أولى حروب القرن

الحملة الأميركية على أفغانستان في أسبوعها الرابع

ما التطورات التي طرأت على الموقف العربي والدولي من الحملة العسكرية الأميركية البريطانية على أفغانستان، والتي دخلت أسبوعها الرابع دون تحقيق أهدافها المعلنة، سواء في القبض على أسامة بن لادن أو الإطاحة بطالبان؟
مقدم الحلقة محمد كريشان
ضيوف الحلقة – عزام التميمي، مدير معهد الفكر السياسي الإسلامي في لندن
– إريك رولو، كاتب ودبلوماسي فرنسي سابق
– محمد عبد القادر جاسم، رئيس تحرير صحيفة الوطن الكويتية
تاريخ الحلقة 01/11/2001

– الموقف الأوروبي والعربي من الأزمة وأبرز ملامح التغيير فيه
– التوجه الديني للحرب.. أسبابه وأخطاره
– حقيقة الاستراتيجية الأميركية في الحرب ضد أفغانستان
– القضية الفلسطينية وأثرها على الحملة العسكرية على أفغانستان
– مستقبل الحرب وما يمكن أن يحدث من مفاجآت

undefined
undefined
undefined
undefined
undefined

محمد كريشان: مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (أولى حروب القرن)، ونتناول فيها هذه المرة تطور الموقف العربي والدولي من الحملة العسكرية الأميركية البريطانية على أفغانستان، والتي ناهزت أسبوعها الرابع، دون أن تحقق إلى حد الآن أهدافها المعلنة، سواء في القبض على أسامة بن لادن أو الإطاحة بطالبان التي تؤويه وترفض تسليمه. بعض المواقف بدأت قوية مع الحملة والآن دبت فيها على ما يبدو بعض الشكوك وأخرى بدأت متحفظة، وهي الآن مدعوة لأن تصبح من وجهة النظر الأميركية -على الأقل- أن تصبح قوية وحاسمة.

ضيوفنا في هذه الحلقة هم السادة: في الاستديو الكاتب والدبلوماسي الفرنسي السابق إريك رولو، محمد عبد القادر جاسم (رئيس تحرير صحيفة "الوطن" الكويتية ومجلة "النيوزويك" العربية) ونرجو أن يلتحق بنا في وقت لاحق من البرنامج عبر الأقمار الاصطناعية من واشنطن (مارك غينيس بيرج) وهو مستشار في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق (جيمي كارتر)، ومن لندن عزام التميمي (مدير معهد الفكر الإسلامي في لندن).

وفي البداية نتابع هذا التقرير الذي رصد فيه حسن إبراهيم تطور المواقف العربية والدولية منذ أن بدأت الحرب ضد أفغانستان.

تقرير/ حسن إبراهيم: بعد حوالي أربعة أسابيع من القصف الأميركي لأفغانستان وتصاعد الخسائر الأفغانية، بشرية كانت أم مادية، يظل المشهد الأفغاني على ما هو عليه، ولا يبدو أن القوات الأميركية والبريطانية قد اقتربت من هدفيها المعلنين، أي: القضاء على تنظيم القاعدة واعتقال زعيمه أسامة بن لادن، وإسقاط حكومة طالبان واستبدالها بحكومة أفغانية موسعة تمثل جميع الأعراق الأفغانية. فبن لادن مازال متوارياً عن الأنظار، ورغم التصريحات الأميركية بمقتل عدد من أعضاء تنظيمه، فإنه لم ترد تأكيدات على هذا من مصادر مستقلة، ولم يعرف بعد حجم خسائر جيش طالبان البشرية، خاصة وأن حكومة طالبان تخفف من حجم الخسائر المادية التي لحقت بقواتها المتواضعة. وفي مجال البنى التحتية لم تتأثر طالبان كثيراً، فأفغانستان بلد مدمر أصلاً منذ أمد بعيد، ولم يشهد تنمية حقيقية منذ بداية الحرب ضد الوجود السوفيتي عام 80 من القرن المنصرم. ومع اقتراب شهر رمضان فإن الدول الإسلامية التي أعلنت تأييدها لواشنطن في حملتها العسكرية أصبحت جميعها تناشد واشنطن التوقف عن القصف، لكن الإدارة الأميركية ردت بأنه: "لا مبرر للتوقف في شهر رمضان، وأن المسلمين أنفسهم طالما قاتلوا بعضهم البعض أثناء شهر الصيام المقدس". وما زال الأمر بين يدي الرئيس (جورج بوش)، فهو يعلم تماماً أن الشعوب الإسلامية والعربية ترفض الحملة العسكرية ضد أفغانستان وأن الأمر سيتفاقم خلال شهر رمضان، ورغم علمه أن كثيراً من الحكومات الإسلامية حكومات شمولية لا وجود لحرية التعبير فيها، فإنه لا يمكنها المخاطرة في استفزاز شعوبها، وربما تتنصل تلك الدول من وعودها لواشنطن بالانضمام إلى ما يسمى بـ"التحالف الدولي ضد الإرهاب".

أما الدول الغربية التي وقفت في البداية بصرامة تامة مع الموقف الأميركي فلا تتساوى جميعاً في مواقفها، فبريطانيا بالطبع هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي تقف بالكامل مع الولايات المتحدة، بل ويقوم رئيس الوزراء البريطاني (توني بلير) بجولة شرق أوسطية في محاولة لإقناع الدول العربية بالوقوف الكامل مع الحملة.

أما فرنسا، فرغم وقوفها مع الحملة الأميركية إلا أنها تتعرض لضغط شديد من الرأي العام الفرنسي الذي لا يؤيد القصف لأفغانستان.

روسيا هي الدولة الأقرب إلى أفغانستان، وصاحبة التاريخ الدامي فيها، ورغم تأييد روسيا للحملة الأميركية إلا أنها تخشى من وجود أميركي دائم في آسيا الصغرى، لذا فربما تطالب روسيا ببعض الضمانات فيما يخص مصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

الولايات المتحدة مواجهة بتحدٍ دبلوماسي كبير، ومن هنا تأتي الجهود المحمومة للمحافظة على التحالف.

الموقف الأوروبي والعربي من الأزمة وأبرز ملامح التغيير فيه

محمد كريشان: إذاً كان هذا تقرير حسن إبراهيم، والذي سعى فيه إلى رصد أبرز المنعطفات في المواقف العربية والدولية مما يجري حالياً في أفغانستان، ونريد أن نركز في هذه الحلقة على تطور هذه المواقف كيف بدأت، كيف أصبحت الآن، ولو أن الفترة قصيرة، وهل هناك من تغير؟ وإن كان هناك تغير، فما هي أسبابه؟ نبدأ بضيفنا السيد إريك رولو، بالنسبة للموقف الأوروبي، نحاول الآن أن نرصد البدايات، ثم ننظر إلى التحولات والتغييرات إن كانت هناك، بالنسبة للموقف الأوروبي كيف بدأ مع هذه الأزمة؟

إريك رولو: في أول أيام بعد الحوادث بتاع 11/9 كان فيه تضامن تام من طرف الأوروبيين تجاه الأميركان لأسباب طبيعية، أولاً: الكارثة الإنسانية، الأوروبيين شافوا على الشاشة الكارثة هذه إنه ست آلاف.. حوالي ست آلاف أشخاص توفوا أو قتلوا في هذه الحوادث، وطبعاً اصطدم بها.

تاني سبب: إن كان أوروبي في أياميها في الأوائل كان بيعتبر نفسه مهدد شخصياً، ليش؟ لأنه سامع إنه بن لادن بيهدد مش الأميركان، بيهدد الصليبيين زي ما بيقول، الصليبيين معناها الأوروبيين والأميركان، ففي الأول كان الأوروبيين بيعتقدوا إنه العمليات الإرهابية ستنتشر في أوروبا، فلذلك كانوا متضامنين مع الأميركان.

تالت شيء: خوفهم على.. على الاقتصاد، لأنه الاقتصاد الأميركي ضُرب، وطبعاً إحنا عايشين في عالم عولمة، كل الأوروبيين فاهمين إنه ممكن الاقتصاد يتدهور في أوروبا، وتكون الآثار سيئة جداً.

رابعاً: إحنا عندنا مجتمعات مختلطة، عندنا ملايين من المسلمين عايشين في بلادنا، يعني في فرنسا نفسها لوحديها فيه حوالي 5 مليون أو يمكن أكتر من كده، ها دول أما أجانب أما مواطنين فرنسويين.

محمد كريشان: وهو الدين الثاني في البلاد.

إريك رولو: الدين الثاني.. ففي.. فكان فيه قلق في الأوساط الرسمية والشعب كمان إنه يحصل انشقاق داخل المجتمع، إنه بعض المسلمين، مش كلهم طبعاً، يتضامنوا مع بن لادن ضد.. ضد الصليبيين –كما يقال- فطبعاً كل.. كل هذه الأسباب أدت إلى تضامن تام مع الأميركان. ثم الأشياء تطورت بعد هذا..

محمد كريشان: يعني من بين هذه العوامل الأربعة تقريباً ما هو العامل الأكثر تحركاً إلى حد الآن؟ التضامن لا شك بأنه مازال قائماً، ولكن ما هي العناصر التي ربما تأكدت بشكل واضح إلى الآن على الأقل، أو العناصر التي بدأت تتحرك؟ يعني مثلاً تخوفات من الوضع الاقتصادي أكيد هذا ظل قائماً وملموس بشكل واضح. بقية التخوفات كيف أصبحت الآن؟

إريك رولو: التخوفات أظن خوف إنه الإرهاب ينتشر في أوروبا يمكن قل إلى حد ما، قل، ولكن تخوفات إنه يكون فيه انشقاق في المجتمع الفرنسي، دا موجود لسه، لأن عندنا مسلمين كثيرين، وفيه بعضهم يمكن ما عندهم النضوج السياسي إن يفهموا إن هذه لحرب مش حرب دينية، مش مواجهة بين المسلمين والمسيحيين أو اليهود، وإنما مواجهة سياسية.

مع الأسف الشديد بن لادن بيحاول إنه يقلب مواجهة سياسية إلى مواجهة دينية، ودا شيء خطير جداً، يعني ممكن يعني إذا أقنع الناس تكون مواجهة بين الغرب والشرق مثلاً أو بين المسلمين والمسيحيين يكون حرب صليبية جديدة، فبيغذي هو في فرنسا.. أقول الـ.. طبعاً الفرنسويين كلهم يعني مش واعيين، يعني بيخلطوا بين الإسلام وبين السلفيين وبين الإرهاب، ما عندهم نظرة واضحة، إنه فيه فرق إنه بن لادن شيء والإسلام شيء آخر، فمع الأسف تصريحات بن لادن بيغذي عند بعض الفرنسويين إنه هذه فعلاً حرب ضد الإسلام فيعني من الناحيتين فيه خطورة كبيرة جداً.

محمد كريشان: هذا من الناحية الموقف الأوروبي، بالنسبة للموقف العربي سننظر مع الأستاذ محمد عبد القادر جاسم.

