أولى حروب القرن

الولايات المتحدة وتصنيف الإرهاب

كيف تستخدم الولايات المتحدة الأميركية تصنيف الإرهاب لقمع كل من يخالف سياستها؟ والفرز الأميركي للعالم.

مقدم الحلقة:

محمد كريشان

ضيوف الحلقة:

مروان بشارة: الجامعة الأميركية في باريس
د. محمد مرسي: نائب عن الإخوان المسلمين في البرلمان المصري

تاريخ الحلقة:

25/03/2002

– مدى استمرارية الفرز الأميركي للعالم
– تناغم الشعب الأميركي مع إدارته

– تحديد مفهوم الإرهاب أميركياً ودولياً وعربياً

undefined
undefined
undefined

محمد كريشان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله، أهلاً بكم في حلقة جديدة من (أولى حروب القرن).

نخصصها هذه المرة لاستمرار السياسة الأميركية في التعاطي مع الملفات الدولية وفق فرزها الصارم الذي أقامته منذ أحداث سبتمبر في أن من لا يقف معها هو بالضرورة ضدها مع احتكار واضح في تحديد مفهوم الإرهاب.

وكالعادة نبدأ بهذا التقرير لحسن إبراهيم.

تقرير/ حسن إبراهيم: لم يكن أسامة بن لادن وحده الذي قسَّم العالم إلى فسطاطين، بل قسمه كذلك الرئيس الأميركي في خطابه الشهير بعد الحادي عشر من سبتمبر بقوله: إن من ليس معنا هو عدونا، وفلسفة الاستقطاب هذه التي ظن العالم أن الولايات المتحدة تخلصت منها لصالح نهج براجماتي عادت لتهيمن على عقلية صانع القرار الأميركي، يبدو ذلك واضحاً في الخطاب السياسي الأميركي، وتزاد راديكالية الاستقطاب عندما يتعلق الأمر بالعالم العربي، فالإرهاب عند صانع القرار الأميركي ووسائل إعلامه ذو وجه عربي، وبالتالي فالإدارة الأميركية تتعامل مع الدول العربية بمنطق الإدانة حتى يثبُت العكس، وفيما يُسمى بالعداء العربي لإسرائيل، والذي لا يُشكل تحدياً جدياً لوجودها تريد الولايات المتحدة من العرب الإذعان لطريقتها في التعامل مع الدولة العبرية، ولم يُعر مسؤول أميركي اهتماماً بمقاصد السياسة العربية، أو أنه ليس من غايات الاستراتيجية العربية في الوقت الحالي، الدخول في حرب جديدة ضد إسرائيل، لذا لم يعُد الرئيس (بوش) مبعوثه الجنرال (زيني) إلى المنطقة رغم حمام الدم الفلسطيني الذي تسفكه إسرائيل بأعصاب باردة، بل أعاده بعد أن أخذت العمليات الفدائية تشكل خطراً استراتيجياً على أمن وكيان الدولة العبرية، وقد أدخلت الولايات المتحدة تنظيمات المقاومة مثل كتائب شهداء الأقصى، وحماس، والجهاد في زمرة ما تسميه بالمنظمات الإرهابية، ورغم أن إسرائيل هي الدولة النووية الوحيدة في المنطقة فقد أصدر الرئيس الأميركي تهديده بضرب سبع دول بالأسلحة النووية إن تبيَّن أنها تشكل تهديداً استراتيجياً للولايات المتحدة أو إسرائيل، ولم يكن غريباً أن تكون ثلاث منها عربية العراق، وسوريا، وليبيا، والرابعة هي إيران، التي تتاخم العالم العربي، والتي تجاهر بعدائها المطلق لإسرائيل، وتدعم حزب الله اللبناني قلب المقاومة اللبنانية للوجود الإسرائيلي.

العالم العربي يعيش في خوف أن يُصنَّف في المعسكر الداعم للإرهاب، وهي تهمة فضفاضة لكنها خطيرة التبعات، فبوش يهدد بعقوبات تبدأ بتضييق اقتصادي وقد تنتهي إلى المصير الأفغاني، وربما أشد سوءاً.

الولايات المتحدة تواصل التلويح بعصا العقوبات، أما الجزرة فيبدو أن الجميع في غمرة خوفهم من غضب واشنطن قد نسوا حتى المطالبة بها.

محمد كريشان: تقرير حسن إبراهيم في بداية هذه الحلقة، وضيفانا فيها هم الأستوديو.. هنا في الأستوديو الأستاذ مروان بشارة (المحاضر بالجامعة الأميركية في العاصمة الفرنسية باريس)، ومعنا من القاهرة الدكتور محمد مرسي وهو (نائب في البرلمان المصري عن جماعة الإخوان المسلمين).

نُذكِّر السادة المشاهدين كالعادة بإمكانية المشاركة في إثراء هذا الحوار في هذه الحلقة، نذكر بإمكانية المشاركة سواءً من خلال شبكة الإنترنت، وتشاهدون العنوان على الشاشة: www.aljazeera.net

أو من خلال الفاكس، مفتاح قطر الدولي هو: (00974)، ورقم الفاكس هو: 4885999.

سيد مروان بشارة، في.. في البداية، هذا الفرز الذي تُصر عليه الإدارة الأميركية من ليس معنا هو بالضرورة ضدنا، وحتى التقرير بدأ.. بأن المنطق تقريباً نفس المنطق الذي يعتمده أسامة بن لادن، هل تراه منطقاً قابل للاستمرار؟


مدى استمرارية الفرز الأميركي للعالم

مروان بشارة: على الأقل منذ خمسين عاماً وكل عقد من الزمن، يعني تماماً كل عشر سنوات الولايات المتحدة خيرتنا بينها وبين شخصية من المنطقة، في الـ 59 كان جمال عبد الناصر، وطالبتنا أن.. أن نختار بين جمال عبد الناصر وبين الولايات المتحدة، في الـ 69 كان ياسر عرفات، في الـ 79 كان آية الله الروح الخميني، في الـ 89 كان صدام حسين، في الـ 99 أسامة بن لادن.

محمد كريشان: ومعه صدام حسين..

مروان بشارة: كل عشر سنوات تطالبنا الولايات المتحدة أن نختار بين شخصية لربما كانت عظيمة مثل جمال عبد الناصر أو عديمة مثل أسامة بن لادن، وتقول لنا اختاروا بين الاثنين، ولكن نحن لا نستطيع أن نختار، لربما أن جمال عبد الناصر كان الخيار سهلاً، نحن مع الأمة العربية ومع الشعب المصري، وبين.. بين آية الله الخميني وبين.. إحنا نحن مع الأمة الإسلامية ومع التراث الإسلامي العربي، بين ياسر عرفات والولايات المتحدة نحن مع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وكذلك الحال بين صدام حسين وأسامة بن لادن نحن مع حقوق الشعوب العربية، فعملية الفرز هذا الفرز المجحف بين الولايات المتحدة وبين شخصية من المنطقة هو.. هو ليس عادل.

