بهجت أبو غربية
شاهد على العصر

بهجت عليان أبو غربية.. القضية الفلسطينية ج9

تواصل الحلقة الاستماع إلى شيخ المجاهدين الفلسطينيين بهجت عليان أبو غربية ليروي شهادته على أحداث القضية الفلسطينية، ما هي بدايات حركات الكفاح الفلسطيني المسلح, وكيف تم تكوينها؟

– أحداث معركة الكرامة ونتائجها وآثارها
– تصاعد التوتر بين الحكومة الأردنية والفدائيين

– اندلاع أحداث أيلول ونتائج اتفاق القاهرة

– مشروع الملك حسين ومسار طروحات التسوية

أحمد منصور
أحمد منصور
بهجت أبو غربية
بهجت أبو غربية


أحمد منصور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر حيث نواصل الاستماع إلى شهادة المناضل بهجت أبو غربية أبرز المناضلين الفلسطينيين خلال السبعين عاما الماضية. أستاذ بهجت مرحبا بك.


بهجت أبو غربية: أهلا وسهلا بك.

أحداث معركة الكرامة ونتائجها وآثارها


أحمد منصور: بدأت مراحل الكفاح المسلح بعد هزيمة العام 67 وكنت أنت عضوا في قيادة الكفاح المسلح الفلسطيني في الأردن، في بداية العام 1968 وتحديدا في مارس 1968 وقعت معركة الكرامة التي تعد من المعارك القليلة والنادرة التي انتصر فيها العرب على الإسرائيليين، ما هي الإرهاصات التي سبقت معركة الكرامة بالنسبة للعمل الفدائي؟


بهجت أبو غربية: قبيل معركة الكرامة يعني في شهر 2 كان في مؤشرات يعني أن النظام الأردني لم يعد راضيا عن وجود فدائيين، 1968 بداية الأمر شهر 2 / 1968 وحصل بعض تطويق لمواقع الفدائيين في الكرامة أو غيرها ومضت بخير يعني لكن طلب منا مثلا إحنا كان عنا قوات التحرير الشعبية جزء منها كان في كتيبة لجيش التحرير اسمها كتيبة القادسية كانت مؤسسة في العراق وكانت في الأردن دخلت وقت الحرب في 67 وكانت ملحقة بالجيش العراقي يعني مسؤولية قيادتها على الجيش العراقي، كنا آخذين جزءا منها للغور طلبوا منا من قيادة الجيش العراقي نسحب القوات على أساس أن الجيش العراقي أيضا مرتبط بالقيادة الأردنية، نسحب القوات هذه فالجيش العراقي كان يعني متعاونا وبدل ما نسحب القوات من الغور إحنا نزلنا ناس جديدة كمان فكان لمنظمة التحرير مباشرة مجموعة في الغور..


أحمد منصور (مقاطعا): عددهم كم تقريبا؟


بهجت أبو غربية: حوالي 120 شابا في الغور عند الكرامة يعني في الدرجة الأولى وكان في مواقع أخرى في المشارع وفي وقاص كان لنا كمان مواقع أخرى في الغور وكان في ذلك الوقت كل الفدائيين في الغور يعني مع أنه كانت لا تزال في البداية يعني في أول 1968 فكان هذا يعني مؤشرا مزعجا، على أي حال..


أحمد منصور: إيه السبب اللي يجعلك تقول الآن بأن النظام في الأردن لم يكن لديه رغبة في وجود المقاومة على أرضه؟


بهجت أبو غربية: كان في كثير من المؤشرات يعني وكان في تعبيرات يعني وكلمات خطب يعني كلمات تلقى واتصالات..


أحمد منصور: ممن؟


بهجت أبو غربية: من النظام يعني..


أحمد منصور: السبب إيه؟


بهجت أبو غربية: كان في شكوى من نوع من الإساءة للنظام العام والاعتداء على حريات الناس أو ما شابه ذلك وأنه في تسيب يعني في العمل الفدائي.


أحمد منصور: وهذا كان واقعا أم لا؟


بهجت أبو غربية: كان واقعا أنه كان في تسيب نعم لكن الحقيقة أنا كان في كثير من الأحيان يكون مدسوسا يعني ناس مدسوسين حتى يزيد التسيب ويتخذ ذلك مبررا.


أحمد منصور: لكن في النهاية لا بد للنظام من أن يحفظ هيبته وأن يكون هناك نظام واحد وليس نظامين.


بهجت أبو غربية: بطبيعة الحال يعني وجود قوتين مسلحتين في دولة واحدة أمر صعب ويحدث نوعا من الارتباك لكن كانت الظروف في ذلك الوقت قائمة يعني عدوان الـ 67 على الدول العربية وهزيمة الجيوش العربية كانت تضطر الحكام يعني أنهم يردوا بشكل أو بآخر وجاء العمل الفدائي نوعا من الرد لستر ماء الوجه يعني فكان في تأييد وكان الملك يقول إنه الفدائي الأول يعني لكن عمليا كان مثلما تفضلت أنه صعب على الدولة أن توافق على وجود قوتين عسكريتين في نفس البلد إنما كان في تقبل، الشعب متقبل والجيش الأردني متقبل لكن الدولة كدولة النظام كنظام يعني كان غير راض..


أحمد منصور: لو جئنا إلى معركة الكرامة باعتبارها من المعارك التي اشترك فيها الجيش الأردني بشكل أساسي ورئيسي مع قوات الفدائيين بالدرجة الأولى، في تصورك لماذا خططت إسرائيل لهذه المعركة؟


بهجت أبو غربية: أولا أحب أن أقول للجميع يعني إن معركة الكرامة يساء إليها ببعض التصريحات التي تقول إن الفدائيين وحدهم قاتلوا في معركة الكرامة أو التي تقول إن الجيش الأردني وحده قاتل، هذا غير صحيح، كانت معركة مشتركة ودما مشتركا.


أحمد منصور: هذا هو ما ذكره الفريق مشهور حديثة وكان هو قائد القوات العسكرية الأردنية التي دخلت المعركة وأدلى بشهادته وأذعناها على الناس جميعا.