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: كانت بدايتنا مع السيد إريك رولو أعطانا فكرة افتتاحية للحديث عن الموقف الأوروبي وكيفية تطوره، الآن نريد أن نعرف بنفس التمشي الموقف العربي كيف بدأ، وإن كانت هناك تغييرات، فما هي أبرز هذه الملامح في التغييرات، ثم نعود إليها بالتفصيل، ولماذا؟

محمد عبد القادر جاسم: الموقف العربي يختلف تماماً أو الوضع العربي يختلف تماماً عن الوضع الأوروبي، في الموقف العربي عندك موقفين، موقف الأنظمة والحكومات وموقف الشعب العربي بشكل عام، بدون شك كانت بداية المواقف الرسمية الحكومية كانت مؤيدة، وعلى عادة العرب هناك سهولة في إصدار البيانات، سواء التنديد وشجب الإرهاب أو إبداء التضامن مع الولايات المتحدة الأميركية، في مقابل هذا الموقف الثابت أو الذي بدا أنه ثابت للحكومات العربية كان الموقف العربي على المستوى الشعبي خليط ما بين الخوف من القادم كنتيجة للتفجيرات، ونوع من الفرح، شعور بالفرح لوجود إحساس بأن هناك نوع من التوازن حصل نتيجة الانفجارات، الآن، المواقف العربية في..

محمد كريشان [مقاطعاً]: ولو كان.. ولو كان فرح مكتوم إلى حد ما يعني، يعني هل تعتقد رغم الكارثة الإنسانية بالطبع لا يمكن أن تثير الفرح لدى البعض، ولكن ربما طبيعة العلاقة مع الولايات المتحدة تجعل الموضوع يعني مختلف برأيك؟

محمد عبد القادر جاسم: يعني هو لما نقول الفرح لا نعني الفرح بالمعنى التقليدي للفرح، ولكن هناك –إذا جاز التسمية- فرح السياسي، شعروا بأن هناك نوع من التوازن إن أميركا أخيراً تلقت ضربة، كشعور شعبي عام أنا في تصوري، ما عندي دراسات أو تقارير، ولكن..

محمد كريشان: الانطباع العام.. صحيح.

محمد عبد القادر جاسم: الانطباع العام، الآن الحكومات العربية بدأت في بدايتها تتلقى عناوين التأييد الأميركي أو عناصر التأييد المطلوب، فشعرت الأنظمة العربية –في تقديري- بنوع من الحرج والورطة، لأن المطلوب منها تقديم موقف واضح وثابت ومعلن في تأييدها للجهود الأميركية سواء كانت في اتجاه محاربة الإرهاب أو معاقبة بن لادن، لكن اللي أحرج الأنظمة العربية في ذاك الوقت هو الإعلام الأميركي، والذي كان في بدايته تناول الأمر وكأنه عداء بين الديانة المسيحية والديانة الإسلامية، على مستوى الشعب العربي أنا في تصوري..

محمد كرشان: استمع كلمة (بوش) قضية حرب صليبية ربما هي..

محمد عبد القادر جاسم: التغطيات التليفزيونية للمحطات الأميركية ذاتها كانت انخفض مستواها المهني حتى وكانت تتعامل مع المسألة بكثير من الروح غير المهنية اللي ترتب عليها آثار سياسية كبيرة، الموقف العربي على المستوى الشعبي أعتقد أنه سوف يزداد صلابة بمرور الوقت خاصة مع ظهور نتايج هذه الحرب من ناحية قصف المدنيين إلى آخره.

الموقف الحكومي أو موقف الأنظمة الحكومية في المرحلة القادمة، في تصوري المسألة الحاسمة فيها هي مقدار الضغط الشعبي العربي، قد يتغير، قد يضعف مواقف أو تضعف مواقف بعض الحكومات العربية نتيجة تأثير الرأي العام وتوجهات الرأي العام مع قدوم شهر رمضان.

محمد كريشان: يعني في تقديرك عنصر الضغط الشعبي هو الذي سيكون محدد أكثر ربما من الضغوط الدولية بما فيها الموقف الأميركي؟

محمد عبد القادر جاسم: بدون شك يعني، جميع الحكومات العربية مؤيدة لأميركا وتعتمد في أغلبها في وجودها على الدعم الأميركي، وبالتالي ليس هناك مجال للاختلاف مع أميركا حقيقة حتى الدول التي يبدو أن هناك نوع من الاختلاف هو اختلاف إعلامي أكثر مما هو خلاف عملي يعني الدول هناك بعض الدول سهلت أو قدمت تسهيلات عسكرية، قواعدها تستعمل، دعم مخابراتي، كافة أشكال التعاون وهذا التعاون لن يتوقف بين الدول العربية وبين أميركا، ولكن استمرار الضغط الشعبي أو تصاعد الضغط الشعبي في المرحلة القادمة لهذا السبب أو لذلك السبب سوف يحرج الأنظمة العربية أو بعضها وقد تضطر إلى بيان درجة من درجات الاختلاف مع السياسة الأميركية.

محمد كريشان: نعم، لو ننتقل إلى واشنطن وضيفنا الأميركي السيد مارك غينيس بيرد، وهو مستشار في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، سيد بيرج بالنسبة لواشنطن كان في البداية أن.. أن يكون المرء مع الإرهاب أو مع واشنطن، هل تعتقد بأن هذه المعادلة مازالت قائمة بهذا الشكل؟

مارك غينيس بيرج: مساء الخير من الولايات المتحدة.

محمد كريشان: مساء الخير.

مارك غينيس بيرج: إن العقيدة التي أعلنها الرئيس بوش في البداية والقائم على أساس إنكم إما معنا أو ضدنا لها نتائجها التي ترتب عنها واشتقاقائها، ولا أظن أن الشعب الأميركي يتوقع من كل بلد أن يشن حرباً بنفس الدرجة ضد الإرهاب التي نأمل من أصدقائنا أن ينضموا فيها إلينا، وأعتقد أن ما تسعى إليه واشنطن هو درجات من التعاون ومستويات من التعاون، وليس الإعاقة أو إيواء الإرهاب أو التظاهر بعدم.. باللامبالاة إزاء موت الآلاف من الأميركيين الذين ماتوا في نيويورك ولحد اليوم لا تزال أعمدة الدخان تنبعث من المبنى حتى هذا اليوم.

محمد كريشان: ولكن يعني سيد جينيس يعني هل هناك شعور في الولايات المتحدة بأن ربما الحماس الدولي في البداية فيما يتعلق بالوقوف مع الولايات المتحدة بدأ يضعف قليلاً، هل هناك هذا الانطباع؟

مارك غينيس بيرج: لن أقول ذلك، ولا أقول إن هذا الانطباع موجود، ولكنني أقول إن هناك أزمة صعبة نواجهها في أفغانستان وهذا أمر مفهوم، وخاصة ما يخص أصدقائنا في العالم العربي، الذين لهم قلق كبير إزاء الكيفية التي تُدار بها هذه الحرب، والدعم.. الاستمرار في اجتثاث الإرهاب يتطلب تضحيات، والشعب الأميركي يثبت وأثبت وخلال الأسابيع الست الماضية إنه شعب مستعد لتقديم التضحيات، ولا أعتقد إن أحداً يفهم تاريخ الشعب الأميركي سيسيء فهم حقيقة إننا ندرك أن هذه.. هذا الصراع سوف يستغرق إن لم يكن سنوات، فعلى الأقل أشهر، وإن الشعب الأميركي يفهم أنه ربما هناك أولئك في المنطقة، في الشرق الأوسط الذين يتساءلون حول بعض التكتيكات والاستراتيجيات التي نتبعها، وهذا يضيف إلى أهمية أننا بحاجة إلى حوار مع أصدقائنا في المنطقة وعلينا أيضاً أن نفهم لماذا يشعر الأميركان بهذه القوة حول الطريقة التي ندير بها هذا الصراع.

محمد كريشان: نعم، بالنسبة لضيفنا في لندن دكتور عزام التميمي، لدينا أقل من دقيقتين، يعني إشارة سريعة جداً يعني لو سمحت، كمواقف للدول المحيطة بأفغانستان، الدول الإسلامية وأساساً باكستان، هل تعتقد بأنها الآن موقفها لم يعد بنفس القوة التي بدأت عند الحملة؟

د. عزام التميمي: أظن أن موقف الحكومة الباكستانية الآن في غاية الحرج ويشعر الرئيس مشرف بأنه سيدفع ثمناً غالياً مقابل تأييده الشديد للولايات المتحدة الأميركية في البداية، ولربما يفسر ذلك الزيارات المتعاقبة التي قام بها مسؤولون أميركيون إلى باكستان في الفترات الأخيرة، أود أن أعلق على ما قاله الأستاذ إريك رولو –مع احترامي الشديد له- فيما يتعلق بأن أسامة بن لادن في خطابه أراد أن يحول هذه المعركة إلى معركة بين الإسلام والمسيحية أو بين الشرق والغرب، أنا أظن أن الخطاب الغربي هو الذي أعطى هذا الانطباع لعموم المسلمين بأن أميركا ومن خلفها بريطانيا ومن انضم إليهم في هذا التحالف يحاربون الإسلام، نعم نحن كطبقة مثقفة نفهم فيما بيننا أن المصالح أهم، ولكن في الحقيقة الخطاب الذي استخدم من قبل الرئيس (جورج بوش) والكلام من قبل بعض المسؤولين عن أن أفغانستان محطة أولى قد يتلوها العراق ثم تأتي بعدها أماكن أخرى، والكلام أيضاً عن أن هذه الحرب قد تمتد إلى سنوات، كل هذا كلام لا يمكن أن يفهمه الإنسان المسلم إلا أنه حرب ضد المسلمين، وهذا بالذات ما جعل نفراً من مسلمي بريطانيا يتركوا هذه البلاد ويذهبوا إلى أفغانستان ليقاتلوا، والآن هناك أزمة حقيقية بسبب هذا الخطاب..

محمد كريشان: نعم، سيد.. سيد عزام، يعني نأسف لمقاطعتك.

[موجز الأنباء]

محمد كريشان: وننبه السادة المشاهدين بأنه بإمكانهم أن يشاركوا في هذه الحلقة من خلال صفحة الجزيرة على الإنترنت:

www.aljazeera.net

ورجاءً أن تكون المساهمات مركزة على موضوع هذه الحلقة، وهو تغير أو عدم تغير المواقف العربية والدولية فيما يتعلق بالحملة العسكرية على أفغانستان.

لو نعود إلى لندن مع السيد عزام عزام.. عزام التميمي، مرة أخرى السيد عزام التميمي فيما يتعلق بالفكرة التي كنتم تتحدثون عنها أفضل بإكمالها، ثم نواصل الحديث.

د. عزام التميمي: نعم، أولاً أود أن أعتذر لرداءة صوتي بسبب ما ذكرته من برد أرجو أن يكون صوتي مفهوماً ومسموعاً..

محمد كريشان: لا.. لا مفهوماً، تفضل.