محمد كريشان: يعني هو.. هو ليس فرزاً تراه يعني مبني على سخونة الحدث، يعني تراه منهجي في الفكر الأميركي؟

مروان بشارة: نعم، هو ودايماً بعد حرب معينة، وبعد يعني مناسبة معينة مهمة في المنطقة أو في العالم هم ينتجون شيطان إقليمي، يشيطنوا شخصية إقليمية ويقول اختاروا، فإذا رفضنا أن نختار، وفي كل مرة رفضنا أن نختار بالمعنى.. يعني..

محمد كريشان: الحاسم..

مروان بشارة: بالضبط، فهم صرفوا عقد من الزمان في معاداة تامة للشعوب العربية، وكأن الخيار خيارنا اليوم أن نختار بين صدام حسين أو بين آية الله الخميني أو بين أسامة بن لادن، نحن لسنا مع أسامة بن لادن، ولكن نحن مع الأمة العربية الإسلامية، فالخيار لا يمكن أن يكون بين إمبريالية أميركية تريد أن تُهيمن، أو بين شخصية معينة ديمقراطية أو غير ديمقراطية في المنقطة، هذا لا يمكن أن يكون خيار عادل لشعوب المنطقة.

محمد كريشان: دكتور محمد مرسي في.. في القاهرة، يعني هل تعتقد بأن الإدارة الأميركية مثل ما قال الأستاذ يعني تدفع باتجاه الحسم، وقد لا يكون هذا الحسم سهلاً أو حتى منطقياً ربما؟

د. محمد مرسي: الولايات المتحدة الأميركية متمثلة في حكوماتها المتتابعة، تحاول دائماً أن تُصنف الناس في العالم إلى من هم معها ومن هم ضدها، وهذا منطق غريب جداً بغض النظر عن القوانين والمواثيق الدولية، هم من وجهة نظرهم كحكومة أميركية يريدون أن يحققوا بعض المصالح من وجهة نظرهم، لذلك هم يعتبرون أن كل من ليس معهم فهو ضدهم، كل من يُبدي رأيه إن كان رأيه معارضاً لوجهة النظر الأميركية فهو يمثل ضدية للولايات المتحدة الأميركية وللحكومات الأميركية، ممارستهم خلال القرن الماضي كاملة نرى فيها الانحياز دائماً للشر، ولا ندري لماذا، هم الذين ضربوا اليابان بالقنابل النووية، وهم الذين ضربوا فيتنام بالنابالم، وهم الذين استمروا في إثارة العداوة في جنوب إفريقيا، وهم الذين تبنوا المشروع الصهيوني، هم الذين استخدموا الأسلحة المحرَّمة وأسلحة الدمار الشامل على مدار التاريخ الحديث، فلماذا يصنفون العالم إلى عالم معهم وضدهم ومن ضدهم هم حزب الشر؟ وفي الواقع هم الذين مارسوا الشر كحكومات، الحكومات الأميركية هي التي مارست الشر.

محمد كريشان[مقاطعاً]: ولكن دكتور مرسي، هل تعتقد مع ذلك بأن.. بأن واشنطن أفلحت إلى حدٍ ما في جعل دول العالم في هذه الخانة أو تلك؟ يعني الطريق الثالث الذي أشار إليه الأستاذ، ربما من الصعب أن يقع تبنيه على الأقل على الصعيد الرسمي على مستوى الدول.

د. محمد مرسي: الحكومة الأميركية أفلحت في إيجاد عداوات لها على مر القرن الماضي وحتى الآن، العداوة في العالم كله ضد الممارسات الأميركية، لماذا ضُربت هيروشيما ونجازاكي بالسلاح النووي بعد أن حُسمت الحرب؟ لماذا ضُربت فيتنام بالنابالم؟ لماذا استُخدم اليورانيوم المخصَّب في حرب الخليج الثانية؟ لماذا الآن الدعم الغير مُبرر والمستمر لـ (شارون) هذا السفاح المعروف بتاريخه الدموي؟ هم بإرهابهم للعالم شعوباً وحكومات يصنفونه بطريقتهم، فالحكومة الأميركية على مر الزمن لم تُفلح إلا في إيجاد عداوات للمصالح الأميركية في المناطق وفي معظم.. في المنطقة وفي معظم مناطق العالم، فأفلحوا في هذا، الشعوب الآن تستشعر عداوة للسياسة الأميركية وتستشعر الظلم البيِّن في العمل الأميركي على مستوى العالم، أين تقع المعارك الآن؟..

محمد كريشان[مقاطعاً]: نعم، ولكن.. ولكن مع ذلك يعني أستاذ مرسي يعني إذا سألنا السيد بشارة على موضوع، بعض التحاليل تتحدث عن هذه.. هذا الخانتين على أنه أيضاً قدر محتوم، يعني البعض في تحاليلهم سواءً كمراقبين أو حتى دول تقول: أن القضية ليست قضية الآن قضية جد يعني، لا يمكن لك أن تضع موطأ قدم هنا أو موطأ قدم هناك، المنطقة الرمادية لم.. لم يعُد مسموحاً بها، هل تعتقد بأن واشنطن أفلحت فعلاً في جعل الدول فعلاً تصطف يا إما معها –وهذا الأغلبية.. هذه الأغلبية- أو ضدها وربما حالات نادرة؟

مروان بشارة: يعني هو في الحقيقة معها على أي أساس؟ يعني مثلاً نحن مع الشعب الأميركي، ولكن نحن لسنا مع السياسة الأميركية، نحن مع..


تناغم الشعب الأميركي مع إدارته

محمد كريشان[مقاطعاً]: ولكن الآن هل يستقيم هذا التحليل؟ يعني الآن السياسة الأميركية والرأي العام الأميركي متناغمان يعني حتى على مستوى استفتاءات الرأي شعبية (بوش) كبيرة، يعني الآن لم يعُد من الصعب الحديث عن الشعب الأميركي والسياسة الأميركية، الآن على الأقل في هذه المرحلة هناك دعم كبير يعني.