بهجت أبو غربية: نعم لكن يعني شيء من التفاصيل حول الموضوع، كان عنا معلومات يعني قبل دخول الجيش اليهودي للضفة الشرقية بيومين أو ثلاثة أن هناك حشودا في أريحا وأنه إحنا مستهدفون وبالفعل يوم المعركة يعني من الساعة الخامسة صباحا بدأت القوات اليهودية تجتاز النهر من ثلاثة مواقع ثلاثة جسور، جسر سويمة، جسر الملك حسين، جسر دانية، ثلاثة جسور. وقوات مدرعة ومشاة وقوات مظليين تنزل على التلال خلف الكرامة فكان واضحا أن العملية عملية بوليسية وليست عسكرية بمعنى أنه مش مفروض أن نبعد هدول لا، الموضوع أن نطوقهم ونبيدهم أو نعتقلهم فأصبحت يعني معركة حياة أو موت واستماتوا الشباب يعني في الحقيقة وكنا مستعدين يعني ألغام كثيرة وقنابل يدوية كثيرة و RBG ضد الدروع كثيرة ودارت معركة حامية.


أحمد منصور: عدد الفلسطينيين كم تقريبا كان فيها؟


بهجت أبو غربية: يعني يصعب علي أن أقدر لكن..


أحمد منصور: أنت قلت كان في 120 شابا..


بهجت أبو غربية: تقريبا يعني إحنا قوات التحرير الشعبية كان عنا حوالي مائتي إنسان أو 150، كان فتح عندهم مش أقل من مائتين ثلاثمئة يعني وآخرون أحمد جبريل والشعبية وإلى آخره.


أحمد منصور: هل كان لهذه المعركة أن تنجح في صد الهجمة الإسرائيلية وتسبب الخسائر الفادحة في المدرعات وفي الأفراد وفي غيرها بدون تدخل الجيش الأردني ومدفعيته؟


بهجت أبو غربية: هو اللي حصل يعني أن إيقاع الخسائر الكبيرة في اليهود حصل من مدفعية الجيش الأردني يعني لكن كثيرا من المدرعات الدبابات دمرت بالـ RBG أيضا، الـ RBG سلاح يعني فدائيين السلاح ضد الدروع سلاح فعال يعني عالمي فيعني أرجع وأقول إنه كان الاشتراك مشتركا، لكن الملاحظة الهامة يعني أن اشتراك الجيش الأردني جاء بعد الساعة العاشرة.


أحمد منصور: الفريق مشهور حديثة يقول غير ذلك ويقول إنه لم ينتظر أوامر لإطلاق النيران وإنما بعد صلاة الفجر أبلغ من ضابط الاستطلاع عنده بأن هناك هجوما فأعطى أوامر بالإطلاق وإن عملية تدمير القوى الإسرائيلية كانت يعني إلى الظهر تقريبا كان الجيش الأردني والفدائيون تمكنوا من صد الهجمة بشكل أساسي..


بهجت أبو غربية: إلى الظهر صحيح لأنه لما يبدأ..


أحمد منصور: لكن وقف إطلاق النار يعني أو القتال توقف في الثامنة مساء تقريبا.


بهجت أبو غربية: طبعا طبعا.


أحمد منصور: لكن القول بأن الجيش الأردني الهجمة بدأت الساعة الخامسة والجيش الأردني لم يتدخل إلا بعد خمس ساعات معناها كان الجيش الإسرائيلي وصل إلى عمان إذا لم يكن الجيش الأردني قد تدخل.


بهجت أبو غربية: لا، الجيش الإسرائيلي كان محدد هدفه وواضح هدفه هو القضاء على الفدائيين.


أحمد منصور: كان خلال خمس ساعات استطاع أن يقضي على الفدائيين.


بهجت أبو غربية: ما استطاعش ما استطاعش..


أحمد منصور (مقاطعا): يعني أيضا..


بهجت أبو غربية: لكن عمليا قتل عددا كبيرا وأسر عددا كبيرا أما ما استطاعش أن ينهي المعركة خصوصا يعني في اللحظة الحاسمة تدخل الجيش الأردني. مشهور صديقي وأخي يعني، طبعا هذا الذي يقوله، أنا أفسر ما يقوله مشهور حديثة، للجيش الأردني كان في الغور يعني مش في المحاور في الغور كان في وحدات استطلاع في وحدات مراقبة هذه اشتبكت من البداية نعم وهذه الوحدات مش يعني ما عندهاش الإمكانيات أنها تصد هجوما، هذه تشاغل وتنقل معلومات للخلف، هذه اشتبكت من البداية صحيح لكن الاشتباك الحقيقي بالمدفعية وغيره اللي كان فعالا ومؤثرا -أنا يعني عايشين المعركة- الساعة العاشرة، هذه شهادتي على الأقل يعني وهذا الحكي يعني صار بيني وبين أكثر من مرة، صار أكثر من حوار بيني وبينه..


أحمد منصور: وهذه تناقض شهادة الجيش الأردني وربما كثير من المراقبين للمعركة أيضا يعني لا يتفقون معك لأن الجيش الأردني لو تدخل في وقت متأخر بهذه الطريقة ما استطاع أن يحقق نصرا في المعركة الوحيدة التي استطاع فيها الأردنيون والفلسطينيون أن يحققوا نصرا على الإسرائيليين.


بهجت أبو غربية: لا، لا، اللي ساعد الجيش الأردني أن اليهود كانوا كاشفين قواتهم للدروع ومش حاسبين حساب حد، لما بدأت المدفعية تقصف المدفعية مركزة المدفعية الأردنية في المحاور مدفعية يعني ثقيلة ومركزة على نفس الخط اللي فيه الجيش اليهودي فكان يعني القصف فعالا..


أحمد منصور (مقاطعا): أثر معركة الكرامة إيه على الفلسطينيين على الفدائيين على العمل الفدائي بشكل أساسي؟


بهجت أبو غربية: أول أثر الحقيقة أنه ارتفعت معنويات الناس رغم أنه كان في خسائر يعني عنا في قوات التحرير الشعبية أنا كان عندي 21 أو 23 شهيدا، في فتح كان حوالي 98 شهيدا، في الجيش الأردني يمكن أكثر العدد أنا لا أعرفه بالضبط يعني أما في عدد كبير يعني، فهذه رغم الخسائر كانت المعنويات مرتفعة، واليهود أسروا عددا كبيرا أيضا، المنطقة اللي طوقت من العمل الفدائي اللي هي نفس الكرامة تقريبا أنهوها اليهود لكن مع ذلك المعركة بسبب الإصابات اللي وقعت في اليهود بسبب طلبهم الانسحاب هم طلبوا الانسحاب.. طلبوا -عفوا- وقف إطلاق النار وما استطاعوا يسحبوا قواتهم وبعض هذا إلى بعد وقف إطلاق النار والعالم العربي يعني انتشى من هذه المعركة ارتفعت المعنويات أنه معناها هذا الجيش اليهودي مش جيش لا يقهر، لكن المشكل أن الجيش اليهودي وخطته، إحنا عنا ضابط من قوات جيش التحرير الفلسطيني وضع دراسة عن كل حروبنا مع اليهود تؤكد أنه في كثير من الحروب لم يجر اشتباك، اليهود يضربون بالطيران يضربون بالمدفعية ننسحب اما في الوقت اللي صار مثلا في العريش صار في الكرامة صار اشتباك، كل اشتباك والتحام بين الطرفين كنا نحن الذين نكسب.


