أكثر صلابة ربما أن.. إيران يمكن أن تلعب دور في التقارب أو إصلاح بعض الأمور العالقة –وهي كثيرة- بين باكستان والهند؟ هل تعتقد بأن إيران يمكن أن تلعب هذا الدور، أم أن المحور سيظل أفغانستان والمصالح الحيوية التي أشار إليها السيد حسيني؟

عبد الغفار عزيز: نعم، بالضبط الذي تفضلت أن إيران بالفعل تستطيع أن تلعب دور كبير وإيجابي لحل كثي من قضايا المنطقة من ضمنها قضية كشمير على سبيل المثال، الهند في حاجة إلى غاز وبترول إيراني، وطبعاً الجميع يعرف هذاك المشروع لمد أنابيب الغاز من إيران إلى الهند عبر الأراضي الباكستانية، وهذه.. هذا الموضوع يعني الهند تريدها وتحتاج إليها، لو إيران فرضت على الهند أن تقف عن قتل و –يعني- سحق الشعب الكشميري، وفي ضوء ذلك نحنا ممكن نتقدم اقتصادياً، ونقدم لكم ما عندنا، وحتى باكستان في الحالة هذه ترتبط في علاقات اقتصادية مشتركة بين إيران والهند، فهذا طبعاً دور أساسي تستطيع أن.. أن تلعب بها إيران، ولكن -كما ذكر الأستاذ الفاضل أستاذ صادق- إنه يجب أن يكون التركيز لدى الدولتين بعيداً عن العصبيات المذهبية، بعيداً عن العرقيات العقلية، بعيداً عن الأسس اللغوية.

محمد كريشان: هل هذا سهل؟ يعني لأنه عندما نتحدث عن إيران، نتحدث عن دعمها.. للطاجيك، عندما نتحدث عن باكستان نتحدث عن دعم البشتون.

عبد الغفار عزيز: نعم، هذا الذي.. هذا الذي أشير إليه.

محمد كريشان: هذه ليست.. ليست سهلة هذه النقطة.

عبد الغفار عزيز: لأ، هذا سهل جداً كأننا.. لأننا نحن دولتين إسلاميتين في إيران حكومة الثورة الإسلامية لابد أن تكون سياساتنا الخارجية والاقتصادية مبنية على الأسس الدينية، فالإسلام طبعاً لا يسمح لأحد أن –يعني- نبتعد، يعني صحيح أن هناك فرص دبلوماسية ممكن تستغلها باكستان وغيرها، ولكن لابد أن يكون المرتكز الأساسي، الآن على سبيل المثال لو أخذنا مؤتمر بون، يعني هذا رغم أن هناك بون شاسع بين المجتمعين، ولكن هم.

محمد كريشان: يعني بون في بون!!

عبد الغفار عزيز: بون في بون طبعاً، ولكن أجبروا على هذا التوقيع، والذي يعني 80% قابلة للفشل على الأرض الواقع على أفغانستان، ولكن هذه عشرة أيام التي مضت كل تركيز إعلامي وسياسي عن.. ربما نحن –يعني- نولد عالم جديد –ربما- في بون، ورغم أنها في نفس الوقت الشعب الأفغاني تزدد معاناته.. يعني يستمر عليه القصف الأميركي المكثف، يقتل الأبرياء في المدن، ويعني هناك مجزرة قندوز لا أحد –يعني- نهض من أجلها، لابد أن تكون قضيتنا، يعني ارتكازنا الأساسي على الأسس الدينية والأخلاقية.. لما تفرض عليه..

محمد صادق الحسيني [مقاطعاً]: عندي ملاحظة فقط بسيطة يعني.

محمد كريشان: اتفضل.