مروان بشارة: يعني هو إلى حدٍ ما هذا صحيح، لأنه همَّ بعدهم عايشين في الصدمة، يعني هذه لأول مرة منذ 1812 تُضرب الولايات المتحدة في داخلها، فإذاً همَّ بعد مازالوا يعيشون الصدمة، وهي صدمة بالفعل في ظل عولمة وهم أصبحت دولتهم يعني محط أخطار لربما من عديد ما يُسمى.. ما يسموهم أعداء الماضي أو حلفاء الماضي الذي يمكن أن يصبحوا أعداء المستقبل، ولكن يعني نحن يمكن أن نقبل بتصنيف إرهابيين وضد الإرهاب، ولكن على أي ساس؟ يعني أنا ما عنديش مشكلة مع الولايات المتحدة أن نذهب على أي تعريف للإرهاب، فليكن التعريف الإنساني التهديد أو استعمال العنف ضد مدنيين لأهداف سياسية، ممتاز، فليكن كل من يستعمل العنف أو يهدد باستعمال العنف ضد مدنيين لأسباب سياسية فلنسميه إرهابي، فيكون الولايات المتحدة تستعمل الإرهاب كل سنة على الأقل منذ الحرب العالمية الثانية، منذ أن أصبحت وزارة الحرب وزارة الدفاع تستعمل الولايات المتحدة في كل سنة أسلحة ضد مدنيين إذا كانت ضد موانئ في أميركا الوسطى، وإذا كان في إفريقيا أو في آسيا، إذا كان في لبنان، في كل مكان نفس.. نفس.. نفس الأمر إسرائيل حليفتها الأساسية ضد الإرهاب، يعني إسرائيل وأنا لا أتحدث عن (قانا) وعن (صبرا وشاتيلا) ولا أتحدث عن 400 قرية فلسطينية هُدِّمت، أنا أتحدث بشكل عام كل يوم تُحاصر المدن الفلسطينية، هذا التهديد أو استعمال العنف ضد مدنيين أهداف سياسية!! تُمارس إسرائيل الإرهاب كل يوم بحسب هذا التعريف الأميركي، وهذا تعريف وزارة الخارجية الأميركية، فلنقبل بتعريف (نتنياهو) وهو لا شيء يبرر.. يبرر الإرهاب.. لا شيء يبرر الإرهاب، بمعنى يعني الوسيلة لا تُبرر.. الهدف لا يُبرر الوسيلة، فإذاً حتى لأسباب وطنية وضد الكولونيالية وضد الاحتلال، الإرهاب غير مبرر ممتاز إحنا موافقين، كيف إذاً نبرر العدوان الإسرائيلي يومياً على لبنان لمدى 18 عاماً؟ كيف نُفسر سياسة الاحتلال ضد مدنيين لم تكن هناك سلطة وطنية على مدى 35 عاماً؟ إذاً تعريف الإرهاب إذا كان قانوني أو إذا كان إسرائيلي، أو إذا كان أميركي فليكن تعريف استراتيجي، الإرهاب هو يعني نوع من الحرب غير العادلة، بمعنى أنها لا تجري على أرض المعركة، ممتاز نحن مع هذا.. مع هذا التعريف، كيف نُفسر أن تُضرب مدن كاملة بالسلاح النووي؟ كيف نُفسر أن تُهدد كل شعوب أوروبا أثناء الحرب الباردة بالسلاح النووي؟ إذاً استعمالات الإرهاب بحسب جميع مفاهيم الإرهاب نحن معها، نحن نقول للولايات المتحدة تفضلي أنت وإسرائيل ما هو تعريفك للإرهاب؟ نحن موافقين، فليكن تعريف عقلاني وقانوني أو يعني حد أدنى من الإنسانية نحن معه، فلتكون النتيجة في كل مرة أن هذا الفرز بين إرهابي وضد الإرهاب نكون نحن دائماً من الطليعيين ضد الإرهاب، لأنا نحن بالأساس من عانينا من الإرهاب.


تحديد مفهوم الإرهاب أميركياً ودولياً وعربياً

محمد كريشان: ولكن في هذه الحالة وهنا أسأل السيد الدكتور مرسي في.. في القاهرة يعني ألا يُعيدنا هذا في النهاية إلى ما يمكن أن يوصف بحرب المصطلح؟ يعني في كل مرة يُثار هذا الموضوع نعيد طرح قضية علينا أن نحدد ما هو الإرهاب، يعني هل حُدِّد هذا المفهوم؟ هل حددته أميركا –على الأقل ليس على المستوى النظري- ولكن حددته.. حددته بالقوة، حددته بسياساتها العملية في أفغانستان وفي غيرها؟ هل المطروح الآن أن نجتر الموضوع على الصعيد الأكاديمي ونطالب بتعريف، أم أن واشنطن حددت وعرفت وفرضت؟

د. محمد مرسي: سيدي، واشنطن لم تُحدِّد ولم تُعرِّف، واشنطن اختطت لنفسها خطاً واحداً، كل من يحاول أن يعارض سياسة الولايات المتحدة من وجهة نظر الحكومات الأميركية يوصف ويوصم بأنه إرهابي، هم يمارسون كل الأعمال بغض النظر عن التعريف هم يؤدون ما يريدون أن يؤدونه على مستوى الكرة الأرضية، يفعلون ما يشاؤون، وعندما تعترض أنت تكون إرهابياً، ولم يعرِّفوا هذا، إحنا لا نريد أن نجتر الأمر، ولكن واقع الحال يعني بعيداً عن التعريف مواثيق العالم.. ميثاق الأمم المتحدة اللي موجود مبناها على أرض الولايات المتحدة اللي بيحرم في المادة التانية الفقرة الرابعة استخدام القوة في حسم القضايا الخلافية بين الدول، ما الذي فعلت به الولايات المتحدة الأميركية نفسها؟ ضمن المنظومة الأخيرة.. هي خرجت عن منظومة الأمم المتحدة وأرادت أن تكوِّن تحالفاً خارج نظام.. نطاق الأمم المتحدة، لتفعل به ما تشاء وما تريد الآن تاريخياً الولايات المتحدة تمارس الإرهاب على مستوى الدولة وترهب الشعوب وتخيفهم وتقتلهم وأسلحة الولايات المتحدة في كل مكان، على مستوى الحدث الآن.. الآن خلال السنين الماضية، كم مرة استخدم الفيتو الأميركي ضد تحقيق المصالح الفلسطينية ومع العدوان والطغيان الصهيوني؟ واقع الحال الآن ماذا يفعل الأميركيون في العالم الآن؟ ما الذي قاله (توني بلير)؟