أحمد منصور: يعني دائما أو كما يقول أحد العسكريين المصريين الجيوش العربية لم تتلق دائما أوامر بالهجوم وإنما كانت معظمها أوامر بالانسحاب أو كلها.


بهجت أبو غربية: أنا يعني أقول شيئا آخر أقول يعني ما عنديش تفاصيل التعليمات للجيوش وقياداتها..


أحمد منصور: الواقع، الواقع.


بهجت أبو غربية: على أي حال، اليهود يعني كانوا دائما يتفوقون بأنهم يأخذون الضربة الأولى يتفوقون بأن عندهم سلاح جو متفوق يتفوقون بأنهم عندهم تعبئة نظام تعبوي في خلال 48 ساعة يكون جيشهم ستين ألفا يصير نصف مليون أربعمئة ألف أو نصف مليون، فيصير عدد القوى البشرية أيضا اللي هي الميزة الرئيسية عند العرب معكوسا، عدد القوى البشرية اللي يرموها في الميدان أضعاف فيستطيع اليهود أن يهزوا الجيوش العربية ويجعلوها تنسحب.

تصاعد التوتر بين الحكومة الأردنية والفدائيين


أحمد منصور: بدأ التوتر على الساحة الأردنية ما بين قوات الفدائيين وما بين الحكومة الأردنية يتصاعد ووصل ذروته في شهر 11 أو 4/11/1968 حينما وقعت قضية أو مشكلة الطاهر دبلان.


بهجت أبو غربية: نعم.


أحمد منصور: ما هي الأخطاء -بشفافية- التي ارتكبها العمل الفدائي وأوصل بها الأمر إلى المواجهة مع النظام الأردني؟


بهجت أبو غربية: يعني أستطيع أن أقول إن النظام الأردني هو اللي كان حابب يشتبك مع العمل الفدائي، وأمري إلى الله..


أحمد منصور: كيف؟


بهجت أبو غربية: واتخذ من تنظيم طاهر دبلان حجة ومدخل مع أنه ثبت بالمحاكم.. لأن الطاهر دبلان قدم للمحكمة العسكرية وشهد عليه اثنان من تنظيمه كانا معتقلين شهدوا في المحكمة بأنهم كانا مخابرات أردنية مخابرات مدسوسين عند طاهر دبلان نفسه الذي اتخذ مبررا لإجراءات 4/11، 4/11 نزل الجيش الأردني إلى الشارع وفرض منع التجول وأطلق النيران بغزارة معظمها في الهواء لكن أطلق ناس في الوحدات أطلقت مدفعية..


أحمد منصور (مقاطعا): للحفاظ على هيبة الدولة التي بدأتم تهزوها.


بهجت أبو غربية: معلش الوسيلة بتختلف يعني إحنا ما كان معنا مثلا كقيادة كفاح مسلح أي بحث في الموضوع، في ليلتها بالذات جابوا ناس من فتح أبو إياد وآخرين يمكن ياسر عرفات أيضا قالوا لهم نحن بدنا نعمل عملية ضد طاهر دبلان أنتم مش مقصودين وأنتم الفدائي الشريف وهذا فدائي مش شريف، لكن لما بدأ التحرك العسكري أكبر عدد قتل، قتل من فتح، هذا الذي حصل وصار يعني اشتباك مع.. مثلا مخيم الوحدات كان في مليشيات مسلحة لكن إيش مسلحة؟


أحمد منصور: لكن أيضا عمليات الاستفزاز اللي كانت بتقوم بها بعض أطراف المقاومة الفلسطينية كان لها دور فيما حدث.


بهجت أبو غربية: أنا قلت نعم لكن كان هذا يعني يتخذ..


أحمد منصور (مقاطعا): لا سلطة فوق سلطة المقاومة، أنت ضيف في دولة أنت ضيف هنا في دولة لا بد أن تحترم نظامها وحكومتها لا أن تعاديها ولا أن تفرض سلطتك فوقها.


بهجت أبو غربية: أولا أنا مش ضيف، العمل الفدائي كان عملا فلسطينيا وعربيا وكان في قيادة الكفاح المسلح..


أحمد منصور (مقاطعا): في الآخر في دولة يا سيدي.


بهجت أبو غربية (متابعا): في قيادة الكفاح المسلح كان الشعب الأردني مشاركا، ضافي جمعان حي يرزق..


أحمد منصور: في الآخر في دولة في نظام في حكومة.


بهجت أبو غربية: ما اختلفنا، هنا حكومة وهنا نظام.


أحمد منصور: أنتم عملتم حكومة داخل الحكومة.


بهجت أبو غربية: ما حاولنا..


أحمد منصور: دولة داخل الدولة.


بهجت أبو غربية: ما حاولنا نعمل سلطة إنما كان في وجود مسلح..


أحمد منصور: مش كان عندكم سجون وكان عندكم محاكم وكان عندكم اعتقالات وكذا؟


بهجت أبو غربية: للضبط والربط ضمن..


أحمد منصور (مقاطعا): طيب دولة جوه الدولة.


بهجت أبو غربية: لا، لا، يعني أنا مثلا كان عنا تنظيم ما كنا نعتقل إنسانا ولا كذا إلا إذا كان عضوا من أعضاء تنظيمنا أساء التصرف كنا طبعا نحاكمه ونقاصه.


أحمد منصور: كل هذه الأشياء أدت إلى اندلاع أحداث أيلول/ سبتمبر 1970.