محمد صادق الحسيني: يجب أن.. أن نميز دائماً، أو يجب أن نبتعد عن العدمية وعن العبثية، لا يمكن -كما تفضلت أستاذنا محمد كريشان- الخروج من الوقائع الميدانية اليومية التي.. يعيشها الناس، الناس يعيشون، صحيح أنهم مسلمين، صحيح أنهم مؤمنون، صحيح أنهم يتقربون إلى الله، ويمارسون أعمالهم، لكنهم يعيشون طاجيك، وهزارا، وبشتون، ويتكلمون لغات مختلفة، أردية، الأردو، والعربية، والفارسية، يعني تعديل على ما تفضل إليه استثمار هذه العلائق الثقافية اللغوية على طريق الإسلام، على طريق الأصول، على طريق الكمال وليس إلغاءها، لأن تجربة الاتحاد السوفيتي أمامنا واضحة للعيان وهي تجربة مرة، 70 عاماً وهو حاول الكرملين من خلال مركزيته العنيفة أن يحول دول جمهوريات المنطقة والشعوب التي استعمرها أو استبدها.. أن يحولها كلها إلى شعوب روسية، لم يستطع بعد سبعين عاماً خرج ورجع الشعوب تتكلم الأوزبكية، والتركمانية، واللغات المحلية، أو القومية المختلفة، لذلك أعتقد لا بأس من الاعتراف بوجود طاجيك، وهزارا، وبشتون، وكل يأخذ حريته في تفاصيله على أن تجمع هذه وتوظف في اتجاه أكبر، وهو ما يجمع بين إيران وباكستان ودول المنطقة على أساس الإسلام.

محمد كريشان: نعم، سيد مشاهد حسين في إسلام آباد، ما ذكره الآن ضيفنا فيما يتعلق بضرورة تجاوز هذه التصنيفات الموجودة في باكستان، ولكن دون السعي لإلغائه، لأنه تلعب دور لابد من الإقرار به. إذا أردنا أن نسأل على ماذا تراهن الآن باكستان؟ إذا كانت تعتمد في السابق على طالبان، والآن هناك تركيبة جديدة ومشهد سياسي جديد في باكستان، كيف يمكن أن تراهن باكستان مرة أخرى، ولكن أن يكون رهان في محله ورهان خاسر.. عفواً رابح وليس رهان خاسر كما كان مع طالبان؟