محمد كريشان: يعني.. يعني.. دكتور يعني هل نصل الآن إلى.. مرة أخرى إلى ما أشار إليه في فترة من الفترات أسامة بن لادن إلى الإرهاب المذموم والإرهاب المحمود؟ هل في النهاية نواجه نفس المنطق ولكن كل واحد يعتبر إرهابه هو المحمود والإرهاب الآخر المذموم سواء الولايات المتحدة أو من يعارضون الولايات المتحدة؟

د. محمد مرسي: الإرهاب هو الإرهاب، يعني إعاقة مسيرة الحضارة، تخويف الأفراد، الطغيان على الدول، استخدام القوة الظالمة الباطشة بغير حق وعدل ومن غير قانون أو اتفاق دولي هذا إرهاب واضح، من يمارسه فهو إرهابي، الولايات المتحدة تمارسه وبأشد صوره وأنكاها، أين كانت الولايات المتحدة مثلاً، وأين كانت حقوق الإنسان عندما تدخل الجيش التركي وطرد نجم الدين أربكان من سدة الحكم، وهو قد اختير بديمقراطية صحيحة من قبل الشعب؟! أين كان هذا؟ أليس هذا إرهاباً؟ لماذا لم تتدخل الولايات المتحدة الأميركية حينئذٍ لمنع هذا الإرهاب الذي وقع على الشعب التركي الذي اختار نجم الدين أربكان؟ أين الولايات المتحدة من ما يفعله الآن شارون؟ أليس هذا إرهاب دولي منظم.. إرهاب دولة منظم تسانده قوة عظمى مثل الولايات المتحدة تدَّعي أنها متحضرة، يُقتل الأطفال والنساء، وتهدَّم البيوت، وتقلَّع الأشجار، ويحاصر من يمثل السلطة الفلسطينية هذا الحصار المشين المذل وهم يتفرجون، بل هم يقررون أن من حق الإسرائيليين أن يدافعوا عن أنفسهم، وأن ما يفعله بعض الفلسطينيين من فصائل المقاومة هذا إرهاب، أي إرهاب هذا؟!! هذه ليست فيها عدالة حتى في النظرة البشرية إذن لن يضيع وقته في التعريف..

محمد كريشان: وهو هذا.. يعني دكتور هذا يطرح مرة أخرى قضية الإرهاب والمقاومة أستاذ بشارة، والآن الاستعدادات للقمة العربية ومرة أخرى سيُطرح موضوع الإرهاب والمقاومة، ولكن.. يبدو وأن حتى الدول العربية لم تعد تحبذ الدخول في هذا الجدل موضوع الإرهاب والمقاومة، يعني حتى أن البعض أصبح قد يجد..لا يحبذ الحديث عن الفروقات الحقيقية، هل تعتقد بأن القضية مازال مقدور الدفاع عنها، قضية التفريق بين الإرهاب والمقاومة؟

مروان بشارة: يعني هو بلاشك الانتفاضة هي مقاومة ومقاومة مشروعة، ومقاومة مشروعة بحسب المواثيق الدولية، بينما الإرهاب ليس له تعريف دولي، يعني الولايات المتحدة أدانت الإرهاب.. الأمم المتحدة أدانت الإرهاب ولم تعرِّفه، ولهذا أنا أعتقد على العموم موضوع الإرهاب غير كافي لفهم أي شيء في العالم، ولا.. وغير كافي أيضاً لفهم الأعداء والأصدقاء، وغير كافي لتطوير الشعوب، ولتطوير اقتصاديات دول العالم الثالث أو حتى في الغرب، وهو غير كافي للانتقال بنا نحو القرن الواحد والعشرين، وهو غير كافي لتفسير ما يجري في الأراضي المحتلة، وهو غير كافي لمواجهة إسرائيل، إذن هو على جميع المستويات هو (Category) يعني هو عنوان نزل علينا بعد 11 سبتمبر.

محمد كريشان: ولكن عفواً يعني لماذا فشلنا كعرب في أن نبلغ هذه الرسالة؟ آخر استطلاع للرأي في الولايات المتحدة أغلبية المشاركين فيه يلومون الجانب.. الجانب الفلسطيني فيما يعتبرونه تصعيد للعنف، يعني.. إذن حتى صورة الانتفاضة في الخارج –على الأقل- لدى شرائح كبيرة من المجتمع الأميركي مازالت صورة.. صورة نمطية، صورة الذي يفجر نفسه في المدنيين الإسرائيليين، في حين أن ما يقوم به شارون من قتل للأطفال وللشيوخ وللنساء في.. في الأراضي المحتلة لا.. لا.. لا يُبرز بهذا الشكل، أين الإشكال يعني؟

