مقال بناشونال إنترست: حان الوقت لقلب الطاولة على بوتين

جنود روس ومركبات ومدرعات على طريق بالقرب من الحدود الأوكرانية أمس الثلاثاء (الأوروبية)

حذرت مجلة "ناشونال إنترست" (The National Interest) الأميركية في مقال من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يمارس حيلا خطرة مع الغرب وقد نجح في ذلك حتى الآن".

ويقول وكيل وزارة الدفاع الأميركية الأسبق دوف زاخيم -في المقال الذي نشرته المجلة- إن الوقت قد حان لقلب الطاولة على بوتين، لوضع حد له وإلى الأبد.

ويضيف أن معارضي بوتين ظلوا لسنوات يرونه مجرد مناور ماهر أكثر منه إستراتيجيا، لكنهم "كانوا مخطئين" في ما ذهبوا إليه؛ فقد استطاع الرجل أن يضع روسيا شرقي البحر الأبيض المتوسط على نحو غير مسبوق، حتى إنها باتت تستخدم قاعدة حميميم الجوية في سوريا بعقد طويل الأجل، وقاعدة طرطوس البحرية بموجب عقد جديد.

مزيد من القضم

والآن، تمكن بوتين من تعزيز موقف روسيا في أوروبا مع الوعد بفعل المزيد. كما أنه -بحسب الكاتب- أضاف منطقتي لوغانسك ودونيتسك الأوكرانيتين إلى قائمة الدول المستقلة "المزعومة"، على غرار إقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية الجورجيين، ومنطقة ترانسنيستريا الانفصالية في مولدوفا؛ إذ لم تعترف باستقلال تلك المناطق سوى روسيا.

كما "استوعب عمليا" جمهورية بيلاروسيا في المحور الروسي، بحيث لم تعد تتمتع باستقلال أكثر مما كانت عليه عندما كانت تُعرف باسم جمهورية بيلاروسيا السوفياتية الاشتراكية إبان حقبة الاتحاد السوفياتي السابق.

ويعتقد دوف زاخيم -الذي يتولى منصب نائب رئيس "مركز ناشونال إنترست" (The Center for the National Interest)- أن بوتين يخطط لفعل الشيء نفسه، لا محالة، مع أوكرانيا.

ضغط متواصل

ويتابع مسؤول وزارة الدفاع الأميركية الأسبق في مقاله أنه لا بد من التسليم بأن النهج الذي ما انفك بوتين يتبعه في الضغط على كييف أثبت نجاعة كبيرة؛ فمع استمراره في نشر 300 ألف جندي على الحدود مع أوكرانيا، بما في ذلك 50 ألف جندي في بيلاروسيا لإجراء مناورة لا تبدو لها نهاية، استطاع الإبقاء على ضغط متواصل على كييف لثنيها عن الإتيان بأي تصرف ضد دونيتسك ولوغانسك.

وفضلا عن ذلك -كما ورد بالمقال- بإمكان الرئيس الروسي دوما خلق ذريعة جديدة "لقضم" مزيد من أراضي أوكرانيا، بدءا من مدينتي ماريوبول في إقليم دونيتسك، وأوديسا في جنوب غربي البلاد.

ووفقا للمقال، فإن مما لا ريب فيه أن بوتين يسعى لاستعادة أمجاد الإمبراطورية الروسية القيصرية. ولحين بلوغ تلك الغاية، فإن ثمة سببا وجيها يدعو ليس فقط أوكرانيا، بل فنلندا ودول البلطيق وبولندا للقلق، إذ كانت هذه الدول جزءا من الإمبراطورية الروسية في القرنين الـ18 والـ19.

شهية توسعية

وبرأي زاخيم، فإن "شهية بوتين التوسعية" تختلف عما آل إليه مصير أميركا في أحد الجوانب الحساسة، وسواء تعلق الأمر بولاية تكساس أو كاليفورنيا، أو أي ولاية أخرى انضمت إلى اتحاد الولايات المتحدة، فإن ذلك حدث بإرادة السكان.

وليس لدول البلطيق ولا لبولندا أو فنلندا أي رغبة في الانضمام إلى روسيا، والحال ينطبق كذلك على حلفاء الاتحاد السوفياتي السابق في منظمة حلف وارسو، وجميعهم الآن راسخون في حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO).

ويرى كاتب المقال أن الغرب لا يفعل الشيء الكثير لتقويض قواعد اللعبة التي يمارسها بوتين، ويجادل الزعيم الروسي بأنه يسعى فقط لحماية سكان الأقاليم المنشقة من افتراس كييف لها.

مجرد لسعة بعوضة

ثم إن الغرب -بقيادة الولايات المتحدة- لا يفعل أكثر من مجرد فرض عقوبات، ليس على روسيا نفسها إنما على لوغانسك ودونيتسك وحدهما. وبالنسبة لبوتين، فإن تلك العقوبات لا تعدو أن تكون أكثر من "لسعة بعوضة"، على حد تعبير زاخيم.

وتخشى واشنطن من أن ضلوعها الشديد في ساحة الصراع قد يشعل فتيل حرب مع روسيا. فلماذا لا يكون لدى بوتين الخوف نفسه؟ يتساءل الكاتب الذي يخلص إلى القول إن على واشنطن وحلف الناتو ألا تقتصر عقوباتهما على الأقاليم الانفصالية فحسب، بل يجب أن تشمل روسيا ذاتها، "فحالة الانتظار والترقب الحالية تجعل المبادرة بيد بوتين".

ويختم زاخيم قائلا: من الممكن دائما رفع العقوبات، لا سيما على إمدادات النفط والغاز، إذا سحب بوتين قواته. كما يلفت الكاتب إلى أن ألمانيا أوقفت مؤقتا إجراءات الموافقة على خط أنابيب "نورد ستريم 2" لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا، "وهو ما سيقلق بوتين الآن ويجبره على الرد، بدلا من العكس".

المصدر : ناشونال إنترست