سيد مشاهد حسين: إنني أشعر بأن سياسة باكستان كانت خاطئة سابقاً، والآن لم نعد نملك أصدقاء في أفغانستان، وعليه فإنه لا بأس في الوضع هذا لأنه.. لسنا بحاجة لأن نتوسل إلى أحد أو نحصل على رضا أحد، لأنه لم يعد لنا أحد نفعل معه ذلك، والأفضل أن نبني علاقاتنا على أساس نزيهة، وليس على أساس المؤامرات ومحاولات الاستغلال وفرض النفوذ، بل علينا أن نمد أيدينا، وفي رأيي إن كانت سياستنا السابقة مستندة على أساس عرقي ضيق، وكأن أصدقائنا هم فقط بعض القبائل من البشتون في جنوب أفغانستان، أو قندهار، أو جلال آباد، بل علينا أن نمد أيدينا إلى الهزارا، والطاجيك، والأوزبك، لأنهم جميعاً أفغانستان وجيران لنا، ويعتمدون علينا اقتصادياً، ولدينا مليونين ونصف لاجئ أيضاً في أفغانستان وعلينا أن تقدم إلى الأمام، ونفهم بطريقة حقيقية، واقعية، وعملية أن أفغانستان الآن تنتمي إلى قطاعات أخرى ودول إقليمية أخرى، ولم نعد وحدنا الذين نملك دوراً لوحدنا في أفغانستان كما كنا نتصور سابقاً، وعليه فإنني أقول: إن الصلات الجغرافية، والتجارية، وموضوع اللاجئين الأفغان في باكستان، وتنسيق أفضل مع دول الجوار هي الأسس، وكذلك أشعر إن الشعب الأفغاني لن يقبل أي وجود عسكري أجنبي على أساس دائم سواء كان ذلك أميركياً أو بريطانياً، وعليه فإن باكستان يجب أن تكون واضحة حول هذا الدور وأن.. وأن يكون الدور اقتصادياً أكثر، وسياسياً أكثر، وإنسانياً أكثر بدلاً من أن يكون أمنياً، وعليه.. ويجب لم.. لم ننظر إلى أفغانستان كأنه دعم في.. في صراعنا مع الهند، لأن الوضع سيتغير في أفغانستان، وطبيعة الدور الباكستاني والعلاقة الباكستانية قد مرت بتحول كبير، بل إنه التفافه.. كاملة.. التفافة كاملة وعودة من حيث أتوا، وعليه إنني أشعر إن هذا.. أمر طيب، لأن كان لباكستان دور سيئ أو نفوذ سيئ في.. من حيث السياسة الداخلية، وكانت سياساتنا الداخلية تتأثر بفضل العامل الأفغاني الذي كان سليباً، وأصبحنا في عزلة تامة مع أصدقائنا وعلى المسرح الدولي، وعليه فإنني أشعر إنني هذه التطورات كانت إيجابية من حيث الاستقرار البعيد المدى للدولة الباكستانية، ولتوفير علاقات حقيقية، وعلاقات أفضل، وعلاقات تقوم على أساس القبول بمحدودية دورنا واحترام مصالح الدول الأخرى، وعلينا أيضاً أن نقول لأصدقائنا الأتراك، والأزوبك، والإيرانيين، والطاجيكستانيين، والروسيين ألا يلعبوا الورقة العرقية، والأتراك يفضلون الأوزبك، والروس يفضلون.. عبد الرشيد دستم في مزار الشريف، وإيران تحبذ إسماعيل خان الذي يتحدث الفارسية، والهزارا والطاجيك أيضاً يتم تأييدهم من قبل الهند، وعليه فإننا نقول: يجب أن يكون لنا دور في قندهار وجلال آباد، هذه السياسة يجب أن تتغير ليس من أجل من.. من حيث ما يخص باكستان، بل أيضاً إيران، وروسيا، وتركيا، والأوزبك، والطاجيكستانيين، والعقلية يجب أن تتغير، لأن أفغانستان لم تعد أرض معركة لبلدان المنطقة كما كانت سابقاً أيام الحرب الباردة أو خلال العشر سنوات الماضية، ويجب ألا تكون هناك حرب بالنيابة كما حدث في العشر سنوات الماضية كانت باكستان والسعودية إلى جانب، وإيران إلى جانب آخر، ولكن بعد التقارب بين روسيا.. بين إيران والسعودية لم تعد أفغانستان ميدان حرب بين إيران والسعودية، وكما قال الضيفان في الاستديو يجب أن تكون هناك بدايات جديدة وأسس جديدة، وهذه البدايات ستكون لصالح أفغانستان وباكستان، ولصالح العلاقة الباكستانية الإيرانية أيضاً، وعليه فإنني أعتقد إن هناك حقائق جديدة يجب علينا قبلها، والعالم قد تغير حتى لباكستان أيضاً، وأعتقد إنه تغير نحو الأفضل، لأنه لم نكن بقادرين على إدارة الوضع سابقاً، وحاولنا، وصنعنا سياسات، وفرضنا حكومات، وفضلنا ظرف على آخر، و لكننا فشلنا، وعلينا أن نقبل بهذا الفشل، وكذلك الأميركان فشلوا أيضاً لأنهم هم إلى جانب باكستان والسعودية خلقوا طالبان..

محمد كريشان [مقاطعاً]: على كل سيد.. سيد حسين طرح مجموعة الشروط التي يجب أن تبنى عليها العلاقة، وسنحاول أن نسأل ضيفنا هنا في الاستديو عن رأيهم في ذلك.