مروان بشارة: هو في الحقيقة أول من.. أول انتحاري في التاريخ الذي نعرف عنه هو (سامسون) في التوراة اليهودية الذي أنزل المعبد عليه وعلى أعدائه، يعني عندهم هو كان الانتحاري الأول، ولكن على العموم أعتقد أن –كما قلت- المسألة الأساسية اليوم بالنسبة لفرز الأعداء والأصدقاء هو أن الولايات المتحدة –وأنا أعتقد هذا هو أخطر ما في الأمر- الولايات المتحدة ترى أن في العالم الجديد، العالم ضد الإرهاب أنها هي وإسرائيل في نفس الخندق، والأخطر من ذلك أنها تعتبر أن وجهتها المستقبلية مع نهاية الجغرافيا، مع بداية العولمة أن مستقبلها مثل مستقبل إسرائيل في العالم، يعني مستقبل إسرائيل في المنطقة زي مستقبل الولايات المتحدة في العالم مع نهاية الجغرافيا، إذا.. إذا كانت الولايات المتحدة ستُعامل محيطها الكوني مثلما تعامل إسرائيل محيطها العربي، فنحن في أزمة لماذا؟ لأن التماهي الأميركي – الإسرائيلي اليوم على هذا المستوى الاستراتيجي هو خطر جداً، يعني نحن نستطيع أن نتعامل مع أزعر اسمه (شارون)، الدولة الإسرائيلية تتعامل بدون أي اعتبار للقوانين الدولية أو للتشريعات، بما أنه.. إذا كان هنالك فيه إمبراطور اسمه الولايات المتحدة، الإمبراطورية الأميركية، ولكن إذا أصبح الأزعر يتعامل كإمبراطورية والإمبراطورية تتعامل مع العالم كأزعر مثل إسرائيل، فنحن أمام أزمة وانفجار كوني لأنه ما.. يعني مادامت إسرائيل تتعامل مع العالم أو مع.. مع العالم العربي كأزعر هنالك –على الأقل- الولايات المتحدة لا يمكن أن تضبطها، لماذا؟ لأن الإمبراطورية الأميركية دائماً تسعى.. لربما دائماً تستعمل القوة دائماً كل سنة، ولكن نهاية المنطق.. استعمال القوة هو من أجل الاستقرار، أما إسرائيل فهي ضد الاستقرار في المنطقة، إذن لا يمكن أن.. أن تقبل الولايات المتحدة على نفسها أن تستعمل أو أن تعتمد الأسلوب الإسرائيلي أسلوب الزعرنة أي ضرب عرض الحائط كل المواثيق الدولية، إذن إذا.. إذا بدأت الولايات المتحدة باستعمال المصطلحات الإسرائيلية في تعاملها مع موضوع الإرهاب فهي ستكون كل شعوب العالم إرهابية وسيصبح توني بلير وإسرائيل والولايات المتحدة وحدهم في العالم، لأنه حتى أوروبا أخدت بُعد عن هذا المنطق، يعني أوروبا التي صدرت صحيفة "الليموند" في بعد.. يعني في 12 سبتمبر تقول: نحن كلنا أميركيون، بعد 6 أشهر صدرت نفس الصحيفة "الليموند" بعنوان آخر لافتتاحيتها تقول: هل خسر الأميركيون عقالهم أو عقلهم؟ إذن حتى أوروبا أخذت تأخذ بعد عن هذا التصنيف للعالم وهذا التصنيف للمقاومة، وهذا التماهي مع الاحتلال الإسرائيلي، لأنه هو أخطر ما يمكن أن يواجه المنطقة والبشرية إذا أصبحت أميركا مثل إسرائيل.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: يعني رغم المنحى النقدي الذي أخذته تجاه السياسة الأميركية منذ البداية –سيد مرسي- ألا تعتقد بأن مع ذلك الإدارة الأميركية تشعر تجاه أصدقائها –سواء في المنطقة العربية أو في بعض المناطق- ببعض الحرج أو لنقل بضرورة مراعاة بعض المسائل؟ الأستاذ أشار إلى السياسة الفرنسية والتحفظ الأوروبي تجاه بعض السياسات الأميركية، ألا تعتقد مثلاً مساعي (أنتوني زيني) في المنطقة، جولة (ديك تشيني) لإطلاع الدول العربية على كيفية التعامل الأميركي مع العراق كل هذا يشير -ولو ببعض الاحتشام- إلى أن واشنطن تريد أن تسوِّغ سياستها ربما بشكل مختلف عما قد يبدو من عنجهية ظاهرة.

د. محمد مرسي: دعني أولاً أقول لك ماذا يريد الأميركيون، الأميركيون يريدون بترول رخيص، يريدون مرور مضمون في المجاري المائية مثل قناة السويس، يريدون تأمين تواجد لهم في المضايق المهمة استراتيجياً زي البسفور والدردنيل، يريدون حكومات تشتري منتجهم وخاصة السلاح، يريدون اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة وفي العالم أن يكون لصالحهم لضمان الانتخابات ولضمان التدفقات النقدية، من أجل هذه الأهداف الواضحة الآن هم يتبعون سياساتهم التي يعلنون عن بعضها ويخفون البعض الآخر، لماذا يبدو أن هناك بعض التوافق بين الشعب الأميركي والحكومة الأميركية الآن؟ لأن الإعلام الأميركي إعلام مضلل، ولأن الإعلام العربي لا يقوم بدوره بالدرجة الكافية لتوضيح الصورة للشعب الأميركي، ونحن نحمِّل الشعب الأميركي مسؤوليته التاريخية أمام نفسه وأمام العالم وأمام مصالحه في المستقبل تجاه ممارسات حكوماته المستمرة التي لن تحقق له في المستقبل المصالح التي يرجوها والتي ذكرتها أنا، والتي تُعلن عنها دائماً في الولايات المتحدة الأميركية، الآن الولايات المتحدة الأميركية تريد أصدقاء بالتخويف وبالترهيب، تريد معاونين، تريد حلفاً بطريقتها الخاصة، هؤلاء الأصدقاء أحياناً يرون أن مصالحهم مع الولايات المتحدة وأحياناً يستشعروا أنها ليست معهم، مثلما أحياناً نرى أن هناك بعض النوع من أنواع المعارضة للسياسة الأميركية من السياسة الفرنسية أو هناك توافق من (توني بلير) مع السياسة الأميركية ولكن الشعب الإنجليزي أو البرلمان الإنجليزي ضد –يعني ولو جزئياً- ضد هذه السياسات الأميركية، لأنها لا تحقق كل المصالح البريطانية كما ترجو بريطانيا لنفسها وكما يرجو الشعب لها، وهكذا هناك شعوب مغلوب على.. حكومات مغلوب على أمرها وخائفة فهي تسير في الركب دون أن تدري بخوف، وهناك البعض الذي حاول أن يحقق بعض مصالحه، الولايات المتحدة الأميركية الآن لابد وأن تدرك أن اتخاذها من محور الباطل وخندق الشر دائماً مكاناً بمعاداة الشعب –بغض النظر عن مصالح هذه الشعوب- لن يحقق لها أهدافها في المستقبل على الإطلاق الحالة العامة من الغضب الموجودة لدى شعوب المنطقة العربية والإسلامية والشرق بصفة عامة الآن من السياسات الأميركية سببه الممارسات الأميركية في المنطقة وخصوصاً الدم الفلسطيني الذي يسيل، تستشعر الإدارة الأميركية الحرج ولكنها لا تتخذ القرار المناسب لتحقيق مصالح الناس، هي تأخذ بعض الخطوات لذر الرماد في العيون، مهمة تشيني ومهمة زيني مهمتين مختلفتين، واحدة فيهم تدعو إلى السلام من أجل إسرائيل مهمة زيني، ومهمة تشيني تحاول أن تأخذ موافقة من حكام المنطقة على ضرب العراق، مهمة حرب ومهمة سلام والاتنين –من وجهة نظر الإدارة الأميركية- لا تحقق إلا المصالح الأميركية في المنطقة، أنا أحسم أن إسرائيل..

محمد كريشان[مقاطعاً]: نعم.. نعم يبدو.. يبدو الأستاذ.. يبدو الأستاذ بشارة لديه بعض الملاحظات على هذا الطرح..

مروان بشارة: لأ، يعني أنا.. يعني أنا سواء أحب أقول إنه يعني مازال هناك إمكانية للتوجه أو التعامل مع الشعب الأميركي، مع المجتمع الأميركي، مع المجتمعات الغربية بشكل عام، أعتقد أن هناك انفتاح إلى حد كبير في تلك المجتمعات وأعتقد..