د. عزام التميمي: الخطاب الغربي منذ البداية كان خطاباً مرعباً بالنسبة للمسلمين وبدأ الآن الرأي العام الغربي يتفهم هذا الأمر، وأنا كنت قبل يومين في نيويورك بدعوة من مجلة "تايم" وشعرت من.. الهيئة التحريرية لمجلة "تايم" بأنهم يشعرون بأن خليجاً واسعاً أو حتى محيطاً واسعاً يفصل بين أميركا والعالم الإسلامي، أننا لا نفهم بعضاً هم يريدون أن يحاربوا ما يسمونه الإرهاب، يريدون أن يعاقبوا من قام بتفجير أو بعملية الحادي عشر من سبتمبر، بينما العالم الإسلامي يرى في هذه الحرب إعلاناً شاملاً لمحاربة الإسلام والمسلمين، هنا في بريطانيا الرأي العام الآن يتحرك باتجاه رفض هذه الحرب، ولذلك اتخذ رئيس الوزراء (توني بلير) خطوة اعتبرت ذات مغزى مهم، عندما خاطب برلمان (ويلز) وطالب الشعب البريطاني أن يصبر وأن يظل ثابتاً وراء الحكومة، لأنه يشعر بوجود تفلت، وما أتت زيارته إلى العالم العربي والشرق الأوسط خلال الأيام القليلة الماضية إلا خوفاً من أن الأمور تتفلت من بين أيديهم، فهذه الحرب حرب ظالمة، والذين يؤيدونها.. يؤيدونها لمصالح آنية، والذين يعارضونها يعارضونها لمبادئ أخلاقية، ومعسكر الأخلاقيين الآن في اتساع، ونرجو أن يظل متسعاً إلى أن تتوقف هذه الحرب إن شاء الله.

محمد كريشان: نعم، سيد إريك رولو، يعني السيد عزام التميمي كانت له ملاحظة حول الفكرة التي تفضلتم بذكرها.

إريك رولو: الحقيقة أنا بأستغرب جداً من كلام الأستاذ عزام التميمي مع إن أنا بأقدره، يعني عندي احترام كبير له، أعرفه شخصياً، بأستغرب لأنه برضو اللي بيقوله خطير جداً، إحنا سمعنا كلامه بيقول أيش؟ بيتكلم عن الإسلام والغرب، الإسلام على أشكاله، المسلمين على أشكالهم، يعني هو دلوقتي بيغذي هو أيضاً الـ.. بأقول هأقول بصراحة: العداء اللي للإسلام موجود في أوروبا، ما فيه شك، موجود، أنا مابأنفيش بالعكس أنا بأكتب مقالات ضد هذا.. هذا..

محمد كريشان: النهج في التفكير.

إريك رولو: بس عن هذا، ولكن إنه.. إنه يعمم، يقول الإسلام من ناحية والغرب من ناحية، يعني هو بيقول نفس الكلام –أنا آسف- زي بن لادن إن هو بيقول فيه غرب وفيه شرق، أنا بأرفض هذا، أنا بأقول المسلمين على أشكالهم، وبأحترمهم، والغرب على أشكاله، عندك أوروبيين، عندك أميركان..

محمد كريشان[مقاطعاً]: يعني هناك تعدد في هذا المعسكر وتعدد في..

إريك رولو: فيه تعددات، ليش.. ليش التعبير ده أنا.. الحقيقة أنا بأزعل منه، يعني ليش يقول الغرب وإسلام يعني لما يقول كمان أيضاً يقول الخطاب الغربي، هو فيه خطاب واحد غربي؟! يعني خلينا منصفين، أنا ممكن أذكر تصريحات حكومتي، بلاش البلاد الأخرى، بس هو يعرفها الوقت، (جاك شيراك) رئيس الجمهورية، (جوسبان) رئيس الحكومة، سياسيين من اليمين واليسار، عملوا تصريحات متتالية، قالوا للشعب الفرنساوي خدوا بالكم مش لازم تخلطوا الإسلام ببن لادن، أنتو قريتوا الجرايد..

محمد كريشان: صحيح.. صحيح..

إريك رولو: هو الأستاذ التميمي لازم بيقرأ الجرائد، يعني كان ليش كانوا خايفين في فرنسا، أنا قلتها بس هأعيد الكلام: إنه يحصل انشقاق في المجتمع الفرنسي، أولاً قبل ما.. فيقال إنه فيه خطاب غربي دا غلط، حتى اللي عند الأميركان أنا مش عايز أدافع عن بوش، هو غلط فعلاً واستعمل كلمة حرب صليبية، لكن تاني يوم تراجع وقال، لأنه بالإنجليزي (Grassed) ممكن تاخدها بمعنى تاني كما نعلم..

محمد كريشان: بمعنى الحملة ربما..

إريك رولو: الحملة آه، ولكن مش ممكن تقول إن الأميركان قايمين بحرب ضد الإسلام، خلينا منصفين.

الأخ الأستاذ محمد قال لنا إن الحكومات العربية مع الأميركان، أنا هأرد عليه، الأميركان مع الحكومات العربية، مافيش عداء للحكومات، هي كلها حكومات إسلامية لأ، يعني زي كان الأستاذ تميمي قال لنا إنه فيه استعمار مستعد أستمع إليه إنه فيه بعض البلاد الغربية بدها تستغل البلاد الإسلامية، أنا مستعد أمشي معاه، ولكن ما.. ما يصرحش إنه ده فيه خطاب وغربي، وخطاب غربي معادي للإسلام، دا شيء خطير جداً..

محمد كريشان: ولكن سيد إريك رولو يعني.. يعني هذا النهج في التفكير الذي تفضلتم بذكره الآن قد يكون معقول وسائد بين أوساط مثقفين وأوساط مستنيرين وهو أشار إلى ذلك بأن ربما يكون في أوساط المثقفين تفكير آخر غير..

إريك رولو: آه، صح.

محمد كريشان: ولكن الخوف الآن أن هناك جماهير واسعة قد تتابع التطورات الجارية في أفغانستان، وخاصة مع صور المدنيين وصور الفقر في أفغانستان والدمار على أن الموضوع ربما يُطرح بهذا الشكل، قد يكون شكل مبسط، قد يكون شكل غير صحيح، ولكنه سائد.. سائد في أوساط واسعة..

إريك رولو: فين؟ في الغرب؟

محمد كريشان: في العالم الإسلامي..

إريك رولو: في العالم الإسلامي آه سائد آه، مع الأسف، بس أنا يعني، أنا بأقول مع الأسف، لأنه هذا الصراع ده مش شكله ديني، أنا في رأيي أبدأ يعني، عايز أضيف شيء واحد، بس.. بعد ردود الفعل أنا شرحتها في الأول في الرأي العام الأوروبي والفرنسي الأشياء تطورت، يعني كان عندنا مظاهرات مثلاً في فرنسا، وكان فيه مظاهرات في روما، كان فيه 100 ألف واحد في الشوارع مظاهرات في برلين ضد الإرهاب طبعاً ضد بن لادن، ولكن ضد المشروع الأميركي في التدخل في أفغانستان، هادول مسيحيين، ليش الدكتور تميمي يعني ما بيذكرهم، كان عندنا كذا مظاهرة في فرنسا ضد الأميركان، المقالات في الصحف الفرنساوية ظهرت فيما بعد إنه فيه برضو نقد كبير للاستراتيجية الأميركية، يعني ما فيه.. ما فيه النهاردة رأي واحد في الغرب.

محمد كريشان: يعني هناك مجال إلى أن يكون الإنسان ضد الإرهاب ولكن في نفس الوقت ليس موافق بنسبة 100% على الموقف الأميركي، هذا هو الحيز الذي ربما تريد أوروبا أن تلعبه؟!

إريك رولو: آه، يعني مثلاً في مظاهرة كان فيه Solo..

محمد كريشان: شعار..

إريك رولو: شعارات، "لأ للإرهاب ولأ لأميركا"، مثلاً كان فيه شعار نزل في الشوارع في باريس، إحنا ضد الإرهاب وضد الاستراتيجية الأميركية، بدنا حلول سلمية للإرهاب، بدنا ندرس ونحل المشاكل السياسية اللي هي أصل الإرهاب ما بدنا إحنا يعني فيه ناس كتير يعني ما بدهم إنهم يدخلوا حرب ضد الشعب الأفغاني المسكين مثلاً، ففيه خلافات داخل المجتمع.. المجتمعات الغربية، وإحنا لازم نقول الكلام ده ونعيده حتى المسلمين ما يفتكروش إنه فيه عداء للإسلام طبعاً فيه عداء موجود، وفي البلاد الإسلامية فيه عداء للغرب كمان والمسيحية.

محمد كريشان: أحياناً عداء متبادل صحيح.

إريك رولو: آه، بس تعصب دا شيء خطير يعني، إحنا لازم نبعده من عندنا يعني من الغرب ومن الشرق.

محمد كريشان: اتفضل.

التوجه الديني للحرب.. أسبابه وأخطاره

محمد عبد القادر جاسم: يعني إذا تسمح لي أنا فيه عندي تعقيب على الزميلين، يعني أولاً: الأستاذ عزام تحدث باسم العالم الإسلامي، من يملك الحديث باسم العالم الإسلامي أساساً؟ كواقع، كل جماعة إسلامية تدعي أنها تتحدث باسم عموم المسلمين، ولا تعبر عن مشاعر المسلمين، العالم الإسلامي أيضاً ما له موقف واحد محدد، هناك مشاعر عامة، ولكن لا نستطيع أن نتحدث عن عالم إسلامي، وكأن الصورة تبدو أن المسلم اللي في الصين مشاعره نفس مشاعر المسلم في اليمن أو غيرها يعني هناك خطورة، لابد من التنبيه إلى أن ليس من حق أي جهة أن تتحدث باسم العالم الإسلامي، هذا واحد.

اثنين: لأ.. أختلف مع الأستاذ، لأن من بدأ التوجيه لمسار -على الأقل- المسار الإعلامي للحرب بأنها حرب دينية هم الأميركان أنفسهم، لا يكفي أن يخطئ بوش، ثم يعتذر، لا يكفي أن يزور مسجد، لا يكفي أن يلقي خطابات، الممارسات التي ظهرت في الشارع الأميركي ضد المسلمين وضد العرب هناك، تكفي لإبراز هذا الشعور، ثم أكثر من هذا لو اطلعت على الصحافة الغربية، الصحافة الأميركية تحديداً، ستجد أنهم كانوا يبحثون عن سبب الإرهاب ليس في سياستهم الخارجية، وإنما في تعاليم القرآن والإسلام، هناك من كتب بأن تعاليم الإسلام، بأن الآيات القرآنية بحد ذاتها هي التي تدفع إلى الإرهاب وبالتالي..

محمد كريشان [مقاطعاً]: بدؤوا يتساءلون حتى عن النظام التعليمي في المملكة العربية السعودية.

محمد عبد القادر جاسم: يتحدثون، لأنه عندهم نظام تعليم..

محمد كريشان: على أساس إنها تفرخ الإرهاب..

