خلافا لموقف ماكرون بشأن مضيق تايوان.. لماذا تحذر ألمانيا من سيناريو كارثي للعالم؟

قال السفير الألماني، غونتر مولاك، الدبلوماسي السابق ومدير المعهد الألماني للدراسات الشرقية، إن معظم الأوروبيين لم يكونوا راضين عن تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن قضية تايوان، والتي أدلى بها عقب زيارته الأخيرة للصين.

وأضاف -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" (2023/4/14)- أن وزيرة الخارجية الألمانية "أنالينا بيربوك" حاولت في زيارتها الأخيرة للصين، أن تغطي وتملأ أي ثغرات اعترت الجهد الدبلوماسي الأوروبي بعد زيارة ماكرون التي سبقتها.

ويأتي ذلك على خلفية تحذير وزيرة الخارجية الألمانية، في مؤتمر صحفي أجرته مع نظيرها الصيني "تشين قانغ" في بكين، من استخدام القوة لتغيير الوضع في شبه جزيرة تايوان، مؤكدة أن أي تصعيد عسكري في مضيق تايوان سيشكل سيناريو كارثيا للعالم بأسره، وأن إحداث أي تغيير من جانب واحد لن يكون مقبولاً لدى الأوروبيين.

وخلال زيارة أجرتها للصين، والتي أتت بعد أيام من زيارة مماثلة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، دعت بيربوك، بكين، لمطالبة من وصفته بالمعتدي الروسي بوقف حربه في أوكرانيا.

وكانت دعوة ماكرون لأوروبا في مقابلة صحفية أجراها الأحد، إلى الإبقاء على مسافة في مسألة تايوان و"خفض الاعتماد على الأميركيين" في المجال الدفاعي، قد أثارت انتقادات وتساؤلات واسعة.

وقال السفير الألماني، مولاك، إن زيارة بيربوك، الرسمية للصين، تأتي في إطار جولة رسمية طبيعية تتضمن زيارة كوريا الجنوبية واليابان، لكنها اكتسبت أهميتها كونها جاءت بعد زيارة ماكرون والذي كان يحاول خلالها إرضاء الصين بالقول إن لديه وجهة نظر أخرى غير الموقف الأميركي تتعلق بقضية تايوان.

موقف أوروبي مختلف

واعتبر مولاك أن محاولة ماكرون تلك لم تكن جيدة ولا صحيحة، بل تعكس اختلافات قديمة بين فرنسا والولايات المتحدة ولا تعبر عن الموقف الأوروبي، ولذلك جاءت وزيرة الخارجية الألمانية واضحة وصارمة في التعبير عن وجهة نظرها لتغطية الثغرات التي حدثت خلال زيارة ماكرون.

وذكر أن الوزيرة كانت حريصة على التأكيد أن الموقف الأوروبي مختلف، وذلك من خلال التركيز على وضع حقوق الإنسان في الصين، لافتا إلى أنها أوصلت رسالة مفادها أننا في علاقتنا مع الصين لسنا أعداء ولا أصدقاء مقربين، وأنه يمكننا في حال وجود أرضية مشتركة ومن خلال التصرف بطريقة متحضرة، عقد صفقات تجارية مناسبة.

وفي هذا السياق، أشار مولاك، إلى أن ماكرون أجرى صفقات تجارية جيدة مع الصين، وربما كان ذلك سببا لعدم صرامته في اتخاذ مواقف واضحة خلال تلك الزيارة، معربا عن أمله في أن يتم إقناع الفرنسيين بإيجاد أرضية مشتركة مع الاتحاد الأوروبي بشأن السياسة الخارجية تجاه الصين.

بدوره، اعتبر تشارلز كابتشن، عضو مجلس الأمن القومي الأميركي السابق، موقف وزيرة الخارجية الألمانية بشأن قضية تايوان خلال زيارتها لبكين "مفيدا أكثر"، والذي جاء بعد زيارة ماكرون "غير المفيدة" والتي تضمنت تصريحات "غير مسؤولة" على حد تعبيره.

وشدد في حديثه لـ"ما وراء الخبر" على أنه لا بد أن تواجه الصين جبهة موحدة تكون فيها الولايات المتحدة مع شركائها الأوروبيين لمواجهة النفوذ المتصاعد لبكين، مقرا في الوقت ذاته بوجود اختلاف في وجهات النظر، ومخاوف مشروعة لدى الأوروبيين من ضغوط أميركية للتوجه نحو حرب باردة مع الصين.

ورأى كابتشن أن فكرة "لا أعداء ولا أصدقاء" مفهوم جيد وصحيح ومناسب لعلاقة دول أوروبا مع الصين، فهناك دور مهم ممكن أن تلعبه الصين لتطوير السلام العالمي والضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء حربه على أوكرانيا، مشككا بالوقت ذاته في استعداد بكين للعب هذا الدور.

كما اعتبر أن الموقف الأوروبي لا يختلف عن الموقف الأميركي بشأن قضية تايوان، لكنهم يفضلون أخذ المقعد الخلفي مع الولايات المتحدة، لأنهم ليسوا اللاعبين الكبار على المستوى العسكري، مؤكدا ضرورة أن يظهر الموقف الأوروبي بشكل متماسك، ليكون له ثقل على الصعيد العالمي، لكن كشريك للولايات المتحدة وليس كمنافس.

المصدر : الجزيرة