هل يعتقل سعيّد كل معارضيه؟ ولماذا يخاف من المهاجرين الأفارقة؟

في خضم حملة اعتقالات تتسع يوما بعد يوم في أوساط معارضي الرئيس التونسي قيس سعيّد، ووسط موجة انتقادات وتحركات واحتجاجات قانونية وسياسية ونقابية ضد سياسات الرئيس، يثار الجدل بشأن سبب القلق الدولي أيضا من مواقفه.

ويأتي ذلك بعد دخول الاتحاد العام التونسي للشغل -أبرز القوى التونسية المؤثرة في الشارع- على خط الأزمة، حيث أكد أن البلاد دخلت مرحلة الخطر، وشدد على أنه لن يقبل الاستبداد وسيواجهه.

إيقافات أم تصفية حسابات؟

وأرجع دانيال برومبرغ مدير دراسات الديمقراطية والحكم في جامعة جورج تاون -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر" (2023/2/25)- تزايد الانتقادات الدولية إلى ارتفاع حملة الاعتقالات ضد الصحفيين لمنع أي معارضة سياسية في البلاد.

كما شدد سمير ديلو المحامي وعضو اللجنة التنفيذية لجبهة الخلاص الوطني على أن الانتقادات الدولية هي تفاعل مع واقع البلاد التي وصفها بأنها جمهورية للرئيس سعيد يتصرف فيها كأنها ملك شخصي له، إذ يصدر جملة من أوامر الاعتقالات ضد كل من يجاهر بمعارضته.

وبشأن تطورات ملف التوقيفات والاعتقالات، أوضح المحامي كريم المرزوقي عضو هيئة الدفاع في القضية التي تسميها السلطات "التآمر على أمن الدولة"؛ أن هيئة الدفاع قررت مقاطعة الترافع في القضية لانتفاء أبسط شروط المحاكمة العادلة بالإضافة إلى قناعة المحامين أن قرارات الإيداع بالسجن ليست قضائية بل سياسية بحتة.

لكن الكاتب والمحلل السياسي بلحسن اليحياوي المؤيد لمواقف سعيد السياسية رأى أنه على الجهات الرسمية تبرير سبب ما سماها "الإيقافات"، وكذاك توضيح إن كانت تتعلق بمحاسبة قانونية أو تصفية خصوم سياسية، رافضا الاتهامات التي يطلقها خصوم سعيد بأن الأخير يعتقل كل معارضيه.

تصريحات عنصرية أم عفوية؟

وكانت تصريحات سعيد عن المهاجرين الأفارقة، قد دفعت تونسيين للتظاهر في الشوارع تنديدا بما سموه الخطاب الرسمي العنصري الذي يستهدف المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء.

وكان سعيد طالب في وقت سابق، بوضع حد لتدفق المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، ووصف وصول أعداد كبيرة منهم بأنه مؤامرة لتغيير التركيبة الديمغرافية في تونس، واعتبرهم مصدر عنف وجرائم وممارسات غير مقبولة، على حد قوله، كما شدد على ضرورة فتح كل الملفات وخاصة تلك المتعلقة بالفساد، ومحاسبة كل من أجرم في حق الشعب التونسي.

وتعليقا على ذلك، لفت برومبرغ النظر إلى أن سعيد طالما غلبت على أفكاره نظرية المؤامرة، و"ذلك ما يتجلى بوضوح في تصريحاته العنصرية الخاصة بالمهاجرين، متهما سعيد بالتصرف بنوع من الاستبداد وأنه يحكم قبضته على الجهاز القضائي لتحقيق مصالحه السياسية".

في المقابل، اعتبر اليحياوي أن تصريحات سعيد الخاصة بالمهاجرين الأفارقة كانت عفوية ولكن تم تأويلها بشكل أكبر من حجمها، معتبرا أنها لم تكن عنصرية كما تم الترويج لها، منوها إلى أن تونس بلد أفريقي أيضا، وبشأن موقف المؤتمر الأفريقي الغاضب والمندد بتصريحات سعيد، رأى اليحياوي أنه جاء نتيجة لتحليلات الإعلام التونسي الذي هول من تصريحات سعيد.

وكانت وزارة الخارجية التونسية قد عبّرت عن استغرابها من البيان الصادر عن مفوضية الاتحاد الأفريقي حول وضعية الجالية الأفريقية بتونس ورفضت ما ورد به من عبارات واتهامات قالت إنها لا أساس لها من الصحة.

واعتبرت الخارجية أن موقف المفوضية بُني على فهم خاطئ لمواقف السلطات التونسية، كما أبدت أسفها "للخلط غير المبرّر وغير المفهوم بين المهاجرين الأفارقة الذين يعيشون بسلام تحت حماية قوانين الدولة التونسية، وبين الجماعات غير القانونية التي تتاجر بالبشر وتزج بهم في قوارب الموت وتستغلهم لأغراض إجرامية".

المصدر : الجزيرة