محمد عبد القادر جاسم: عندك أشياء كثيرة، هم تركوا السياسة الخارجية كمصدر أساسي لما يجري خارج الولايات المتحدة وانتقل الآن إلى الولايات المتحدة، ولكن الحرب أخدت منحى ديني في بدايتها من رد الفعل الأميركي وتحديداً من الإعلام الأميركي، بدون شك القيادة الأميركية استعادت توازنها بعد أيام وبدأت تراعي في التصريحات، ولكن الإعلام الأميركي الرئيسي اندفع باتجاه تأكيد إنها الحرب الدينية، أنا كتبت مقال في "نيوزويك" أشير إلى أن ما يجري في الصحافة الأميركية تحديداً هو تحقيق لرغبة بن لادن، صحيح بن لادن يريدها حرباً دينية، ولكن الأميركان ارتكبوا خطأ رئيسي في تحويلها إلى حرب دينية، في تصوري الشخصي، وحققوا رغبة بن لادن بأسرع من الوسائل التي هو يمتلكها، قضية.. إذاً.. إذاً..

محمد كريشان [مقاطعاً]: ولكن سيد.. عفواً.. عفواً.. أنت.. أنت يعني، اسمح لي هناك ربما بعض التناقض، أنت لا توافق على أنها.. على منطق بأنها حرب دينية، وتقول بأن الأميركيين هم الذين.. الذين جعلوها تقريباً بهذا الشكل.

محمد عبد القادر جاسم: لا.. لا أنا أتحدث عن البداية وين، هي.. هي يفترض ألا تكون حرب دينية ولكن..

محمد كريشان [مقاطعاً]: الآن ما هي؟

محمد عبد القادر جاسم [مستأنفاً]: بداية التوجيه الأميركي، الآن هي تتجه لأن تكون حرب دينية، عزز هذا الاتجاه الآن معسكرات من الطرفين، من الطرف الأميركي وفي الدول العربية، لكن النقطة الأهم أيضاً قضية أن.. أن.. أن ليس هناك عداء للحكومات العربية من قبل السياسة الأميركية، لأ، في الآونة الأخيرة ظهر هناك عداء ضد بعض الحكومات، ومن بينها ما يمارس أو ما تمت ممارسته بالفترة الأخيرة في الصحافة الأميركية أيضاً ضد المملكة العربية السعودية، وتحديداً في حملة تبدو موجهة، أميركا هي أميركا، الإعلام هناك يبقى فيه قدر من التوجيه، فالحملة التي شنت على المملكة العربية السعودية، حملة صحفية تبدو منظمة، وبدأت أحاديث كثيرة تضغط في.. في أميركا، في واشنطن تحديداً على السعودية وأضيف هذا الضغط إلى الضغط الموجود في الشارع، فإذا.. إذا تأذن لي بس يعني علشان ألخص الفكرة.. اللي في.. في بالي، إن إحنا يجب أن ننظر إلى الواقع وليس إلى الأماني، الأحداث الآن مع دخول رمضان أكررها مرة ثانية سوف تتجه حتماً..

محمد كريشان: ربما تزداد الأمور حدة.

محمد عبد القادر جاسم: ناحية الحرب الدينية.

محمد كريشان: وهذا ما سنحاول أن.. أن ننظر إليه مع ضيفنا في واشنطن، هل هناك إشكال فيما يتعلق بالتوجه الديني للحرب وإن كان هناك محاذير في ذلك؟

[فاصل إعلاني]

محمد كريشان: بالنسبة لضيفنا في واشنطن السيد مارك غينيس بيرج، ضيوفنا في الاستديو، هناك خلافات حول مدى تحمل مسؤولية واشنطن في إعطاء طابع ديني لهذه الحرب، برأيك هل هذا هو مسؤولية واشنطن قبل أن يكون مسؤولية الآخرين؟

مارك غينيس بيرج: لا أدري كم مرة في العالم الإسلامي أو في العالم العربي سمعونا نقول مراراً وتكراراً: إن هذه ليست حرباً بين أميركا والإسلام، والرئيس (بوش) قال ذلك، وكل مسؤول أميركي، وكل شخص في أميركا من أي منحى من مناحي الحياة قال ذلك، فبيننا 40 سنة من الصداقة مع العالم العربي، والقول إن السماح لأسامة بن لادن بإنه يتحدث باسم الإسلام في وقتٍ إنه ليس بملا ولا إمام، وإنما إرهابي يستخدم الإسلام لتبرير أعمال إرهابية ضد الغرب، وقد أوضحنا تمام الوضوح بأن الناس الذين يتحدثون باسم الإسلام قد قالوا مراراً وتكراراً من داخل الولايات المتحدة، ومن العالم العربي، ومن مساجد في أنحاء المنطقة، قالوا: أنهم يشجبون ويدينون استخدام العنف والإرهاب باسم الإسلام، ومن الأهمية بمكان لأصدقائنا أن يفهموا أنه في الولايات المتحدة.. الأميركيون دخلوا هذه.. هذا الصراع، لأنهم هوجموا.. وهوجموا من قبل إرهابيين أرادوا قتل الأميركيين، ولن يحصلوا على تغيير في سياسات واشنطن، وإنهم.. لكنهم في نفس الوقت غير مستعدين للدخول في حوار، وإنما فقط بممارسة أعمال تخريب وأعمال عنف ضد أطفال أبرياء، إننا لا نتحدث عن نساء ورجال، بل نتحدث عن أطفال هوجموا باسم الإسلام، ونحن كأميركيين نرفض ذلك، ونقول: إنها ليست صراعاً بين الأديان، وإنه.. إنما هو.. صراع ضد أشرار يستحقون أن يقتلوا وأن يمثلوا أمام العِدالة.. العَدالة، لأنهم لم يهاجموا الأميركان المسيحيين واليهود، بل الأميركان المسلمين أيضاً الذين قتلوا في مركز التجارة العالمي، والمسلمين في أنحاء العالم قد تم قتلهم على أيدي هؤلاء، لذلك نحن نرفض تماماً من يقول: إن هناك إيحاءً دينياً لهذه الحرب.

محمد كريشان: ولكن سيد مارك، يعني ما رأيك في هذا الشعار مثلاً الذي رفع في فرنسا، وذكره قبل قليل السيد إريك رولو "لا للإرهاب لا لأميركا" يعني هناك من يدين ما جرى، ولكنه ليس بالضرورة مؤيِّداً للمنطق الأميركي وخاصة في الهجوم العسكري على أفغانستان؟

مارك غينيس بيرج: أنا أفهم ذلك، أنا أفهم ذلك، ونحن لسنا في حرب مع الشعب الأفغاني، لأنه ليس الشعب الأفغاني هو الذي يطَّلع.. يضلع في الإرهاب، ولكن معظم الذين اشتركوا في عمليات الاختطاف جاؤوا من السعودية ومن مصر، ولكن ما حدث هنا هو تنظيم القاعدة، هو الذي اختطف بلداً بأكمله، وأصبح الطالبان.. تحت عقد.. ما يسمى "بعقد" مع أسامة بن لادن لاستخدام المخدرات وأموال تهريب المخدرات، والحشيش، والكوكايين عبر الحدود لتمويل جهد الحرب الذي تشنه طالبان ضد الشعب الأفغاني، وكما تعلمون وقبل عمليات الحادي عشر من سبتمبر كانت هناك حرب مستمرة في أفغانستان بين الذين يعارضون طالبان والذين يؤيدونها، والسيد بن لادن والأشرار الذين معه كانوا يمولون طالبان، وكانوا يستخدمون أفغانستان كمخبأ لهم، ونحن كأميركيين نفهم أهمية عدم إلحاق أي ضرر بالشعب الأفغاني، فالحرب في أفغانستان ليست حرباً 100%، لن تكون 100% مضمونة من حيث عدم إلحاق الأضرار بالمدنيين، فلا أميركي يريد رؤية إلحاق الضرر بأي.. بأي مدني، ولا أميركي يريد أن يرى أي عربي غاضب تجاه أميركا، والحقيقة معظم الأميركيين يتساءلون: لماذا لا يوجد حماس أكبر من جانب العرب مع الأميركيين لقاء ما حدث من ضحايا في.. في.. في نيويورك وواشنطن، ونحن تعرضنا الآن لحرب إرهابية بيولوجية، و.. ونستغرب من عدم.. اللامبالاة في العالم العربي إزاء معاناة الأميركيين، ولكنها حرب ليست ضد الشعب الأفغاني، بل حرب ضد الذين قتلوا الآلاف من الأميركيين، وهذه هي القضية الوحيدة التي يجب أن تكون مدار البحث.

محمد كريشان: سيد عزام التميمي في لندن، يعني هل تعتقد بأن فعلاً هناك عدم توازن في التعاطي العربي والإسلامي مع موضوع الإرهاب؟ هل هناك فعلاً لا مبالاة تجاه ما يجري للأميركيين؟ وبالتالي هذا أثَّر على الموقف الأميركي ونظرة الشارع العربي عموماً لما يجري؟

د. عزام التميمي: منذ الحادي عشر من سبتمبر وحتى السابع من أكتوبر كان العرب والمسلمون على استعداد تام لأن ينددوا بما حدث يوم 11 سبتمبر، وأن يقفوا خلف الولايات المتحدة الأميركية في حقها في المطالبة بالقبض على من قام بقتل الأبرياء، لا جدال في ذلك، ولكن يوم 7 أكتوبر، حينما بدأت الطائرات الأميركية تحرق الشعب الأفغاني أضر ذلك بقضية الأميركان التي كانت عادلة قبل ذلك، وفقدت عدالتها حينما.. أنزلوا نقمتهم بحق شعب ضعيف لا قبل له بمثل هذه القوات التي جُنَّدت من أجله، مشكلة الأميركان ومشكلة الذين يؤيدون هذه الحرب أنهم يكلمون أنفسهم، يقولون: يا عرب، يا مسلمون، هذه حرب ليست ضد الإسلام ولا المسلمين، ولكن في حقيقة الأمر لابد أن يضعوا أنفسهم مكان عامة المسلمين، أنا لا أدَّعي أنني أتكلم باسم الإسلام ولا باسم المسلمين -حاشا لله- ولكن هؤلاء الذين أخذوا يرفعون صور بن لادن في مظاهراتهم حتى أصبح بطلاً على مستوى العالم الإسلامي، فعلوا ذلك، لأنه دخل في روعهم أن هذه الحرب هي حرب ضد كل واحد منهم، فأميركا تريد أن تقاتل ليس فقط الطالبان، تريد أن تقاتل العراق، تريد أن تقاتل حماس، تريد أن تقاتل حزب الله، تريد أن تقاتل الجهاد، تريد أن تقاتل المجاهدين الكشميريين، كل هؤلاء وضعوا في سلة واحدة وسموا "إرهاب" لا يعقل هذا، لابد أن يميز الأميركان، والذين يريدون أن يساعدوا الأميركان بين نضال مشروع لتحرير الأوطان ولتغيير الأوضاع السيئة التي لا تحترم فيها حقوق الإنسان ولا إرادة الشعوب وبين الذين يعتدون على الأبرياء، لا يمكن لإنسان عنده ضمير أن يؤيِّد قتل الأبرياء في نيويورك بالشكل الذي حدث، لا يمكن، وهذا الذي يجعلنا نقف في معسكر واحد اليوم مع ملايين الغربيين وغير الغربيين من غير المسلمين الذين يرفضون حرب أميركا ضد.. ضد الأفغان، ولكن لا يقبلون بالإرهاب الذي حدث في نيويورك، ولكننا نريد أن نطالب العالم أجمع أن.. يُعرِّف الإرهاب، حتى لا أسمَّى أنا إرهابي أو كريشان إرهابي، أو (الجزيرة) إرهابية، لأنها تقول الحق، هم حتى غضبوا من (الجزيرة)، وأرادوا أن يكتموا صوت (الجزيرة)، يلعبون بالكلام ويلعبون بالتصريحات، إن أرادوا أن.. يحصلوا على العدالة، نحن معهم وسنساعدهم، أما إن أرادوا أن يضربوا كل مشروع تحرري في بلادنا، فهذه حرب ضد الإسلام شاؤوا أم أبوا.

