الحرب الروسية.. قوات أوكرانيا تتخذ خطوطا دفاعية جديدة وكييف تحتاج 750 مليار دولار لإعادة الإعمار

القوات الأوكرانية تراجعت إلى خطوط جديدة بعد خسارتها سيفيرودونيتسك وليسيتشانسك (الأوروبية)

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بالسعي لاستخدام أراضي بلاده قاعدة للسيطرة على دول أوروبية أخرى، وذلك في الوقت الذي تتخذ فيه القوات الأوكرانية خطوطا دفاعية جديدة في الجبهة الشرقية مع تقدم القوات الروسية.

وقال زيلينسكي اليوم الثلاثاء إنه يجب حث روسيا على حلول سلمية لإنهاء الحرب، كما أشار إلى أن كييف بحاجة إلى ضمانات أمنية حتى لو لم تكن ضمن حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO).

ميدانيا، تمركزت القوات الأوكرانية في خطوط دفاعية جديدة شرقي البلاد استعدادا لمرحلة جديدة من القتال بعد استيلاء القوات الروسية على مدينة ليسيتشانسك، لتكمل بذلك سيطرتها على مقاطعة لوغانسك التي تشكل مع مقاطعة دونيتسك إقليم دونباس الذي تسعى موسكو لبسط نفوذها عليه، مطالبة كييف بالتنازل عنه لصالح الانفصاليين.

وأقر سيرغي غايداي حاكم لوغانسك بأن المقاطعة بأكملها باتت في أيدي الروس فعليا، لكنه قال لوكالة رويترز "نحتاج للانتصار في الحرب لا معركة ليسيتشانسك، الأمر مؤلم جدا، لكنه لا يعني خسارة الحرب".

وذكر غايداي أن القوات الأوكرانية التي تقهقرت من ليسيتشانسك ترابط الآن على الخط الواصل بين باخموت وسلافيانسك وتستعد لصد أي تقدم روسي جديد.

ورصد مراسل الجزيرة فادي سلامة الأوضاع الميدانية ومظاهر الدمار في ليسيتشانسك التي تمكن من دخولها بعد سيطرة الانفصاليين والقوات الروسية عليها.

وتأمل روسيا أن يمنحها التقهقر الأوكراني قوة دافعة لمواصلة التقدم غربا إلى مقاطعة دونيتسك المجاورة، حيث لا تزال أوكرانيا تسيطر على مدن سلافيانسك وكراماتورسك وباخموت.

وخلال معارك الأسابيع الأخيرة حاولت القوات الروسية مرارا محاصرة الأوكرانيين الذين تحصنوا في منشآت عديدة للصناعات الثقيلة لكنها لم تنجح، فلجأت إلى القصف المكثف الذي حول تلك المدن إلى أرض محروقة.

نقطة تحول

ونقلت وكالة رويترز عن خبراء عسكريين أن المعارك الأخيرة قد تكون نقطة تحول في الحرب، ليس بسبب القيمة الإستراتيجية للمدن المدمرة نفسها -وهي محدودة- لكن بسبب تأثير الخسائر على قدرة الجانبين على القتال.

وقال نيل ملفين مدير دراسات الأمن الدولي في المعهد الملكي للخدمات المتحدة "آر يو إس آي" (RUSI) في بريطانيا "أعتقد أنه انتصار تكتيكي لروسيا لكن بتكلفة باهظة"، مقارنا المعارك الأخيرة بما اتسمت به الحرب العالمية الأولى من معارك طاحنة على مكاسب ميدانية هزيلة.

وأضاف "استغرق الأمر 60 يوما لتحقيق تقدم بطيء للغاية، أعتقد أن الروس قد يعلنون نوعا من النصر، لكن المعركة الحربية الرئيسية لم تأت بعد".

وقد هنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قواته على انتصاراتها في لوغانسك، وذلك في لقاء متلفز مع وزير الدفاع سيرغي شويغو أمس الاثنين.

وقال بوتين إن من شاركوا في القتال عليهم أن "يرتاحوا تماما وأن يستعيدوا جاهزيتهم العسكرية"، فيما تواصل الوحدات الأخرى القتال في مناطق أخرى.

وتعد هذه المعركة الأقرب إلى تحقيق موسكو أحد أهدافها المعلنة منذ تقهقر قواتها التي لم تنجح في الاستيلاء على كييف في مارس/آذار الماضي، وتمثل أكبر انتصار لروسيا منذ استيلائها على ميناء ماريوبول جنوبي أوكرانيا في أواخر مايو/أيار الماضي.

وتكبد الجانبان آلاف القتلى والجرحى، فيما يزعم كل منهما أنه ألحق خسائر أكبر بكثير بعدوه على طول مجرى نهر سيفيرسكي دونيتس الذي يمر عبر لوغانسك ودونيتسك.

وفي تطورات ميدانية أخرى، أفاد مراسل الجزيرة بوقوع 3 انفجارات وسط مقاطعة ميكولايف جنوبي البلاد صباح اليوم الثلاثاء.

وأضاف المراسل أن إحدى القطع العسكرية الأوكرانية في المقاطعة استُهدفت وشوهدت أعمدة الدخان وألسنة اللهب تتصاعد منها. ولم تعلق السلطات المحلية بعد على طبيعة المواقع المستهدفة أو الخسائر التي لحقت بها.

مؤتمر لوغانو

سياسيا، عقدت اليوم الثلاثاء في مدينة لوغانو السويسرية الجلسات الختامية لمؤتمر "تعافي أوكرانيا" بمشاركة رئيس الاتحاد الأوروبي ورئيسة المفوضية الأوروبية، فضلا عن ممثلي 40 دولة.

وكان رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال قال في كلمته بالمؤتمر أمس الاثنين إن تكلفة إعادة إعمار أوكرانيا قد تصل إلى 750 مليار دولار، وإن على الأثرياء الروس المساعدة في دفع هذه الفاتورة.

وأضاف شميهال "أطلقت السلطات الروسية العنان لهذه الحرب الدموية، تسببت في هذا الدمار الهائل ويجب محاسبتها على ذلك".

أما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي -الذي خاطب المؤتمر عبر الفيديو- فقد شدد على أن إعادة بناء أوكرانيا هي "المهمة المشتركة للعالم الديمقراطي بأسره"، مؤكدا أن تعافي بلاده يخدم السلام العالمي.

ويهدف المؤتمر إلى وضع معالم خطة إعادة إعمار أوكرانيا على غرار "خطة مارشال" التي وضعت لانتشال أوروبا من ركام الحرب العالمية الثانية عبر برنامج اقتصادي أميركي.

المصدر : الجزيرة + وكالات