بهجت أبو غربية: هذه كانت السبب، اختلال الأمن كان سببا لكن أنا يعني أقول بأنه كان النظام يحاول أن ينهي وجود العمل الفدائي.


أحمد منصور: لمصلحة من؟


بهجت أبو غربية: لمصلحة النظام.


أحمد منصور: يعني هنا العمل الفدائي تعارض مع النظام؟


بهجت أبو غربية: طبعا، طبعا.


أحمد منصور: لم لم يسع الفدائيون للبحث عن أرض أخرى طالما أن العرب هم الذي أقروا وجودكم هنا، لماذا لم تسعوا للبحث عن أرض أخرى للمقاومة؟


بهجت أبو غربية: أولا الضفة الغربية والأردن كانت وحدة وهذا بلد واحد وأغلب المناضلين كانوا من الفلسطينيين اللي في الأردن ومن الأردنيين نفسهم.


أحمد منصور: اعتقلت في أيلول، ذهبت إلى مصر والتقيت مع الزعماء العرب أنت وأبو إياد يعني أحداث أيلول نستطيع أن نقول إنك كنت أحد القيادات الفلسطينية التي عاشتها من الألف إلى الياء، ما هي الإرهاصات التي سبقت اندلاع هذه الأحداث؟ ألم يكن هناك مجال لاستيعاب الأمور وعدم اندلاع المواجهة؟


بهجت أبو غربية: الذي حصل يعني قبل أيلول أنه بدأت المشاكل تزداد خليني أقل يعني.


أحمد منصور: بسبب؟


بهجت أبو غربية: من يوم 4/11 بدأت..


أحمد منصور: 1968؟


بهجت أبو غربية: 1968، بدأ يصير حقد يعني لما يصير اشتباك إلا ينقتل ناس من هذا الطرف وناس من هذا الطرف وتتوتر الأجواء يعني قتل وشيئا فشيئا صار يتصاعد هذا صار يتصاعد والجيش يعني بالطبع لما بده يقتل زميل له بده يتوتر، الفدائي كذلك فالأمور تصاعدت الحقيقة يعني ووصلت لدرجة أنه كان متوقعا يصير صدام بين الجيش الأردني والفدائيين كان صار متوقعا و..


أحمد منصور: ما سعيتم كقيادة كفاح مسلح للتفاوض مع..


بهجت أبو غربية: سعينا أكثر من مرة وتفاوضنا مع الملك بالذات ومع رئاسة الأركان..


أحمد منصور (مقاطعا): جلست مع الملك؟


بهجت أبو غربية: أكثر من جلسة.


أحمد منصور: ماذا كان يدور في الجلسات التي سبقت اندلاع أحداث أيلول؟


بهجت أبو غربية: يعني أكثر شيء كان النظام يشكو من اختلال الأمن ونحن كنا نصدر رأسا تعليمات لنوع من الضبط والربط للقوات الفدائية بحيث أن نتجنب يعني لكن يوما ما مثلا في 1970 صدرت الحكومة الأردنية بيانا أصدرت بيانا في 11 أو 12 نقطة تطالب -بدون ما تتفاوض معنا- تطالب من الفدائيين أن يلتزموا بها، مثلا بيسموها نقاطا يعني فيها خروجا على القانون، التزموا بالقانون، بدك تعقد اجتماعا لازم تأخذ إذنا حسب.. كنا يعني صارت أمور الاجتماعات يعني شيء..


أحمد منصور: البلد بلدكم!


بهجت أبو غربية: ما عادش في يعني. بدك تجمع تبرعات ممنوع بدك تأخذ إذنا، فلهلق الأيام هذه أيام الأمن أي واحد بده يجمع تبرعات بده إذن، كنا نجمع تبرعات طبعا بدون إذن، فاثنين ممنوع حمل السلاح، حمل السلاح..


أحمد منصور: داخل المدن؟


بهجت أبو غربية: داخل المدن.


أحمد منصور: ممنوع حمل السلاح داخل المدن.


بهجت أبو غربية: لا، لا، مش تخصيص بس هو طبعا المقصود داخل المدن.


أحمد منصور: المهم صار تفاوض بينكم وبينهم حول هذه الشروط ووصلتم إلى حل وسط.


بهجت أبو غربية: هذه الـ 11 نقطة إحنا مجرد ما أعلنها النظام إحنا صدرنا ثاني يوم وقبل أن نتفاوض معهم سميناها المبادئ أو التعليمات الانضباطية، في أشياء منطقية مثلا جمع التبرعات وأنت حامل سلاحا إلى آخره إلى آخره منعناها أو صدرنا أمرا بمنعها على الأصح لأنه ما استطعناش نطبقها يعني للأمانة بالشكل الكافي واجتمعنا بعدين مع الحكومة بالذات وطبعا الحكومة كان يحضر معها الجيش والمخابرات وإلى آخره وسحبت.. أكثر من مرة يعني جرى تفاوض ويصير نوع من يعني تسكين.


أحمد منصور: قبل اندلاع أحداث أيلول وقعت حوادث خطف الطائرات من جماعة وديع حداد، عملية احتجاز الصحفيين في فندق الإنتركونتننتال هنا في عمان، هذه العمليات قام بها فدائيون.


بهجت أبو غربية: نعم.


أحمد منصور: وكانت تقصد إلى هز صورة الحكومة الأردنية يعني عملية الاستفزاز لاندلاع أحداث أيلول كانت من طرفكم أنتم.


بهجت أبو غربية: هو يعني في قاعدة في عمليات القتال يعني أنا مثلا باحث مع جماعة حركة التحرير الجزائري ونوع من المقارنة فحركة التحرير الجزائري كانوا يقولون إنه إحنا حركتنا نجحت -ثورة الجزائر- لأن الدول المجاورة تونس بالتحديد والمغرب تحملت مسؤوليتها التي تترتب عليها مقابل هذا الكفاح لكن هنا بالنسبة لكم الفلسطينيين ليس هناك من هو مستعد أن يتحمل أعباء وما يترتب على هذا الكفاح، فإحنا كنا نكافح لنقاوم اليهود ولنقاوم الاحتلال لكن طبعا هذا له أعباء يعني أنا مرة واحد يعني زرت قاعدة من قواعدنا واحد بيطلب مني أن أنقله من القاعدة -هذا الحكي في الجولان مش في الأردن- بأقول له ليش؟ قال لي لأن أهل الخربة -الخربة هي قرية صغيرة- ما بدهمش يانا، فبأقول له يظهر بتسيئوا السلوك، قال لي لا والله ما بنسيء السلوك لكن أنا أقول لك ليش، قبل يومين جاءت دورية -هذه كانت نقطة ملاحظة يعني- جاءت دورية من جماعتنا جبهة النضال وقطعت الوادي وهاجمت مستعمرة يهودية ومجرد ما أطلقوا عليها نارا وهذا بدأت تقصف مدفعية على الخربة قتلت بقرة فصاحبة البقرة كل يوم بتسبنا. فالحرب لها أعباء وأحيانا بعض الدول بتكون نظامية وجيشها نظامي ويقاتل تهزم من داخل الدولة لأنه بيصير أعباء على الناس على المدنيين مابيتحملوهاش مثلا فيش وقود فقد أكل في شهداء في كذا. فالأردن يعني..


