تشكيك بإمكانية اتفاقها على مرشح.. 6 أحزاب تركية تجتمع تحضيرا لـ"معركة الإطاحة بأردوغان"

ترى صحيفة صباح التركية أن المعارضة بعيدة عن إنتاج مرشح رئاسي وبرنامج سياسي يمكن أن ينافس أردوغان وتجربته، كما أن الناخب التركي يتوقع حل المشاكل الاقتصادية من الحكومة، ولا يزال غير قادر على رؤية بديل من المعارضة يمكن أن ينتقل بتركيا إلى ما بعد عام 2023

انتخابات تركية
صورة من الدعاية للانتخابات التركية عام 2018 (الجزيرة)

أنقرة- بدأت حمى السباق نحو الانتخابات الرئاسية المقبلة مبكرا في تركيا، وكان هذا محور اجتماع لقادة أحزاب المعارضة أمس الأحد شارك فيه كل من زعيم حزب الشعب الجمهوري (كمالي)، والحزب الجيد (قومي)، وحزب السعادة (إسلامي)، والحزب الديمقراطي (ليبرالي)، إضافة إلى مشاركة حزبي المستقبل ودواء (محافظان) اللذين انشق قادتهما عن حزب العدالة والتنمية الحاكم.

ولم يشارك في الاجتماع ثاني أكبر حزب معارض في البلاد، وهو حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، والذي قال إنه لا يسعى للانضمام إلى أي ائتلاف.

وتتردد أنباء في وسائل الإعلام التركية عن وجود نية لتوسيع "تحالف الشعب المعارض" تحت اسم "تحالف الشعب الكبير"، ليشمل هذه الأحزاب الستة، فما هو حجمها على الأرض، وهل هي قادرة على التوافق بينها على مرشح واحد في انتخابات الرئاسة، وما حجم التناقضات الداخلية بينها؟

الأحزاب التركية تعلق حملاتها الانتخابية
الأحزاب التركية تعلق حملاتها الانتخابية في انتخابات 2015 (الجزيرة)

موازين القوى

نشر مكتب المدعي العام لمحكمة الاستئناف العليا -وهو المكتب الذي يحتفظ بسجل الأحزاب السياسية وأبرز التحديثات المتعلقة بعدد أعضائها في كل عام- نهاية العام الماضي أحدث البيانات المتعلقة بعدد الأحزاب السياسية التركية وعدد أعضائها.

وحسب البيانات، بلغ العدد الإجمالي للأحزاب السياسية في البلاد 107، الأمر الذي فسره مراقبون بأنه تطور ملحوظ سيكون له تأثير في الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو/حزيران 2023.

وأظهرت بيانات محكمة الاستئناف العليا ازديادا في عدد أعضاء حزب "العدالة والتنمية" بمقدار مليون عضو خلال العام الماضي فقط، ليصل العدد الإجمالي لأعضائه إلى أكثر من 11 مليونا، فيما بلغ عدد أعضاء الحركة القومية الشريك في "تحالف الجمهور" الحاكم أكثر من 490 ألفا.

على الطرف المقابل المتعلق بأحزاب "تحالف الشعب" المعارض، أشارت بيانات محكمة الاستئناف العليا إلى انخفاض عدد أعضاء حزب الشعب الجمهوري -الذي كان يضم مليونا و253 ألف عضو في نوفمبر/تشرين الثاني 2020- إلى مليون و251 ألفا تقريبا، بانخفاض قدره 2270 عضوا نهاية العام 2021.

أما حزب "الجيد" -الذي يُعتبر من الأحزاب الرئيسية في تحالف الشعب- فيشير آخر تحديث على موقعه الرسمي إلى أن العدد الاجمالي لأعضائه بلغ 512.543 عضوًا، فيما أظهرت بيانات المحكمة زيادة في المنضمين إليه العام الماضي، قدرها 14 ألفا و131 عضوا. وإلى جانبه شهد حزب "الشعوب الديمقراطي" ازديادا أيضا في عدد الأعضاء بألف عضو.

ووفق مكتب المدعي العام في محكمة الاستئناف العليا، بلغ إجمالي عدد أعضاء "حزب المستقبل" -الذي أسسه أحمد داود أوغلو- 18 ألفا و281 عضوا، فيما بلغ أعضاء حزب الديمقراطية والتقدم "دواء" بقيادة علي باباجان 15 ألفا و862.

أيديولوجيات مختلفة

تشير صحيفة "حرييت" التركية إلى إشكالية لدى أحزاب المعارضة الستة تكمن في اسم التحالف، حيث يعترض باباجان وداود أوغلو منذ البداية على اسم "تحالف الشعب"، و"لم يبديا الرغبة في الانضمام إليه بسبب قلقهما من شن الرئيس رجب طيب أردوغان حملة عليهما بذريعة انضوائهما تحت عباءة حزب الشعب الجمهوري".