محمد كريشان: نعم، سيد محمد.

محمد عبد القادر جاسم: يعني فيه بس لتوضيح الصورة الآن فيما يتعلق بالموقف العربي المطلوب من قبل الأميركان أن.. أن هناك تساؤل ليش العرب ما يقفون مع الأميركان مع.. في الحرب البيولوجية.

محمد كريشان: هناك لا.. لامبالاة وصفها..

محمد عبد القادر جاسم: في اللامبالاة، أول شيء: كل الدلائل في أميركا الآن تشير إلى أن رسائل ما يسمى "بالجمرة الخبيثة" هي من.. من صنع أميركان.. متطرفين أميركان، وليس..

محمد كريشان: اليمين.. اليمين المتطرف.

محمد عبد القادر جاسم: أيوه، وليس من صنع وليس من تدبير، حتى الآن لم يثبتوا، ولكن الترجيحات تشير إلى أن إرهابيين أميركان، هذه نقطة، النقطة الأخرى على الأميركان أن يدركوا تماماً بأنهم صنعوا في يوم من الأيام ما يسمى "بالإسلام الأميركي" بن لادن ذاته والقضية ليست جدلية ومحسومة، لا نريد أن نتحدث عن تاريخ بن لادن، بن لادن -في تقديري أنا الشخصي ومع كل احترامي لمشاعر الآخرين- بن لادن مجرم انتهى الأمر، القضية لا تحتاج إلى جدل أو نقاش، ولكن ما هو.. ما هي تفاصيل العلاقة بين الأميركان وبن لادن في فترة الغزو السوفيتي؟ لمَّا تطلع على التقارير الأميركية الموجودة الآن عن.. عن بن لادن تجدهم يوردون كافة التفاصيل من ميلاده إلى ذهابه إلى أفغانستان للجهاد، ثم تنقطع التفاصيل وتعود مرة ثانية بعد انتهاء الغزو السوفيتي، فهناك فترة.. فترة الاتصال، بل فترة التربية الفكرية لبن لادن، هي الفترة التي كان تحت الرعاية الأميركية المباشرة…

محمد كريشان[مقاطعاً]: هو سئل مرة، سئل مرة عن هذا الموضوع اعتبره من باب التقاء المصالح في.. في.. في الصراع ضد الروس، وليس بالضرورة مؤشر على العمالة، أو التواطؤ، أو التبعية.

محمد عبد القادر جاسم: إحنا.. إحنا ما نتكلم عن العمالة، ولكن من.. من حوَّل بن لادن إلى آلة؟ هم الأميركان في استخدامهم له داخل أفغانستان، وكل تقاريرهم على العموم، كل تقاريرهم تشير إلى أن بن لادن مجرد ممول للإرهاب وليس فاعل في الإرهاب، ليس منفذ للإرهاب، القضية الرئيسية أن الإدارة الأميركية أو الشعب الأميركي، والعالم كله فوجئ، صدمنا جميعاً بما حدث يوم الثلاثاء الأسود، ولكن الحرب التي تدور الآن تم التخطيط لها في أجواء عاطفية مشحونة، والشعب الأميركي الآن 79% يتوقعون سقوط نظام طالبان، 62% من الشعب الأميركي يعتقدون أنه سوف يتم اعتقال بن لادن، ماذا سيحدث لو لم يسقط نظام طالبان؟ ولم.. ولو لم يعتقل بن لادن؟ الأميركان الآن في هذه المرحلة في ورطة، في هذه المرحلة هم في ورطة، والسبب لذلك.. سوف يزداد الضغط علينا على الدول العربية بشكل عام، فالقضية لا نريد أن ندخل في جدل، من بدأ الحرب؟ من بدأ التوجيه الديني لهذه الحرب؟ إذا.. إذا نبغي نتناقش مع الأميركان فلنسأل سؤال رئيسي: من كان يرعى الإرهاب؟ الحكومات العربية رعت التيار الإسلامي في كافة الدول العربية بمساعدة أميركية للقضاء على المد الشيوعي، المد اليساري، بمساعدة أميركية، الحكومة الأميركية كانت تدعم التيارات الإسلامية وتستخدمها كدرع وقاية ضد النفوذ السوفيتي، الآن أميركا تحصد بعض ما زرعت.

محمد كريشان: نعم، يعني إذا.. إذا بقينا سيد إريك رولو في إطار النظرة إلى تطور المواقف العربية والدولية، السيد عزام التميمي أشار إلى أن السابع من أكتوبر كان منعرج، يعني كان هناك نوع من التعاطف لمأساة إنسانية جرت، ولكن بعد ما بدأت الحرب على أفغانستان، وأصبحت صور المدنيين تصل، وهنا تساؤل من السيد عصام حلمي حماد، من فلسطين، موجه إلى السيد إريك رولو تحديداً: مادمت تتحدث بصراحة، ألا ترى أنه من المخزي أن تنكر واشنطن ضربها الأخير للمدنيين؟ أعتقد أن.. عندما أصبحت الصور تطال المدنيين بالتحديد بدأ نوع من الاهتزاز يصيب بعض مواقف الدول وموقف الشارع، هل.. هل توافق هذا التحليل؟

إريك رولو: أكيد، يعني فيه النهاردة فيه آراء مختلفة في الغرب عن.. قصة الحملة العسكرية في أفغانستان، مش بس في العالم العربي والإسلامي، والرأي العام الأوروبي –أنا في نظري- تطور كثيراً منذ 8 أكتوبر، فيه تحفظات وتساؤلات كثيرة، كثير منها غير معلنة، يعني تشعر عن طريق المقالات أو عن طريق.. الاستفسارات الحكومات لا تقول شيء، ولكن إذا سمحت لي عايز أتكلم دقيقتين عن اللي باسميه "الجوانب الشاذة في هذه الحرب" أولاً من الناحية القانونية، نخلي الناحية الإنسانية فيما بعد، إحنا نعرف كلنا إنه ميثاق الأمم المتحدة يمنع التدخل في الشؤون الداخلية للغير، خاصة أي دولة مالها الحق إنه تقلب نظام الحكم في دولة أخرى مهما كان سيء هذا النظام، فالشيء العجيب والشاذ اليوم إنه الأمم المتحدة لا تنتقد، بل تؤيد الولايات المتحدة في حملة عسكرية هدفها الرسمي هو قلب نظام الحكم في.. أفغانستان، طبعاً أنا مثلك يا أستاذ محمد ما عندي أي عطف على الطالبان، ولكن بأقول هذا.. دي سابقة خطيرة، لأن في المستقبل الولايات المتحدة أو دولة أخرى ممكن تدخل في بلد وتقلب نظام، لأنه مثلاً إرهابي كذا وكذا وكذا، فأنا شخصياً بأقول: إن هذا شيء خطير.

تاني شيء: إحنا عندنا في الغرب حق اللجوء السياسي مقدس، يعني ما فيه حكومة غربية تقبل إن يسلم شخص إلا إذا حتى إذا.. إذا ثبت عليه إن هو.. يعني مُدين.. مدين.

محمد كريشان: مُدان.

إريك رولو: مُدان.

محمد كريشان: خاصة إذا كان ينتظره حكم إعدام يعني.

إريك رولو: آه، يعني أنا ماسمعتش في يوم من الأيام إن الولايات المتحدة سلمت أحد.. أحد المجرمين لأي دولة غربية مثلاً، فالشيء الشاذ إنه.. يطلب من دولة اسمها "أفغانستان" إنه تعمل إحنا.. إحنا الغربيين مش ممكن نعمله، حاجة شاذة لا.. لا غير مقبول يعني.

تالت شيء: الغريب الشاذ، إنه إحنا في حالة غريبة، أكبر دولة في العالم أعلنت الحرب على شخص اسمه "بن لادن" وعلى منظمة اسمها "القاعدة"، ما حصلش في التاريخ إنه دولة بالعظمة دي.. تعلن الحرب يعني، مثلاً في فرنسا مثلاً الحكومة الفرنساوية رافضة تستعمل كلمة حرب، تقول: قمع الإرهاب آه، ولكن رافضين إنه يستعمل اللفظ الأميركي اللي هو الحرب.

محمد كريشان: ممكن حملة؟

إريك رولو: ممكن نقول الحملة.. أي حاجة، بس أنا عايز ألفت نظركم لشيء مهم مادام تسألني عن الموقف الأوروبيين، أنا هأقول لك على موقف الاتحاد الأوروبي كله ككل، إنتوا بتتذكر إنه.. طلعوا آخر اجتماع في القمة طلعوا بيان ما فيه كلمة واحدة تأييد للأميركان بهدف قلب نظام الحكم في..، فيه تأييد بس للأميركان إنه يقبضوا على المسؤولين عن الأعمال الإرهابية في 17.. في 11/9، يعني الدول الغربية –إنه.. مش عارف إذا الناس لاحظوا دي- رافضة إنه.. إنه الأميركان يكون لهم الهدف هو قلب نظام الحكم في طالبان، فده شيء مهم، ففيه تساؤلات كتيرة ممكن أتكلم عنها.. بسرعة، التساؤلات اللي ممكن تقراها في الصحف الفرنساوية مثلاً: إنه بيتساءل: الحرب دي هتدوم أيه، أيام، أسابيع، شهور، سنوات؟ وماذا يكون ردود الفعل إذا كثر عدد الضحايا الأبرياء، فيه تخوف في أوروبا، يعني.. ممكن الشعوب، مش هأقول المسلمين أنا، الشعوب تصطدم لما يشوفوا الصور في.. على شاشة (الجزيرة) بالذات يعني.

محمد كريشان: في.. في حين تجنبتها يعني شاشات أخرى يعني، وربما هذه أيضاً تثير تساؤلات.

إريك رولو: لأ بنشوفها، إحنا بنشوف، الحمد لله بنشوف (الجزيرة) في.. في فرنسا، وحتى إذا ماشفناش (الجزيرة) رأساً نشوفها عن طريق.. القنوات الفرنساوية.

تالت شيء: التساؤل الموجود في فرنسا في الأوساط الرسمية والأوساط الشعبية في الصحافة: ماذا يحدث إذا فشلت الحملة؟ إحنا ممكن يعني نضيفها دي، وإذا نجحت هل يمكن فرض حكومة على شعب مهما كانت الحكومة دي طيبة، أنا.. يعني حسب معلوماتي أي شعب ما بيقبل إنه بتيجي حكومة.

محمد كريشان: منصَّبة.