محمد كريشان[مقاطعاً]: حتى.. حتى مع النخبة مثلاً إدوارد سعيد في مقال أخير بجريدة "الحياة" انتقد صدور عريضة تحمل توقيع تقريباً ستين شخصية فكرية وأكاديمية، حتى من بعض المحسوبين على التيار يوصف باليسار في الولايات المتحدة يؤيدون السياسة الأميركية، واعتبر هذا يعني وصمة عار في حين المثقفين الذين يُفترض أن يكون لديهم بُعد نقدي في التعامل مع السلطة أي سلطة يعني.

مروان بشارة: يعني (مايكل ولتثر) و(صموئيل هنتنجتون) و(فرنسيس فوكاياما) يعني هاي أنماط من الفلاسفة الجدد أعرف موقفهم، يعني ستين من ناحية ولكن فيه أكثرية صامتة، نحن لنا نقاش مع هذه الأكثرية الصامتة وأعتقد النقاش ضروري لأن.. يعني القيم الأميركية ليست قيم سيئة، هي قيمة جيدة، مشكلتنا مع الولايات المتحدة أنها لا تطبق قيمها، مشكلتنا مع الولايات المتحدة ليس أنها تريد مصالح لها، مشكلتنا معها أنها تريد مصالحها أن تكون فوق مصالحنا، مشكلتنا أنها.. أنها تفسر تلك القيم بطريقة ضيقة وانتهازية، مثل فرز الأعداء والأصدقاء، إذن نحن لنا نقاش مع الشعب الأميركي، يعني مجرد فكرة العداء والتنديد هو غير كافي، هو.. هو ضروري، ولكن هو غير كافي، لابد من نقاش مع الشعب الأميركي، مع المجتمعات الأميركية، لتوضيح كل هذه القضايا.

محمد كريشان: يعني ترى هذا مجدياً مثلاً فاكس وصلنا من أبو محمد من الأردن يقول: بالنسبة إلى أميركا لا ينفع معها الحوار أو النقاش فيما يتعلق بربيبتها إسرائيل، هل تعتقد بأن هذه القناعة وقد تكون منتشرة بشكل واسع على الصعيد العربي والإسلامي من شأنها أيضاً أن.. أن تحدد أي أفق لتطوير العلاقة مع الولايات المتحدة طالما هذا هو التصور الراسخ في أذهان الناس.

د. مروان بشارة: يعني أنا عايز اسأل السؤال بطريقة مختلفة، هل نحن العرب أعطينا سبب واحد للولايات المتحدة لتأخذ بُعد عن إسرائيل لتنتقد، أو لتدين سياسة إسرائيل؟ هل نحن العرب أعطينا للولايات المتحدة سبب استراتيجي واحد، سبب اقتصادي واحد، سبب ثقافي واحد لتنتقد إسرائيل؟ لم نعطيها حتى اليوم، ولذلك أنا أعتقد أن القمة العربية مهمة، القمة العربية في.. في هذا الأسبوع مهمة جداً لأن هي يمكن أن ترسل رسالة للولايات المتحدة وتبدأ بنقاش مع الولايات المتحدة حول القضايا المصيرية، أعتقد أنه بالفعل يمكن للولايات المتحدة أن تأخذ بُعد إسرائيل، لننظر إلى الماضي ليس البعيد جداً، حكومة (ايزنهاور) أخذت بُعد عن إسرائيل، وطلبت من فرنسا وإنجلترا وإسرائيل أن تخرج من الأراضي المصرية، وكذلك الحال في 48، يعني كان (ترومان) له موقف على الأقل أقل مؤيد لإسرائيل من.. من السوفييت أو من الفرنسيين ومن الإنجليز في.. في ذلك الوقت، للولايات المتحدة مصالح، كما قلت الولايات المتحدة هي إمبراطورية، نحن نعيش اليوم فترة هنالك نوع من (الأسرلة) الولايات المتحدة و(أمركة) إسرائيل، ولكن نحن العرب ما دورنا هنا لكي نحدد من هذه العلاقة، لأنه الطريق الوحيد –اليوم أنا في اعتقادي- للخروج من هذه الأزمة هي بالفعل إيجاد الهوة بين الموقف الإسرائيلي وموقف أميركا، وأعتقد أنه بالأدوات المجدية يمكن.. يمكن أن نخلق مثل هذه الهوة.

محمد كريشان: نعم، سيد بشارة أشرت إلى القمة العربية، وهنا نتجه للدكتور محمد مرسي في القاهرة، وصلنا فاكس من هشام جابر من.. من أميركا هو السؤال موجه إلى أستاذ مروان بشارة، ولكن أنا أحوله إلى القاهرة يتحدث عن التوقعات من القمة العربية فيما يتعلق بموضوع الإرهاب تحديداً، خاصة هذا الإصرار الأميركي على وصف العمليات الفدائية بأنها عمليات إرهابية، كيف تتوقع أن يتعامل القادة العرب مع هذا الملف تحديداً في وقت يسعون فيه تمرير مبادرة سلمية ويسعون إلى علاقات متميزة مع راعي عملية السلام الولايات المتحدة؟

د. محمد مرسي: يعني في الحديث عن القمة العربية، طبعاً القمة العربية الآن يعني بتعقد في مرحلة في غاية الأهمية وفي غاية الخطورة ولها دور يعني يجب إن إحنا جميعاً ندرك أهميته ويدركه المؤتمرون –إن شاء الله- بعد أيام قلائل في بيروت، أتصور أن ملف الإرهاب لن يكون الملف الأول في القمة العربية، الملف الأول: هو ملف الصراع والعدوان القائم من قِبَل الصهاينة على الفلسطينيين، الاجتياح الكامل لكل المقدسات ويعني الطغيان والقتل والذبح والعدوان والاستمرار في هذه السياسة القبيحة من قِبَل المؤسسة الصهيونية ده الملف صاحب الأولوية في مؤتمر القمة، وإن كان من حديث عن الإرهاب فهو سيكون حديث عن إرهاب الدولة الصهيونية ضد الأبرياء والعُزَّل من الفلسطينيين الذين لا يملكون إلا الحجر، يعني أتصور أن القمة العربية إن خرجت بشيء في هذا اللقاء المرتقب أتمنى أن تخرج بدعم الانتفاضة بكل الوسائل الممكنة، واعتبار أن الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية حق لكل الفلسطينيين طالما أنهم يدافعون عن أرضهم وعن أعراضهم طبقاً لكل المواثيق والشرائع السماوية والأرضية والمنظمات العالمية وحقوق الإنسان، هم يدافعون عن أنفسهم وعن أرضهم والمعركة تقوم على الأرض الفلسطينية، حتى طبقاً للقرار 181 فهي خارج الخط الأخضر فمن المعتدي ومن المعتدى عليه؟ لا نريد أن نحرف القمة عن يعني هدفها الأول وهو الملف الصهيوني الفلسطيني، ما الذي سيحدث؟ نريد دعماً للانتفاضة، نريد دعماً لاستمرار المقاومة، نريد توحيداً لفصائل المقاومة، نريد توجيهاً للسلطة الفلسطينية بألا تستجيب لأي نوع من أنواع الضغوط لاعتقال أو للقضاء أو للتعويق الانتفاضة أو المقاومة التي يقوم بها الآن الشعب الفلسطيني وأحيت موات القضية كلها برمتها، أما ملف الإرهاب فإن الحكومة الأميركية تعرف جيداً من الإرهابي ومن الذي يعني يسير في الطريق المعتدل.