ورأى الكاتب التركي عبد القادر سيلفي أن هناك إشكالية جوهرية تتعلق بالمبادئ التي تجتمع عليها المعارضة والمنحدرة من أيديولوجيات مختلفة ومتخاصمة، موضحا أن حزب الشعب الجمهوري يختلف في أيديولوجيته الكمالية اليسارية عن حزب الجيد القومي، كما أن حزب السعادة تيار إسلامي، فيما حزب الشعوب الديمقراطي لديه أيديولوجيته اليسارية المبنية على القومية الكردية.

وقال سيلفي للجزيرة نت إن تحالف المعارضة المقترح يجلب أحزابا لديها أصوات بنسبة 1% إلى موقع متقدم.

ويرى أن حالة أحزاب المعارضة الستة -التي لا يمكن التوافق بينها حول ما يجب القيام به في القضايا الحرجة لتركيا- لا تخلق الثقة لدى الناخب، لافتا الى أن هذه الصورة متعددة الرؤوس يمكن أن تثير القلق لدى الناخبين من أن عصر الحكومات الائتلافية سيعود مرة أخرى.

وتتنامى لدى قواعد حزب السعادة الإسلامي أصوات تطالب بالابتعاد عن حزبي الشعوب الديمقراطي والشعب الجمهوري، والانضمام إلى تحالف مع حزب العدالة والتنمية.

ولفتت صحيفة تركيا إلى أن أحد الوعود التي يتحدث عنها زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو "إرسال اللاجئين السوريين إلى بلادهم"، متسائلة "هل شركاء التحالف علي باباجان وداود أوغلو مع هذه الفكرة؟ أم أنهم سيعارضون كليتشدار وأوغلو كونهما يدعمان وجود اللاجئين في تركيا؟".

وذكرت الصحيفة أنه عندما تجتمع 6 أحزاب لا تشبه بعضها فإنه من الصعوبة التوصل إلى مرشح مشترك، كما أنه هناك اختلافات بين أحزاب المعارضة حول السياسة الداخلية والخارجية، حيث تنتظرها مهمة صعبة للغاية.

وأكد المسؤول عن وحدة التدريب في حزب الشعب الجمهوري أيتوغ أتيجي في مقال له أنه لا يمكن لحزبه مع حزب "الجيد" الفوز بالانتخابات الرئاسية دون الحصول على أصوات حزب "الشعوب الديمقراطي الكردي".

إعلان حزب علي باباجان
إعلان حزب رئيس حزب الديمقراطية والتقدم التركي برئاسة علي باباجان عام 2020 (مواقع التواصل الاجتماعي)

مرشح المعارضة

صحيفة صباح التركية ترى أن المعارضة بعيدة كل البعد عن إنتاج مرشح رئاسي وبرنامج سياسي يمكن أن ينافس أردوغان وتجربته، كما أن الناخب التركي يتوقع حل المشاكل الاقتصادية من الحكومة، ولا يزال غير قادر على رؤية بديل من المعارضة يمكن أن ينتقل بتركيا إلى ما بعد عام 2023.

ويرى باباجان -بحسب الكاتب التركي عبد القادر سيلفي- أنه لكي يتم استقطاب الناخبين المحافظين فإنه يجب تسمية مرشح للرئاسة من غير حزب الشعب الجمهوري، في إشارة إلى طرح نفسه ليكون المرشح المشترك.

وأوضح سيلفي أن مجموعة داخل حزب "الجيد" تدعم ترشيح زعيمته ميرال أكشنار، ويعتقدون أنها بهويتها القومية المحافظة ولأنثويتها ستكون أوفر حظا من كليتشدار أوغلو.

وتؤيد أكشنار ترشيح رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو للرئاسة، لكن كليتشدار أوغلو يعارض ذلك، وتجادل أوساط داخل حزب "الجيد" أنه إذا فرض زعيم حزب الشعب الجمهوري نفسه كمرشح للرئاسة فإن ذلك سيفتح المجال لقادة الأحزاب لأن يكونوا مرشحين، وأبرزهم أكشنار.

وقال تقرير في صحيفة "خبر ترك" إنه في الوقت الذي يؤكد فيه "تحالف الجمهور" الحاكم مرشحه للرئاسة فإنه يدعو خصمه في "تحالف الشعب" للإفصاح عن مرشحه، مما يخلق تصورا بأن هناك مشكلة بشأن المرشح الذي سينافس أردوغان في سباق الرئاسة.

وأضاف أنه في ما يجري الحديث عن ترشيح رئيس بلدية إسطنبول إمام أوغلو لسباق الرئاسة فإنه يظهر أمامه أيضا رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش، وكلاهما من حزب الشعب الجمهوري، فيما ألمح زعيم الحزب كليتشدار أوغلو نيته الترشح.

المصدر : الجزيرة