إريك رولو: من الخارج وتوافق عليها، حتى إذا كانوا ملايكة كلهم، فده مش معناه إن الأميركان هيضطروا إنه يبقوا في.. أفغانستان سنوات طويلة مثل ما بقوا في المنطقة بعد حرب الخليج، مثل ما بقوا في البلقان بعد حرب الكوسوفو، يعني هذه استيراتيجية أميركية أم لا؟ ده سؤال يعني هل فيه استيراتيجية أميركية سياسية مالها صلة ولا بالإسلام ولا بالإرهاب؟ لأنه منطقة أفغانستان دي.. مهمة جداً من الناحية الاستيراتيجية.

محمد كريشان: نعم، على كل تساؤل يعني عديدة يعني مطروحة خاصة بالنسبة للجانب الأميركي وسنراها مع ضيفنا من واشنطن.

[فاصل إعلاني]

حقيقة الاستراتيجية الأميركية في الحرب ضد أفغانستان

محمد كريشان: بالنسبة لضيفنا في واشنطن السيد مارك غينيس بيرج، السيد إريك رولو طرح مجموعة من التساؤلات، وهناك وجود لعدد كبير من الشكوك حول إلى أي مدى هناك استيراتيجية أميركية واضحة في هذه الحرب، سواء من حيث مدتها، سواء من حيث هدفها، ولو أن الهدف أيضاً يحتمل النقاش فيما يتعلق بقلب نظام الحكم في دولة من الدول، وإلى أي مدى يمثل سابقة؟ هل هناك استيراتيجية أميركية واضحة لهذه الحرب؟

مارك غينيس بيرج: نعم، هناك استيراتيجية واضحة، وأنا أفهم إنه بعد ستة أسابيع، لم نتوقع أن نكون في هذه.. في هذا النزاع، وأعتقد أن هناك أسئلة جادة في العالم العربي يثيرها أصدقاؤنا في العالم العربي، لأنهم حلفاؤنا في ذلك كما نأمل، الهدف على ما أعتقد واضح، الشعب الأميركي عانى خسارة فادحة على أيدي الإرهابيين، ونحن ينبغي علينا أن نجد الطريقة المثلى لإنهاء التهديد الإرهابي ضدكم، وضد منطقتكم، وضد.. الناس في أوروبا وفي الولايات المتحدة، إذاً الهدف الأول هو تدمير تنظيم القاعدة،وقد يستغرق ذلك أشهر أو سنوات، ولكننا سنفعله، ولن يكون هناك يوم سلام للذين يؤيدون الإرهاب.

الهدف الثاني: هو بعد أن تخلص.. وانتهاء من تنظيم القاعدة في أفغانستان فنتوقع من الولايات المتحدة أن تساهم في.. في حل الأضرار التي لحقت بسبب تنظيم القاعدة، وكذلك حكومة طالبان، وأود هنا أن أذكركم إن حكومة طالبان ليست حكومة معترف بها دولياً، وإنها ليست سوى مجموعة من الناس الذين استولوا على الحكم، والذين استخدمهم بن لادن، ووظفهم بن لادن وتنظيم القاعدة، إذاً هم ليسوا حكومة معترف بها من قبل الولايات المتحدة، ومهم للأمم المتحدة أن تتدخل، وبعد الانتهاء من هذا الصراع أن تعيد إلى السلام والاستقرار إلى الشعب الأفغاني الذين لم يروا يوم سلام منذ الغزو السوفيتي قبل أكثر من عشر سنوات.

والهدف الثالث: هو أخذ هذا الصراع إلى بلدان أخرى تقوم بإيواء تنظيم القاعدة، ونحن نعرف على سبيل المثال إن هناك عناصر من القاعدة في الفلبين وفي أماكن أخرى في جنوب آسيا، وعلينا -وبالتعاون مع حلفائنا في آسيا- أن ندمِّر هذه العناصر أينما كانوا، هذا هو هدفنا الأول على صعيد العالم أجمع.

هدفنا الثاني على صعيد العالم أجمع هو ضمان أن هذه الحكومات التي تؤوي الإرهابيين لن.. لن يسمح لهم أن يفعلوا ذلك بعد الآن، ولو استمروا في دعم الإرهاب فإنهم ضدنا، ويجب عليهم أن يدفعوا الثمن، زميلي في لندن ربما يوحي بأن هذا قد يجعل سابقة بتدخل الأمم المتحدة في ذلك في تغيير الحكومات، لنعد إلى أسس الأمور وقواعدها، القضية من حيث الأساس هي مجموعة من الإرهابيين قتلوا الآلاف من الأميركيين، وواجبنا الثاني هو التعامل، واجبنا الأول التعامل معهم، وثانياً: التعامل مع الإرهابيين في كل أنحاء العالم، وليس في الشرق الأوسط فقط، الحكومة الفلبينية -على سبيل المثال- تدرك أن هناك تنظيم قاعدة على أراضيها، والحكومة الألمانية تدرك إن تنظيم أو شبكة القاعدة في أراضيها، وهناك تنظيم قاعدة يعمل داخل الولايات المتحدة، ونحن نعلم إن أعضاءً في القاعدة لا يزالون في الولايات المتحدة ولو انضمت هذه الحكومات إلينا في المساعدة على إنهاء الإرهاب والشبكات المساعدة للإرهاب التي بناها الإرهابيون فإننا حين ذاك نحقق أهدافنا، إذاً إنه ليس صراعاً ضد الحكومات، ولكنه ضد الذين يأوون الإرهابيين سواء كانوا طالبان أو الحكومات الأخرى التي ترفض فعل ما (هو) ضروري عليها أن تفعله ضد الإرهاب.

هدفنا الثالث –على ما أعتقد- هو إعادة التعاون والحوار مع.. والتفاهم مع أصدقائنا في العالم العربي، فهناك الكثير من العرب الذين غير راضيين عن سياسة أميركا تجاه إسرائيل، وكذلك حول القوات الأميركية المتواجدة في السعودية أو لأنهم يرون إننا تجاهلنا تطلعات الشعب.. الشعوب العربية في.. الحصول على الديمقراطية، ومن واجبنا الدخول في حوار حقيقي وعلى الأميركان أن يفهموا أسباب.. التي تجعل الناس في منطقتكم لا يتفقون مع سياستنا الخارجية، نحن لسنا بلا عيوب، ونعترف بأخطائنا، ولكن إحدى الأشياء التي نعترف بها هو الحاجة إلى الديمقراطية، إلى مزيد من الديمقراطية في المنطقة، مقابل العلاقات التجارية التي لنا مع هذه المنطقة، وفي المقام الثاني نحن بحاجة أن نعيد إلى العالم العربي شعوراً بالالتزام بأن الحكم.. الحكومة الأميركية والشعب الأميركي يريدوا للعرب أن يروا فوائد الديمقراطية والرخاء الذي نتمتع به، وهذا يتطلب التزاماً كبيراً من جانب الإدارة الأميركية لإعادة الطبيعة إلى هذه العلاقة.

محمد كريشان: سيد بيرج، سؤال ورد إلينا من محمود التكريتي من الإنترنت، المشاركة رقم 30، يوجِّه السؤال إليكم بهذا الشكل: أن عدم الوضوح الأميركي أمام الشعب الأميركي، وعدم السماح لعدوكم أسامة بن لادن بمخاطبتكم عبر وسائل الإعلام الأميركية أضاع الأميركيون.. فقدتم تأييد أصدقائكم من خلال هذه السياسة بعد أن لمسوا –كما قال- ولأول مرة ضعف الأداء الأميركي، كيف تردون عليه؟

مارك غينيس بيرج: أنا أفهم هذه النقطة، ولكن اسمعوني: أعتقد إن من المهم أن تعلموا إننا كأميركان نفهم إننا لن يكون بمقدورنا شن هذه الحرب بمفردنا، ونحتاج في المقام الأول وقبل كل شيء إلى فهم أصدقائنا العرب بأنه هذه ليست صراعاً موجَّهاً ضدنا فقط، ولكن ضد الذين يريدون رؤية الرخاء والديمقراطية في المنطقة أيضاً. بن لادن لا يتحدث باسم العالم العربي –كما أأمل- ولأنه لم يتحدث سابقاً باسم الشعب الفلسطيني على مدى 48 عاماً الماضية، وقد رفض الرئيس عرفات تكلمه باسم الفلسطينيين، وهناك الكثيرين في العالم العربي الذين لا يبالون بوجهات النظر التي عبر عنها، ولكنني لا أرى أنه يوجد في القرآن أو أي.. أو كتاب آخر قرأته بالعربية في الشرق الأوسط من خلال علاقة تستمر أربعين عاماً مع العالم العربي، بحيث يوحي بأن بأنه.. لأنه لم يسمح لن لادن بأن.. تسمع آراؤه فله الحق أن يمارس الإرهاب، القرارات التي جعلته ينهمك في أعمال إرهابية كهذه ضد الغرب ليس لأنه لم تتح له الفرصة أن تسمع آراؤه، وفي الحقيقة المحاججات التي يثيرها ضد الولايات المتحدة، ولنعددها واحدة بعد أخرى، الأولى: الادِّعاء بأن الشعب الأميركي يجب أن يعاقبوا، لأنهم وضعوا قوات عسكرية في السعودية، وأود هنا أن أذكر إن الشعب.. الحكومة الأميركية لم تطلب أبداً وضع هذه القوات في السعودية، ولكن تم وضعها بناءً على طلب من السعودية…

محمد كريشان[مقاطعاً]: يعني.. يعني.. سيد . سيد بيرج، أنا.. يعني أنا آسف.. أنا آسف –يعني- لمقاطعتك يعني لا نريد أن.. أن نتفرع كثيراً في هذا الموضوع يعني للرد على حجج بن لادن بالتفصيل، يعني لو سمحت، نريد أن ننتقل إلى لندن، يعني سيد عزام التميمي ينتظر منذ فترة، لنأخذ رأيه خاصة فيما يقال من أن الدول المحيطة بأفغانستان وأساساً باكستان سيكون لها دور كبير في تحديد مجرى الحرب إذا ما عدلت مواقفها، هل هذا أمر وارد؟

د. عزام التميمي: طبعاً أظن أنه وارد، وخاصة أن الشعب الباكستاني –كما سمعنا وعلمنا- بمجمله يختلف مع الموقف السياسي الباكستاني، الحكومة الباكستانية أمامها مشكلة أخرى أيضاً، هي تريد أن يكون لها يد في نصب نظام تتوافق معه في كابول، وهذا سبب مشكلة للأميركان، أن التحالف الشمالي ليس مرغوباً به من قبل حكومة باكستان، وفي نفس الوقت الحكومة الباكستانية تشعر أنها مضطرة للتجاوب مع المطالب الأميركية، نحن لا نعرف الصورة كاملة فيما يتعلق بالمصالح التي تريد أن تحققها أميركا –كما يدعى من كثير من المحللين- من وجودها العسكري في أفغانستان، ماذا سيكون نصيب باكستان من.. الموارد التي ستضمن الولايات المتحدة الأميركية بوجودها هناك أن تتجه باتجاهها وتصب في خزينتها؟ الباكستان الآن.. وكأنها تجلس على فوهة بركان، وهذا البركان بدأ بالغليان منذ السابع من أكتوبر، وأنا أظن أن (مشرف) الذي صفق له الباكستانيون أو بعض الباكستانيين حينما جاء إلى الحكم وأزاح (نواز شريف) الآن لا يجد كثيراً من المصفقين له ولا حتى من داخل النظام الباكستاني نفسه، ولذلك قام بعمليات تطهير داخلية حتى يقوي من جبهته ويمنع أي محاولة للنيل منه، يضاف إلى ذلك أن هذا الكم الهائل من اللاجئين الذي يتدفق إلى الباكستان هو عبء اقتصادي واجتماعي وأخلاقي هائل، لا تستطيع أن تتحمله الباكستان، الباكستان.. حكومة الباكستان أدخلت البلاد في ورطة ليس من السهل الانسحاب منها حالياً، خاصة وأن قوات أميركية برية موجودة الآن على الأرض الباكستانية، وربما تستغل الأراضي الباكستانية لمزيد من الهجمات البرية إلى داخل أفغانستان.