أحمد منصور (مقاطعا): لكن كان الوضع في تعبئة عامة مؤيدة للكفاح الفلسطيني في ذلك الوقت شعبية.


بهجت أبو غربية: كان في في الأردن استعداد نفسي شعبيا يعني لمرحلة..


أحمد منصور: لكن بعض فصائل الفلسطينيين هي التي خربت عليكم كفاحكم.


بهجت أبو غربية: يا سيدي كان في أعمال يعني غير مسؤولة أو أعمال تسيب منسميها يعني أعمال إخلال بالأمن لكن كمان مرة بأقول كان هذا ليس هو السبب الوحيد، النظام من فترة يعني أنا أعتبر من شباط يعني شهر 2 /1968 كان في ذهنه أن يصفي العمل الفدائي.

اندلاع أحداث أيلول ونتائج اتفاق القاهرة


أحمد منصور: اندلعت أحداث أيلول في النصف الثاني من سبتمبر 1970.


بهجت أبو غربية: أيلول كانت خطة منظمة والجيش آخذ مواقع وعنا خريطة وكل وحدات الجيش اللي حول عمان كان واضحا أنه في حرب يعني.


أحمد منصور: اعتقلت بعد أربعة أيام من اندلاع المعارك؟


بهجت أبو غربية: نعم.


أحمد منصور: من الذي اعتقلك؟


بهجت أبو غربية: إحنا يوم بدأ القصف يعني هو البداية كان قصف مدفعية ثم تحرك، وصلنا ليعني المكان اللي كنا فيه قيادة الكفاح المسلحين مجتمعين وصلنا نوع من القصف وكذا تفرقنا في بيوت مجاورة في جبل الحسين ففي بيت من البيوت صدف، صدفة يعني توزعنا بشكل غير مقصود، البيت اللي كنت فيه كان إبراهيم بكر وأنا وأبو إياد وأبو اللطف أربعة في بيت واحد ووصل الجيش وصار حولنا يعني بعد يومين ثلاثة صار عنا يعني حوالين البيت اللي إحنا فيه وأهل البيت اللي إحنا فيه صاروا منزعجين جدا لأنه كان بالمايكروفون ينادون على فلان وفلان اظهروا وكذا..


أحمد منصور: عليكم أنتم يعني.


بهجت أبو غربية: نعم، وإذا ما ظهرتوش البيت اللي بنجدكم فيه بننسفه على أهله فأصحاب البيت اللي كنا فيه صاروا يعني في رعب يعني حتى في سيدة منهم فقدت أعصابها فكنا قررنا أن ننتقل يعني لكن الجيش محتل المنطقة اللي إحنا فيها بالذات.


أحمد منصور: كنتم في أي منطقة في عمان؟


بهجت أبو غربية: في جبل الحسين. فاللي حصل أنه أعلن رفع منع التجول لمدة ساعتين، لأنه كان في فرض منع تجول، فحاولنا في فترة رفع منع التجول أن نخرج من البيت ننتقل إلى مكان آخر، مجرد ما طلعنا الجيش موجود حولنا يعني اعتقلونا وأخذونا في البداية لمعسكر جيش في طبر بور ثم إلى رئاسة المخابرات، صار معنا شيء من التحقيق البسيط..


أحمد منصور: تحقيق ولا تعذيب؟


بهجت أبو غربية: لا، لا، بالعكس عاملونا معاملة جيدة خصوصا يعني في تلك المرحلة اللي كنا فيها مسجونين في المخابرات دخل الجيش السوري على شمال الأردن وصار الوضع يعني مختلفا تماما وصار يعني نفس النظام بده نوعا من التسوية للأمور يعني.


أحمد منصور: من اللي حقق معكم من المخابرات؟


بهجت أبو غربية: ما صار تحقيق الحقيقة يعني إحنا أنا شخصيا يعني وأبو إياد وكذا جلسنا جلسة مع مدير المخابرات ناسي اسمه يعني في ذلك الوقت بس جلسة واحدة يعني بعدين صار شبه تفاوض..


أحمد منصور: على إيه التفاوض؟


بهجت أبو غربية: لوجود يعني الكلام اللي كان يقال يعني حل وسط، حل وسط.


أحمد منصور: كيف ذهبتم للقاهرة والتقيتم مع الملوك والرؤساء العرب؟


بهجت أبو غربية: هو اللي حصل أن المعارك كانت الحقيقة يعني حامية في عمان وعقد مؤتمر قمة في القاهرة، مؤتمر القمة في القاهرة أرسل وفدا إلى الأردن، الوفد كان على رأسه..


أحمد منصور: الرئيس نميري.


بهجت أبو غربية: النميري وشيخ الكويت، الفريق صادق، الحاصل الوفد جاء واجتمع مع الحكومة لإيجاد يعني تسوية أو حل أو وقف إطلاق نار أو ما شابه ذلك وبدون علم يعني الثلاثة اللي أخذوهم اللي هم الأستاذ إبراهيم بكر وأبو اللطف فاروق القدومي وأبو إياد أخذوهم للقصر يعني ويبدو بقدر ما أتذكر أنه كان الرئيس عبد الناصر طالب من الفريق صادق والوفد العربي اللي جاء أنه جيبوا لنا يعني كان عندهم خبر أنه نحن في السجن أنه جيبوا ناس منهم حتى يصير في مجال للأخذ والعطاء معهم بالذات مش بس الدول العربية تبحث يكون البحث مع نفس الفدائيين فأخذوهم أولا للقصر وبعدين أخذونا للمطار، أنا ما رحتش القصر بس لما راحوا على المطار أنا أخذوني من المخابرات رأسا على المطار، في المطار بعد فترة يعني جاء الوفد العربي ومعهم الثلاثة اللي هم فاروق قدومي وإبراهيم بكر وهذا وأنا كنت الرابع فركبونا طائرة الكويت وعن طريق سوريا ولبنان على القاهرة وحضرنا جلسة لمؤتمر القاهرة.