محمد كريشان: هو على ذكر.. ذكر الإرهاب دكتور مرسي وصلنا مشاركة بالإنترنت من أحمد محمد آل عبد الله –لا يذكر من أي بلد- يقدم لنا تعريفاً معيناً:

الإرهاب: هو احتكار الحقيقة، وأميركا والحاكم العربي هم دائماً يحتكرون الحقيقة، وبالتالي فهو يضرب الطرفين بعضهما ببعض على أساس أنهم..، أيضاً مشاركة من أحمد طالبان مهدي من العراق وموجهة إلى السيد بشارة يقول: على أي أساس صنفت الشيخ بن لادن بشخصية عديمة؟ يعني لماذا عندما استعرضت الكل يعني ميزت بن لادن بأنه شخصية عديمة؟

هل من توضيح لهذه.. لهذا الوصف؟

مروان بشارة: أنا مضبوط.. يعني أنا عندي دائماً انتقادات لكل الناس اللي بتشتغل في السياسة، ويعني أنا محاضر ومثقف وبالتالي أعتقد أن النقد هو.. هو الحالة الضرورية تجاه أي حالة سياسية، أعتقد في الحالة أنه بعد 11 سبتمبر نحن دخلنا في ورطة.. في ورطة تاريخية، أعتقد أنه من يعتبر أن ضربة مركز التجارة العالمي سيؤدي إلى تغيير في الخارطة الاستراتيجية العالمية هو يعني ليس فقط غبي وإنما يُدخل العالم العربي والإسلامي في.. في.. في أزمة كبيرة، وقد أدخلنا بالفعل في تلك الأزمة، وأنا لا أتحدث فقط عن مركز التجارة العالمي، أنا كمان أتحدث عن كل ما جرى في العالم العربي من.. يعني من.. من الحركات التي قادت هذا العنف ضد المواطن العربي إذا كان كذلك في الجزائر أو في اليمن أو في مصر أو في حالات مختلفة، فأنا أعتقد كل هذا يعني تحويل الجهاد وكأنه فقط هو عملية عنف بهذه الطريقة، وكان هنالك بالفعل شر وخير، أنا ضد هذه الاصطلاحات وضد هذه التفريعات في العالم، وكان الولايات المتحدة هي شر، وكأن الأميركيين هم شر، هم ليسوا شر، هم عالم زينا زيهم، وأنا حتى ضد فصل الحضارات، نحن كلنا حضارة واحدة حضارة إنسانية، أنا لا أعتقد أن هذا النوع من العنف هو.. هو جيد أو مفيد أو أخلاقي أو مبدئي أو ممكن أن يخدم المصالح العربية.

محمد كريشان: نعم، السيدة حصَّة عبد العون، وهي كاتبة من السعودية تطرح الحقيقة قضية هامة، إذا اعتمدنا هذا التصنيف المع والضد هناك فاتورة لابد من دفعها، هناك منافع مرجوة من الذين يقفون مع الولايات المتحدة ما هي؟

وهناك أشياء ستترتب على من سيقفون ضد الولايات المتحدة. هي تسأل إذا رفضت مثلاً الدول المجاورة للعراق في المشاركة في ضربها وعدم استعمال أميركا لأراضيها ما هي العقوبة المترتبة على ذلك؟ وهل بإمكان هذه الدول أن تقول لا؟ هي تطرح قضية أساسية وهي: ما هي الفاتورة؟ وهل هناك قدرة على التصدي؟ إذا نبدأ بالشق الأول.

مروان بشارة: نعم، أنا كما قلت الولايات المتحدة تتصرف كإمبراطورية وهي بالفعل إمبراطورية، الولايات المتحدة لديها 19 أسطول كل أسطول منها.. كل حاملة طائرات تساوي دولة متوسطة الحجم، إذن الولايات المتحدة بالفعل هي تعامل الناس يعين بمستوى الميثاب والعقاب، فهي دائماً مستعدة لأن تعاقب أو لأن تجازي، فهي يعني سياسة الجزرة والعصا هؤلاءك الذين يدعمون سياستها مثل مثلاً أوزبكستان أو باكستان دعمتهم الولايات المتحدة بمليارات الدولارات، والذين يرفضون التعاون مع الولايات المتحدة، الولايات المتحدة ستحاول أن تفرض عليهم عقوبات مثلما جرى مثلاً مع السودان أو يمكن ما كان يجري مع اليمن أو مع دول أخرى عربية وغير عربية، إذن هذه الدولة التي تمثل 5% من سكان العالم مصروفاتها العسكرية تمثل 40% من المصاريف العسكرية العالمية و30% من الإنتاج القومي العالمي، إذن هذه القوة الاقتصادية العسكرية تتصرف بالفعل بهذه العنجهية تجاه الدول، ولا يمكن لأي دولة –وهنا هي النقطة الأساسية- أنا في رأيي لا يمكن لأي دولة عربية أن تواجه الولايات المتحدة أو إسرائيل، لابد أن يكون هنالك محور عربي متحد حول نقاط أساسية تخدم المصالح العربية المختلفة لتواجه بها الولايات المتحدة، إذن لابد من بحث موضوع العراق والمقاطعة للعراق أو إمكانية ضرب العراق مع الولايات المتحدة من خلال مجموعة الدول العربية أو ممثلين الدول العربية وإلا إذا تعاملت كل دولة على حدة فستكون خاسرة في الحالتين إذا كانت مع الولايات أو ضد الولايات المتحدة.