محمد كريشان: نعم، وعلى كل مثلما الموضوع الباكستاني سيكون محدد في طبيعة المواقف للدول المحيطة بأفغانستان ومدى تأثير ذلك على العمليات العسكرية.

هناك أيضاً عنصر آخر يتعلق بالعامل الفلسطيني، وهناك الآن تحركات عديدة يقوم بها رئيس الوزراء البريطاني (توني بلير) فيما يتعلق بسعي لإيجاد تسوية معينة بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس أن هذه التسوية ستكون عامل محدد وهام في ضمان حد أدنى من التناغم السياسي لإنجاح الحملة العسكرية ضد أفغانستان، وهو الموضوع الذي سنحاول أن نبحثه مع ضيوفنا.

[موجز الأخبار]

القضية الفلسطينية وأثرها على الحملة العسكرية على أفغانستان

محمد كريشان: سيد إريك رولو، سيد محمد جاسم، يعني جزء كبير من الأسئلة التي وصلتنا عبر الإنترنت، وهذا يبدو أصبح نمط من التفكير في الساحة العربية وهو دائماً ربط دائماً ما يجري.. بفلسطين، يعني مثلاً على سبيل الذكر لا الحصر. وائل أبو السعود، من مصر وهو صحفي، يقول: تساءل مستشار الرئيس (كارتر) السابق: لماذا لا يتعاطف معنا العرب؟ وأنا أسأله: لماذا لا تتعاطفون مع القتلى الفلسطينيين وتكيلون بمكيالين، تسمون بن لادن "إرهابي"، فماذا تسمون (شارون)؟

السيد نبيل، وهو معلم من العراق، يتساءل أيضاً تقريباً نفس السؤال، ويتساءل على الموقع أفغانستان الاستراتيجي والحسابات الاقتصادية.

السيد علا.. السيد محمود التكريتي كان له أيضاً نفس السؤال، وعدد من التساؤلات، هل تعتقد سيد إريك رولو أن التحركات البريطانية الحالية أساساً والحديث عن ضرورة تسوية المسألة الفلسطينية، تلويح (بوش) بالدولة الفلسطينية، تأييد (توني بلير) لذلك، هل هي تتويج طبيعي للأزمة الحالية بين الفلسطينيين والإسرائيليين أم لها علاقة بما يجري في أفغانستان وضرورة ضمان الانسجام في المواقف العربية والإسلامية؟

إريك رولو: أنا في رأيي لها علاقة مباشرة بالحملة العسكرية في أفغانستان، وإلا ما كانوش هيتحركوا بهذا الشكل، بس مع الأسف أنا من رأيي إنه الأميركان والإنجليز ما بدهم حل المشكلة، بدهم تهدئة الموقف، وده شيء بيختلف، هم بيفتكروا إنه إذا هدوا الموقف في فلسطين بدون حل إنه تأييد البلاد العربية هيستمر، على كل حال البلاد العربية كلها تقريباً –أظن الأستاذ محمد قال لنا –بتنتقد الموقف الأميركي، يعني ما فيه تأييد، حتى أنا بأشك إنه فيه حاجة اسمها "ائتلاف" ائتلاف أثناء حرب الخليج كان ائتلاف حقيقي، بلاد اشتركت في الحرب وبجنود وبأسلحة، النهاردة مين بيشترك في هذه الحرب؟ ما.. فيه أوروبا باستثناء..

محمد كريشان: إنجلترا.

إريك رولو: إنجلترا ما فيه بلد بتشترك في الحرب، يعني فرنسا قدمت بعض المساعدات الرمزية.. ما فيه شيء، البلاد العربية عايزين إيه من البلاد العربية؟ بدهم يستعملوا القواعد اللي عندهم، بس مش طالبين شيء آخر، دي حرب أميركية مش حرب ائتلافية، ومع الأسف بأعيد بأرجع على قصة فلسطين، بعد.. عايزين التهدئة بس مش.. الظاهر مش فهمانين الأوضاع، أنا كنت في فلسطين وشايف.. الغضب عند الفلسطينيين يومياً.. اللي بيسموه شارون بيسميه "اغتيالات محددة الهدف" مش عارف اسمها إيه، يعني مش معقول.

محمد كريشان: القتل الانتقائي.

إريك رولو: الانتقائي، فأنا شخصياً يعني بأشك إنه بيقال عن مشروع (ميتشل) هذا إنه ينجح، مش ممكن ينجح، لأنه عايزين يتفاوضوا، وكله كلام عام، أنا كنت باستمع إلى (بلير) إمبارح في التليفزيون قال: بدنا.. بدنا حل عادل، إحنا بقى لنا 35 سنة سامعين كلمة عادل، معناها أيه؟ ليش ما يقولش بصراحة: بدنا تطبيق قرارات الأمم المتحدة؟ تكون واضحة، كله كلام عام، (بوش) يقول لك: بدنا إحنا نفكر في حاجة اسمها "فلسطين" فلسطين معناها إيش؟ فين الحدود فلسطين دي؟ وصاحبنا (شارون) بيقول: عايز يتفاوض، هو أظن فيه شيء يخاف منها أصلاً هو التفاوض، لأنه.. هينكشف، لأن هو.. أيه.. إحنا عارفين سياسته بده يرجع 42% من.. من الضفة الغربية.

محمد كريشان: أعلنها يعني.. صراحة.

إريك رولو: أعلنها، فإذا هيبدأ يتفاوض هينكشف، لأن هو مش مش جاد في ده، فالحال –أنا في رأيي- خطيرة وممكن.. تتطور إلى أشياء سيئة جداً في المنطقة.

محمد كريشان: يعني.. التهدئة وليس الحل، أعتقد بأن إذا كانت التهدئة ستأجج المشاعر العدائية ضد الحملة أكثر منها ستخفف يعني برأيك؟

محمد عبد القادر جاسم: لأ، أنا أعتقد يعني محاولة الربط في التأثير محاولة.. هي من قبيل التعليق على نتايج، هو واقع الأمر الربط بين الأحداث كلها هو المنطق الأسلم، بمعنى.. ما يجري في المنطقة العربية بشكل عام ليس في فلسطين بالتحديد، الإدارة الأميركية بحاجة إلى مراجعة سياساتها في المنطقة العربية، بحاجة إلى مراجعة الانفتاح ناحية دعم أو دفع الدول العربية للانفتاح ناحية الديمقراطية أساساً.

محمد كريشان[مقاطعاً]: وهذا أشار إليه كثير من المشاركين في الإنترنت.

محمد عبد القادر جاسم[مستأنفاً]: الإدارة الأميركية بحاجة إلى موقف واضح وداعم لعملية السلام في الشرق الأوسط، الفلسطينيون قدموا على مدى التاريخ الثلاثين سنة أو أكثر الماضية قدموا الكثير من ما يمكن تسميته "بالتنازلات"، ولم يحصلوا في المقابل على شيء، قضية التأثير المتوقع لما يدور الآن على التسوية، إسرائيل دائماً تعمل وفق أجندة خاصة فيها، إسرائيل لا تعمل وفق الأجندة الدولية، لا تتأثر بالأحداث بالدولية، ماذا حدث بعد حرب تحرير الكويت مثلاً؟ وماذا يحدث الآن؟ القضية انفصال إسرائيل بشكل أساسي عن مجريات أحداث العالم، تسعى دائماً القيادة الإسرائيلية للاستفادة مما يدور في العالم، فشارون الآن يسعى إلى فرض الأمر الواقع، يستغل الغفلة العالمية وانتباه العالم بأجمع ناحية أفغانستان ويمضي في سياساته، فقضية التأثير أو الربط بهذه الصورة ما.. ما.. ما أعتقد أن هناك فرصة، لكن طالما إن إحنا أشرنا إلى فلسطين، نحن نحتاج إلى فتح حوار أوسع مع.. مع الإدارة الأميركية أو مع الشعب الأميركي تحديداً، شوف المتناقضات عندنا، في الوطن العربي الإنسان العربي، المواطن العربي -إلا فيما ندر- لا يشارك في صياغة سياساته الداخلية، ويتاح له الاحتجاج فقط على السياسة الخارجية الأميركية، المواطن الأميركي لا.. لا يعلم أين تقع أفغانستان، ولا ولا أيضاً في فترة حرب تحرير الكويت.

محمد كريشان [مقاطعاً]: ممكن الآن بعد الحرب ممكن يعرف ممكن يعرف الآن.

محمد عبد القادر جاسم [مستأنفاً]: ما كان يعرف وين.. وين تقع الكويت، فالمواطن الأميركي مهمل إهمال شديد للسياسة الخارجية الأميركية أو متابعتها، وبالتالي الإدارة الأميركية…

محمد كريشان [مقاطعاً]: المرة هذه ربما الأمر مختلف، لأن الحرب رد على شيء وقع في.. في بلدهم.

محمد عبد القادر جاسم: الاختلاف.. الاختلاف وين حصل؟

محمد كريشان: فبالتالي.. أكيد يعرفون أفغانستان أين تقع في الخارج.. مجبرون.

محمد عبد القادر جاسم: لأ أنا.. أنا أقول لك الاختلاف، أنا أقول لك الاختلاف وين حصل، إن هم يعرفون وين (مانهاتن) ووين البنتاجون، ما كانوا ما هم محتاجين إلى خريطة للتعرف عليه، لو صار فيه مزيد من الانفتاح في الوطن العربي، مزيد من الحرية ولو انتبه المواطن الأميركي لسياساته الخارجية لما انفردت الإدارة الأميركية بعيداً عن الأعين في التلاعب في العالم في إدارتها المنفردة الآن، فمزيد من الاهتمام في السياسة الخارجية من قبل المواطن الأميركي، ومزيد من الانفتاح في الوطن العربي يحقق معادلات أفضل بكثير للمنطقة ويفرض السلام، لأن إسرائيل سوف تجبر في مرحلة لاحقة على العمل وفق الأجندة الدولية، وليس وفق أجندتها الخاصة.