[موجز الأخبار]

الوجود الأجنبي في أفغانستان وتأثيره على العلاقة الإيرانية الباكستانية

محمد كريشان: سيد محمد صادق الحسيني، من بين النقاط الهامة في العلاقة بين طهران وإسلام آباد، موضوع الوجود الأجنبي في أفغانستان، إيران أعربت عن تحفظات عديدة، باكستان ربما لم تكن لها الفرصة أن تعبر بصوت عالي عن هذا الموضوع، أو ربما كانت لها وجهة نظر أخرى، هل تعتقد بأن هذه النقطة قد بتشكل نقطة التقاء هامة في أجندة التقارب بين البلدين؟

محمد صادق الحسيني: أعتقد أنها نقطة حرجة يمكن أن تلعب على الخطين أو على البعدين..، يعني يعتمد الإدارة الباكستانية كيف تتعامل مع هذه النقطة، وأيضاً على الإدارة الإيرانية كيف تتعامل مع هذه النقطة، لأن الوجود العسكري الأميركي في المنطقة في الواقع هو يمكن أن يشكل امتداد حي وقاسمٍ حتى مع الوجود الموجود في منطقة الخليج والشرق الأوسط عموماً والموضوع الإسرائيلي، إذا قبلت باكستان أن تكون قنبلتها النووية قنبلة إسلامية حقيقية وليس بين مزدوجين (قنبلة أميركية)، يعني إذا فضلت –كما قال صديقنا وأستاذنا عبد الغفار- أن تكون باكستان ملتحمة مع شعوب المنطقة ومع شعبها ومع دينها أكثر مما تكون ملتحمة مع المصالح الأميركية، منطقة نفوذ أميركية، أعتقد يمكن أن يشكل هاجس مشترك، لأنه هاجس الشعب الباكستاني بالتأكيد هاجس قومي تجاه الوجود العسكري الأميركي مع شعوب المنطقة، فيه هناك اتفاق، وخصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار إن هناك خطة أميركية على أكثر من صعيد قيلت، وعلى أكثر من لسان قيلت، بدأت بزلات لسان، انتهت ببرامج وخطط بدؤوا يفتشون السفن التي تقترب من الصومال، يتحدثون عن العراق بصوت عال، حتى يتحدثون عن حرب أفغانية في فلسطين، يمكن تسميته بشكل أو بآخر "أفغنة العالم.. المنطقة" وكما نعرف من أيام الفتنمة مروراً بالقبرصة، واللبننة، والبلقنة، الآن بدأ الحديث عن الأفغنة محاولة تعميم النموذج الأفغاني على الجميع، هنا يجب أن يفتح الباكستانيون عيونهم جيداً والإيرانيون أيضاً، ويلتحمون أكثر، لكن إذا.. يعني لم يأخذوا هذا الأمر بالحذر المطلوب وبالدقة المطلوبة ربما يتحول -للأسف الشديد- إلى مادة نزاع جديدة قد تشعل المنطقة أيضاً بحروب إقليمية تضر بالمنطقة.

محمد كريشان: نعم، أشرت إلى موضوع إسرائيل وموضوع البرنامج النووي الباكستاني، مقال لصحفية "ها آرتيس" الإسرائيلية، وأنا أقتبس أفتح قوس، يقول: (الإيرانيون سجلوا أمامهم بالتأكيد كيف أن الولايات المتحدة مستعدة لقبول باكستان كدولة عظمى نووية عندما تنشأ مصلحة استراتيجية جديدة في المنقطة؟) وهناك إشارة إلى أن إيران ستصبح دولة نووية بتقدير الإسرائيليين بين أربع أو خمس سنوات هل تعتقد بأن يمكن أن يقع غض النظر عن مثل هذه المشاريع عندما تلتقي المصالح الاستراتيجية؟ هل.. هل تعتقد بأن هذا التحليل له وجاهة؟

