خريطة التحالفات.. الثابت والمتحول
لعل الثابت الأساسي في التحالفات التي عكستها اللوائح الانتخابية، هو رص صفوف "قوى 8 آذار" ضمن تحالف عابر للدوائر، وهو يختلف من دائرة إلى أخرى، وهم يشكلون النواة الصلبة لحلفاء حزب الله وفي طليعتهم حليفته الرئيسية حركة أمل، وحليفاه المسيحيان، التيار الوطني الحر (برئاسة جبران باسيل) وتيار المردة (برئاسة سليمان فرنجية)، إضافة إلى تحالفات الحزب المباشرة وغير المباشرة مع قوى وشخصيات سنية تدور تاريخيا بفلك التحالف الانتخابي معه، مثل جمعية المشاريع الإسلامية (الأحباش)، والنائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد.
ونجح هذا الائتلاف لقوى 8 آذار بتصفير وتجاوز الخلافات بين بعض أركانه، وذلك لتمرير مرحلة الانتخابات الحالية على الأقل، سعيا منهم للحفاظ على الأكثرية البرلمانية التي يتمتع بها في المجلس الحالي.
انسحاب "المستقبل".. كيف سيؤثر؟
ويبقى المتحول الأبرز والأهم في هذه الانتخابات، والذي أثّر على حسابات جميع القوى السياسية والمعارضة في لبنان هو انسحاب تيار المستقبل من المشهد الانتخابي لأول مرة في تاريخ عمله السياسي، وتعليق سعد الحريري عمله السياسي. كما تغيب كل قيادات الصف الأول لدى الطائفة السنية عن الترشح الشخصي للانتخابات.
وأدى هذا في المقابل إلى تسجيل الدوائر ذات الغالبية السُنية كثافة ملحوظة بتشكيل اللوائح، فبلغت في دائرة الشمال الثانية (تضم طرابلس والمنية والضنية) العدد الأعلى بـ 11 لائحة، و8 لوائح في دائرة الشمال الأول (عكار) و10 لوائح في بيروت الثانية.
تأرجحت قوى 14 آذار (تيار المستقبل وحلفاؤه) بين ما هو ثابت ومتحول. من جهة تمكنت قوى وشخصيات معارضة تقليدية لحزب الله، وكانت منضوية تحت لواء 14 آذار، من تشكيل لوائح بعدد من الدوائر من خلال التحالف بين الحزب التقدمي الاشتراكي (برئاسة وليد جنبلاط)، وحزب القوات اللبنانية (برئاسة سمير جعجع) ورئيس الوزراء السبق فؤاد السنيورة واللواء أشرف ريفي (تحالف الأخير مع حزب القوات اللبنانية عبر تشكيل لائحة "إنقاذ وطن" في دائرة الشمال الثانية).
مع ذلك، يبقى غياب تيار المستقبل عن المعركة الانتخابية المتحول الأبرز لقوى 14 آذار، بعد أن كان يشكل الثقل البرلماني الأكبر لهم في انتخابات 2005 و2009 و2018. وأفرز ذلك صراعات كثيرة وتنافسا كبيرا على جذب الأصوات السنية وتحديدا تلك المحسوبة على تيار المستقبل، إضافة إلى انفصال تحالف القوات اللبنانية وحزب الكتائب.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن انسحاب تيار المستقبل -كما يفسره محللون ومتابعون- لم يكن بمثابة حياد إيجابي لصالح قوى 14 آذار بل حيادا سلبيا، في ظل خصومته الشرسة مع حزب القوات اللبنانية وخلافاته مع الأطراف الأخرى التي قررت الانخراط بالانتخابات خلافا لتوجهه إلى الانسحاب، وخصوصا رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة.
العامل المهم أيضا في هذه الانتخابات هو ظهور لوائح قوى المجتمع المدني والمنبثقة من "حراك17 أكتوبر"، أو ضمن قوى المعارضة الأخرى، التي سبق أن شرحناها في بطاقة الوافدين الجدد، لكن هذه القوى التي لديها نحو 60 لائحة لم تتمكن من نسج تحالف عابر للمناطق، مما أنتج فائضا كبيرا في المرشحين واللوائح وتضاربا بالعناوين السياسية وتشابها بالشعارات الانتخابية قد تكون مؤثرة في خيارات الناخبين والنتائج.