محمد كريشان: نعم، سيد إريك رولو، يعني بالنسبة للموقف الأوروبي، هل تعتقد بأن هو أكثر تقدم من الموقف الأميركي في هذه المسألة تحديداً؟ وربما أوروبا تعتقد بأن الآن الظرف مواتي لإغلاق الملف الفلسطيني الإسرائيلي بشكل جيد حتى يصبح الموقف الدولي أكثر انسجاماً، وخاصة التناغم الأوروبي الأميركي يصبح أكثر منطقية، هل.. هل هناك تصور بهذا الشكل؟

إريك رولو: فعلاً، أظن.. عند الحكومات وفي الرأي العام الأوروبي بشكل عام متفقين على هذا، بدهم حل نهائي وعادل للقضية، بس مع الأسف أوروبا منقسمة، يعني الحكومات منقسمة على نفسها في بعضها بعض الحكومات لا تصرح.. تصرح بهذا، لأنه بيأيدوا الحكومة.. السياسة الأميركية وما بدهم يعني يختلفوا مع الأميركان بس ما فيه شك إنه حكومة فرنسا بتختلف عن كل الحكومات الأوروبية، إحنا عارفينها، وزير الخارجية بتاعتها (روبير رودريف) واخد أخذ مواقف يعني قوية جداً في الأيام القليلة الأخيرة، وطالب هو حل نهائي للمشكلة وتطبيق قرارات الأمم المتحدة، وكذا وكذا، ولكن مع الأسف يعني من يستمع إليه؟ مع إن الحكومات الأوروبية متفقة معاه ما فيش شك، بس هو الوحيد اللي يستجري إنه يقف ويقول ويعمل تصريحات قد.. الأميركان لا يتفقوا معاه.

أنا في نظري إنه يمكن كمان المسؤولية على أكتاف العرب، لأنه الجامعة العربية نفسها، ككل.. البلاد العربية، إذا كانوا خدوا موقف موحد، وده أسهل عليهم من.. عندنا، يمكن إحنا الأوروبيين.. إذا إذا العرب خذوا موقف موحد يمكن الأوروبيين هيمشوا من نفس الاتجاه، ياخدوا موقف.. عشان يحلوا المشكلة مش بس عن طريق الأميركان، لأنه الأميركان -يعني مع الأسف- ما عندهم القدرة، وإحنا شايفينها من 35 سنة، ما عندهم القدرة إنه يحلوا المشكلة، يجب إن المشكلة تحل في إطار الأمم المتحدة مع تأييد الأوروبيين وتأييد العرب.

محمد كريشان: نعم، على كل الحديث عن المسألة الفلسطينية هنا هو أساساً في سياق الحديث عن ترضيات معينة لجعل الحرب على أفغانستان تكون بشكل أفضل، والحرب على الإرهاب -كما يوصف في واشنطن- يكون بأسلوب أنجع، سنحاول أن ننظر فيما إذا كانت هناك ترضيات أخرى ستجبر عليها واشنطن لضمان موقف دولي أكثر انسجاماً مع موقفها، وسننظر أيضاً فيما إذا كانت هناك مفاجآت قد تبدو بشكل غير متوقع.

[فاصل إعلاني]

مستقبل الحرب وما يمكن أن يحدث من مفاجآت

محمد كريشان: سيد بيرج، هل تتوقعون مفاجآت ما ربما تربك واشنطن أكثر في الحرب الحالية؟

مارك غينيس بيرج: أعتقد أنه ستكون هناك بعض المفاجآت فقبل أيام تحدث وزير العدل وأعلن تحذيراً للشعب الأميركي بأن يلتزموا الحيطة والحذر، وواضح أن الشعب الأميركي يشعرون بعدم الفهم لما يجري نوعاً ما، وهناك تهديدات توجه ضدهم، ويريدون الاستمرار في حياتاهم بشكلها الطبيعي وكانت ليلة الأمس عيد الـ (Halloween) الذين ربما أصدقائنا في العالم العربي لا يفهمون معنى ذلك، ولكن الأطفال الأميركيين مارسوا نشاطاتهم العادية التي يمارسونها في مثل هذا العيد والمفاجأة التي ينبغي أن نتطلع إليها ونتوقعها هو إن هناك رغبة حقيقية… لدى الشعب الأميركي للوصول إلى الشعب العربي من المغرب إلى الدوحة وإلى الشعوب الأخرى والدخول في حوار مع العالم العربي، وأقترح هنا إقامة هيئة جديدة تتولى فتح قنوات لهذا الحوار.

أما ما يخص الكلمات الأخيرة حول المفاجآت التي سألتم عنها، فأعتقد أن هناك.. لن تكون هناك مفاجآت حول الكيفية التي نشن فيها هذه الحرب،.. بل أعتقد أن ربما هناك ستكون هناك ليالي أخرى سيمضيها أعضاء الشبكات الإرهابية وهم قلقون ويعتقدون أنكم سترون الولايات وهي سوف ترى.. تنقل خط المرحلة الثانية من هذه الحرب التعامل مع الإرهابيين.

محمد كرشان: نعم، سيد عزام التميمي في لندن، هل من مفاجآت تراها في المستقبل؟

د. عزام التميمي: لا مفر من المفاجآت يعني هذه حرب ظالمة تشنها الولايات المتحدة الأميركية، والساسة الأميركان والساسة البريطانيون أيضاً يتصرفون بشكل أبعد ما يكون عن الحكمة، إذاً سينتج عن هذه السياسة تخبط وقد شهدنا بالأمس توني بلير يريد أن يحل مشكلة الشرق الأوسط من خلال الذهاب إلى دمشق، والطلب –كما فهمنا- من الرئيس بشار الأسد أن ينهي وجود من يعتبروهم إرهابيين أو منظمات إرهابية، هذه التصرفات هذه السياسة الحمقاء ستؤدي إلى مفاجآت لن تسر لا الأميركان ولا البريطانيين، أضيف إلى ذلك أيضاً أن هذه المعركة هي أشبه ما تكون بمائدة اجتمع عليها مجموعة من اللئام، الآن الروس يريدون قطعة منها، الصينيون يريدون قطعة منها كل من دخل في هذا التحالف يريد من الولايات المتحدة أن تدفع له ثمناً في المقابل، والولايات المتحدة لن تتمكن من إرضاء الجميع، الولايات المتحدة عليها الآن أن تفكر بمنحى آخر، لماذا تريد أن تحل مشاكل العالم؟ فتترك العالم وشأنه، يعني سألني أميركي.. صحفي أميركي يقول لي: ماذا تريدون؟ تريدون أن نعطيكم دولة في فلسطين؟ تريدون أن نخرج من السعودية؟ تريدون كذا تريدون كذا، قلت له لا اتركونا في حالنا، نحن نحل مشاكلنا.

محمد كريشان [مقاطعاً]: نعم، سيد.. سيد عزام سيد عزام، نعم سيد عزام أيضاً نحن لا نستطيع أن نرضي الجميع، لدينا أقل من أربع دقائق لإنهاء البرنامج، السيد محمد جاسم.

محمد عبد القادر جاسم: يعني إذا الحديث عن المفاجآت أنا أخشى أن تتطور الأوضاع داخل الدول العربية خاصة مع رمضان وتحدث اضطرابات داخل هذه الدول العربية، هذه هي المفاجأة الرئيسية، المفاجأة الأخرى أو ما هي مفاجأة، هي توقع بالنسبة لي: أن يستمر الفشل الأميركي في اصطياد بن لادن أو في إحداث نتيجة رئيسية فيتم تحويل مسار العمل العسكري فجأة لأيضاً إرضاء الشعب الأميركي.

محمد كريشان: سيد إريك رولو، هل هناك خوف حقيقي من مستنقع أفغاني قد تتورط فيه واشنطن؟

إريك رولو: ما فيه شك، الأفغان شفناهم إنه حاربوا السوفييت و ناس أكيد وطنيين حتى إذا مع طالبان أو ضد طالبان هذا الشيء ثانوي، الشعب البشتون اللي همَّ حوالي نص الأهالي من أصل بشتون قد لا يقبلون –إنه زي ما قلت –إنه يفرضوا عليهم حكومة غير حكومتهم، ممكن يعني طالبان، حتى إذا خرجوا من كابول إنه يستمروا في الصراع عن طريق الـ (guerrilla) يعني في الجبال.

محمد كريشان: حرب العصابات..

إيريك رولو: ودي معناها داخلين إحنا بقى حرب سنوات أمامنا يعني، الروس.. خدوا.. يعني كان لازم عشر سنين علشان طرد الروس، يمكن الأميركان هيدخل هناك عشر سنوات كمان.

محمد كريشان: هل.. هل أوروبا يمكن أن تلعب دور في كبح جماح الولايات المتحدة أو أن تجد لها مخرجاً ما إذا ما سارت الأمور بهذا الشكل المخيف ربما؟

إريك رولو: هذا في الظروف دي صعب جداً لأنه –زي ما قال الأستاذ محمد- الأميركان محتاجين إلى إرضاء الرأي العام بتاعهم لازم يوصلوا إلى نتيجة من النتائج، إذا ما وصلوا تبقى هيستمروا حتى إذا أوروبا ضغطت عليهم، مش لازم ننسى إنه كان هدفهم هو قلب نظام الحكم في العراق وفشلوا، ما ممكن يعني يستمروا في الفشل، هيفقدوا مصداقيتهم وأساس أي دولة كبيرة هي المصداقية مش غير كده، فالحالة تكون خطيرة يعني يمكن يعملوا عمليات يعني تكون غير معقولة، وزي ما قال الأخ محمد، أنا برضو متخوف إن التطورات داخل البلاد العربية، ممكن تؤدي إلى اضطرابات في باكستان بلاش العرب، يعني هأدخل باكستان..

محمد كريشان[مقاطعاً]: إذاً.. إذاً في هذه الحالة الرأي العام هو الذي يحدد إلى حد كبير وتيرة الأحداث يعني؟

إريك رولو: وفيه عنصرين، يعني إذا ضربوا أفغانستان أيام رمضان، وأنا شايف ده استفزاز يعني شنيع، فدي ممكن تهيج الرأي العام العربي والإسلامي فدا شيء، وتاني شيء إذا شفنا كمان إنه بيقتلوا في ضحايا ناس مالهمش صلة ولا بطالبان ولا بالسياسة، يقتلوا الناس، ما فيه شك حتى الرأي العام الأوروبي لا يقبل هذا.. لا يقبل هذا.

محمد كريشان: نعم، شكراً جزيلاً لضيوفنا الأربعة في هذه الحلقة من (أولى حروب القرن)، نشكر بالطبع في الاستديو السيد إريك رولو (الكاتب الفرنسي والدبلوماسي الفرنسي السابق أيضاً)، السيد محمد عبد القادر جاسم وهو (رئيس تحرير صحيفة "الوطن" الكويتية ومجلة "النيوزويك" العربية)، وضيفينا خارج الاستديو من واشنطن السيد مارك غينيس برج وهو (مستشار في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر) ومن لندن السيد عزام التميمي وهو (مدير معهد الفكر الإسلامي في العاصمة البريطانية).

وبهذا مشاهدينا الكرام نصل إلى نهاية هذه الحلقة من (أولى حروب القرن)، حلقتنا المقبلة تأتيكم يوم السبت بإذن الله، وفيها أيضاً نسلط الضوء على جانب آخر من جوانب هذه الحرب التي توصف بأنها أولى حروب القرن، والتي بدأت، ولكن الكثير يتساءل أين تسير وكيف ستنتهي.

تحية طيبة وفي أمان الله.