محمد صادق الحسيني: قالت لي سيدة عجوز إيرانية في أثناء الحرب العراقية الإيرانية، تستطيعون أن تحتلون بغداد عندما تسلموا طهران إلى الأميركيين، أنا أعتقد إن القنبلة النووية الباكستانية يمكن أن تتحول إلى قنبلة تقبل بها الولايات المتحدة الأميركية، وإذا ما تغير النظام الإسلامي الإيراني، الحالي إلى نظام يصنع قنبلة نووية تكون في خدمة الأميركان، عند ذلك يعني ليست طهران التي نعرفها الآن، لا يمكن للأميركيين أن يقبلوا بقنبلة نووية إسلامية، ويغضوا النظر عنها إلا إذا تحولت هذه القنبلة النووية في خدمة الأميركيين، أنا أعتقد أن الأميركيين لن يغفروا للباكستانيين صنع القنبلة النووية، ويريدون أن ينتقموا مما فعله (ذو الفقار على بوتو) في ذلك العهد، وقد عمل القنبلة خلافاً لآرائهم وبتعاون مع الأوروبيين وتحديداً أعتقد الفرنسيين، لذلك سيأتي اليوم الذي سيصطدمون به بالمناسبة حتى القنبلة النووية الهندية، لأن الهند لم تكن أميركية ولن تكون أميركية بسهولة، الهند قوة اقتصادية عظمى، صاعدة، تطالب بحقوقها في المجتمع الدولي بغض النظر عن الخلاف الذي نؤيد فيه الباكستان بشكل واضح في جانب الموضوع الكشميري، لكن أعتقد أن الهند أيضاً قوة متمردة، وقد تتمرد أكثر على الولايات المتحدة الأميركية، لذلك يمكن أن يجمع أكثر من دولة الموضوع العسكري الأميركي والتدخل، وكما قلت: الأميركيين جاءوا ونصبوا خيمتهم بين ثلاث مليارات الهندوس، والصينيين، والمسلمين، علينا أن نتحد في مواجهة هذا الوجود المستفز لا الذي يقبل بعد، لم يتعلم الدرس جيداً، ويصبح يمشي في الأسواق مثلنا مثلهم، عندما يقبلون متساوين ومتكافئين عند ذلك أعتقد يمكن أن نتعاون مع الأميركيين ليس هناك..

محمد كريشان: سيد عزيز، موضوع الوجود الأجنبي في المنطقة العسكري، كيف تعتقد بأنه ممكن أن يكرس أو ينفر التقارب الباكستاني الإيراني، وخاصة إذا ما اتسعت العمليات العسكرية لتشمل مثلما قال العراق ربما هو المرشح أكثر من غيره الآن؟

عبد الغفار عزيز: بالطبع المرحلة كما يعرفها لجميع هي أنها حرجة جداً، ليست فقط بالنسبة للدولتين بل للأمة الإسلامية. انظر الآن أفغانستان دمروها، وهي كانت مدمرة، دمروها تماماً، قتلوا آلاف، وهناك ملايين من النازحين، ولكن إلى الآن عملية الحشود العسكرية مستمرة، إلى الآن حاملات الطائرات تأتي في المنطقة، وإلى الآن دول أخرى تستفز لترسل قواتها إلى المنطقة، وهناك تصريحات أنا أذكرها بسرد يعني سريع.. تصريح حول القنبلة النووية، قالوا: هناك مخاطر أن تقع هذه القنبلة في أيدي الأصوليين، تصريح عن وجود إرهاب باكستاني ضد الهند، وزير الدفاع الأميركي ووزير الخارجية في إسلام آباد وبرفقة برويز صرحوا على أننا سوف نعالج الإرهاب الذي تعاني منه الهند، هناك تصريحات.

محمد كريشان: وأدرجوا كشمير من ضمن الجهات الراعية للإرهاب يعني.. جبهة الـ…

عبد الغفار عزيز: نعم.. كل الحركات جهادية.

محمد كريشان: الحركات الإرهابية.