الشعارات الانتخابية.. وعود كثيرة
تنتشر اللوحات الإعلانية بشعاراتها الانتخابية، وهي تختلف من دائرة إلى أخرى حسب حضور القوى السياسية فيها، واعتبرت "الدولية للمعلومات" أن هذه الشعارات انتقلت من مفهوم "القوة والأمل إلى التحدي والتحذير والدفاع عن النفس". واستنادا إلى أسماء اللوائح يمكن تقسيم شعاراتها إلى 4 مجموعات :
- مجموعة الشعارات المناطقية: وهي ظاهرة لافتة وسائدة في لبنان تضم 39 لائحة من أصل اللوائح المتنافسة الـ 103. ومرد ذلك على الأغلب، هو طبيعة القانون الانتخابي وفرزه الدوائري مناطقيًا وطائفيًا، مما يدفع المرشحين والأحزاب إلى اختزال الخطابات في إطار مناطقي بحت. وهذه اللوائح هي:
- 6 لوائح في دوائر البقاع، وهي: "زحلة السيادة"، "زحلة الرسالة"، "زحلة تنتفض"، "بقاعنا أولا"، "سهلنا والجبل". إضافة إلى لائحة دائرة البقاع الثالثة، وأخذ شعارها طابعا عشائريا مناطقيا، وهي "لائحة العشائر والعائلات للإنماء".
- 3 لوائح في دوائر الجنوب "معا لصيدا وجزين"، "وحدتنا في صيدا وجزين"، "صوت الجنوب".
- 6 لوائح في دائرة الشمال الأولى: "النهوض لعكار"، "الوفاء لعكار"، "عكار"، "عكار التغيير"، "عكار أولا"، "عكار تنتفض".
- 3 لوائح في دائرة الشمال الثالثة: "شمال المواجهة"، "شمالُنا"، "وحدة الشمال".
- 12 لائحة حملت شعار بيروت، وهو العدد الأعلى "بيروت مدينتي"، "بيروت نحن لها"، "كنا ورح نبقى لبيروت"، "بيروت التغيير"، "بيروت بدها قلب"، "بيروت تواجه"، "بيروت مدينتي"، "لبيروت"، "لتبقى بيروت"، "نعم لبيروت"، "هيدي بيروت"، "وحدة بيروت".
- 9 لوائح في جبل لبنان: "كنا ورح نبقى للمتن"، "متن التغيير"، "متن الحرية"، "متنيون سياديون"، "بعبدا التغيير"، "بعبدا السيادة والقرار"، "بعبدا تنتفض"، "الجبل ينتفض"، "الجبل".
- مجموعة الشعارات الوطنية والسيادية والاستقلالية: وهي تضم شعارات 24 لائحة: "القرار الوطني المستقل"، "صرخة وطن"، "إنقاذ وطن"، "نحو المواطنة"، "الاعتدال الوطني"، "الاعتدال قوتنا"، "لوطني"، "سيادة وطن"، "الوفاق الوطني"، "بناء الدولة"، "الدولة الحاضنة"، "نحو الدولة"، "الجمهورية الثالثة"، "لبنان لنا"، "نبض الجمهورية القوية"، "لبنان السيادة"، "قلب لبنان المستقل"، "انتفض للسيادة والعدالة"، "سياديون مستقلون"، "مستقلون ضد الفساد"، "القرار الحرّ"، "الحرية قرار"، "الكتلة الشعبية"، "الإرادة الشعبية".
- مجموعة شعارات الدعوة للتغيير والتحدي: وهذه تضم أيضا مجموعة كبيرة من اللوائح، وتصب معظمها في خانة الوافدين الجدد وقوى المعارضة الناشئة ما بعد 17 أكتوبر. وهي معظمها تخاطب الناس على قاعدة مواجهة قوى السلطة والدعوة لما تسميه "إسقاط المنظومة الحاكمة".
- مجموعة شعارات المطالبة بوفاء وتضامن الناس ودعوتهم للشراكة: وهي تبلغ 12 لائحة انتخابية: "الأمل والوفاء" (3 لوائح تحمل هذا الشعار وهي للثنائي حزب الله وحركة أمل)، "رح نبقى هون"، "كنا ورح نبقى"، "القول والفعل"، "الاستقرار والإنماء"، "الغد الأفضل"، "طموح الشباب"، "معكم فينا للآخر"، "معا أقوى"، "معا نستطيع"، "الشراكة والإرادة"، "للناس".