بايدن في السعودية.. واشنطن والرياض تتعهدان بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي وبالحفاظ على استقرار أسواق الطاقة

US President Joe Biden in Saudi Arabia
محمد بن سلمان (يمين) يستقبل بايدن في قصر السلام بمدينة جدة (الأناضول)

تعهدت واشنطن والرياض بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وبالحفاظ على استقرار أسواق الطاقة العالمية، وذلك بعد محادثات أجراها الرئيس الأميركي جو بايدن مع المسؤولين السعوديين في جدة، حيث وصل إليها قادما من تل أبيب في أول رحلة رسمية مباشرة تربط بين السعودية وإسرائيل.

وأكدت واشنطن والرياض في بيان مشترك فجر اليوم السبت أهمية التعاون الاستراتيجي الاقتصادي والاستثماري، لا سيما في ضوء الأزمة في أوكرانيا وتداعياتها.

كما شدد الجانبان على أهمية منع إيران من الحصول على سلاح نووي، وعلى ضرورة وقف دعم إيران "للإرهاب" من خلال المجموعات المسلحة التابعة لها، وكذلك ردع التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول.

وأكد البيان المشترك أيضا أهمية الحفاظ على حرية التجارة عبر الممرات البحرية الدولية، لا سيما باب المندب.

وبحسب البيان، أكد بايدن التزام بلاده القوي والدائم بدعم أمن السعودية والدفاع عن أراضيها.

كما رحبت واشنطن بتعهد السعودية بدعم سوق نفط عالمية متوازنة من أجل تحقيق نمو اقتصادي مستدام، حيث جدد البلدان تعهدهما باستقرار أسواق الطاقة العالمية.

وأعلن البيت الأبيض أيضا أن السعودية وافقت على الحفاظ على جميع الالتزامات والإجراءات الحالية في جزيرة تيران.

وسبق أن أعلنت وكالة الأنباء السعودية توقيع 18 اتفاقية ومذكرة للتعاون بين الرياض وواشنطن في مجالات الطاقة والاستثمار والاتصالات والفضاء والصحة، وذلك على هامش زيارة بايدن للمملكة.

وشملت الاتفاقيات التعاون في مجالات صناعة الطيران، والصناعات الدفاعية والتدريب والتأهيل والطاقة النظيفة. ومن بين الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين اتفاقية أرتميس مع وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) لاستكشاف القمر والمريخ.

الطاقة والدفاع

من ناحيته، قال بايدن -في مؤتمر صحفي عقده بجدة مساء الجمعة- "بحثت مع المسؤولين السعوديين مسألة الطاقة والحاجة لمد الأسواق بما تحتاج وأتوقع خطوات عملية من الرياض"، مضيفا "نسعى لتخفيض أسعار الطاقة وينبغي الانتظار أسبوعين لنرى هذا الانخفاض".

واعتبر بايدن أن القرار بشأن إنتاج النفط لا يعتمد على العواطف الزائدة أو السياسة، حسب تعبيره.

كما قال بايدن إنه أجرى سلسلة جيدة من الاجتماعات وناقش الاحتياجات الدفاعية للسعودية، مؤكدا أن بلاده لن تترك فراغا في الشرق الأوسط لتشغله روسيا والصين.

وأكد الرئيس الأميركي أنه تم الاتفاق على ربط شبكة الكهرباء العراقية بشبكة دول مجلس التعاون الخليجي عبر الكويت والسعودية، وتابع "بحثنا تعزيز موقعنا في العقود القادمة والاستثمار في تكنولوجيا الجيل الخامس بالتنسيق مع الشركاء".

U.S. President Joe Biden participates in a bilateral meeting with Saudi Arabia's Crown Prince Mohammed bin Salman, at Al Salam Royal Palace, in Jeddah, Saudi Arabia July 15, 2022. REUTERS/Evelyn Hockstein REFILE-QUALITY REPEAT
اجتماع موسع عقده بايدن مع محمد بن سلمان بحضور كبار المسؤولين من البلدين (رويترز)

حرية الملاحة

وفي المؤتمر الصحفي نفسه، قال بايدن "ناقشنا أهمية حرية الملاحة للجميع بما في ذلك إسرائيل"، مؤكدا أنه سيكون هناك فتح متبادل لخطوط الطيران بين إسرائيل والسعودية.

وأوضح الرئيس الأميركي أنه بفضل المشاورات مع القيادة السعودية تم فتح المجال الجوي للمملكة أمام كل شركات الطيران.

وفي موضوع آخر، قال بايدن "تحدثنا بخصوص وقف إطلاق النار في اليمن الذي بدأ منذ 3 أشهر"، مؤكدا أن السعودية وافقت على تعميق وتمديد وقف إطلاق النار.

وقال أيضا إن بلاده ترحب بجهود لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية بينهما.