محمد كريشان: دكتور محمد مرسي في.. في القاهرة، زميلك نائب في البرلمان اليمني علي بن صالح الشطيف –أرجو أن أكون نطقت الاسم بشكل واضح- يطرح قضية أساسية وربما أنتم باعتباركم من التيار الإسلامي قادرون على الرد عليها، ولم نتناولها وهي مطروحة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، هو يركز على أن القضية هي أساساً ضد التيار الإسلامي، ضد النهج الإسلامي في العمل السياسي، هل تعتقد بأن هذه القضية مفصلية وأساسية في تقييم السياسة الأميركية؟

د. محمد مرسي: التيار الإسلامي المعتدل متمثلاً في الإخوان المسلمين أدان ما وقع على الولايات المتحدة الأميركية من عدوان في 11 سبتمبر واعتبره عمل لا يتفق مع الشريعة الإسلامية، هذا في الساعات الأولى صدر عن الإخوان بيان يعني تحدث عن إدانة هذا العمل، ولكن في نفس الوقت نحن نقف –ويعني بكل ما نملك- ضد الهيمنة الأميركية وضد الجبروت وضد السيطرة.. محاولة السيطرة الأميركية، الولايات المتحدة الأميركية دولة قوية عندها إمكانيات اقتصادية وعسكرية ضخمة، ولكنها يعني عوامل فنائها في داخلها، لأن العدل أساس الملك، يعني منظومة القيم الإنسانية مش آخرها القوة، آخرها العدل، هم يضعون القوة آخر هذه المنظومة وبالتالي نحن يعني لا نريد أن نخوف أنفسنا من الولايات المتحدة أكثر مما ينبغي، وأنا بمناسبة كلمة مع وضد أتصور أن هذا تقسيم جائر، لأن مع وضد يكون لها معنى عندما يتساوى الأطراف، عندما يكون هناك نوع من التساوي أو حتى التناسب بين إمكانيات الأطراف، ولكن هناك من يسي مع الولايات المتحدة خوفاً أو تخويفاً أو رجاءً أو طمعاً أو.. أو إلى آخره، وهناك من يحسب الأمور بمنظور مستقبلي، بأن البقاء للشعوب، وأن الشعوب قادرة على امتلاك زمام الأمور في المستقبل، وأن هذه الشعوب إذا ما خلي بينها وبين أن يعني تأخذ حقها فإنها ستأخذه، وما أدل على ذلك إلا مواقف المقاومة الفلسطينية الآن، الإمكانيات قليلة جداً، الوضع صعب جداً، الحصار مضروب من كل مكان، الحدود مقفلة من كل الاتجاهات، ومع ذلك هذه الحجارة البسيطة في أيدي هذا العدد القليل من أبناء فلسطين الذين رفعوا شعار المقاومة.

محمد كريشان [مقاطعاً]: نعم هي بطبيعة الحال يعني المقاومة.. المقاومة الفلسطينية يعني قلبت الكثير من.. من المفاهيم في.. في هذه المرحلة.

د. محمد مرسي [مستأنفاً]: المقاومة.. المقاومة يا سيدي

محمد كريشان: أقل من ثلاث دقائق على نهاية البرنامج

د. محمد مرسي: أنا.. أنا أريد أن أكمل، أنا أريد..

محمد كريشان: السيد وسام يطرح سؤال وربما يعيدنا إلى الأول، إنه هل من الممكن أن نحدد معنى للإرهاب من وجهة نظر عربية؟ نحن سنخصص الحلقة المقبلة من البرنامج للحديث عن موضوع الإرهاب وكيفية معالجة القمة العربية للإرهاب، ولكن هل يمكن الحديث عن تعريف عربي للإرهاب؟

مروان بشارة: نعم، أعتقد نعم يمكن، كما قلت ليس هناك تعريف دولي للإرهاب حتى اليوم، الأميركيين أعطوا تعريفهم في وزارة الخارجية، الإسرائيليين أعطوا تعريفهم، أعتقد أنه يمكن أن هنالك تعريف وهو يعني في مجال استعمال العنف ضد المدنيين لأهداف سياسية، هنالك من يفسر العالم العربي أن المستوطن هو ليس مواطن عادي وإنما هو أيضاً يعني ميليشيا عسكرية إسرائيلية في أراضي محتلة وما إليه، ولكن أعتقد من هذا المفهوم الآخر وهو المفهوم الاستراتيجي القانوني للكلمة، ما.. ما حاولت أن –وأنا أحلل فقط- ما حاولت أن تفعله الانتفاضة الفلسطينية هو أن تعيد توازن الرعب مع إسرائيل، يعني القوات الإسرائيلية تحاصر المدن الفلسطينية تقول لها إذن حركات المقاومة الفلسطينية إذا أرهبتم المدن الفلسطينية فسنرهب المدن الإسرائيلية، إذن أنا أعتقد أن.. أن البادئ هو الظالم، يعني فلينسحب الانسحاب الإسرائيلي، فلتتوقف الهجمات على المدن الفلسطينية، وأعتقد رأساً ستتوقف الهجمات الإسرائيلية.. الفلسطينية على إسرائيل أو على المستوطنين، وبهذا المعنى أعتقد أيضاً إذا توقفت المقاومة الفلسطينية اليوم، هل ستنتهي القضية؟ لن تنتهي، ولكن إذا انتهى الاحتلال هل نبدأ بنهاية القضية؟ نعم نبدأ بانتهاء.. بانتهاء من.. من الصراع العربي الإسرائيلي وهذا ما ستقوله القمة العربية، إنه لابد من إنهاء الاحتلال، لأنه الاحتلال وهو..

محمد كريشان: هو.. هو البلية الكبرى يعني هو البلية الكبرى.

مروان بشارة: هو البلية الكبرى وهو الموتور، يعني هو

محمد كريشان: نعم، المغذي الحقيقي.

مروان بشارة: للعنف.

محمد كريشان: على كل سنعود إلى هذا الموضوع بشكل مفصل في حلقتنا المقبلة، نشكر الأستاذ مروان بشارة (وهو محاضر بالجامعة الأميركية في باريس) نشكر أيضاً ضيفنا في القاهرة الدكتور محمد مرسي (وهو نائب في البرلمان المصري عن الإخوان المسلمين).

مثلما ذكرنا الحلقة المقبلة سنتناول فيها كيفية معالجة القمة العربية في بيروت لملف الإرهاب وخاصة هذه القضية قضية الإرهاب والانتفاضة والنضال الفلسطيني.

في النهاية الشكر لكامل فريق البرنامج في الإعداد أحمد الشولي وحسن إبراهيم، وفي الإخراج فريد الجابري.

نعتذر للسادة المشاهدين الذين أرسلو مساهماتهم وأسئلتهم وهي ثرية ومهمة وقد نحتفظ ببعضها للحلقة المقبلة، لأن البعض يتحدث عن المطروح بالنسبة للقمة العربية وكيفية معالجة القادة العرب لملف الإرهاب.

تحية طيبة، وفي أمان الله.