أحمد منصور: ماذا دار في القاهرة بينكم وبين الملوك والرؤساء العرب؟


بهجت أبو غربية: أخذنا مباشرة إلى القصر وكانت الوفود موجودة كلها يعني الملوك والرؤساء وجلسة قصيرة كانت يعني لكن خلال الجلسة طلب منا الرئيس عبد الناصر ماذا تقترحون ماذا تريدون؟ كان عنا يعني إحنا خلال الطريق تشاورنا يعني ماذا نطلب وماذا كذا لكن كان أبو إياد مكلفا أن يقول فأحب يستمهل فقال أعطونا مجالا نتشاور، فوافق الرئيس عبد الناصر وقال ماشي وكانت يعني الساعة متأخرة من الليل يعني أخذنا حسنين هيكل للأهرام وتعشينا وهناك طرح السؤال مرة ثانية..


أحمد منصور: ماذا تريدون؟


بهجت أبو غربية: ماذا تريدون؟ فكان يعني طلبنا إحنا أنه في قتال وفي حرب يعني في الأردن وأنتم في إذاعاتكم وفي تصريحاتكم في كذا تنتصرون لنا، قاتلوا معنا هذا كان طلبنا باختصار يعني.


أحمد منصور: يقاتلون معكم ضد من؟


بهجت أبو غربية: ضد الجيش الأردني يعني بصراحة هذا اللي كان الطلب.


أحمد منصور: يعني مطلبكم كان للقوات العربية أو للدول العربية أن تقاتل معكم ضد الجيش الأردني؟


بهجت أبو غربية: نعم.


أحمد منصور: إسرائيل فين يا سيدي؟


بهجت أبو غربية: إسرائيل؟ هذا موضوع إسرائيل يعني دائما..


أحمد منصور (مقاطعا): يعني الآخر العرب الآخر يسيبوا كل حاجة..


بهجت أبو غربية: الفزاعة اللي حتى لما نعمل مظاهرة يقولون لنا إسرائيل إيش بتعمل؟ يعني قيد علينا دائما. على أي حال يعني كانت معركة العمل الفدائي ناشبة وقسم كبير حتى من الجيش الأردني كان مع الفدائيين يعني عواطفه أو حتى فيما بعد تبين أنه كان بداخل الجيش الأردني ناس كثير يعني عدد كبير متعاطف مع العمل..


أحمد منصور: وأسسوا فيما بعد قوى للمقاومة..


بهجت أبو غربية: فعلى أي حال هذا اللي طلبناه من هيكل.


أحمد منصور: هل كان ممكنا تحقيق هذا الطلب؟


بهجت أبو غربية: الواقع إحنا كنا طبعا سلفا مقدرين بأنه لا يوافق على هذا الطلب لكن..


أحمد منصور: ماذا كان رد هيكل على هذا؟


بهجت أبو غربية (متابعا): لكن كان غرضنا يعني أن لا نقول الشيء اللي بيفكروا فيه هم، هم خلي يقولوا الشيء اللي بيفكروا فيه، إحنا بنفكر كده أنتم بتقدروا على إيش؟


أحمد منصور: كان رد هيكل إيه؟


بهجت أبو غربية: لما بيقولوا بدنا كذا وبدنا كذا، أنتم اللي أردتم مش إحنا للي طلبنا، في فرق يعني، المفاوضات دائما في لها يعني إحنا عارفين أنه حدا مش حيستجيب لكن مش عايزين نقول لهم والله اعملوا هدنة أو أو.. هم إيش بيقدروا؟ فلذلك أعدنا السؤال على هيكل قلنا له أنتم، ما دام هذا ما تقدروش عليه أنتم شو بدكم؟ أنتم شو بتقترحوا؟ يعني حتى نرد عليه السؤال، أكثر من جدية أنه تعالوا جيبوا جيشكم وقاتلوا، الجدية يعني كنا شاعرين أنه ما في جدية في هذا العرض خصوصا الرئيس عبد الناصر في الاجتماع لما كنا لسه في القصر رمى يعني نكتة قال الرئيس القذافي كان عايز يعلن الحرب على الأردن قلت له بلاش دي..


أحمد منصور (مقاطعا): القذافي كان قاعدا؟


بهجت أبو غربية: كان قاعدا جنبه حتى حط يده على رجله، الرئيس القذافي كان عايز يعلن الحرب على الأردن قلت له بلاش دي أحسن تودي الأربع كتائب بتوعك على الأردن يجوا الأميركان يأخذون لك ليبيا! هذا كان واضحا يعني الجو كيف كان يعني، فإحنا لما بنطرح أنه بدنا تحاربوا معنا بدناش إحنا نقترح الشيء اللي في ذهنهم، هم يقترحوا ويتحملوا مسؤوليته، فاقترح هو فورا لما قلناه له أنتم إيش بدكم إيش اللي أنتم بتقدروا عليه؟ فقال إنه نحن وقف إطلاق نار وبنبعث مراقبين عسكريين، قلنا والله هذا مش عملي لأنه في نار مشتعلة في حرب يعني حرب حقيقية كانت في عمان وفي جرش وغيرها وفي إربد فلما بتبعث لي مراقبين عسكريين بيصيروا هم بدهم حماية، هدول ما بيقدروش يوقفوا إطلاق نار، مع ذلك قلنا له بنعمل مشاورات وطلعت أنا وفاروق قدومي رأسا مع الفريق صادق على الشام حتى نعمل مشاورات وصلناها الفجر طول الليل يعني مضيناه طيران تقريبا وصلناها الفجر وتشاورنا مع إخوانا في درعا وفي..


أحمد منصور: من من الشخصيات تذكر؟


بهجت أبو غربية: لا أتذكر أسماء يعني معينة لكن كان ما هو الأغلبية موجودين في الداخل يعني وإحنا صفينا في مصر، إبراهيم بكر وأبو إياد بقيوا في القاهرة وكان في اتصال من ياسر عرفات في الليل فياسر عرفات كان يقول إنه اشتدت الأزمة واشتد القصف وخلي الوفد العربي يعود لعمان لأنه كان لما يتواجد الوفد العربي كانت تهدأ يعني، فرجع الوفد العربي على عمان وأخذوا ياسر عرفات معهم وانعقد يعني نوع من المشاورات وصاروا..


