حرب روسيا على أوكرانيا.. دلالات التصعيد المتبادل وإلى أين يقود؟

قال اللواء فايز الدويري، الخبير العسكري والإستراتيجي، إن التصعيد المتبادل بين روسيا وأوكرانيا، يرجع إلى عدد من الأسباب لدى الطرفين، تتمثل في سعي كل طرف للتأثير على الجانب النفسي لدى الآخر، وكشف نقاط ضعفه، ومحاولة فرض واقع ميداني جديد.

ولفت إلى أن الهجمات الروسية الأخيرة شديدة الكثافة على العاصمة الأوكرانية كييف، تؤكد أنها هي الهدف الأول لديها، باعتبارها مركز ثقل يأخذ أبعادا مختلفة، وعصب الاقتصاد الرئيسي في البلاد.

وجاءت تصريحات الدويري في إطار الحلقة التي خصصها برنامج "ما وراء الخبر" بتاريخ (2023/5/29) لتناول التصعيد المتبادل بين موسكو وكييف، حيث قالت أوكرانيا إن روسيا كثفت هجماتها على العاصمة كييف، وعلى مختلف جبهات القتال شرقي وجنوبي وشمالي البلاد، داعية الغرب إلى تقوية الدفاعات الأوكرانية، بما في ذلك طائرات "إف-16".

لكن في المقابل، قالت روسيا -التي أكدت تمسكها بتحقيق أهدافها في أوكرانيا- إن كييف هاجمت مقاطعة بيلغورود، التي طالب حاكمها بضم خاركيف لتأمين المقاطعة.

وتساءل البرنامج عن دلالة تكثيف روسيا هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيّرة على كييف وتصعيد أوكرانيا في مقاطعة بيلغورود الروسية، والتعقيدات التي يمكن أن تضيفها مطالبة كييف الغرب بتعزيز دفاعاتها الجوية ودعوة حاكم بيلغورود لضم خاركيف إلى المقاطعة.

نقاط ضعف

وأوضح الدويري في حديثه لـ"ما وراء الخبر"، أن أحد أبرز أسباب تصعيد الجانب الروسي، هو الرد على تصعيد أوكراني سابق كشف نقاط الضعف والوهن في الجيش الروسي، وأبرز عيوبا لدى المنظومة العسكرية الروسية، ومن ثم كان لزاما على موسكو الرد لإثبات تفوقها العسكري.

كما رأى الخبير العسكري والإستراتيجي في هذا التصعيد، استباقا للهجوم الذي تتحدث كييف عن سعيها لتنفيذه، في محاولة لإجهاض مبكر والتدخل في التحضيرات الأساسية له على المستوى التخطيطي والميداني، عبر استهدافات مختلفة.

فيما يرى دوافع كييف للتصعيد تتمثل في سعيها لإرباك المنظومة الدفاعية الروسية، وفرض واقع ميداني جديد، من خلال دعم العمليات العسكرية في بيلغورود ومهاجمة مصفاة للنفط.

وفي سياق الحديث عن مطالبة كييف الغرب بتعزيز دفاعاتها الجوية، يرى اللواء الدويري أن سقف مطالب أوكرانيا عال، ويتمثل أكثر في عدد الأسلحة التي تطالب بها، وليس في الأنواع، حيث وصلها بالفعل أكثر من 15 نوعا، لكنها لا تزال تطالب بزيادة أعداد تلك الأسلحة.

أهداف محددة

بدوره، يرى المحلل السياسي والعسكري الروسي رولاند بيجاموف، أن الهجمات الأخيرة التي نفذتها موسكو في كييف، تستهدف معرفة تموضع منصات إطلاق صواريخ باتريوت الأميركية، والعمل على تدمير قدرات كييف للدفاع الجوي والتأثير على سكان العاصمة كييف.

ولفت في حديثه لـ"ما وراء الخبر"، أن هذه الهجمات، هي الأولى من نوعها بهذه الكثافة، مقللا من تأثير إسقاط كييف لعدد من المسيّرات الروسية التي قال إنها من النوع الأرخص، وهدفها معرفة منصات الإطلاق في كييف، وبالتالي فإسقاطها لا يزعج موسكو.

وبخصوص الهجمات المنفذة في مقاطعة بيلغورود الروسية، قال بيجاموف، إنها انطلقت من أراض أوكرانية وكانت تحت إشراف المخابرات الأوكرانية، واستخدمت فيها مدرعات أميركية، مشددا على أنه لا وجود في روسيا لقوى معارضة ومقاومة داخلية.

لكن أوليكسي ميلنيك، مساعد وزير الدفاع الأوكراني السابق، قال إن هذه الهجمات قامت بها مجموعتان من المواطنين الروس، ورغم أن ذلك تم بتنسيق مع الجانب الأوكراني، فإن القوات الرسمية لم تشارك في تلك العمليات.

وأوضح في حديثه لـ"ما وراء الخبر"، أن الهدف الأبرز لهذه الهجمات، هو التأثير النفسي على الإدارة والمجتمع الروسيين، وإظهار ضعف القوات البرية الروسية وعدم قدرتها على الحفاظ على النظام في تلك المنطقة، في ظل نجاح مجموعات محدودة من الأشخاص على إحداث هذا الإرباك.

وأوضح أن ما حدث أوصل رسالة لموسكو أن تعتني بشأنها الداخلي، مشددا على أنه لا يوجد وضع أسوأ يمكن تصوره نتيجة دعم أوكرانيا لهذه الهجمات، مما تقوم به روسيا الآن في حربها بأوكرانيا.

المصدر : الجزيرة