مباحثات في جدة

وأجرى بايدن مباحثات مع الملك سلمان بن عبد العزيز بحضور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في قصر السلام بمدينة جدة.

وأوردت وكالة الأنباء السعودية أن اللقاء بحث علاقات البلدين، وسبل تعزيزها بما يخدم المصالح الأميركية والسعودية في مختلف المجالات.

كما عقد بايدن جلسة مباحثات رسمية مع محمد بن سلمان، تناولت ملفات مختلفة أبرزها ملف الطاقة والأوضاع الإقليمية، وذلك قبل أن يترأسا اجتماعا موسعا بحضور وفدي البلدين.

وخلال المباحثات، قال بايدن إن أسعار النفط هبطت بواقع 20% منذ منتصف الشهر الماضي، لكن انخفاض أسعار الغاز لم يكن بالمستوى نفسه، معتبرا أن على شركات النفط والغاز عدم استغلال هذا الانخفاض في الأسعار لتحقيق الأرباح.

ووصل بايدن عصر الجمعة إلى مدينة جدة قادما من إسرائيل، في أول رحلة مباشرة لرئيس أميركي من تل أبيب إلى المملكة، وهي محطته الثالثة والأخيرة في جولته التي شملت إسرائيل وفلسطين.

وكانت السعودية قد أعلنت فجر الجمعة فتح أجوائها لجميع الطائرات المدنية، الأمر الذي رحبت به واشنطن على الفور، حيث صدر بيان للبيت الأبيض جاء فيه أن بايدن سيكون أول رئيس للولايات المتحدة يطير من إسرائيل إلى جدة، واصفا قرار السعودية فتح مجالها الجوي لجميع الطائرات المدنية بالتاريخي، ولا سيما تلك التي تحلّق من إسرائيل وإليها.

ورأى بايدن أن ذلك خطوة مهمة لبناء منطقة شرق أوسط أكثر تكاملا واستقرارا، وأن قرار الرياض يمكن أن يساعد في بناء الزخم نحو مزيد من اندماج إسرائيل في المنطقة، بما في ذلك مع السعودية.

وأضاف أنه سيبذل ما في وسعه من خلال الدبلوماسية المباشرة والمشاركة بين القادة لمواصلة دفع ما وصفها بالعملية الرائدة.

وقبل وصول بايدن، قال مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية إن اندماج إسرائيل مع العالم العربي سيكون على جدول مباحثات الرئيس الأميركي في جدة.

فتح الأجواء

وكانت هيئة الطيران المدني السعودي أعلنت فتح أجواء المملكة أمام جميع الناقلات الجوية التي تستوفي متطلبات العبور.

وقالت الهيئة -في بيان نشرته عبر حسابها على تويتر- إن القرار يأتي استكمالا للجهود الرامية لترسيخ مكانة المملكة كمنصة عالمية تربط القارات الثلاث، ولتعزيز الربط الجوي الدولي.

كما أوضحت أن القرار يأتي في إطار حرص المملكة على الوفاء بالتزاماتها المقررة بموجب اتفاقية شيكاغو لعام 1944، التي تقضي بعدم التمييز بين الطائرات المدنية المستخدمة في الملاحة الجوية الدولية.

من جانبه، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد أخبار فتح المجال الجوي السعودي لشركات الطيران الإسرائيلية بالأخبار الجيدة.

وقال لبيد -في تغريدة على تويتر- إن ذلك جاء بعد طريق طويل وسري ودبلوماسية مكثفة مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة.

وهنّأ القيادة السعودية على فتح المجال الجوي، وقال إن تلك الخطوة تعدّ الأولى، و"سيستمر العمل على هذا الأمر بالحذر اللازم لمصلحة الاقتصاد الإسرائيلي وأمن إسرائيل ومواطنيها".

وقبيل مغادرته إلى السعودية، اختتم بايدن زيارته الأولى إلى إسرائيل وفلسطين بصفته رئيسا للولايات المتحدة، وقال إن التزامه بتحقيق هدف حل الدولتين لم يتغير، لكن تحقيق هذا الهدف قد يبدو بعيد المنال بسبب القيود التي تفرض على الفلسطينيين.

وأضاف بايدن -في مؤتمر صحفي مشترك عقده في بيت لحم مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس- أنه لا يمكن لليأس والقنوط أن يصوغا المستقبل حتى إن لم تكن الأرضية جاهزة لبث الروح في المفاوضات، وفق تعبيره.

من جانبه، طالب عباس بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وقال إن مفتاح السلام في المنطقة هو الاعتراف بدولة فلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة.

وأضاف أن حل الدولتين على أساس أراضي 67 قد لا يكون متاحا في المستقبل، وعبّر عن أمله أن تعمل الإدارة الأميركية على وقف الانتهاكات الإسرائيلية.

المصدر : الجزيرة + وكالات