أحمد منصور: ثم جاء الملك حسين إلى القاهرة.


بهجت أبو غربية: وصلنا إلى اتفاق في القاهرة.


أحمد منصور: قضي على العمل الفدائي بعد ذلك في الأردن.


بهجت أبو غربية: اتفاق القاهرة يعني كان مش سهلا تنفيذه يعني ولذلك ترتب عليه احتكاكات كثيرة يعني، اتفاق القاهرة كان يقتضي بأن الفدائيين يخرجون من المدن وأن يسمح لهم بالرجوع إلى القواعد في الجبال ابتداء من الخط الممتد من أقصى الشمال لأقصى الجنوب إربد جرش عمان الكرك الغرب، من الشرق ما يكون في عمل فدائي، اللي حصل أنه صار يطلب منا أن نغادر عمان ونغادر إربد ونغادر لكن ما مكنوناش من أن نعمل قواعد أيضا في الجبل فصار معارك يعني خصوصا فيما بعد يعني..


أحمد منصور: مثلما وقع في 1971 في جرش.


بهجت أبو غربية: صفيت القوات الفدائية متجمعة في منطقة جرش في دبين وأحراش جرش وصار عليها هجوم عسكري منظم يعني وأنهيت.

مشروع الملك حسين ومسار طروحات التسوية


أحمد منصور: في العام 1972 التقيت مع الملك حسين أنت ومجموعة من الفلسطينيين، باختصار ماذا دار بينكم وبين الملك؟


بهجت أبو غربية: في 1972 طرح في هذا.. دعينا يعني إحنا حوالي عشرين يعني كان متواجدا منا 18 وكلهم شخصيات فلسطينية يعني وبعضهم كانوا وزراء سابقين مثل أنطون عطا الله والجيوسي، الحاصل فدعونا للقصر أفرادا يعني لا يجمع بيننا جامع سوى أننا وجهاء فلسطينيون أو شخصيات فلسطينية، في القصر كان في يعني وزراء وكان في يعني شغلة كبيرة وصحفيين وكذا بعدين جلسنا مع الملك وجلسة واسعة كان فيها وزراء ورئيس الوزارة، الملك طرح يعني قدم للاجتماع حديثا طويلا خلاصته أن الإمكانات العربية ضئيلة وما في يعني إمكانية حلول جذرية أو ما شابه ذلك ولازم نلاقي لنا علاجا للأوضاع القائمة..


أحمد منصور: تفتكر تاريخ الاجتماع بالضبط؟


بهجت أبو غربية: والله بالدقة لا أتذكر.


أحمد منصور: ولا الشهر؟ المهم كان في 1972.


بهجت أبو غربية: يعني بيجوز في أوائل الـ 1972، مش متذكر. المهم..


أحمد منصور: طيب قل لنا بعض الشخصيات اللي معك طالما لا تذكر التاريخ، من أهم الشخصيات اللي حضروا معك؟


بهجت أبو غربية: كان معنا الشيخ عبد الحميد السائح، إبراهيم بكر، عبد المجيد شومان، الدكتور داود الحسيني، كان رجا العيسى، كان أنطون عطا الله، كان الجيوسي، الحاصل كان وزيرا.. المهم..


أحمد منصور: الملك في الآخر، الإمكانيات العربية لا تسمح.


بهجت أبو غربية: الملك قال المقدمة ثم تلي علينا المشروع كتابة يعني مكتوب، خلاصة المشروع قائم على نقطتين هذا المشروع، النقطة الأولى أنه يجب أن يجري حل سريع للأوضاع القائمة بالعلاقة مع دولة العدو الصهيوني والإمكانيات العربية مش متوفرة يجب أن يجري حل.


أحمد منصور: صلح يعني؟


بهجت أبو غربية: بدون تفاصيل، الشيء الثاني أن العلاقة التي كانت قائمة بين الضفتين لم تعد صالحة للمرحلة الحاضرة وكحل لقضية الوضع السياسي أن تشكل وزارة في الضفة الشرقية ووزارة في الضفة الغربية ووزارة مركزية ويسمى المملكة الأردنية الهاشمية المتحدة. هذا صلب المشروع يعني، كان في نص المشروع فقرة تقول أو عبارة تقول ينفذ هذا المشروع بعد التحرير..


أحمد منصور: تحرير إيه؟


بهجت أبو غربية: من هنا يعني لفت نظرنا كلمة بعد التحرير، فيعني أنا لما جاء دوري قلت أنا أفهم عبارة بعد التحرير بالشكل التالي يعني نوع من سؤال استيضاحي تقريبا يعني، بعد التحرير يعني -قلت أنا- بعد إجراء تسوية سياسية مع إسرائيل في إطار قرار 242، مش ممكن تعمل مشروعا إلا بعد ما يكون في حل مع إسرائيل، ما دام بتقول ما فيش حل عسكري معناته بده يكون حلا سياسيا فهذه عبارة بعد التحرير يعني بعد إجراء تسوية سياسية -بالنص يعني- مع إسرائيل في إطار قرار 242، فالملك قال نعم هذا الذي نعني بالتحرير.


أحمد منصور: وأنتم رفضتم هذا العرض.


بهجت أبو غربية: نحن رفضنا هذا العرض على أساس أننا لا نقبل المشاركة في المفاوضات.


أحمد منصور: ولكن ما حدث بعد ذلك أن الرئيس السادات ذهب إلى القدس في العام 1977، وقعت كامب ديفد في 1979، وقعت اتفاقية أوسلو في 1993، وادي عربة في 1994، والآن سوريا في تفاوض مع إسرائيل وأنتم لا زلتم ترفضون.


بهجت أبو غربية: فيما يتعلق بظروف بلد يحتله عدو، ارجع للتاريخ لكل بلد احتله عدو، لا بد للشعب أن يقاوم هذا الشيء الطبيعي رد الفعل الطبيعي للاحتلال المقاومة..


أحمد منصور: لا زلت تعتقد أن هناك مستقبلا للمقاومة؟


بهجت أبو غربية: نعم.