عبد الغفار عزيز: والمقاومة في فلسطين، وفي باكستان، وفي كل بلاد العالم، هجوم إعلامي كبير على المملكة أنا أخشى أنه ليس من.. أنه ليس من فراغ، وكذلك يعني هناك محاولات مستمرة، والجميع يعرفها لتفريق الصف في داخل جمهورية إيران الإسلامية، كل هذه الجهود وكل هذه التصريحات ليست من فراغ، وطبعاً هناك مخاوف.. يعني جداً كبيرة عل على المنطقة، وكما تفضل أن على دول المنطقة أن يفتحوا عيونهم، ولكن للأسف إلى الآن باكستان خاصة أو الحكومة الباكستانية للأسف لعبت دور يعني أكلت أطفالها، الآن موقف باكستان بالنسبة للشعب الأفغاني لو تسأل من الشعب الباكستاني، الكل –يعني- قلبه متلون وهو يعني أنا الآن جئت من.. من مكة المكرمة، الناس يدعون على من وقف مع الأميركان، قال لي كذا واحد في داخل الحرم يا أخي، أنتم من باكستان وماذا.. يعني أيش دهاكم في.. في.. في إسلام آباد أنكم تقتلون في.. تطردون الناس في.. في أفغانستان، ولكن في نفس الوقت أنا على قناعة أن المنطقة ليست مفروشة بالورود والرياحين بالنسبة للولايات المتحدة أيضاً، يعني إلى الآن القضية الأفغانية جرح نزيف مستمر، وتكون هناك –يعني- حرب داخلية، وقد تشعلها الأيدي الخارجية، الآن لماذا يدفع دوستم ألا يشرك في.. في بون مثلاً، أو يخرج هذه التصريحات الآن من دوستم، ومن جيلاني، ومن الأستاذ رباني حول اتفاقية بون؟ لن تكون.. لن تهدأ الأوضاع في أفغانستان في الأيام القريبة المقبلة، ويعني هناك تأتي خطورة على الوجود الأميركية كذلك، فنحن هنا أيضاً نرى الدور الروسي –ربما- من.. من الناحية السياسية روسيا حققت من المكاسب أكثر من الولايات المتحدة أيضاً، يعني دخول التحالف الشمالي، والآن يقاتل في العناصر التي كانت على اتصال قديم بروسيا، والى، فرص هذه الحكومة الجديدة، ورفض ظاهر شاه، كما كانت الولايات المتحدة تريد أن تأتي، روسيا أيضاً يكون لها دور، ولكن نحن في المستقبل نتمنى أن الأمة الإسلامية تنهض وتأخذ معها كل أصدقاءها بدءاً من الصين وغيرها من دول المنطقة لمواجهة هذا.. هذا العفريت القادم.

محمد كريشان: نعم، سيد عزيز أشار إلى أنه ربما ليس صدفة معارضة دوستم وغيره، وسنحاول أن ننظر إلى أي مدى هذه المعارضة قد تستغل بشكل أو بآخر لإطالة أمد الحرب في أفغانستان وإلى أي مدى يمكن لطهران وإسلام آباد أن يعلبا دوراً في هذا الموضوع بالتحديد.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: نتوجه الآن إلى لندن لنسأل السيد محمد صديق شكري إلى أي مدى هناك الآن خطر من عودة فرز جديد أو تقاتل جديد في أفغانستان؟ وهل يمكن أن تتورط طهران وباكستان بشكل مختلف عن التورط السابق؟

محمد صديق شكري: قيل أن أجيب على هذا السؤال لو تسمح لي أنا لي تعليق بسيط على ما تفضل الأخوين الموجودين في الاستديو عندكم.

محمد كريشان: تفضل.

محمد صديق شكري: نحن نرحب بتحالف إيران وباكستان، وأعتقد أنه أيضاً شوية متأخر وكان واجب عليهم أن يتم هذا التحالف قبل عدة سنوات، وواجب أن أو بل أوجب على الدول الإسلامية بمعنى الكلمة أن يوحدوا كلمتهم تجاه المؤامرات الدولية التي يصعب على الدولة والدولتين أو الثلاث أن يقفا أمام هذه المؤامرة وهذا.. وليس عندنا وقت حتى نشرح للجميع، ولكن تحالف الإيران وباكستان نحن نرحب به شريطة أن.. أن.. أن يضعوا في حسبانهم قضية استقرار أمن وسلام في أفغانستان بحيث هذا التحالف لن يكتب له النجاح إلا باستقرار أمن والأمان في أفغانستان، إذا كان أفغانستان معدوم النظام، معدوم الأمن، معدوم الأمان، فكل واحد يأتي من كل جدب وحدب ويستغل أفغانستان لضرب هذا التحالف، وإنني على يقين بهذا، ويلزم على تحالف إيراني وباكستاني ألا يسلك نهج القديم الذي جُرِّب وباء بالفشل، لأن القضية الأفغانية يهم البلدين الشقيقين أعني باكستان وإيران أكثر مما يهمنا نحن كالأفغان، لأن أفغانستان يعتبر بلداً وحيدا أو طريقاً وحيداً.. أو بوابة وحيدة لدول آسيا الوسطى، فكل يريد أن يصل نفسه إلى دول آسيا الوسطى، وأفغانستان هو البلد الوحيد الذي نستطيع أن.. أن نعبره تجاه دول آسيا الوسطى، فهذا لابد أن يكون في بعد الإخوة حينما يتحالفوا، ونحن نشجعهم أن يضعوا قضية أمن والاستقرار في أفغانستان في حسبانهم.