أحمد منصور: وأن فلسطين لن تعود إلا بالمقاومة؟


بهجت أبو غربية: لكن كيف ومن ومن الذي يقاوم، القضية يعني قيام دولة العدو الصهيوني على أرض فلسطين من الأساس الكل يقول بأنها ليست موجهة لفلسطين فقط هي موجهة للعالم العربي ككل فيجب أن ينظم العالم العربي ويدعم بالعالم الإسلامي وكل قوى التحرر في العالم حتى يحرروا هذه الأرض.


أحمد منصور: أنت تعتقد أيضا أن المستقبل هو للمقاومة وليس لهذه الاتفاقيات التي وقعت؟


بهجت أبو غربية: الاتفاقيات هذه لم تحل ولم توقف الصراع، لم توقف لسبب بسيط..


أحمد منصور (مقاطعا): رغم وجود سلطة فلسطينية في الداخل الآن؟


بهجت أبو غربية: (متابعا): السبب أن إحنا متمسكين ببلدنا وبأرضنا وبتحريرها، سبب آخر أن اليهود لا يزال برنامجهم الصهيوني يعني مصرين عليه وتشجعوا حتى في تنفيذه فهم يريدون التوسع يريدون أن يخلوا فلسطين من كل.. والاعتداءات الحاصلة والمفاوضات اللي جرت كلها تؤشر إلى أن البرنامج الصهيوني ما زال هو هو وهم يفرضون علينا الصراع يا إحنا يا هم.


أحمد منصور: ما هو تقييمك لما أقدم عليه السيد ياسر عرفات؟


بهجت أبو غربية: ياسر عرفات يعني لما بدنا نتكلم عنه بدنا نتكلم في سياق موضوع التسوية ككل، الحكومات العربية قلت أنا في حلقة سابقة إنه لما حتى دخلوا فلسطين كان عند بعض الحكومات خصوصا الأردن والعراق موافقة على قيام دولة يهودية، هذا كان موافقة، اللي موافق على قيام دولة يهودية وانتهت الحرب المفروض يعمل معهم نوعا من السلام وبدأ أول مشروع للسلام وطرحه وتحدثت أنا في حلقة سابقة، في سنة 1950 طلب الملك عبد الله من رئيس الحكومة سعيد باشا المفتي : اعقد صلحا مع إسرائيل، فقال له أنا ما بأعقد صلحا مع إسرائيل، في النهاية عقد اجتماع في القدس وحضرت الاجتماع وعقد اجتماع مشابه في نابلس لأنه اختلف مع الملك عبد الله وسعيد باشا قال له الناس ما بدهم، قال له رح اسأل الناس، عمل اجتماعا في القدس في المدرسة الرشيدية في القاعة وأنا حضرت وقال لنا بالحرف الواحد سعيد باشا، أنا رئيس الحكومة وهذا وزير الخارجية الشريقي هذا مدير الأمن العام كل الدولة موجودة هنا أنا جاي أسألكم هل تقبلون أن نعقد صلحا مع إسرائيل؟ -نصا، أنا شاهد عيان يعني مش قرأته هذا الكلام، حاضر وحاضر لأحبط لأنه كان عنا فكرة يعني عن إيش بده يصير، فقال بالحرف الواحد، الموافق -وكان من الموجودين ناس موافقين وكانوا يتصلون بالملك عبد الله ويقولون له موافقون، من الموجودين- الموافق يقول أنا موافق وما يخاف والغير موافق يقول أنا مش موافق وما يخاف، فبدأنا يعني نعارض وكذا ووصل الكلام هو نفسه يعني سعيد باشا قال مش أنا اللي بأقول بدي الصلح، ناس منكم بيروحوا يقولوا بدنا صلح، ولم يجرؤ ولا واحد من اللي كانوا موجودين من المستعدين للصلح أن يتكلم، ثم تكلم وزير الخارجية الشريقي كلاما له مدلول وأثر على الموجودين قال اسمعوا لأقل لكم، لأنه صار الجو يعني عنيف وشعبي وكذا حماسي، واليهود كذا إلى آخره، فقال اسمعوا اهدؤوا أنا بدي أتكلم بشكل يعني هادئ، أنا كوزير خارجية أقول لكم لو كنت أضمن إذا عقدت الآن صلحا مع إسرائيل أن اليهود يتوقفون عند النقطة اللي هم فيها بكره من الصبح أعقده لكن هدول اليهود في بيننا وبينهم اتفاقية الهدنة اتفاقية رودس ثلاث اتفاقيات ثلاث أوراق أضيف ورقة رابعة لإيش؟ هذا وزير الخارجية بيتكلم.


أحمد منصور: يعني إسرائيل لن تتوقف عند أوسلو ولا عند وادي عربة ولا عند أي اتفاقيات..


بهجت أبو غربية: هذا من ذلك الوقت لليوم نفس الشيء ثابت ولن تتوقف الآن لا عند أوسلو ولا غيره.


أحمد منصور: في ختام شهادتك على العصر كيف تنظر إلى سبعين عاما من الكفاح..


بهجت أبو غربية:  بس أنا بنفس الموضوع يعني لما بدأت المسيرة بالخمسين الحقيقة كان في الخمسينات وفي الستينات كان كل قصص التسوية وكل هذا كانت موجودة لكن وصل الأمر بالعرب بالحكومات العربية أنهم عاجزون عن عمل التسوية بسبب الرأي العام الشعبي وبسبب بدهم جهة فلسطينية اللي تشارك وشكلت منظمة التحرير ربما كان الغرض منها أيضا أنها تشارك الدول العربية في تسوية ربما.


أحمد منصور: تسمح لي آخذ حلقة في ختام هذه الشهادة المطولة لك على الأحداث نتحدث فيها عن عمليات الاختراق التي تمت للمنظمة حتى جعلتها تدخل في الأخير في التسوية مع إسرائيل حتى لا أريد أن يعني أختزل هذه الشهادة وأنت يعني شاهد عيان على الأحداث منذ العام 1933 وحتى اليوم. أشكرك شكرا جزيلا واسمح لي آخذ منك حلقة إضافية. كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، في الحلقة الأخيرة القادمة نواصل الاستماع إلى شهادة المناضل بهجت أبو غربية أبرز قيادات النضال الفلسطيني خلال السبعين عاما الماضية، في الختام أنقل لكم تحيات فريق البرنامج وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.