وثانياً: قضية الأعراق التي أشيرت بخصوص قضايا الأفغانية أنا نعم في هذه الأيام هذه القضية تضخم، وإن بعض الدول الإقليمية قد استغل هذا الأمر، وإن بعض الساسة الأفغانية أيضاً يمكن استغلوا هذا الأمر، ولكن نحن نعرف إن مشكلة طرأت من تقسيم شعب أفغانستان إلى أعراق، وأقوام، وقبايل، نعم هم كانوا موجودين، ولكن نحن بدأنا نشعل –كجيران أو كدول إقليمية- نار الأعراق، والأقوام، والقبايل، والأمن لم.. لم يستتب في أفغانستان إلا.. أن ننظر.. إلا أن ننظر إلى شعب أفغانستان كشعب واحد، هذه ملاحظات نأمل أن يكون في حساب الإخوة المندوبين من دولتين الشقيقتين إيران وباكستان.

أما بخصوص القضية الأمن في المستقبل وقضية الحكومة التي كونت في بون، أنا كما تصرحت في.. في البداية.. إذا ينهج إذا تنهج إنجازات مجلس بون سياسة تهميش وسياسة الإقصاء أعتقد ليس هناك أي واحد في داخل كابول ليرحب بهذه الإنجازات، وإذا هم لا يهمشون، ولا يقصون، ولا ينفون أناس الذين بذلوا قصارى جهدهم لدحر السوفييت ولتحرير البلاد، ولهم شخصيتهم، ولهم أتباعهم، ولهم أفرادهم، بحيث أشرنا إلى مجلس قيادة، هذا قد يكون معالجة.. معالجة أو مكمل للنواقص التي نراها في المجلس بون، فلابد من تدارك النواقص في مجلس بون، وهو إحياء المحور الأساسي ما نسميها شورى القيادة أو شورى العالية للدولة حتى يساعد مجلس بون ميدانياً في هذا العمل، بعد ذلك أعتقد إن قضية دوستم وقضية غير دوستم قضية سطحية، لأن دوستم بعلم إنه معروف بشيوعيته ليس شخصية متجذرة في أفغانستان، إن حوادث جرت بدوستم ليأتي إلى مزار الشريف، ولو لم تكن الحوادث أعتقد إن أسطورة دوستم أو.. أو قصة دوستم انتهت من زمان من أفغانستان، أما الحوادث هي التي تساعد دستم وهي إشعال نار قبلية وقومية الأعراق، فأنا أعتقد لابد أن نلفت نظر إلى شخصيات مثل الأستاذ رباني وأمثالهم ليكون ممد.. نشجعهم ليكونوا ممداً لهذا البرامج، وإلا أنا أعتقد غداً.. اليوم دوستم أعلن، غداً إسماعيل خان سيعلن، وبعد غد جاجي قدير، وبعده الجهات أخرى، فنحن سنكون في.. في نقطة صفر حيثما بدأنا، ها هو طريق الحل، ونريد من دول الجيران أن ينتهجوا هذا النهج لحل القضايا الأفغانية ولحل الأزمة الموجودة في أفغانستان.

محمد كريشان: نعم، سيد حسيني، هل تعتقد بأن –في النهاية- إسلام آباد وطهران مجبورتين على دعم الإدارة الانتقالية وعدم الرهان عن.. على أي طرف كما جرت العادة في.. في السابق؟

محمد صادق الحسيني: أعتقد هذا هو الحل الوحيد المتبقي أمامهم.. أمامهما أن يدعموا هذه الإدارة بكل قوة، بشرط أن تكون أعينهما مفتوحة، أود أن أسمي هذا –إذا جاز التعبير- إلى "أفغانستان ما بعد الأميركان"، لأن الأميركيين يحبون أن يسمون "أفغانستان ما بعد الطالبان" أعتقد إن أفغانستان ما بعد الأميركان أهم بكثير من أميركان.. أفغانستان بعد الطالبان، بمعنى يجب أن يرحل الأجانب عن هذا البلد، ويتركوا الساحة لأهل البلد، كما تفضل أخونا صديق من لندن، على الجميع أن يفكر بأن أفغانستان للأفغانيين، وليس لأي بلدٍ آخر، وليس لأي قوة أخرى، ولن تصلح الأمور في أفغانستان من دون أن يكون أهل أفغانستان أنفسهم يأخذون حق تقدير المصير بيدهم، وليبنوا أفغانستان بعيداً عن الحروب، كفى حروباً في أفغانستان وأفغانستان بعد الأميركان هو الحل الوحيد لبقاء تحالف وتعاون الدول، خاصة بين إيران وباكستان يجب أن يعملوا كل جهدهم ليعملوا في إعادة بناء أفغانستان، كما عمل الأفغان طوال السنوات الماضية كلاجئين في البلدين ليعمروا ويبنوا إيران وباكستان.

محمد كريشان: نعم، سيد عزيز دقيقتان على انتهاء البرنامج، هل تعتقد بأن هذه الساعة من السهل أن تكون قريبة رحيل الأميركان عن المنطقة؟

عبد الغفار عزيز: والله هذا يتوقف طبعاً على موقف الدول إسلامية بالذات، الدول الإسلامية مجتمعة، توحيد صف الشعب والحكومات في العالم الإسلامي والانتباه لهذا الخطر الكبير الذي يداهمنا، ولكن أنا أريد تعليق على أن الدعم هذا الإدارة التي رشحت في بوم لن يأتي بأي أمن أو سلام في أفغانستان لابد أن لا نتجاهل أي جهة في أفغانستان سواء كانوا الطالبان، سواء كانوا حكمتيار سواء كانوا أطراف في الشمال في الجنوب في الشرق والغرب لابد.. يعني صديق شكري أخونا عندما يقول لابد أن لا نتجاهل شعباً نعامله كشعب، فلابد أن نتعامل شعب بجميع أطرافه وبجميع ظلاله وإلا تستمر الدماء وتستغل هذه الظروف..

محمد كريشان: بما في ذلك طالبان ممكن؟ ممكن أيضاً؟

عبد الغفار عزيز: لابد.. أنا لا أستبعد عناصر من التحالف الشمالي وطالبان وغيرهم من المسلمين الذين ينتبهون إلى خطر أميركي وهذه الحرب الداخلية التي تريد جهات تشعلها، قد يأتوا في النهاية يتوحدوا.

محمد كريشان: نعم، في نهاية هذه الحلقة نشكر ضيفنا السيد عبد الغفار عزيز، (وهو مستشار أمير الجماعة الإسلامية في باكستان)، ونشكر محمد صادق الحسيني، (وهو كاتب ومحلل سياسي إيراني)، نشكر أيضاً من إسلام آباد السيد مشاهد حسين (وزير الإعلام الباكستاني)، ونأسف أننا لم نستطع أن نعود إليه مرة أخرى لانقطاع الاتصال بإسلام آباد، ونشكر من لندن السيد محمد صديق شكري (وهو وزير إعلام سابق في حكومة الرئيس رباني).

على أن نلتقي بكم في حلقة مقبلة من هذا البرنامج نشكر فريق البرنامج أحمد الشولي حسن إبراهيم، والمخرج فريد الجابري، تحية طيبة، وفي أمان الله.